شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حفل التكريم
(( كلمة الافتتاح ))
الكلمة التي افتتح بها الحفل سعادة الشيخ عبد المقصود خوجة:
الحمدُ لله الذي أنعَم علينا بنعمةِ الحمد، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ خلقِه، وخاتمِ رُسُلِه، سيِّدِنا محمد، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
نلتقي اليوم أيها الأحبَّةُ لتكريمِ عَلمٍ طالما عرفتمُوهُ من خلالِ إبداعاتِه الصحفية، وعوالمِ الدهشة التي ينقلنا إليها فِكراً، وتحليلاً، وفُكاهةً، وسُخْرِيَّة.. ضيفُنا الكبيرُ الأستاذ جهاد الخازن شَقَّ لنفسهِ طريقاً نحتَهُ بأظافرِ الصبرِ على صَخْرِ المستحيل.. وتشرَّبَ العملَ الصحفيَّ حتى الثُمالةِ، وأحسَبُهُ أوشكَ أن يكونَ النَّموذجَ الحيَّ لمن يتطلعون إلى هذه المهنة من منطلق الاحتراف الذي يليق بنهاية قرن، واستشراف آخر.
لقد عرفت الأستاذ جهاد الخازن منذُ أكثرَ من ثلاثين سنة.. ولفت انتباهي إليه من أوَّلِ وَهلةٍ إصرارُه ودأْبُهُ على عَملٍ مُميَّز، فلم يتقافَزْ كما يفعلُ البعضُ، ولم تَخُرْ قُواهُ في سبيلِ الوصولِ إلى القِمَّة التي لا أشكُّ في أنه يَتَبوَؤُها عن جَداًرةٍ واقتدار.
ضيفُنا الكبيرُ يمتازُ في تصوُّري بشخصيةِ "الكاريزما"، وليسَ ذلكَ مدحا أو تزلُّفاً لا سمح الله، ولكنها حقيقةٌ يمكنُ إثباتُها بمنطقِ الأرقام، وبحيثيَّاتِ المشاهدةِ، وبموجب الملاحظة اليوميَّة لما كانت عليه جريدةُ "الحياة" التي يرأسُ تحريرَها الآن، مقارنةً بما كانت عليه قبل أن يتربَّع على سُدَّةِ هرميها التحريريِّ والإداريِّ.. ولا شك أن بعض الأساتذةِ يذكرونَ الدورَ البارزَ الذي قامَتْ به "الحياةُ" على يدي مؤسِّسيها الأستاذ كامل مروّة عام 1946م وما تلاه.. ثم التدهوُرَ الكبير الذي حاق بها إثرَ رحيلهِ، وما تبع ذلك من نموٍّ تدريجي بعدَ وصولِ الأستاذ جهاد الخازن إلى رئاسةِ تحريرها عام 1988م، أي قبلَ عشرِ سنواتٍ تقريباً، وانعكاسِ شخصيتهِ وخبرتِهِ الطويلة في معتَرك العملِ الصحفيّ، وتعامُلِهِ الحضاريّ مع المحرّرينَ، والمتعاونين، والقُرَّاء، الشيءُ الذي أدَّى إلى نهضتها بعد كَبوةٍ، وصحوتِها بعد نُعاس طويل، وبالتأكيد ما كان لهذا التطور أن يتمَّ بصورةٍ تلقائيةٍ لو لم يتمتَّعْ ضيفُنا الكبير بملامحِ الشخصيَّةِ القياديّة "الكارزمية".
وبالرُغم من تقلُّبِه في عِدَّةِ وظائفَ صحفيةٍ رفيعةٍ خلالَ سنواتِ عملهِ المتَّصِل، إلا أن النجاح الأكبر في تصوري قد واكب نهضة جريدة "الحياة" لتُصبحَ بفضلِ مهاراتِه المتعدِّدةِ من أكثرِ الصُحفِ العربيةِ انتشاراً على نطاق العالم.. وإذا وضعنا كل ما تقدَّمَ من صفاتٍ في كَفَّة ميزان، فإننا سنرى الكفَّةَ الأخرى أكثرَ ثِقَلاً لأنه وضعَ فيها احترامَ عقلِ القارئ.. وأعتقدُ جازماً أنَّ الميزةَ الكبرى التي راهنَ عليها الأستاذُ جهاد الخازن لكسبِ مصداقيةِ جريدتِه تنبُعُ من انتهاجِ سياسةٍ صارمة، لا تنازُل فيها ولا هوادة، تهدُفُ إلى احترامِ عقل القارئ في المقامِ الأول بالإضافةِ إلى احترامِ المشاعر وعناصرِ البيئةِ الاجتماعية التي تتفاعَلُ معها الصحفية.
هذه المعادلةُ الدقيقةُ والتوازناتُ الصعبةُ أربكَتِ الكثيرَ من رُوَّادِ الصحافة، وكثيراً ما ارتطمتْ مسيرتُهم بصخورٍ لا قِبَلَ لهم بها.. وكم ضاعتْ جُهودُهم سُدى لقلَّةِ حِنْكَتِهم وخِبرَتهم في إدارةِ الأزَمات، ومعرفةِ الإبحارِ بين التفاعلات التي قد تَنْجُمُ عن كلِّ كلمةٍ أو تعليق.
