شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشيخ عبد المقصود خوجه: في الحقيقة لدينا ما يقرب من عشرين سؤالاً، فالأمر متروك لضيفنا الكريم من الإفاضة أو الاختصار حتى نتمكن من المرور على أكثر الأسئلة المطروحة، بهذه المناسبة يسعدني أن أرحب بضيفنا الكبير الأستاذ الدكتور محمد بن سعد آل حسين أستاذ الدراسات العليا، بجامعة الإمام محمد بن سعود الكبير، فأهلاً وسهلاً ومرحباً به وبكم جميعاً.
عريف الحفل: الحقيقة أغلب الأسئلة تتشابه ومعظمها موجه إلى معالي ضيفنا عن اللغة العربية وعن مجمع اللغة العربية، نبدأ بالسؤال الأول من الأخ أشرف السيد سالم يقول:
المشاهد أن طوفان المصطلحات الوافدة اجتاح جهود المجامع اللغوية فانهارت أمامهم وعجزت عن المقاومة والصمود فلماذا؟ وما تأثير ذلك على لغتنا الجميلة؟
 
الدكتور شاكر الفحام: في الحقيقة إن المصطلحات العلمية يحسن أن تكون سابقة لتأليف الكتب إذا استطعنا، فهي الأداة التي تلخص بمعناها تلخص المراد ولكن أقول إذا احتجنا أو لم نستطع أن نأتي بهذه المصطلحات جميعها فلا يجب أن نجد الحرج الشديد ونتوقف بل نكتب الكلمة كما هي أو معربة بعض الشيء، ونستطيع أن نستأنس بما فعله أجدادنا العرب عندما عربوا العلوم، فإننا إذا رجعنا إلى كتب المصطلحات.. الكتب العربية نجد أن العرب –أجدادنا- قد قبلوا أن يكتبوا الكلمة كما جاءت في اللغات الأجنبية وبعد ذلك استطاعوا أن يحوروها، ففي الكتب العربية تقرؤون مثلاً: (الجومطريا) في الكتب العربية القديمة، بعد مدة تجدونها أصبحت (الهندسة)، ومثلها كثير جداً تجدونه في كتب مفاتيح العلوم للخوارزمي وغيره.
فإذاً نحن مع السائل أننا نحاول أن نجد المصطلحات، ولكن الحقيقة لا نتقهقر، بل نكتب عندما نحتاج الكلمة كما جاءت، ونستطيع بعد ذلك أن نضع بدلها المعنى العربي الفصيح أو البيِّن، وأنا أرى أن المشكلة بالنسبة لموضوع العلوم هذه هي أن الموضوع الأساسي يجب أن ندرسه، هل يجوز في أمة عظيمة مثل الأمة العربية أن يكون أكثر من ثلاثة أرباعها يعلِّمون العلوم إلى الآن باللغات الأجنبية، ولا يقبلون أن يعلِّموا باللغة العربية، ويحتقرون اللغة احتقاراً كبيراً، هل هذا وُجد في أمة من الأمم؟ اطلعوا على جميع الأمم فتجدوا أن هذه الأمم كلها تُعلِّم بلغاتها، الدول الصغيرة والكبيرة، المجر، هنغاريا، بلغاريا، فنلندا، السويد، كل الأمم تُعلِّم بلغاتها، تقريباً لا يوجد غير العرب يُعلِّمون بلغات غيرهم باللغات الأجنبية. ويستنكفون عن هذه اللغة العربية وتجدون أمثلة كثيرة الآن يكرهون اللغة العربية ويكتبون باللغة العامية، من يفعل ذلك من الأمم؟ هل توجد أمة مثل هذه؟ لا يوجد لها عندنا الاعتداد ولا الكبرياء ولا الاهتمام بلغتنا!!.
ولغتنا كما نعلم هي أيضاً اللغة التي تتميز بمزايا لا توازيها أمة أخرى، هي لغة أولاً: لغة القرآن الكريم، هي لساننا وموحِّد أمتنا فكيف نهمل هذه اللغة كل هذا الإهمال، أنا أرى أن الكتب المفردات المترجمة موجودة على رفوف مجمع اللغة العربية في القاهرة بأعداد لا حدَّ لها ولا يقرأ فيها أحد، ولا يستعملها أحد لأن كل الجامعات تدرس باللغة الأجنبية ما عدا (سوريا) بالطبع فسوريا كما تعلمون كانت تعيش تحت ظل الدول العثمانية فكانت مؤسساتها ولغتها وكل شيء فيها باللغة العثمانية التركية، فلما استقلت سنة 1918م وتأسست الحكومة العربية فيها، أول عمل عملته هو أن أسست المجمع العلمي سنة 1919م وكتبت باللغة العربية فوراً ولم تتأخر، فسوريا فقط هي الدولة التي كتبت باللغة العربية منذ سنة 1919م، فعلينا نحن أن لا نتخوف من موضوع المصطلحات، بل نحن قادرون بإذن الله تعالى إذا وجد العزم على أن نجد الحل الطبيعي لذلك.
عريف الحفل: هذا سؤال من الدكتور عدنان الهواري يقول:
هل تعتقدون بأن تدريس سائر العلوم في الجامعات العربية في مختلف أقطارها ضرورة ماسة لتأكيد الهوية العربية وتسهيل تحصيل الطلاب لهذه العلوم؟
الدكتور شاكر الفحام: هذا شيء طبيعي، تعلُّم الإنسان بلغة الأم كما يسمونها بلغة أهله أسهل بكثير على الإنسان من تعلمه لغة أخرى، وهذا شيء لا أقول أنا وإنما أثبتته اللغات، ولكن عندي أنا ببساطة كنت أحب أن أعرف ببرهان، فنحن في فترة من الزمن في غفوة الزمن جامعة حلب رجعت تدرس باللغة الإنجليزية بشكل غريب، فدرست باللغة الإنجليزية، وبالطبع كان همّ جميع الطلاب أن يذهبوا بعد ذلك ليكملوا اختصاصهم في أمريكا، حتى يذهب إلى أمريكا لا بد أن يتقدم إلى فحص يسمونه فحص (البورد)، ففي الزمن الذي أنا وصلت فيه لأستلم الوزارة أجريت التجربة، أنني عددت عدد الطلاب الذين درسوا باللغة الإنجليزية في جامعة حلب، وعدد الطلاب الذين كانوا يدرسون باللغة العربية في جامعة دمشق وتقدموا إلى الامتحان وظهرت نتائج النجاح، يعني نسب النجاح فوجدت أن عدد الطلاب الذين قرأوا باللغة العربية في دمشق كانت نسبتهم أكبر من عدد الطلاب الذين قرأوا باللغة الأجنبية.
فالإنسان اعتماده على لغة الأم هذا شيء مهم جداً ومعروف جداً، ونحن نستطيع بأنه عندما نوحد التعليم باللغة العربية في كل الجامعات يصبح عندنا إمكانية أن نجمع الطاقات من أجل البحث العلمي، أن نجمع الطاقات من أجل التعاون في رفع مستوى العلوم في إجراء التجارب، إلى الآن لم ينمُ البحث العلمي في بلادنا العربية، لأن كل جهة تعمل وحدها، وكل جهة تشتغل دون أن تصل أو يقوم التعاون.
أنا أعتقد أن هناك فوائد كثيرة جداً إذا وحِّدَ التعليم باللغة العربية، بل إننا غير قادرين على أن نعمل البحث العلمي وأن ننبت العلم العربي في بلادنا إلا إذا ألفنا وكتبنا وعلمنا باللغة العربية المبينة.
عريف الحفل: الدكتور غازي زين عوض الله عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام بجامعة الملك عبد العزيز بجدة يقول:
هل أنتم راضون عن تدريس مناهج اللغة العربية في تعليمنا العام وفي الدراسات العليا بالجامعات العربية؟
الدكتور شاكر الفحَّام: أنا أعتقد أننا نعاني في هذا الموضوع معاناة كبيرة في جميع البلاد العربية، ويؤسفني أن أقول إنني أجد أن الطلاب في هذه الأيام قد تراجع مستواهم العلمي بدل أن يتقدم، في مستواهم العلمي أقول عامة، وفي اللغة العربية أيضاً خاصة، فالمناهج لا بد من أن يعالجها الإنسان لا يجوز أن تتأخر المناهج عشر سنوات دون تبديل، ولذلك أنا أقول تجربتي عندما تسلمت الوزارة بعد وقت قليل جمعت الأساتذة ووالينا البحث في موضوع المناهج، وتبينا خطأ الاستمرار في المناهج دون تغيير ولا تبديل، وبدلنا المناهج ولا بد من تغيير المناهج حتى تلائم المستوى العام، يعني العلوم تتقدم كل يوم في أوروبا وأمريكا فهل نحن نُدَرس ونبقى نُدَرس كما كنا نُدَرِّس منذ خمس عشرة سنة؟ هذا غير ممكن، يجب أن نكون على صلة باستمرار بمستوى العلم في العالم، ولذلك أنا عندما أدعو إلى التعليم باللغة العربية وإلى التعريب بالعلوم أدعو أيضاً إلى العناية باللغة الأجنبية.
نحن يجب أن نفتح نوافذنا إلى الغرب، لا يجوز أن نغض الطرف عما يجري في العالم، بل أنا أقول أن طلابنا العرب الذي يذهبون إلى بلاد الغرب هُم رسل لنا أيضاً يساعدوننا على التطوير وعلى تغيير المناهج وعلى الاستمرار بها، وأعتقد أن المناهج التي ندرس بها تحتاج إلى إعادة نظر، تحتاج إلى تغيير، وأنا أقول أن المستوى العلمي الآن للطلاب فقط دون مستوى العلماء للطلاب فقط يتخرج الطالب عندنا لا يكاد يكون في مستوى الطالب الذي سبقه قبل عدة سنوات، هذا غير طبيعي، غير معقول، ففي الحقيقة تغيير المناهج والاعتماد عليها لا يكفي، فلتغيير المناهج يجب أن نرسل الأساتذة أحياناً ليجروا دورات تدريبية في بلاد الغرب ليتبينوا أين وصل الغرب؟ كل يوم نسمع باختراع، كل يوم نسمع بتطور البحوث العلمية لا بد من أن نوجد البحث العلمي، إذا لم يستطع العرب أن يخلقوا البحث العلمي فهذا أمر بالغ الضرر، يجب أن نتعاون جميعاً نتكاتف لإيجاد البحث العلمي، فالبحث العلمي هو القوة الأساسية التي يعتمد عليها الغرب، فلا بد من أن نتغير ونحرك أمورنا وأنا أعتقد أن الاهتمام بتغيير المناهج شيء هام جداً، ولكن وحده لا يكفي أيضاً لا بد أن يقوم بحث علمي في بلادنا يجب أن نسعى جميعاً لإنشائه مهما كانت الظروف، وإنشاؤه وإنشاء البحث العلمي ممكن عندما نهيئ له الأسباب الضرورية.
عريف الحفل: طبعاً أكيد الدكتور حسان محمد السائل هنا وجدت الإجابة على سؤالك التي تضمنت كلام معالي الضيف.
الحقيقة سؤالان بين يديّ وكلاهما يسأل عن مجهودات مجامع اللغة في تسهيل قواعد اللغة العربية، وهل من ضوء في نهاية الأمر، طبعاً هذان سؤالان من كل من: الأستاذ عبد الله فراج الشريف، والأستاذ عبد الرزاق الغامدي.
 
الدكتور شاكر الفحَّام: ما يتعلق باللغة العربية بالطبع المجامع تعمل وتبذل جهدها، ولكن أيضاً نعلم أنه لا بد من أن تقوم جميع المؤسسات التي تعلم العربية بالتعاون فيما بينها كلها لمعالجة موضوع اللغة العربية، اللغة العربية الآن تحتاج بالطبع إلى إعادة نظر، فلا بد من تيسير وسائل التعليم، لا بد من أن نتبين الأسباب الأساسية التي تجعل الطلاب ضِعافاً، من جملة ذلك أنا كنت أجهل هذا الكلام وأنا أشرت في كلمتي بعض إشارات سريعة لكن مهمة جداً، قلت إني عندما كنت في الابتدائي كانوا يعلموننا باللغة الفصيحة، أنا أذكر إلى الآن عندما جئت من الكتّاب وبالكتّاب يعتمد المعلم في الإيعاز على يديه وحركة جسمه حتى يتعلم الطلاب أن الإيعاز تنفيذه كذا.. فأذكر إلى الآن في الجلسة الأولى من جملة الأشياء التي حفظتها أنه نادانا فقال: يدك على القذال ضع، وأنا لم أسمع كلمة القذال في حياتي، فالتفت أرى الأستاذ فإذا به وضع يديه وراء رأسه على مؤخر الرأس فقلت إذاً هذا هو القذال، وكل الناس... فالقذال الذي يجده الناس الآن فيه بالغ الصعوبة تعلمته في درس رياضة في السنة الأولى الابتدائي، معنى ذلك أنه عندما يكون التعليم باللغة العربية يستسيغ الإنسان، يسمع الكلمات العربية ويستسيغها فتصبح سهلة.
جرت تجربة يا أخوانا موضوع (افتح يا سمسم) (افتح يا سمسم.. فتح) هذا البرنامج قالوا باللغة العربية، ورفضت مصر أن تذيعه وأبلغت هذا، البرنامج معمول برضا الجهة الأمريكية لأنها هي صاحبة البرنامج الأساسي، واستؤذنت بذلك فرفضت أمريكا عند ذلك أن يذاع هذا البرنامج لأن الناس لا يفهمونه، كما قال التقرير المصري، فإخواننا في الكويت قالوا لهم أنتم يعني أهل علم جربوا بالتجربة، اجروا فحوصاً عَلموا فقبلوا الأميركان وأجروا فحصاً للطلاب للأولاد الصغار، ليسمعوا برنامجاً يذيع باللغة العربية، فكانت النتيجة أن هؤلاء الأولاد الصغار الذين يعيشون في بيئة عربية استطاعوا أن يفهموا على الأقل 80% من البرنامج، فقال الأميركان هذا أنجح برنامج لأن أي برنامج لا يمكن ولد صغير كذا .. وأنا باعتباري مطلع على هذا الموضوع حاولت عندما أذيع هذا البرنامج في دمشق أن أرى أولادي الصغار كان عندي ولدان صغيران فعندما يذاع البرنامج يُقَرب الولد إلى قرب التلفزيون، ليسمع أكثر فأكثر، فأقول له يا ابني تأخر من أجل عينيك أو كذا.. فكان أبداً يسمع إلى آخر الوقت، ولما ينتهي البرنامج يلتفت الأخ إلى أخيه ويحدثه باللغة الفصيحة، يبدأ يقلد باللغة الفصيحة قد يخطئ ولكن انظروا التأثير.
كل العلماء يقولون: اللغة لا يتعلمها الإنسان بعلم القواعد بدراسة القواعد، تتعلم أبرز شيء في أمرين أساسيين: السماع والمحاكاة، الطالب يسمع.. ولذلك الأم تعلم ابنها الصغير بالبداهة المعروفة تعلمه الكلمات يقولها، يعني هذا شيء طبيعي، وطبيعي أن الإنسان يتعلم بالسماع والمحاكاة أكثر من القواعد، والسماع والمحاكاة كما قلنا الآن لا يجوز إلا أن يتكلم الناس باللغة الفصيحة، هل يصدق الإنسان أنّا نحنُ في الأيام القديمة ذكرت أشياء هكذا (على الطاير) أن كتاب (مستهل الآداب) جميل سلطان يقول: يجب أن تتعلموا المعجم كان يعطي.. الآن الكتاب موجود في الماضي يعطي مادة فيها كلمات ناقصة يجب أن تأتي بالكلمة المناسبة عن طريق المعجم، ماذا يقول للحنطة في أيام كذا بمادة رفع، تقول الرفاع يجب أن تدور عليها وتفتش عليها وتحضرها، فكنا نتعلم ذلك، وكان الناس واشترينا أكثرنا المعاجم، يعني لا شيء صعب إذا تعلم الإنسان، اشترينا المعاجم وبدأ الطلاب يتعلمون.
كان مع كل طالب معجم، لماذا الطالب عندما يكون باللغة الأجنبية يكون معه معجم، والطالب العربي لا يكون معه معجم؟ أليس هذا شيء غريب!!... يعني أذكر إني عندما تسلمت وزارة التربية أول شيء ألّفت لجنة وقلت لهم اعملوا المعجم العربي للطلاب حتى يكون بين أيديهم، ويكون رخيص الثمن وظللت أتابعهم حتى أنجحوا المعجم، والله ترى الأجانب عندما يتكلمون يركض الولد الصغير يمسك المعجم ويفتحه، ما وجدت عربي الآن صغير ولد يفتح المعجم، يجب أن يكون معه المعجم ولا بد، يعني لا يجوز أن نعلّم أولادنا بجهة ونترك جهة أخرى، هذا غير ممكن، لذلك أنا أرى من أن لا بد من أن نتعلم العلم كاملاً بكل جوانبه ومطالبه ومنها المعجم يجب أن يكون شيئاً أساسياً.
عريف الحفل: الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يقول:
إلى أين نحن وأدبنا وأديبات ماضون في هذه الحقبة التاريخية الصعبة والمتمتع بحريته وبحرية التعبير يغزونا ومن كل الاتجاهات، هل نشهد انطلاقة فكر نهضوي جديد؟
 
الدكتور شاكر الفحَّام: نتمنى ونأمل ونرجو الله أن يوفقنا ولكن في الحقيقة لا بد من أن نعيد النظر في كل أمورنا، وأن ننظر إلى الشعر الذي.. يعني كيف يكون المثل الأعلى عندنا، أنا أرى أن المثل الأعلى في الشعر أحياناً لا يعتمد إلا على أشياء وأشعار لا يكتمل لها الجودة، يعني هذه الأمور الجديدة، الشعر الشعبي أو الشعر الحديث أو الشعر كذا، يجدها الإنسان هي ضعيفة أيضاً ضعيفة بعض الشيء، فلا بد من أن الشاعر يجب أن يكون عنده ذخيرة حتى يصبح شاعراً كبيراً، من جملة الأشياء الأسلوب، يعني يقولون عن أبي تمام ماذا فعل؟ وأبي نواس ماذا فعل؟ وكيف حفظ وكيف نسي وكيف حتى استطاع أن يقول الشعر؟ فنحن لا نهيئ أنفسنا تهيئة كافية ليكون لنا شعراء، ومع ذلك فالحمد لله في الساحة في شعراء أقوياء، وشعراء ممتازين وأعتقد أن السؤال طويل ويحتاج شرحه إلى طول أكبر.
عريف الحفل: الأخ ملهم الدروبي الحقيقة أنتم أجبتم على جزء من سؤاله لكن يقول:
كيف نعلم الأطفال لغتين في نفس الوقت بحيث يكون ثنائي اللغة، ما أثر ذلك على تنشئة الطفل فكراً وحضارة وانتماءً؟
 
الدكتور شاكر الفحَّام: في الحقيقة في يوم من الأيام قيل لنا أن الدراسات العلمية الأوروبية أو غيرها تقول:
أن الطفل يعجز عن دراسة لغتين، واحدة تؤذي الأخرى، الآن في الوقت الحاضر الشيء الرائج كثيراً يدعو إلى التفاؤل الكبير ويدعو إلى أننا قد قصرنا كثيراً في هذا الموضوع، يقولون أن الطفل يستطيع منذ بلوغه الرابعة على الأكثر أن يتعلم لغتين معاً، ويأتون بتجارب كثيرة على أن هذا الشيء قد تم ونجح، وأن الطفل الذي ننظر إليه نحن ونحدثه ولا نبالي به مواهبه التي مخزونة في نفسه كبيرة جداً، هو لا يستطيع أن يعبر ولكن يفهم كثيراً، يفهم أكثر مما يقول، فالآن يبشرون بجميع المعاهد أنه يجب أن نبدأ بتعليم الأطفال لغتين منذ السنة الرابعة، وهذا موجود عندما يكون الولد مثلاً لو فرضنا أحياناً -نشاهده نحن- عندما يكون الولد مثلاً عربياً وأمه مثلاً ألمانية أو إنجليزية، هي تكلمه بلغة وأهله يكلمونه بلغة وهو يتكلم اللغتين، هذا شيء لا يخيف بل على العكس.
نحن الآن مقصرون، في الماضي غلبت نظرية الأستاذ ساطر حصري وكنا نحن في دمشق نعلم اللغة الفرنسية مع العربية من السنة الأولى، فمنعناها حصراً على النظرية السابقة التي تقول: الطالب يجب أن يتعلم لغة واحدة، اللغة الثانية تقتل جارتها، وبقي الطالب لا يتعلم حتى السنة الخامسة ويبدأ تعلم الأجنبية في أول ثانوي، الآن اختلف الأمر الآن النظريات الحديثة التي نقرؤها ونسمعها ونجربها أحياناً تقول أنه يمكن الإنسان أن يتعلم لغتين، وخاصة من الرابعة إلى التاسعة أو العاشرة هنا يكون متهيئ كل التهيؤ، وفي مثل هذه الأشياء يحسن دائماً العودة إلى ما يقوله المربون الكبار فقط، حتى لا نقع في ورطات كما وقعنا في الماضي وأسرنا ومنعنا.. نحن في سوريا منعنا التعليم باللغة الأجنبية نهائياً لأن ذلك يقتل اللغة القومية كما قالوا لنا، وقضينا في ذلك أكثر من عشرين سنة، الآن أعدنا الموضوع بالتعليم باللغة الأجنبية أيضاً.
عريف الحفل: نعم، هذا أيضاً في نفس السؤال أو في نفس المضمون الأخ ماهر بن طالب يقول:
هل يؤثر تعلم اللغات الأجنبية على الإحساس اللغوي للناطقين بالعربية؟
 
الدكتور شاكر الفحَّام: لا.. أبداً لا يغير خاصة إذا أُتبع بشكل منطقي وصحيح، وكان الأساتذة يدركون أهمية تعليم اللغات الأجنبية.
عريف الحفل: هذان سؤالان متشابهان من الأخ محمد منصور الشامي والمهندس محمد جميل يقول بأنكم عشتم في زمن ماضي وكيف تقوّمون هذا الدور بالنسبة للتعليم خاصة أنه كان في إطار التوجه الاشتراكي والقومي، كيف تُقَوِّمُون تلك المرحلة؟ وكيف تنظرون إلى ذلك الصراع المفتعل بين التيار الإسلامي وبين التيار العروبي؟
 
الدكتور شاكر الفحَّام: يعني أرى أن الوضوح فيه يحتاج إلى دقة أكثر، والموضوع فيه شيء من جانب السياسة أيضاً، أنا أقول قبل كل شيء أنه لا يمكن لعربي إلا أن يحس أنه يعيش أيضاً في الحياة، ويحس أنه أيضاً مسلم بشكل طبيعي، ولا يمكن أن يكون هناك تعارض بين العروبة وبين الإسلام، حتى المسلم يشعر بأنه هو أو العربي أو المسلم يشعر بتعارض، أنا أذكر أقول عن نفسي أنا رجل نشأت متديناً في الجامع، ولكن الله فطرني منذ صغري على حب العربية أيضاً، أحب الإسلام وأحب العروبة، فأنا كنت أؤمن بالعروبة وأنا في الصف الأول الابتدائي، كنت عربي وحرصي على اللغة العربية كنت أحفظ كل الأشياء وهي ما يتعلق بهاوي الكتب، وما أحسست في دقيقة من الدقائق أن هناك ضرورة أو سبب ليكون تعارضاً بين العروبة والإسلام، أين يكون التعارض؟ أين يكمن التعارض؟ هذا شيء مفتعل يفعله الاستعمار.. أنا لم أتحدث عن موضوع الاستعمار ولكني أنا مؤمن إيماناً كلياً بأن كثيراً من مشكلاتنا يخلقها الاستعمار، لا أساس لها إلا من قِبَل الاستعمار، مثلاً اللغة العربية لا تصلح للتعليم يجب أن نتعلم باللغة العامية.
هذه واحدة اسمها (نفوسة) من مصر كتبت محاولات الاستعمار الإنجليزي فرض اللغة العامية وكتبت كتاباً ضخماً جداً، وقرأته أنا في العام الماضي سألت عنه الآن قالوا غير موجود الكتاب، كيف ينفذ الكتاب بهذه السرعة؟ كيف يضيع فعندنا معلومات كثيرة جداً عن تأثير الاستعمار فيما يتصل ببلادنا ويحرك من الأمور، والآن هذا موضوع الهجوم على اللغة العربية، هذا الهجوم إذا عاد محطات فضائية تذيع باللغة العامية ويأتي إنسان يتكلم في الإذاعة سمعته يقول لهم: بلهجة بسيطة واضحة يتكلم كلام بسيط باللغة، وإذ يقولون ما هذا الكلام الصعب؟ يا أخي تكلم باللغة العامية حتى نفهم منك، وأجبروه أن يتكلم باللغة العامية، هل هذا صحيح؟ هل لغتنا العربية نحن نتكلم بلغة عربية غريبة صعبة؟ أين الكلمات الصعبة؟ الطفل الصغير يفهمها ونكلمه بها، ولكن أشياء مفتعلة ومتتابعة فأظن أن هذا الموضوع يدخل ضمن هذه الحلقة.
عريف الحفل: الأستاذان مصطفى عطار وحامد المرزوقي يسألان عن مجلة (المجمع) عن عدم أسباب ظهورها في المكتبات؟ أيضاً هل بالإمكان الاستفادة أو الحصول على الأعداد القديمة؟
 
الدكتور شاكر الفحَّام: أنا أشكر الأخوين لأنهما ذكراني في الموضوع عندما جئت هنا إلى المملكة وكنت في جدة أتحدث مع الأخوان، وجاء ذِكر مجمع اللغة العربية فقالوا لي أيضاً أنه لا يوجد مكان لتباع فيه المجلة، فقلت والله مثل ما قال المثل القديم (ذكرتني الطعن وكنت ناسياً) لكن بالمعنى المقلوب، لأنه نحن الحقيقة لا يجوز أن لا يكون في البلاد العربية مراكز لبيع مجلة (المجمع) أو لإرسالها فهذا أمر فيه خلل، لا بد من معالجته، نحن عندنا مجلة فصلية، كل ثلاثة أشهر يصدر المجمع عدداً من مجلته، فهي أربعة أعداد فقط في السنة، وهذه يجب أن تصل إلى كل البلاد العربية حتى نتعاون كلنا على خدمة هذه اللغة العظيمة.. وأنا الحقيقة أعجب لماذا نحن لهذه اللغة العظيمة التي أثبتت الآن يعني ألا يكفي أن نقول أن اللغة العربية هي الوحيدة التي يستطيع أحدنا أن يفهم كلامها منذ أربعة عشر قرناً أو سبعة عشر قرناً، هذا غير موجود ولا بلغة من اللغات.
أنا أذكر مرة من المرات كنا نقرأ بالكتب أن اللغة الصينية لغة قديمة وكذا.. وكذا.. فيوم من الأيام عندما كنت أدرس في الجامعة جاءني عدد من الطلاب الصينيين فتحدثت معهم وكنت بالطبع كل الذين يأتون من الخارج أجانب أحاول أن أشجعهم لا بد من هذا الشيء، فسألته أنت إلى أيّ عصر تستطيع أن تفهم اللغة الصينية؟ قال: أفهم لهذا القرن الأخير فقط. قلنا له لماذا؟ لأنه تتغير اللغة الصينية، نحن لغتنا لا تتغير، عندنا لغة جميلة جداً قد تهمل بعض الألفاظ ولكن عندما أسمع قول امرئ القيس الآن في هذا العصر في هذا الوقت:
بكى صَاحِبي لما رأَى الدربَ دونه
وأيقنَ أنّا لاحقان بقيصرُ
فقلت له لا تبك عينك إنما
نحاولُ ملكاً أو نموتُ فنعذرُ
 
هذا كلام قيل قبل ألف وخمسمائة سنة، يقال الآن وليس فيه لفظة، يعني لا يجب أن نقيس كل الأمور على الحديث الذي يتعلق بالناقة، لأن الناقة الآن أصبحت ليست منتشرة في كل بيئاتنا، منتشرة في بعض البيئات، ففي بعض البيئات يفهمون هذا الكلام لكن الكلام العادي الإنساني موجود واللغة العربية سهلة وبسيطة، وأنا لا أظن أن فيها صعوبة، نصطنع الصعوبات ونصطنع.. هذا كله غير طبيعي، لذلك أنا أقول إن شاء الله ربنا سبحانه وتعالى يهدينا جميعاً لخدمة هذه اللغة العربية، ونلقى أيضاً على هذا الجزاء، أن ربنا يجزينا أحسن الجزاء حين ندافع عن هذه اللغة.
ألا نتعجب كلنا عندما كنت أريد أن أقول كلمة ما كنت أقولها أبداً في الماضي لغة اليهود التي كانت مهجورة، والتي كانت موزعة، والتي كان لا يقرأ بها الناس أكثرهم، لغة يلتشن كان فيها كذا وكذا، بمدة قريبة قليلة بظرف عشرين سنة أصبحت لغة من اللغات التي تكتب بها أحدث العلوم ولا يتشكى أحد منها، هل هذه معجزة؟ كيف يمكن أن يُكتب بتلك اللغة التي كانت تأخذ وما زالت تأخذ أحياناً من اللغة العربية، ونحن الآن نقول العكس أن لغتنا عاجزة لأنه عندنا مصطلح لم نستطيع عمله، نعمل المصطلح بعد مدة ماذا يعني مرة يقول أحدنا لماذا هذا المصطلح؟ هل باللغة فاعول؟ قلت له يا أخي تعلم قليلاً أما قرأت في القرآن فَإِذَا نُقِرَ في النَّاقُورِ أما تقول أنت في لسانك تقول ناقوس؟ لماذا لا تقول هناك فاعول؟ وهنا تقول فاعول، يعني يقول أنا لا أحب هذه الكلمة، واحد يقول عن كلام لا أحبه، استعملها تعزف في الأفواه.
عريف الحفل: الأستاذان عبد الإله عبد المجيد ومحمد مكي طه، الأول يقول: هناك أصابع اتهام على مر السنوات تشير بأن اللغويين والمجمع اللغوي في منأى عن وسائل الاتصال الحديثة، بدليل تردي اللغة العربية واحتفاظها برهبتها وتعقيدها دون الاتجاه إلى التبسيط والانتشار، أما الثاني الأستاذ محمد يقول: أين نحن من اللغة العربية ونحن نرى الكثير من المصطلحات لا وجود لها في معاجمنا العربية؟
الدكتور شاكر الفحَّام: يعني هذا قلنا عنه، قد يكون هو الأحسن أن تكون موجودة المصطلحات، والحقيقة المصطلحات كثيرة جداً، لا يعرفها الإنسان الذي يقول أين المصطلحات سبب ذلك أن مصر التي هي تصنع أكثر بلد تصنع المصطلحات وفيها آلاف مؤلفة من المصطلحات، هذا البلد لا يدرس باللغة العربية فالمصطلحات ميتة، لا يقرؤها الإنسان لأنها لا تدرس باللغة العربية، وأكثر البلاد العربية لا تدرس باللغة العربية فلذلك المصطلحات مخفية، أذكر الآن أحد المتحمسين الذين يقولون لا يوجد مصطلحات أو كذا اسمه الدكتور هيثم الخياط يعمل في الإسكندرية ثم انتقل إلى القاهرة، جمع المصطلحات التي أوجدها مجمع القاهرة ووضعها على قرص وقال أرجو أن توزعوها للناس، حتى الإنسان قبل أ ن يقول يوجد مصطلح أو لا يوجد يفتح هذه الأشياء فيجد مثلاً لو فرضنا خمسين ألف مصطلح قد يجد ضالته هناك، فلذلك أنا الحقيقة أيضاً سأطالب المجمع في القاهرة ومجمعنا بأن يعملوا على نشر هذه الأشياء إن شاء الله.
عريف الحفل: الدكتور أنس عبد اللطيف يقول:
مواكبة علوم الطب في الخارج تحتم على طالب الطب أن يكون ملماً إلماماً تاماً بلغة هذه البلاد حتى يساير التطور المذهل في الأبحاث العلمية وغيرها، وخصوصاً أننا لم نصل بعد إلى سرعة تعريب مثل هذه الأبحاث حتى يستوعبها طالب الطب وغيره من العلوم الحديثة، كالكمبيوتر، والإنترنت وغيرهم فما رأي سعادتكم في ذلك؟
 
الدكتور شاكر الفحَّام: يا سيدي الإنسان يعيد الكلام.. أنا لا أعرف ما معنى هذا الكلام تماماً أن الطالب يجب أن يكون يعرف في اللغة الأجنبية حتى يستطيع أن يتعلم الطب، إذا كان يريد أن يتعلم الطب في السعودية أو في بلاد العرب أو كذا يجب أن يتعلم بلغة هذا البلد وهذا لا يمنعه من أن يتعلم اللغة الأجنبية أيضاً، أنا ابني مثلاً عندما تعلم الطب، كلية الطب عندنا درسها باللغة العربية ولكن أيضاً اشترى كتاباً باللغة الإنجليزية ليتعلم أكثر ويتنبه أكثر ويعلم أنه سيذهب إلى الخارج، فذهبوا وتعلموا وكان الأمر، نحن أولادنا كلهم في سوريا يتعلمون باللغة العربية ويذهبون إلى الخارج ويتعلمون باللغة الأجنبية أيضاً ولا يجدون صعوبة أبداً كبيرة في هذا الموضوع.
فالتعلم باللغة العربية حتى لو لم يكن يحتاج.. إذا تعلم الإنسان بلغة العربية ولو لم يحتاج إلى اللغة الأجنبية لا بد من أن يقرأ لغة أجنبية لأنها هي أداتنا أيضاً في أن نطلع على ما يأتي به الغرب، فلذلك أنا أقول لا تناقض، التعليم بالبلاد العربية باللغة العربية.. باللغة الأم يساعد الناس على سرعة الفهم، والطالب لا يحتاج إلى وقت طويل حتى يتعلم هذا، وأعتقد أن تعلم اللغة الأجنبية ضروري ولكن لا يجب أن نُعلّم باللغة الأجنبية، والدليل على ذلك أن مشكلة البلاد العربية فقط أنها هي التي لا تُعلّم باللغة العربية، ولذلك هل البلاد الأوروبية كلها بلغاريا رومانيا هنغاريا هذه البلاد كلها فنلندا، بلاد العلم كله، لا يوجد بلد إلا وتُعلِّم بلغتها، فهل كل الناس مقصرون لأنهم يعلمون بلغاتهم؟ يعني هذا غير منطقي، الإنسان ينظر إلى المجتمع.
عريف الحفل: سؤال من الأخ عبد الله الشهري يقول:
لا شك أن الأحداث الجسام والكوارث التي مرت ولا زالت تمر بأمتنا العربية والإسلامية أثرت بشكل كبير في مسيرة الأدباء العرب وبالتالي في إنتاجهم الأدبي شعراً ونثراً وتأليفاً، من وجهة نظركم وأنتم أحد هؤلاء ما هو الدور الإيجابي الذي قاموا به في سبيل استنهاض همم الأجيال لمواجهة العدو الصهيوني إسرائيل؟
 
الدكتور شاكر الفحَّام: أنا أقول أن العرب ونحن جميعاً مقصرون في هذا الموضوع، ما كان يخطر في بال أحد عندما قيل أنه ستنشأ دولة إسرائيل أن العرب جميعاً سيكونون ضعافاً وسيقصرون بواجبهم هذا موضوع خاص، أنا أقول نحن مقصرون في هذا الموضوع، ولا يجوز ولا بشكل من الأشكال أن يقف العرب هذا الموقف الضعيف المتخاذل، فنرجو من الله تعالى نرجو أن يسعفنا، يؤلف بين قلوبنا ويشجعنا، ويدفعنا لأن نصبح أمة تستطيع أن تدافع عن حقوقها، ولكن في الوقت الحاضر نعم نحن مقصرون جداً.
عريف الحفل: الأسئلة كثيرة وطبعاً جاوب معاليه على أكبر قدر منها إلا أنه في معرض حديثه أثناء الإجابة على الأسئلة السابقة ذكر بعض الإجابات المطلوبة في الأسئلة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :770  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 84 من 85
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.