شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى به))
الأستاذة نازك الإمام: شكراً أخ محسن، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أصحاب المعالي.
أصحاب السعادة.
السيدات والسادة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ضيفنا لهذه الأمسية هو شخص يعرف لغة الأطفال ويفهم آلام الشيوخ، التواضع سمة لا غنى عنها في شخصية الشرقاوي، فتراه يجلس مع الصغير والكبير، المثقف وغير المثقف، يجلس معهم ويشاركهم اهتماماتهم؛ فيكون مثالاً للشخص الاجتماعي بكل معنى الكلمة.
فمرحباً بفارس "الاثنينية" الشاعر والقاص سعادة الأستاذ علي الشرقاوي، قادماً إلينا من مملكة البحرين. ونبدأ في طرح الأسئلة، ولدينا سؤال الآن من الأستاذة زينب الأحمدي، مسؤولة تطوير المدارس في مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، فلتتفضلي.
أن يكون كاتباً للعامية البسيطة وفي الوقت نفسه له كتابات فصيحة غارقة في الغموض والفلسفة فذلك أمر يدعو إلى التأمل، أن يكون مبتكراً للغة خاصة به انطبع فيها من الصور والرموز والمواقف ما يجعل المتلقي يفهم أنها لغته من دون وجود أي اسم ذلك أمر يدعو إلى التأمل. أبو فيّ يا سادة لا يكتب أو يؤلف أو يسرد أو يقص أو حتى يُشعِر أنه يعيش الحياة حتى نخاع الأرض، يعيشها بطعم آخر غير مألوف نندم بشدة أننا لم نعرفها من قبل.
الإنسان الشاعر علي الشرقاوي، باقة ياسمين لكل من أسهم في تكريمك الليلة في "الاثنينية". سيدي كتبت: الشعر وحده لا يمكن أن يبقى في ذاكرة الطفل، هل الكتابة للطفل تحتاج إلى نوعية جديدة من الصياغة تتناسب مع التقنية المحيطة به وتطور الأشياء القريبة منه؟
الأستاذ علي الشرقاوي: أنا تحدّثت عن كتابة القصيدة، فالقصيدة لا يقرؤها الطفل قصائد، نحن لم نقرأ قصائد يوم كنا أطفالاً، لكن القصيدة حالياً عندما تلحّن تلحيناً جيداً، وتكتب على أساس أن تكون موزونة، مقفاة، وفيها إيقاع، وأيضاً مغناة بصورة رائعة، ومصورة بصورة أروع الموجود سواء أكان فيديو أو غيره، ستصل مباشرة.
أنا حالياً وربما يومياً أرى حفيدي الذي عمره سنة ونصف يشاهد بعض الأغاني المعروضة في التلفزيون، فالأطفال يرقصون على الإيقاع، نحن تعلمنا ليس من خلال قراءة القصائد، تعلمنا كما قلت في بداية كلامي الحس الوطني (بلاد العرب أوطاني) أو غيرها من الأغاني، كـ(نحن الشباب) وغيرها من الأناشيد، ولكن فيما يخصّ الأطفال، لا بد أن تكون أغاني الأطفال أو قصائد الأطفال منغمة وموقعة من أجل أن تصل إلى القلب وتستقر فيه. شكراً.
عريف الحفل: السؤال مع الأستاذ الصحافي الفني علي فقندش.
ترحيب مختلف باختلاف وجودك في خريطة الشارع العربي أستاذنا علي الشرقاوي، سؤالي هو: التجربة الشعرية التي حولت الكلمة والصورة الشعبية الصِّرفة إلى صورة حديثة عندك وعند بدر بن عبد المحسن، كيف كان اختلافها معك؟ وسؤال آخر يخصّ الأغنية، بعد نجاحاتك الكبيرة في الأغنية، ما هي خصائص كاتب الأغنية وشاعر الأغنية والناظم لها؟ شكراً.
الأستاذ علي الشرقاوي: شكراً لك يا أستاذ علي، أنا لم أدخل مجال الأغنية، بل إنّ السّجن أدخلني فيها، لذا، نضيفها للأشياء التي قدمها السجن إليّ، لأن في السجن ليس لديك شيء، إلا التأمل في المستقبل. بدأت أكتب الأغنية، وأغيّر في بعض الكلمات، أكتب أغاني أخرى سواء كانت وطنية أو عاطفية. (البمبرة) على سبيل المثال كُتبت في السجن، وأنا أتصور أن هناك علاقة بين الاثنين، (البمبرة) للذي لا يعرفها هي شجر فيها دبق كلها والتينة معروفة للجميع. البمبرة والتينة، المطلع مأخوذ من غناء قديم وهو: أسقي على البمبرة وأسقي على التينة، عندما يكون الزرَّاع يقوم بعملية الري بالنسبة إليه عنده أحد الحيوانات يأتي ويجر الدلو أو الدالية من البئر ويروي بها. هذا يقول أسقي على البمبرة وأسقي على التينة.
أنا مثلاً كتبت: أبكي على البمبرة وأبكي على التينة، بعد ذلك عندما أتيت أكتب هذه المسائل فكرت هل أكتب كلاماً عادياً أم أكتب صورة شعرية؟ على الأقل عندما أريد أن أدخل بالنسبة إلى كتابة الأغنية، لا بدّ أن يكون عندي جو مختلف، لذلك مثلاً قلت:
يا تينة وين اللي وقف ويَّانا في الفيَّة
سمَّعنا ضحك الهوى بنغمة وردية
ما ندري شي اللي جرى
ما انشوف له جَيَّة
والبمبرة تشتكي من فرقته سنين
حتى دمعها الخَضَرْ يَبْشِي بَلَيَّا عين
 
أين ألتقي فيه بمعنى كيف؟ أين التقي به؟ أين بعد هذه الصورة كلها؟ وبعد ذلك...
بيني وبينه بحر والسفر وش طوله
يا طيور ضحك الفجر في الظلمة روحو له
غسلو عذابي سدا وعن حالي احكو له
 
إذن، حاولت منذ تلك المرحلة أي من البدايات، أن أدخل الأغنية بصورة الشاعر وليس بصورة كاتب الأغنية، لأنني لا أدندن الأغنية، إنما أعدّ الأغنية أغنية موقف، لذلك كتبت أيضاً في السجن كلمة (يا محمدي يا محمدي) أدخلت فيها كلمات لم تكن موجودة في الأغنية.
يا محمدي يا محمدي يا كل خليّة في جسدي
من شوفتك بعد التعب روحي من أول تبتدي
 
لا أتصور أن أحداً قبلي استخدم في الأغنية المحلية كلمة خلية، والخلية تحمل أكثر من بُعد، لذلك فأنا دخلت مثل تجربة الشاعر الكبير بدر بالقصيدة، وليس الكلام، أنا يمكن أن أكتب كلاماً، وكثيرون يأتون إليّ وأكتب قصائد وأغاني لهم ولكن وفق رؤيتي أنا وليس وفق رؤيتهم، لذلك تلاحظ أن الكثير من الأغاني التي يرددونها كلها تحمل صوراً، وتحمل مواقف سواء كانت واضحة أو غير واضحة، إما يكون الموقف إنسانياً أو فلسفياً أو رؤية، أو تحفيزاً لإنسان على أساس مواصلة حياته، شكراً لك.
عريف الحفل: سؤال من قسم السيدات.
الأستاذة نازك الإمام: السؤال من قسم السيدات، نترك المجال للأخوات الجالسات في الساحة الخارجية هل لديهن أي سؤال؟
عريف الحفل: طبعاً لدينا الأستاذة سارة كمال محمد أبو طوق، تفضلي يا سارة.
بسم الله الرحمن الرحيم، السؤال: كثيراً ما تردد أن قصيدتك ترتكز على التجربة الرابعة، هل لك أن توضح لنا ما هو المقصود بالتجربة الرابعة في كتاباتك بشكل عام؟
الأستاذ علي الشرقاوي: نعم شكراً. التجربة الرابعة أو التجربة التي أعيشها حالياً نقدر أن نسميها التجربة الروحية، أقصد بهذه التجربة بعد ما مررت بالكثير من القضايا الموجودة لأنني الآن أنظر إلى القصيدة بشيء مختلف، أنظر إلى القصيدة التي أكتبها أو الشعر الذي أكتبه على أنه رؤية مهمة إنسانية أقوم بها في حياتي الممتدة من الآن إلى مرحلة مغادرتي للعالم. أدري أنه لا يوجد هناك بالكون أي شيء يستحق أن يحزن الإنسان من أجله، لذلك أنظر على أنه لا يوجد أي شيء يحزنني، كما ليس هناك شيء اسمه المستحيل، فلا شيء عندي صعب، لذلك أملك لحظة الكتابة الكون كله، أملك أبعد مجرة يمكن أن أجعلها تلعب معي على الطاولة، أذهب إلى أي مكان، لذلك فلحظة الكتابة مثلما أقول أكثر جمال من الكتابة أو نتاج الكتابة، أنا ما يهمني نتاج الكتابة، تهمني الكتابة، لأن لحظة الكتابة هي لحظة الحرية، لحظة امتلاكك كل شيء، من هذه الزاوية أنظر دائماً إلى قضية أساسية بعد هذه التجربة التي عشتها، أن لا شيء يستحق الحياة إلا أن تقدم المحبة، والمحبة الخالصة، فبها تستطيع أن تهدم أسوار الكراهية كلها، أنت إن أحببت اذهب بحبك لأي مكان وازرعه هناك، لذلك أنا شخصياً في هذه المرحلة لا أستطيع أن أكره أحداً، انتهت مرحلة الكراهية، انتهت عندي مرحلة النقد، انتهت عندي الكثير من القضايا التي كانت موجودة، لا يهمني الآن إلا أن أقدم حبي على هذه الأرض للناس كلهم، على اختلاف الديانات والمذاهب، واختلاف اللغات أنظر على أن كل إنسان عظيم. كلكم عظماء لأنكم مخلوقون من رب عظيم، لا يخلق إلا العظماء، المهم في قضيتنا الأساسية أن نحاول دائماً قدر الإمكان أن نكتشف أماكن العظمة في داخلنا على أساس نقدم أجمل ما نملك، خصوصاً وأن الإنسان لم ينزل على هذه الأرض إلا من أجل إعمارها، شكراً.
عريف الحفل: سؤال الأستاذ خالد المحاميد.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أستاذنا الكبير شاعرنا النبيل علي الشرقاوي أهلاً بك وسهلاً في جدة وفي هذا المحفل الكريم الجميل، الذي يقدم لنا دائماً شخصيات مهمة من عالمنا العربي ومن خارج عالمنا العربي، أستاذي الكريم لدي سؤالان متلازمان وقد سمح لنا الشيخ أن نطرح أكثر من سؤال حسب ما أعتقد، السؤال الأول: أنت أثرت قضية موت المؤلف وهذه أكاد أن أقول إنها تنقذ كل تجربتك الفكرية، قضية موت المؤلف هي قضية طبعاً طرحها لوران باك كما تعلم الفكرة القائمة عليها هو تجريد اللغة من كل تاريخها وموروثها، وأنت ككائن إنساني تاريخي، كما يقول أدونيس كائن مثقل بالتاريخ لا تستطيع أن تخلص لغتك من التاريخ، لأن كل كلمة تكتبها لها تاريخ في الثقافة العربية وفي الأدب العربي، هذا السؤال الأول، أما الثاني فهو: ما هو تأثير هذا الفكر الإيديولوجي على قصائد الأطفال ليس في تجربتك فقط ولكن في التجربة العربية بشكل عام؟ فنحن نرى التجارب الأوروبية في الكتابة للأطفال في شعر الأطفال فيها الكثير من الشفافية وفيها الكثير من الإنسانية، بينما قصائدنا دائماً كانت مؤدلجة من سليمان العيسى إلى علي الشرقاوي، أجبني عن هذا السؤال. شكراً.
الأستاذ علي الشرقاوي: أولاً شكراً حبيبي بالنسبة إلى السؤال الأول، نحن نتكلم على موت المؤلف صحيح، السؤال الذي يجب أن نقوله ما هو معنى الموت؟ هل الموت هو فناء؟ لا يوجد أي شيء في الحياة يفنى، الكلمة التي نقولها نحن تنتشر إلى ما وراء المجرات، لأن هذه قضية يسمونها (ذبذبات) في علم الذبذبة. الآن لا شيء يفنى، أصواتنا ستصل في يوم من الأيام ويمكن أن يكتشفوها. لذلك أعدّ هذه قضية، وأنا أتكلم على قضية أساسية، لا يهمني لوران بارك مع أن القضايا التي يطرحها... لكنني أقول لك أن القصيدة عندما أنتهي منها مباشرةً تنتهي مني، بحيث لا يوجد لي أي علاقةً بها. لا أقدر، يعني عندما يأتيني واحد ويقول لي ماذا تقصد؟ ولا أعرف ما أقصده، ماذا أقول له؟ لا وقت عندي للتّفسير له، لأن الكلام كله الذي أمتلكه قلته في هذه القصيدة، فلديك خيار واحد من اثنين: إما أن تعجبك (ok)، وإما لا، فاحذفها، كيف تستقبلها؟ يعني أنا مثل ما يقولون ارمِ الحمل عندما أخلص القصيدة على القارئ، والقارئ مسؤول عن القصيدة وليس الشاعر، الشاعر قال ما يريده وانتهى، فهذا الذي أعنيه بموت المؤلف.
النقطة الثانية: هي لعبة من الألعاب التي ربما أنا الوحيد الذي يلعبها في الوطن العربي أو في الشعر العربي، أنا لا أدعي كلمة شعر، ولا أدعي كلمة نص، أدعي كلمة حققه، والتحقيق حسب ما تعرف يحمل أكثر من معنى، هو التحقيق كأنه تحقيق القديم، وحقّق بمعنى أنجزه، إذاً أنا في هذا المعنى أطرح أكثر من قضية، لذلك أنا ألعب، وأعدّ الكتابة هي نوع من ألعاب الروح، وليست بالنسبة إليّ هندسة. الروح تريد اللعب، من هذا المنطلق، عندما أجلس الساعة الثالثة فجراً لا أفكر بناقد، ولا أفكر في الجمهور ولا أفكر في شيء، أفكر أن روحي تريد أن تلعب، اللعب هو عملية خلق علاقات. الشعر ما هو؟ الشعر خلق علاقة بين كلمة وكلمة وبين جملة وجملة، وبين حرف وحرف، هذا هو الشعر، لذلك الروح عند الساعة الثالثة فجراً، تلعب بشيء مختلف، هذه الأشياء كلها التي أطرحها، عبارة عن لعبة روحية، كل شيء والقصيدة أو الشعر بصورة عامة متصل بالسماء وليس بالأرض، متصل بالجزء الأعلى من الإنسان وليس بالجزء الأسفل، لأننا دائماً إذا أردنا أن نفسر الإنسان الأشياء الموجودة في جسمه أو غيرها هو الجزء الأعلى، هو الجزء القلبي، لذلك نقول نحن دائماً القلب، القلب هو عين العقل، لما أتكلم على الشعر الهندسي إذاً العقل هو الذي يتكلم، الشعر ضد المنطق، وإذا تلاقى الشعر في يوم من الأيام بمنطق أو مَنْطَقْتَه أنت انتهى كونه شعراً، الشعر لا يُلمَس باليد، الشعر يتحرك بالهواء، والهواء للعلم كل ذرة فيه تحمل معها أفكاراً، تحمل معها آراء، تحمل معها معلومات. لا يوجد هواء أوكسيجين وهيدروجين، إنما مجموعة من المعلومات التي تأتينا، والتي تغادرنا، شكراً.
عريف الحفل: سؤال من قسم السيدات.
نازك الإمام: سؤال من الجمهور من الأخوات الحاضرات، أستاذ علي كيف تعزز ملكات التواصل بينك وبين المتلقي؟ شكراً.
الأستاذ علي الشرقاوي: المتلقي بصورة عامة اسمه متلقياً، هناك متلقٍ للشعر، وهناك متلقٍ لنوع معين من الشعر على سبيل المثال: الجريدة تقرؤها مجموعة كبيرة، هناك الاقتصادي الذي يفكر بالصفحة الاقتصادية، والرياضي الذي يرمي الجريدة ويقرؤ فقط الملحق الرياضي، وهناك الذي يتابع الجريمة، لو جئنا لعدد جمهور الثقافة لوجدناه قليلاً جداً، لو جئنا لعدد جمهور الشعر أيضاً سنرى أنّه قليل، ولو جئنا إلى قراءة الشعر أو بالنسبة إلى قراء الشعر فهم قليلون جداً، الشعر يحتاج في تصوري الشخصي إلى قارئ يترك عنه آراءه المسبقة في القصيدة، يترك عنه كل شيء ويلتقي بالقصيدة كما هي، كأنها هي له، كأن القصيدة تتكلم عليه، فأنا لا أبحث عن المتلقي، بل هو عليه أن يبحث عن تجربته وعن حياته، أنا أقول الكلمة وأحاول أن أوصلها بعض الأحيان عن طريق معيّن. الآن عن طريق (الفيس بوك)، عن طريق (التويتر)، ولكنني لا أتعامل مع (التويتر)، أو عن طريق القصيدة أو عن طريق الآخرين، (انستجرام) وغيره أعطى الشباب هم الذين يكتبونها ويوصلونها أنا لا أراها، لذلك فأنا عليّ أن أكتب مهمتي، وأقدّمها، لا يهمني أين تذهب القصيدة أو لمن تذهب؟
عريف الحفل: سؤال الأستاذ غياث عبد الباقي.
بسم الله الرحمن الرحيم، الضيف الحبيب بعض القصائد الحداثية تحتاج إلى تبيان وتوضيح عند المتلقي المثقف هذا إذا كانت بالفصحى، فكيف إذا كانت بالعامية، سعادة الشاعر المكرم كتبتم قصائد ومؤلفات بالعامية وربما بعض ما كتبته للطفل العربي كذلك بالعامية، فكيف حال المتلقي والقارئ العربي في بلاد المغرب أو بلاد الشام وكيف يفهم إذا مارستم الكتابة بالعامية وباللهجة البحرينية مثلاً؟ وشكراً.
الأستاذ علي الشرقاوي: شكراً، (القصيدة العامية)، مثلما قلت أنا دخلت الأغنية من باب الشعر، بينما القصيدة العامية لها قضية ليست للكتابة، القصيدة العامية هي قصيدة شفوية لذلك لا يمكنك أن تعرف القصيدة إلا من خلال قراءتها للشاعر نفسه أو لناس يتقنون اللغة، أنا على سبيل المثال عشت ثلاث سنوات في بغداد أقرأ قصائد عامية لا أعرف أقرأها، إلا لما أسمعها، القصيدة العامية شفوية، لكن أنت تقول من يفهمها؟ إذا غُنيت هذه القصيدة ولُحنت بصورة جيدة ستصل إلى الآخرين، على سبيل المثال: جروح قلبي وتر، وصلت إلى مناطق كثيرة، ويمكن أن تقول إنها وصلت إلى الوطن العربي من السودان والمغرب والمناطق كلها، لذلك، تحتاج القصيدة العامية إلى أن تصل عن طريق الشفاه، أو عن طريق الأغنية أو عن طريق لحن تحتاج إليه الحامل، أو صوت أو لحن أو أداء، هذه النقطة الأساسية، يفهمها... وستفهمها أنت، إذا كنت تريد ذلك، قصيدة حمد ماذا يقول فيها:
مرينا فيكم حمد واحنا بغطار الليل
سمعنا دق قهوة.. وشمينا ريحة هيل
يا ريل صيح بقهر.. صيحة عشق يا ريل..
هودر هواهم ولك حدر السنابل قطا
ألا تعرف هذه الأبيات؟ بالتأكيد تعرفها، لذلك تحتاج إلى من يلقي هذه القصائد، لأن لا نعرف كتابتها، وأقول لك بصراحة إن القصيدة العامية لا أعرف أن أكتبها، لأنها غير موجودة، لما أقول مثلاً (اسمش) من أين جئت بالثلاثة حروف التي دونتها؟ إنها غير موجودة عندنا، لذلك، هناك إشكال كثير لكن القصيدة العامية هي قصيدة قَوْل، تنتقل من الشفاه لتصل إلى الأذن.
عريف الحفل: قسم السيدات، هل لديكن أسئلة أم نسأل من هنا؟
نازك الإمام: سؤال من قسم السيدات، في الساحة الخارجية عندهن سؤال.
عريف الحفل: نعم، نعم الأستاذة بديعة قشقري، تفضلي.
في الواقع كنا نود أن نسمع من الشاعر عن (مكتبة نون) التي كما سمعنا أنها أصبحت مهجورة إلا من الأصدقاء والأحباب، فهل أضحت المكتبة تشبه المقهى الثقافي؟ ولماذا بدأت المكتبات حتى في عالمنا الحاضر بالخفوت؟! وأيضاً كنت أريد أن أسألك عن أهمية التواصل بين المثقفين، التواصل الحي أو التفاعل الحيوي، الحوار التفاعلي في جلسات مصغرة، نفتقدها هنا طبعاً. لأنه في البحرين هناك حركة ثقافية جميلة جداً، الكل يتفاعل وهناك مؤسسات مدنية كثيرة جداً، فهل مكتبتك أصبحت أو ستصبح شبه مؤسسة مدنية؟
الأستاذ علي الشرقاوي: شكراً، كنت أفكر في يوم من الأيام أن أتقاعد، لأن عملي الأساس كان بعيداً عن قضية الثقافة، أنا فني بيطري، أشتغل في التحليلات المختبرية، قبلها كنت في مختبر بشري، لكن بسبب الاعتقالات بقيت فترة بعيدة، وبعد ذلك اشتغلت (لسدّ لقمة العيش) في مختبر بيطري، المهم اشتغلت في هذه التجربة 27 سنة من الـ 67 تقريباً اشتغلت إلى سبع وتسعين، ثلاثين سنة بما فيها الدراسة في بغداد.
(مكتبة نون) كنت أفكر على أنها مشروع مستقبلي، فأنا أحب الكتب وأعرفها، وأريد أن أساعد الطلبة بحيث أوفر لهم كل كتاب يحتاجونه، فإذا لم يعثروا على الكتاب أصوره لهم، وإذا كان غير موجود أحاول أن أطلبه. ولكن ما حصل أنه أتت في فترة مجموعة من الدكاترة المصريين كانوا يطلبون كتباً نقدية من المغرب، من الأردن، ومن مناطق ثانية، وكنت أوفرها لهم. لكن الدكاترة المصريين تركوا البحرين. ومن أتى بعدهم لم يهتموا بالقضية، ظلت الكتب وصار الموضوع مجرد مسألة انتهت بالنسبة إليّ، لا يشتري أحد كتاباً (غير مهم عندي). كنا في كل ليلة نلتقي في هذا المكان نحن الشباب: المخرج،كاتب السيناريو، الملحن، المغني، الممثل، مدير إنتاج، ومجموعة من الأصدقاء الّذين ليس لهم أي علاقة ولكنهم أصدقاء موجودون لنلتقي يومياً، من خلال هذه الجلسات تطرح قضايا، ربما أغنية أو إخراج أغنية أو عمل سيناريو أو أوبريت نعمله للبلد. لقد كان يوجد الكثير من الأمور التي تخرج من هذه المكتبة، لذلك أنا شخصياً أعدّها الصالون الأدبي لنا، وهو المجلس والمكان الذي... بعض الشباب في السعودية مثلاً يأتون إلى البحرين ليزورونا، ومن مصر يأتون أيضاً، ومن قطر ومن الإمارات ومن عُمان ومن الكويت ومن المناطق كلها، يمرون بالمكتبة، إذ أوفر لهم الشاي وعندي شاي خاص تجدونه هناك اسمه (شاي الشرقاوي)، إذا كان من الممكن أن تأتوا وتشربوا منه، وهو شاي خاص غير موجود في البحرين كلها.
عريف الحفل: سؤال الأستاذ مشعل الحارثي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد مزيد من الشكر والامتنان لمضيفنا الكريم أجدد الترحيب بضيفنا القادم من حضارة (دلمون) العريقة، فأهلاً وسهلاً به بين محبيه وأشقائه ورفقاء الحرف والكلمة.
ضيفنا الكريم عُرف عنكم أنكم من الأدباء والمثقفين المثيرين للجدل سواءً على الساحة البحرينية أو العربية، وهو دلالة على كونكم من الأشجار المثمرة عطاءً وإبداعاً في دنيا الشعر والأدب والثقافة. فكيف كنتم تتعاملون مع النقد خصوصاً وأنك ذكرت في أحد حواراتك الصحفية أنه لا توجد في البحرين حركة نقدية بالشكل الهادف والمأمول؟ فهل ما زلت تنظر إلى أن النقد لم يواكب العطاء الإبداعي المتنوع في البحرين؟ شكراً لك.
الأستاذ علي الشرقاوي: شكراً لك، أنت أجبت على أن النقد لم يواكب وهذا صحيح، التجربة النقدية المهمة عندنا وكنا نحلم أن تتطور هي تجربة الدكتور علوي الهاشمي، الّذي كتب مجموعة من الدراسات النقدية وهي: تقاسيم ضاحي بن وليد الجديدة كدبلوم، و(ما قالته النخلة للبحر) رسالة ماجستير، و(السكون المتحرك) ثلاثة كتب عن رسالة الدكتوراه، علماً أنّه ليس مهم عندي رسالة الدكتوراه، هناك عشرات رسائل الدكتوراه المحدوفة بكل مكان، السؤال الذي أطرحه: ماذا بعد رسالة الدكتوراه، رسالة الدكتوراه هي ماذا؟ الدكتوراه ما هي إلا وسيلة للحصول على وظيفة أو درجة، أنا شخصياً لا تمثل عندي أي شيء، لأن الذي أعرفه، عندنا في البحرين عشرات الدكاترة، إذ قدّم كل واحد رسالته ولم يقم حتى بطباعتها، لذلك ليس لها أي أهمية، لا بد أن يكون هناك شيء ما بعد رسالة الدكتوراه، على أساسه أعرف هل هذا الإنسان جاد أو يريد فقط الوصول إلى درجة علمية؟ هل من حقه الحصول على درجة أكاديمية يعيش فيها، لأن ما يهمّني ماذا يوجد بعدها؟ بالأمس كنت أتكلم مع الأخ أحمد عائل على موضوع أصحاب المشاريع، في البحرين عندنا أصحاب مشاريع كثر وناس يشتغلون هكذا، حتى الشعراء، قاسم حداد صاحب مشروع، لا يشتغل هكذا، إنما يشتغل على طربه من (وردة)، والآن اشتغل على ديوان آخر أو مشروع آخر، وعنده مجموعة أشياء، بالنسبة إليّ عندنا الدكتور إبراهيم غلوم الذي كرمتموه، وهو صاحب مشروع، ليس فقط أنه وقف عند درجة معينة لا، بل هو مهموم بقضية، مهموم لأن عنده أكثر من كتاب، المشكلة ليست في إنتاجه، المشكلة فيمن يقوم بطباعة هذا الإنتاج، أنا عندي مشروع كبير، عندي مشروع المسرح الشعري، ربما أكون الوحيد بالنسبة إلى دول مجلس التعاون المهتم اهتماماً واضحاً بالمسرح الشعري، من يوجد هناك مثلي؟ ربما أكون الوحيد أيضاً في البحرين وخارجها المهتم بكتابة القصيدة الطفولية. لا يوجد غيري. هذه اهتمامات وهذه مشاريع، ولكن تحتاج هذه المشاريع إلى من يوصلها للقارئ، يعني أنا أتألم عندما أطبع ألف نسخة من ديوان للأطفال، لأني أحلم أن يكون هذا الديوان موجوداً من الصف الأول إلى الصف السادس، كم طالب ابتدائي عندنا؟ ألا أكتب حتى يصل الكتاب؟ لا بد أن يوصل للطلبة في الإبتدائي على أضعف الإيمان. هناك كتابان طبعتهما وزارة التربية، وكل كتاب عبارة عن خمسمائة نسخة، ماذا نفعل بها؟ كيف نوصّل الكتاب إلى الطلبة؟ أنتم وزارة التربية طبعتم الكتاب إذاً أوصلوه لكل طالب ابتدائي لكي يتعلم، إذا رأيتموه ضد المناسب، أي لا يتماشى مع أسس التربية اتركوه، ولكن إذا تماشى مع أسس التربية يفترض ليس خمسمائة نسخة وتعطون ثلاثة أرباعها للمؤلف، إنما توسطونها عشرين ألف نسخة، أو أربعين ألف نسخة تباع أيضاً بسعر رمزي، فأنا مع أن تُباع بسعر رمزي، ليشعر الطالب الصغير أنه اشتراه بنقوده فيحافظ عليه، فلا يأخذه ويرميه، اشتراه بمائة فلس أو ريال. ريالان فقط من أجل أن يشعر أن هذا ماله، وهذا ملكه، وهذا تعبه، أنه دفع ماله فيه، ولكن النسبة إلى التربية عندنا لا يوجد اهتمام.
عندنا كُتّاب قصة ولكن أيضاً لا توجد مؤسسات ترعى هذا الاهتمام، منهم: عبد القادر عقيل، خلف أحمد خلف، إبراهيم بشمي، ومجموعة يكتبون قصص الأطفال، ولكن لا يوجد من يدعمهم، يعني قصائد الأطفال بالقوة أوجدتها، ربما تلاحظون أن مجموعاتي الشعرية كلها للأطفال مطبوعة في نادٍ ثقافي وبالكاد نجد رسّاماً بسيطاً من أجل فقط أن تصدّر هذه القصة، لذلك فنحن أصحاب مشاريع، ولكن هذا ما أؤكده دائماً، أنه مهما كانت الظروف سنواصل مشاريعنا ولا يهمنا، نحن نمشي والسِكَّة لا تقف، علينا نحن أن نقدم مثلما قلت في كلامي ما عندنا، ونمشي مع هذا العالم.
عريف الحفل: لا أدري، إن كان هناك المزيد من الأسئلة أخت نازك الإمام في قسم السيدات.
الأستاذة نازك الإمام: نعم أخ محسن، لقد كان لدى الأخوات أسئلة عديدة ولكن ضيفنا الكريم أجاب عنها ضمنياً في حديثه، شكراً لكم ونختم من عندنا، ليس لدينا المزيد من الأسئلة.
عريف الحفل: ننتقل للأخوان هنا، منصور السيد أكرم، تفضل.
بسم الله الرحمن الرحيم، منصور السيد أكرم، موظف متقاعد، سؤالي هو: قرأت في إحدى الصحف منذ زمن أن هناك أميراً من أمراء البحرين عاش في مكة المكرمة وكان شاعراً وأديباً وألَّف كتاباً عن مكة وديوان شعر، يعني هل هذا موجود في البحرين عندكم؟ أو هل سمعت به؟
الأستاذ علي الشرقاوي: ما اسمه؟
الأستاذ منصور أكرم: لا أعرف. ولكن قالوا أنه أمير كذا... في الصحف منذ مدة طويلة. نُفي إلى مكة المكرمة، وألّف كتاباً عن مكة وديوان شعر.
الأستاذ علي الشرقاوي: لا يوجد لدي فكرة عن الكتاب، ولكن إذا نُفي فهو الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة، عنده ديوان، ويسمونه شيخ الأدباء، أو شيخ الشعراء، هو أحد الشعراء الكبار، يعني تقدر تسميه مؤسس الحركة الشعرية الإحيائية الجديدة في البحرين.
الأستاذ منصور أكرم: وديوانه موجود؟
الأستاذ علي الشرقاوي: ديوانه موجود، ومتوفر.
الأستاذ منصور أكرم: شكراً جزيلاً.
الأستاذ علي الشرقاوي: عفواً حبيبي.
عريف الحفل: سؤال للأستاذ عبد الهادي صالح.
مساء الخير، طبعاً عندما نستحضر الحركة الشعرية في الخليج العربي، فهناك أسماء كبيرة لامعة ولافتة من البحرين ومن قطر ومن السعودية ومن الكويت ومن الإمارات، ومن الدول العربية جميعها، بما فيها اليمن، سؤالي أستاذ علي: إذا سمحت لي هل تعتقد أن هناك نظرة مختلفة من أشقائنا العرب للشعراء أو الأدباء في الخليج العربي؟ نظرة مختلفة من ناحية تقليل حجم التجربة الشعرية تحديداً في الشعر، لا أدري هل تعتقد بهذا الموضوع؟ شكراً.
الأستاذ علي الشرقاوي: طبعاً هناك كثير من النقاد، الذين يقللون من شأن الشعر أو الحركة الأدبية الجديدة، وهذا الذي أشتغل عليه، قضية الحوار أو العلاقة بين المتن والهامش في تجاربي، هذه واحدة من النظرات الموجودة، أما النقطة الثانية، فدائماً الذي يقلل من الآخرين هو مسكين، مهما كان ناقداً كبيراً فهو مسكين، يحتاج إلى نوع من المحبة، لأنه لا يمكن لإنسان أن يقلل من شأن أي إنسان، في التجربة الشعرية والأدبية، التي هي عندنا مهمة جداً، سواء على مستوى الشعر أو على مستوى النقد، أو على مستوى المسرح، أو على مستوى الرواية، هناك تجارب كثيرة مهمة. النقاد الذين.. مثل السياسيين نظرتهم قاصرة بحقّ الخليج، لا يقرؤون لأنّهم كوّنوا نظرة مسبقة عن التجربة الخليجية، وتلك مشكلتهم وليست مشكلتنا. نحن النقطة الأساسية التي نفكّر فيها، أن علينا مواصلة طريقنا، ووجهات النظر هذه هي مجرد عثرات الطريق لا أكثر.
عريف الحفل: سؤال للدكتور زيد الفضيل.
بسم الله الرحمن الرحيم، مساء الخير، دعني أنقلك نقلة نوعية لنتحدث قليلاً عن جانب الفكر، أبتدئ من طرحك عندما قلت أنك في التجربة الرابعة وهي تجربة الحب، وأريد أن أبدأ من هذه النقطة لأعود إلى ظاهرة الفكر القومي، التي أشرت إليها في بداية حديثك في ذكرك لمقال مختصر عن دراسة بعنوان "العرب مراجعات ثورية"، وطلبت من القوميين في الوقت الراهن أن يقوموا بعمل مراجعة، ونحن فعلياً نحتاجها في الوقت الراهن في مختلف القضايا التي أيدوها، كما أشرت في مضمون حديثك في البداية أنكم فرحتم في الخمسينات وتفاعلتم وقتها مع المظاهرات وغيرها من القضايا، التي وجدت في العالم العربي كثورة العراق والعدوان الثلاثي، وأنا وإن كنت شخصياً أتفق معك في موضوع العدوان الثلاثي، لكن أستغرب من أن القوميين قد فرحوا مثلاً بسقوط الملكية في العراق ودخوله بعد ذلك في مرحلة استبداد ومرحلة دموية، على الرغم من أن المرحلة السابقة كانت مرحلة ازدهار على الأقل ديمقراطياً أو ظاهرة ديمقراطية، ولا أعرف حقيقة لماذا يربط القوميون ما بين النظام الملكي في العراق أو في مصر أو في اليمن أو في غيرها وما بين الحركة القومية، وكأن الملكية لا تمت بصلة إلى المفهوم العروبي، الذي هو متجذر في تاريخنا منذ ألف وأربعمائة سنة على وجه الخصوص، على أن القضية التي نحن نحتاج إلى أن نراجعها هي، هل استطاع القوميون أن يحققوا خلال هذه المدة أمانيهم؟ أم أنهم دخلوا بعد ذلك في انتكاسة كبيرة جداً أثمرت ما نعيشه اليوم من حالة ضياع؟ لعل ما يسمّى بالربيع العربي قد شهد حالة فجوة ما بين الوعي، الذي كان سائداً وما بين الأمر الذي أتى به، حقيقة، أعرف أنّه موضوع طويل لكن أردت أن أسـألك أستاذ علي خصوصاً أنك أشرت إلى أنك أحد الذين كانوا في خضم القوميين، هل أنت ممن يؤيدون بأن يقوم القوميون في الوقت الراهن بعمل مراجعات ثورية إيجابية وليس بالضرورة سلبية؟ شكراً.
الأستاذ علي الشرقاوي: شكراً لك على هذا الطرح، لكن دعنا نتذكر لقد قلت أنني من مواليد 48، وأتكلم على 56 عندما كنت طفلاً، لذلك تكلمت على الحس القومي وليس الوعي القومي، والفرق بينهما شاسع، لقد كنت أخبركم أنني في طفولتي ذهبت إلى المظاهرات في الأعوام التالية 56، و58، و61. لذا، أنت تتكلم على القومية، أو فشل القوميين، ففشل القوميين ليس فشل الإيديولوجيات الموجودة كلها، إذ ليس هناك إيديولوجية ناجحة، سواء كانت يسارية أو يمينية، أو قومية، أو حتى دينية، لقد تحول الموضوع إلى إيديولوجيا بحيث إنني الصحيح والباقون كلهم على خطأ، والقومية في آخر مراحلها مثلما قالوا في القومية الألمانية، هل تعرف تحولت إلى ماذا؟ إلى شوفونية، بمعنى أن جنسي فقط من أفضل الأجناس وهذا خطأ، الله خلق الأجناس كلها، لذلك عندما أتكلم على قضية المحبة، يعني جاءت المرحلة التي يكون فيها المثقف، بدلاً من أن يكون مثقفاً وطنياً، قومياً، وإسلامياً، يكون مثقفاً كونياً، هذه المرحلة الجديدة التي تحتاجها طبيعة التطورات الحياتية.
الآن، يتوجه العالم توجهاً نحو المزيد من التجارب الروحية، يعني قبل أيام عديدة، قرأت عن تجربة النية، وهو كتاب مهم يخبرنا بأن النية يمكن أن تعالجك، بالنية تتعالج، وقد اشتغلوا عليها كقضايا مختبرية، وهذا صحيح. أنت عندما تشعر بألم يكفي أن تقرأ، لأن القراءة والنية يمكنهما معالجتك من أقسى الأمراض، لذلك لا بد أن يتبدّل تفكيرنا مع طبيعة التطور من أجل الإنسان، ومن أجل الأهل، ومن أجل المجتمع الذي أنتمي له، ومن أجل الإنسانية كلها، لأنّك كإنسان مسؤول عن كل إنسان موجود فوق الأرض، لا تقول أنا لا شأن لي بالأمر، فديني مختلف، أو لغتي مختلفة. لا. أنت مسؤول عنه. عندما تقدم شيئاً رائعاً لنفسك ولأهلك بصورة طبيعية ستقدمها لكل إنسان، لذلك فأنت مسؤول منذ الآن عن نفسك وعن الإنسانية، وتقدر أن تؤثر، ولا يمكنك القول إنك لا تستطيع ذلك، فارق بسيط واحد تقدر أن تعمله، ويمكن أن تؤثر على أشياء كثيرة. أتذكر في أمريكا أيام العنصرية عندما ركبت امرأة من السود الباص الخاص (بالبِيض) فطردوها، قالت: "لا أريد أن أنزل". أخذوها إلى المخفر، قالت: "لن أنزل". طلبوا منها أن تعتذر، قالت:" لا أريد أن أعتذر". واصلت من مكان إلى مكان، وفي الأخير ماذا عملت هذه المرأة الوحيدة في أمريكا كلها؟ استطاعت أن تجعلهم يصدرون قانوناً جديداً بحيث أن الجميع يركبون الباصات. امرأة واحدة تمكّنت من ذلك، لذلك لا أحد يقول أنا كإنسان لا أقدر، كل إنسان قادر إذا أراد، لكن يجب أن يملك المحبة، إذا مَلَك وعمل شيئاً بحبّ، والله لتحوّل الحجر إلى أعشاب، شكراً.
عريف الحفل: سؤال الأستاذ فؤاد المالكي. الأخوة يعرّفون بمهنتهم لأن الكثير من الإخوان يكتفون بذكر اسمائهم، الاسم والمهنة لو سمحت.
فؤاد المالكي من صحيفة مكة، صحفي. أستاذ علي ذكرت في بداية حديثك أنك أنت وأبناء جيلك تشرّبتم الحس الوطني، منذ الصغر، وذكرت أنكم أناس مختلفون عن الأجيال الحالية، هل هذا يعني أن الأجيال الحالية لا يملكون الحس الوطني الموجود عندك وعند زملائك؟
الأستاذ علي الشرقاوي: شكراً لك حبيبي، لسنا بجيل أفضل، ولا الجيل السابق أفضل، قبل قليل كنت أتكلم مع الشيخ أو مع أحد الشباب على أنّ لكل دولة زمن ورجال. الجيل الجديد يحمل قضاياه، يحمل أشياء يعرفها أكثر منا، يقدّم أشياء نحن لا نعرف ما الذي سيقدمه، لكن يملك أحلامه وطموحاته، ويملك كل شيء، لا أعدّ نفسي في يوم من الأيام أفضل من الجيل القادم، لأن وفق الصورة كلها جيل أبي وأجدادي يتصورون أنفسهم أفضل. "أنتم جهّال لا تفهمون"، هذا ما كان يقوله آباؤنا لنا، لكن يجب أن لا نصبح مثل آبائنا، الجيل الجديد سيأتي بمشاكله وتجاربه وأحلامه، بطموحاته ووعيه وسيعمل الأشياء التي لم نستطع أن نقوم بها، لذلك نحن مع الجيل الجديد في كل شيء.
عريف الحفل: سؤال للأستاذ مجيب الرحمن العُمَري.
بسم الله الرحمن الرحيم، سعيد جداً بلقائك يا أستاذ علي، وسعيدون جداً بأن عرفنا هذه الثروة الفكرية والثروة الشعرية والأدبية، سؤالي عن قصيدة النثر: ما رأيك في قصيدة النثر؟ وهل سبق أن كتبت قصائد نثرية وما مستوى قصيدة النثر في ظل الثروة الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي والفيس بوك وتويتر؟
الأستاذ علي الشرقاوي: شكراً حبيبي، دائماً ما أردّد وأقول أن قصيدة النثر أصعب أشكال الكتابة، قصيدة النثر ليست القصيدة التي نراها موجودة في كل مكان، قصيدة النثر تريد أن تكون شعراً من دون أن يكون لديك أي قواعد شعرية تتكئ عليها، قصيدة النثر تشتغل في الهواء، في الفضاء، تشتغل على العلاقات الموجودة بين الكلمة والكلمة وبين الجملة والجملة، وبين قضية المترادفات، لذلك فقصيدة النثر قصيدة صعبة، لا أحد يتصور غير ذلك. والله أنني أمتلك عشرات الدواوين، فهل هذه هي قصيدة النثر، لا. قصيدة النثر شيء نادر.
نتحدّث دائماً عن القصة القصيرة، عشرات الكتّاب يكتبون القصة القصيرة، ولكن كُتّاب القصة القصيرة الحقيقيين هم خمسة أو ستة ما زالوا موجودين في العالم، وليس عندنا، ليس كل مَنْ كتب ثلاث أو أربع صفحات سمّاها قصة قصيرة، لأنّ القصة القصيرة ومضة، وقصيدة النثر ومضة، بحيث يتمّ قول الكلام، وتركيب مترادفات متناقضات، وأشياء تُدهش، قصيدة النثر إذا لم تستطع أن تُدهشك ليست بقصيدة، إنما هي خواطر، ولا يهم فليكتبوا قصائد نثر في الأخير لن يبقى إلا الصالح. أما القصيدة الكلاسيكية، فالعشرات كتبوها، ولكن كم قصيدة بقيت؟ لا يوجد. قصيدة التفعيلة أيضاً جرّب العشرات كتابتها، كم قصيدة بقيت وكم شاعر؟ لا يوجد. مع السيّاب ظهرت مجموعة كبيرة، من بقي؟ السياب. مع أبي الطيب المتنبي عشرات الذين كتبوا قصائد وسَبُّوه واعتبروه سارقاً، بقي المتنبي وهؤلاء الناس لا يذكرون، لماذا؟ لأن القضية هي قضية تاريخ، وقضية أن الكتابة تخترق الزمان والمكان، إذا كانت الكتابة رائعة نحس بحداثتها، مع المتنبي التاريخ غربال كبير (شخل.. شخل.. شخل). التاريخ هو الحكم، لا نقول قصيدة النثر سيئة أو غير ذلك، بل في الختام سيبقى في كل جيل شاعران، ثلاثة، أو أربعة، وهذا يكفي. وإذا كان الشعر جيداً سيبقى، وليس صحيحاً أن نقول إنّ جماعة قصيدة النثر هي القصيدة المستقبلية. لا، المستقبل يأتي بأحلامه وطموحاته وأشيائه التي لا نعرفها، شكراً.
عريف الحفل: سؤال للأستاذ عبد الحميد الدرهلي.
أخواني الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سعادة الأخ الأديب والأستاذ علي الشرقاوي الموقر، أهلاً بكم في هذا المنتدى العتيد، سيدي الكريم ذكرتم في سيرتكم الذاتية أن مؤلفاتكم الراقية تُرجمت إلى لغات عديدة منها: الألمانية والفرنسية ولغات أخرى، سيدي أفدنا هل تم عرض مؤلفاتكم للترجمة منكم شخصياً؟ أم تقدّم مترجمون إليكم لترجمتها؟ وهل كانت نسبة الإقبال على قراءة مؤلفاتكم العربية وخصوصاً بالفرنسية جيدة؟ هل أشادوا بها كتابةً وكذلك الترجمة إلى اللغات الأخرى؟ ولكم منا وافر التقدير، سدد الله خطاكم وشكراً.
الأستاذ علي الشرقاوي: شكراً على سؤالك، فقط أريد أن أوضح أن كثيراً من الأحيان يطلب منا ذلك، هل تتذكرون ربما من السعودية عندما أخرجت سلمى الخضراء الجيوسي كتاباً في أمريكا، اتصلت بالبحرين وطلبت مجموعة من القصائد وترجمتها، وعقب سنتين أو ثلاث سنوات التقينا وحصلنا على نسخة من الكتاب. السؤال من كَتَبْ؟ ليس عندنا فكرة. من كتب فعلياً، أعجبته التجربة أم لم تعجبه، لست أدري عن هذا كله. في فرنسا أيضاً تُرجمت لنا مجموعة من القصائد إلى الفرنسية، هل نُشرت في كتيب؟ وما هي ردود فعل القارئ الفرنسي؟ ليس عندنا أي فكرة. في ألمانيا الشيء نفسه، هناك كتيب صدر بالنسبة إلى القصائد باللغة الألمانية وقد وجدنا الكتاب، لكن بالنسبة إلى من كتب عن التجارب ليس عندنا فكرة أيضاً. فمن واجب السفارات أن تتابع الموضوع، نحن لا نقدر على متابعته، المهم لا أحد يقدم قصائده إلى الترجمة، إلا إذا كان يمتلك المال، إلى "فلان بن فلان أو المؤسسة الفلانية" التي يمكن أن تترجم هذا الكتاب، لكن بصورة عامة نحن لا نملك المال لذلك أي إنسان يأتي ويطلب قصائد نعطيه ما يريده، من غير أن نعلم أسيترجمها أم لا؟ يعني مثلاً أحدهم ترجم إلى الصيني، حتى الآن لم أر القصائد الموجودة، المهم أنت اكتب وبعد ذلك الذي يريد أن يترجم فليترجم. واصل طريقك.
عريف الحفل: سؤال للأستاذ محمد بن حبيب علوي.
محمد بن حبيب علوي عضو النادي الأدبي بجدة، وعضو اتحاد كتّاب مصر، أيها الشاعر البحريني العذب، من هو الشاعر السعودي الذي تستعذب شعره ولفت نظرك؟ شكراً.
الأستاذ علي الشرقاوي: أتصور مرّ هذا السؤال، من هو الشاعر السعودي؟ لا تحدّد شاعراً، لماذا لا تقول الشعراء السعوديين؟ أنا عندي علاقة مع كثير منهم، مثل ما ذكرت ناصر بو حيمد، سنة 1960م الذي أصدر ديوانه.كما أنّ هناك قصائد نعجب بها وليس شعراء فقط، وهناك تجارب كثيرة للشعراء جميلة. وأكثر الشعراء الموجودين السعوديين أصدقاء نعرفهم وقرأنا تجاربهم وتحاورنا معهم منذ الثمانينات، لذلك لا تطلب تحديد شاعر معيّن، بل قل يوجد قصائد كثيرة جميلة، سواء كانت لرجال أو سيدات. كما أن التجارب كلها قريبة منها، لذلك نستعذبها ونعدّها جزء من تجربتنا -إذا جاز التعبير- الخليجية أو العربية.
عريف الحفل: الدكتور محمد بن عويض الحارثي. تفضل دكتور محمد.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، شكراً للمضيف والضيف، وللجمهور جميعاً، شكراً للتواصل والاتصال، وتلاقح الفكر والثقافة والأدب والمعرفة بصفة عامة، وسؤالي: ما هي محتويات شعر الطفولة في نظركم؟
الأستاذ علي الشرقاوي: شكراً على السؤال، لا نحصر الشعر في محتويات، أنت إذا استطعت أن تدندن بقصيدة فيها كلمات عادية محببة للأطفال، فهذا يكفي. بالنسبة إلى الشعر مثلاً حتى لو كان من يدندن بريطانياً، ويقول كلمات لا معنى لها، إنما لها علاقة بالدندنة أو لها علاقة بالإيقاع، فهذا هو المطلوب. لذلك، عليك أن توصِّل معلومة، توصِّل محبة، وتوصِّل شيئاً. يعني مثلاً في بعض الأحيان هناك إيقاع بسيط أقول أنا: (بيديا بيديا أصابع.. عدُّوا بالأرقام.. خُنصُر.. بُنصُر.. وُسطى.. سبَّابة.. إبهام)، هذه صارت قصيدة من خلالها علَّمت المعلمة الأصابع وهذا الأمر لا يتعلّق بالأطفال فقط، لأن كثيرين لا يعرفون أسماء الأصابع، لذلك الهدف من هذه اللعبة، أن تغنيها لتعلّم شيئاً، أو مثلاً أقول: (أمي قالت وأبي قال شارك غيرك وجبة أكلك حين تكون مع الأطفال)، هنا وصّلت قيمة، لذلك فكل قصيدة مختلفة عن الأخرى، من المهم ممارسة لعبة الأطفال لتحس مثلما قلنا إنك طفل. ارقص.. غنِّ.. لا تجلس جامداً، إذا لم تغنّها لا فائدة منها.
عريف الحفل: المهندس عبد الغني حاووط.
السلام عليكم، سعادة الأستاذ علي إن المسرحيات الشعرية تعتمد النص الشعري أساساً في متنها، هل يرى الأستاذ علي أن الشعر في المسرحية يؤثر إيجاباً فيها ويرفع من قيمتها أدبياً فقط؟ أم أنه يساعد على تحسين إيصال الفكرة إلى المشاهد؟ أم أنه يضعف الفكرة بإشغال الجمهور بالنص الشعري وتنميقاته ويؤثر سلباً في الهدف المرجو إيصاله من المسرحية؟ وشكراً.
الأستاذ علي الشرقاوي: شكراً حبيبي، المسرحية الشعرية التي نكتبها الآن ليست كمسرحيات أحمد شوقي، أي لا تعتمد على الروح الغنائية، بل تعتمد على روح الإنسان، وحواره اليومي معك، أما طبيعة البحر أو التفعيلة التي أستخدمها، ففيها الحوار العادي، ولا تعتمد على القافية، بل على طبيعة الشخصية والحدث معاً. لذلك، عندما تتحدث عن المسرحية الشعرية ترى مجالاً واسعاً في التاريخ، ومن خلال المسرحية الشعرية تستطيع أن تسطر التاريخ كما فعلتُ، إذ حولت المدن إلى شخصيات، يعني (البُرهاما) عندنا، هي منطقة اسمها هكذا، خلقت منها علاقة حب بين البُر (الذي هو القمح) والهامة التي هي هامة المرأة، خلقت منهما في مرحلة أيام يعني إذا جاز التعبير يسمونه الانتقال من مرحلة الصيد إلى مرحلة الزراعة، هذه المرحلة فيها مجال واسع للمخيلة، فيها مجال واسع للتعبير، لذلك المسرحية الشعرية جيدة، ولكن السؤال: هل هناك مخرج ممكن أن يتصدى لمثل هذه المسرحيات؟ هذه حالة نادرة، على الرغم من أنهم قدّموا مجموعة من المسرحيات لكن المسرحية الشعرية هي الأفضل، فإذا رأينا مسرحيات شكسبير وكيف تعامل معها؟ واللغة التي كانت موجودة؟ لرأينا أن اللغة الشعرية في مسرحياته ومسرحيات أخرى ما زالت قوية. بينما مسرحيات أحمد شوقي وعزيز أباظة، فقد انتهت هذه المرحلة الخاصة بهما لأنها غنائية، كانت بداية نشكرهم عليها، ولكن الآن الوقت للمسرحية الشعرية، ولا أدري طبعاً ربما الكثيرون يكتبون، ولكن لا أحد يكتب مسرحية شعرية إلا الأقلية، شكراً لكم.
عريف الحفل: الأستاذ خالد جميل مرزا.
السلام عليكم، أستاذنا ذكرت أنك تسهر حتى الساعة الثالثة فجراً لتكتب، ومتعة الكتابة وتجربة الكتابة هي أهم شيء عندك، والمتلقي عليه مسؤولية أن يفهم ما كتبته، المتلقي المتبحر في الأدب نعم، لكن الطفل يحتاج إلى أن تضع عقليته وبيئته والفكرة التي تريد أن توصلها له في عقلك قبل أن تكتب حتى توصل الفكرة له وتربي فيه المفهوم أو تغرس فيه شيئاً من القيم، فأريد أن أفهم هل أنت تكتب على ضوء ذلك؟
الأستاذ علي الشرقاوي: تتكلم الآن على المتلقي أم على قصيدة الطفل؟ حدّد الوضعية حتى أتكلم فيها؟ حبيبي نحن في النهاية نتكلم على تجربة كبيرة، عندما أتكلم على القصيدة التي أكتبها، فأنا أذكر القصيدة التي فيها رموز وأبعاد ليست موجهة للطفل، الّذي أقدّم له شيئاً إيقاعياً، ويمكن أن يوصله ويعطيه قيمة إنسانية ومعرفة، عندما أقول له الشنطة حمراء، أو أعطيه وأتكلم معه على الألوان كاللون الأحمر أقول له مثلاً رمانة، اللون الأخضر والأصفر تفاحة، الشجرة خضراء، هذا الذي يوصل له معلومات، بينما عندما نتكلم على المتلقي أقصد المتلقي العام القارئ، القصيدة والمختلف، الطفل أبعد من هذه الناحية، لأن وضعيته مختلفة.
الأستاذ جميل مرزا: إذاً نحن متفقون على هذا السؤال، الّذي يقودنا إلى السؤال الآخر، أطفالنا بشكل عام لا يقرؤون، ولأننا نكتب قصيدة فيها دندنة، نوصلهم إلى الأغاني ليستمتعوا بها فبهذا الشيء نحن نبعدهم عن القراءة، فما هي المحاولات الجادة التي تعرفها على مستوى الوزارة أو على مستوى النوادي الأدبية لغرس هواية القراءة في الطفل؟
الأستاذ علي الشرقاوي: حبيبي، قلت لك قبل قليل إن الطفل لا يقرأ دواوين شعر، لذلك أنا طالبت منذ مدة طويلة أن تكون القصائد ملحنة. الطفل يستمع إلى الأغاني، والأغنية تكون مصورة، وأنت تلاحظ الأغاني المصورة المؤداة بصورة جيدة توصل إلى الأطفال بسرعة، مثل أغنية نانسي عجرم لا أدري ما اسمها، ولكنها وجّهت إلى الأطفال، قد وصلت بسرعة. لذلك نوصل أعمالنا من خلال المسرحيات إلى الأطفال، نحن تقريباً في العام 78، عملنا على مجموعة أغانٍ وهو ديوان (شجرة الأطفال)، اشتغل عليه يعقوب يوسف، قمنا بتلحينه. السؤال أين المؤسسة التي ستوصل هذه الألحان إلى الأطفال؟ ماذا فعلنا؟ ذهبنا واشتغلنا ودخّلنا الأغاني كلها في عمل (أوبريت غنائي) سميناه علاء الدين، أدخلنا علاء الدين والمارد، وبعض الشخصيات من أجل أن نحوّل الأغاني إلى أوبريت أو مسرحية يراها الأطفال، صار العمل، ولم تصل المعلومات من خلال الكتابة أو من خلال الأغنية وصلت عن طريق الأوبريت، التي ما زال بعض الأطفال يردّدونها إلى الآن، فقط لأننا اشتغلنا عليه كمشروع على حسابنا وللأسف لم نستطع أن نواصل مرة ثانية، لذلك نحن نحلم أن نحوّل الكتابة إلى فعل، إلى نص، وإلى أغنية يراها الناس، مثلما نحوّل الروايات الآن إلى دراما تلفزيونية.
عريف الحفل: السؤال الأخير للدكتورة أميرة قشقري، تفضلي.
أسعد الله مساءكم وأهلاً وسهلاً بك أستاذنا الكبير علي الشرقاوي، جدة مزدانة اليوم بوجودك في اثنينيتنا الأثيرة المفضلة الحبيبة، التي دائماً تتحفنا بالكثير من الرواد في العالم العربي وعالمنا الكبير، في الحقيقة أنا ليس لدي سؤال، واسمح لي أن يكون لدي طلب إذا كان هناك متسع من الوقت، أتمنى الاستماع لبعض أشعارك وأن تختار مشهداً شعرياً يتقاطع مع المشهد السياسي وتسعدنا ببعض منها، وشكراً.
الشيخ عبد المقصود خوجه: لا، هذ الأمر يحتاج إلى وقت طويل، بالإضافة إلى أنني أتحفظ على بعض الأسئلة التي تطرح، من يريد أن يسمع عليه أن يقرأ، ومن الصعب أن نلبي إجابة سؤال كهذا، بصورة عامة.
الدكتورة أميرة قشقري: لا، أنا قلت إذا كان في الإمكان.
الشيخ عبد المقصود خوجه: لا، لا. السؤال هذا غير مطروح في أي أمسية، لأنه سؤال متسع ويحتاج إلى وقت ونوعية مختلفة. كما يصعب معها في وقت قصير أن نعطي الضيف حقّه في أن يقول ما لديه وأن يجتزئ القصيدة أيضاً، وفي الوقت ذاته يعدّ هذا ظلماً غير مقبول على الضيف.
 
طباعة
 القراءات :234  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 92 من 216
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالله بلخير

[شاعر الأصالة.. والملاحم العربية والإسلامية: 1995]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج