شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ أمين عبد الله القرقوري ))
- مسك هذه الكلمات كلمة لسعادة الأديب المعروف الأستاذ أمين عبد الله القرقوري مدير عام مؤسسة البلاد للصحافة والنشر:
- سلام الله عليكم ورحمته وبركاته:
إخوة العقيدة الخالدة، عشاق الحرف المضيء، الباحثين عن الحقيقة، أحييكم تحية التقدير لهذه المشاعر الفياضة نحو الكلمة والحرف والفكرة التي تغير واقع الإنسان، ونحن اليوم نجتمع لنكرم مبدعاً خليقاً بالتكريم جديراً بالإعجاب، ولكن السؤال هل نكرّم في المبدع الشاعر أم الكاتب؟ هو كشاعر جدير بالتقدير، وهو كناثر خليق بالإكبار، ولكننا في هذا العصر المضطرب بالأفكار المتضادة والمليء بالحركات التي توجه للإسلام والأمة الإسلامية نبحث عن الشاعر والكاتب والمبدع الذي يؤكد بكلماته وفاءه للعقيدة الخالدة وإحساسه بالخطر الداهم الذي يواجه أمتنا الإسلامية لأجل ذلك أعتبر أن الجانب الأكثر إشراقاً في شخصية الكاتب والشاعر هو الجانب الذي جعله يقول أنا المليار مسلم، الجانب الأكثر إشراقاً والجدير بالتكريم والإكبار هو الذي جعله يوظف طاقاته الإبداعية عبر عقدين من الزمان للعقيدة وحدها، فقديماً كان النقاد والأدباء يتساءلون الفن للفن أم للحياة، الأدب للأدب أم للحياة؟ قد يكون هذا في زمن الترف حين تكون الأمة في عز مجدها وقوتها وازدهارها، حين تكون في منأى عن الأخطار وعن التهديد لمستقبلها القريب والبعيد، ولكن في عهد الأخطار التي تضع الأمة أمام التهديد المتواصل فلا مكان للفن للفن، ولا محل للأدب للأدب، وإنما يجب أن توظف كل الطاقات الإبداعية من أجل الدفاع عن العقيدة، ومن أجل دعم مسيرة هذه الأمة نحو مستقبل مشرق مزدهر.
كلنا نعلم أن أمتنا تواجه أشرس معارك التاريخ، لقد بدأت هذه المعركة منذ انطلقت الدعوة الإسلامية في بطاح مكة المكرمة، وما زالت محتدمة وستظل محتدمة ما بقي الإنسان وبقيت الأديان، ولاَ يَزَالُونَ يُقَتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إنِ استَطَاعُوا بعض الذين يسمون أنفسهم تنويريين يعتقدون أنه لا مكان للغزو الفكري، وأن الغرب لا يهتم بالإسلام ولا بالمسلمين ليكيد لهم، وليصنع المؤامرات، ولكن الإسلام كشف عن حقيقة المعركة المستمرة بيننا وبين أعدائنا حين قال ولَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ ولاَ النَّصَارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ لم يقل حتى يستولوا على الممرات الإستراتيجية في العالم الإسلامي ولا على منابع النفط ولكن قال: حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ وستظل هذه المعركة ما بقي الإنسان وبقي الإسلام والأديان الأخرى، ولذلك فإننا نكرم ونكبر المبدع الذي يوظف طاقاته كلها من أجل الإسلام وحده، إنها معركة مصير، إنها معركة طويلة، تحتم على كل مسلم قادر أن يكون له دور فيها وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، أنت على ثغرة من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قِبلك، لو أن كل مسلم شعر بمعنى هذا الحديث واعتبر نفسه حارساً على ثغرة من ثغور الإسلام لما استطاع الأعداء أن يتسربوا إلى حصوننا.
كتب الدكتور محمد محمد حسين رحمه الله كتاب "حصوننا مهددة من الداخل، ولكننا وصلنا الآن إلى مرحلة نقول فيها حصوننا محتلة من الداخل، كان العدو غريباً عنا، كان الغرب يقاتلنا والآن أصبح المقاتل العنيد الذي يقابلنا في أرضنا وفي حصوننا، من أبناء جلدتنا، ممن يظنون أنهم من أمتنا ومن يظنون وحدهم الذين يملكون الرؤية الصالحة لمستقبل هذه الأمة، وهم في الواقع يسيرون تحت راية أعداء الإسلام ويحققوا أهدافه بالنيابة عنه، هذه المعركة الطويلة تحتاج إلى كل الإبداع وإلى كل الطاقات التي يملكها المبدع في هذا العالم الإسلامي.
ولعلنا نزداد إيماناً لإدراك الغرب لقوة الإسلام ولأثره في صد العدوان حين نقرأ في محاضرة للمؤرخ البريطاني توينبي، المحاضرة القيمة التي ألقاها في جاكرتا في عام 1955م، بعنوان الإسلام والغرب والمستقبل، لقد قرر توينبي في هذه المحاضرة أن الغرب تأخر حوالي قرنين من الزمان عن الغزو الإسلامي بسبب ذكريات بطولات المجاهدين المسلمين واندحارات الغرب في معارك النضال الفاصلة، وحين طالت المعركة حولها الغرب إلى معركة بالكلمة، معركة بالمدرسة، معركة بالصحيفة والمقالة والإذاعة، ويجب أن نعترف أن الغرب حقق في هذا المجال انتصاراً كبيراً، ولكن هذا الانتصار وهو يمثل التحدي الكبير للإسلام أيقظ في ضمير العالم الإسلامي روح الاستجابة للتحدي، ووقف العالم الإسلامي، وقف المسلمون الصادقون برغم ضعف إمكاناتهم ليواجهوا هذا التحدي الكبير.
وحين نقارن بين وضع المسلمين الآن والوضع الذي كان قبل خمسين أو سبعين سنة حين لم يكن هناك وعي إسلامي، كما هو اليوم، ندرك أن التحدي الكبير أيقظ الضمير الإسلامي وأيقظ روح الجهاد الإسلامي، والبعض يتساءل لماذا يهتم الغرب بالإسلام؟ ولكن حقائق الواقع تدل على أن الغرب وفي العالم ديانات متنوعة وأتباعها يزيدون على المسلمين كالبوذية وغيرها ولكن الغرب لا يهتم ولا يتحامل إلا على المسلمين، وآية ذلك أننا نجد الغرب عندما استعمر بعض الدول الإسلامية أو أكثرها عمل على تشويه صورة الإسلام في نفوس الناشئة، وحاول أن يقصي اللغة العربية عن مكانها بحجة إصلاحها، وبحجة أنها صعبة في كتابتها، وطرحت أفكار لكتابتها بالأحرف اللاتينية، وأفكار أخرى باستعمال اللغات العامية لتنقطع الصلات التي تربط بين الأقطار العربية ولتنقطع بالتالي صلة القارئ بتراثه كله، ولا يوجد شيء من هذا الجهد بذل للغة أخرى غير العربية، لماذا؟ لأن الغرب يدرك أن التحدي الوحيد الذي يواجه حضارته وجبروته وطغيانه هو الإسلام دون غيره من الديانات وهذا الكلام تحدث به مفكرون كثيرون ولم يقتصر الأمر على المفكرين، فنجد الساسة، فهذا رئيس الولايات المتحدة الأسبق "نكسون" يحذر العالم من الخطر الإسلامي، وغيره من الساسة والزعماء يوقظون في الغرب روحه الصليبية القديمة، ولعلي أذكر هنا كلمة لم أكن أتصور أن تصدر عن كاتب لم يكن في يوم من الأيام من المتعاطفين مع الإسلام لا مع الفكرة الإسلامية، إنه الأستاذ لطفي الخولي، لقد كتب مقالة ذكر فيها أن الغرب يتصرف نحو العالم الإسلامي بأحقاده الصليبية، من أجل ذلك فنحن نريد من المبدعين أن يكونوا كهذا المبدع الذي نكرّمه هذا المساء، يكرّس طاقاته لخدمة العقيدة ولتنشئة الناشئة على عقيدة الإسلام وعلى الوفاء لها وعلى الإيمان بها كل الإيمان.
ولعلي أضيف شيئاً وهو أن النقاد في العالم العربي قل أن تجد بينهم ناقداً إسلامياً، أكثرهم من المسيحيين ومن العلمانيين واليساريين ولذلك فلا نجد اهتماماً منهم بالكتاب الإسلاميين والشعراء الإسلاميين مهما كانوا رائعين ومبدعين.. إنني أعرب عن الإكبار الكامل والتقدير الصادق لهذا الشاعر المخلص لعقيدته وأتمنى أن تنتشر دواوينه وأفكاره وكل الكتب التي كتبها وأن يجد الصدى الطيب لدى القارئين.. ومعذرة إن أطلت.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :627  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 122 من 139
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.