ولعلَّ من أهم الصفات التي يمتازُ بها ضيفُنا الكريم حُبُّهُ الكبيرُ لتطويرِ نفسه وقُدراته أكاديميا ومهنياً.. فلم يتوقف عن طلب العلم - مُستأنساً بأنه ما زال في مُقتبلِ العمر وريعان الشباب - لذلك قرر الدخول في برنامج الدكتوراه، وفي ذات الوقت عَمِلَ على تطويرِ كفاءته المهنية عن طريقِ الإطلاع الدائم على أوجُهِ التطوُّرِ في أمهات الصُحف العالمية، غير مُنْكِرٍ انبهارَهُ بها وتطلُّعَهُ للوصولِ إلى حالتهم الراهنة لو توقفوا قرناً وقضيناهُ ركضاً في عالَمِ التقنيةِ وصناعة الصحافة.
ولا شك أن أكثر الأساتذة الحضور يوافقني على أن أجمل ما في ضيفنا الكبير أنه جعلنا نقرأ جريدة "الحياة" من الصفحة الأخيرة، وبتركيز خاص على زاويتها اليسرى، التي شعر بأنها تستشرف العيون والآذان فأسماها "عيونٌ وآذان"، وعمل جاهداً على أن يُتحفَنا من خلالِها كلَّ صباحٍ بمعلومة قد لا تكون جديدة كل الجِدَّة، أو مفيدة كل الفائدة، ولكنها بالتأكيد، وفي كل الأحوال، غنية بالنكهة الخالصة التي لا يعرفها إلاَّه.. وكم جعل قُرَّاءَهُ يبتسمون أو يُقهقهون رُغمَ سحائب الاكتئاب التي تكتنفُ مشاعرَ كثير من القُراء حتى أصبح الشخص المبتسم يُمثِّلُ ظاهرةً تستحِقُّ الدراسة، ورسَّخَ ذلك القولَ الدَّارجُ بأنَّ الضَحِكَ بدون سبب قلَّةُ أدب، ومن فرط حُبِّنا للأدب، الذي فضلناه على العلم في مقولة أخرى، أصبح تقطيب الجبين مؤشراً على الأهمية، وقوة الشكيمة، ولو لم يَقُم الأستاذ جهاد الخازن إلا بجهودِهِ الخارقةِ لإخراجنا من دوَّامة الحزن السرمدي لكفاه فخراً واعتزازاً بأنه من القلائل الذين استطاعوا تفجيرَ حصونِ الحزن، بينما يسعى آخرون بكل أسف لتفجير رؤوس البشر، ومصادرة البسمة من شفاه الأطفال والصبايا.
ومن المآثر التي تُحسبُ لضيفنا الكبير أنه لم يستغلُ مناصبه المتعددة - منذ أن كان في أول السُّلم حتى وصل قِمَّتَه - ولم يغمسْ قلمَهُ قَطْ لمآربَ شخصيَّة، أو لتصفية حسابات فرديَّة.. ولم يدخل في مُهاترات مع الآخرين، في الوقت الذي كانت الساحةُ مهيأة له ليصولَ ويجول، ولكنه آثر بكل إشرَاقَةِ قلمه أن يظل أميناً ووفياً لأصول مهنته، شريفاً في تناوله لمختلف القضايا دون غمز أو لمز.. فهنيئاً له هذا الرقي والتميز في عالم اهتزت فيه كثير من القيم، وكم أتمنى على شُداةِ الصحافَةِ وعُشَّاقِ الحَرْفِ أن يسيروا على دربه، ويقتدوا بمسيرته الناصعة.
باسمكم جميعاً أيها الأحبة أرحب مجدداً بضيفنا الكبير الذي تَكَبَّد مشاقَّ السفر من مدينة الضَّبابِ ليُسعِدنَا بهذا اللقاء رُغمَ ازدحامِ برنامجِ عَمَلهِ.. فله الشُّكرُ الجزيلُ على هذه اللَّفتةِ الكريمة، والتواصُلِ الخَيِّرِ، أملاً أن نستمتع ونستفيد جميعاً من الإمكانيات المتعددة لضيفنا الكبير، ونستقرئ معه شواهد الحاضر، وآفاق المستقبل، وسْطَ الغيومِ التي تُخيِّمُ على سماءِ هذه المنطقة.
ضيفُ أمسيتنا القادم سيكون بمشيئة الله الدكتور حسَّان شمسي باشا.. الطبيبَ، والكاتب المعروف في مجالات الطب الوقائي والعلاجي، وكما تعلمون فإنَّ الدعوةَ منكم وإليكم وليس لها بطاقاتٌ أو رقاعٌ تُوزَّعُ على البعضِ دُونَ الآخَر، فأهلاً، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم.
أثناء توقف الاثنينية انتقل إلى رحمة الله زميل وفي من روادها من أخواتنا اليمنيين المكافحين في عالم الكلمة والصحافة وأعني به الأستاذ أمين الوصابي رئيس تحرير مجلة بلقيس فاللَّهم تغمده برحمتك وأنزل عليه شآبيب غفرانك واجعله مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً..
والسلام عليكم ورحمة الله.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :645  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 88 من 139
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[صفحة في تاريخ الوطن: 2006]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج