شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على سيدنا وحبيبنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته أجمعين.
الإخوة الأكارم، السيدات الفضليات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
لم تكن الشواغل المصيرية يوماً نزهة برية أسيرة مزاجية الآخرين كيفما تعددت مشاربهم، وتنوعت مراميهم، بل يتموقع سناها في دائرة الضوء لمن توهجت فيهم أنوار الحنكة، والحكمة، وسكنت جنباتها دوائر الاهتمام والرصد الصارم لكل مفرداتها، وحيثياتها، فمدت المناصب رأسها؛ لتظفر بمن هم أهل للتصدي لها قامةً وقيمةً، في مهمةٍ شاقة، مضى قبطانها يدير بوصلة قلعتها الكبيرة بثقة وتؤدة، معالي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام التاسع لمنظمة التعاون الإسلامي، ممثلاً لأكثر من مليار وستمائة مليون مسلم، وسبع وخمسين دولة في أربع قارات، يسعدنا الليلة بحضوره المتألق كعادته، تسبقه تطلعات الأصدقاء، والمحبين، والزملاء، الذين يسعدهم الاستماع إليه بمنأىً عن رسميات المناصب، ودهاليز المكاتب، وتأطيرات اللقاءات، وبروتوكولات المؤتمرات، فمرحباً به وبكم أجمل ترحيب ضيفاً عزيزاً علينا .
ومن حسن حظنا أن يكون على رأس الموجودين خير خلف لخير سلف، معالي الأستاذ إياد مدني الذي ترك بصماته المبرورة في وزارتي الحج والإعلام، فمرحباً به في منصبه الجديد أميناً عاماً للمنظمة، ولنا معه لقاء بمشيئة الله.
أيها الإخوة، معالي ضيفنا الكريم ليس طارئاً على اثنينيتكم، فقد غمرها بتواصل وطيد، وصداقة حميمة منذ أن حاز قصب السبق بتحرير شهادة ميلاد مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا) في إسطنبول، أحد أذرع منظمة التعاون الإسلامي. وباعتباره أكاديمياً معروفاً، وباحثاً لبقاً، حصد إعجاباً مميزاً باهتماماته التراثية، والبحثية، والتأريخية، توثيقاً، وتصنيفاً، وفهرسة للعديد من المؤلفات النادرة بالإنجليزية، والفرنسية، والروسية، والبلغارية، والبوسنية، واليابانية، والكورية، والمالاوية، فضلاً عن التركية والعربية، مثل: أستار الكعبة، وسيوف رسول الله صلى الله عليه و سلم، ومفاتيح الكعبة، وفنون الخط، وغيرها من المخطوطات القرآنية الفريدة، خدمةً للثقافة الإسلامية. وأحسب أن كثيراً من المثقفين وحملة مشاعل الفكر الإسلامي يثمنون عالياً الجهود الحثيثة التي بذلها ضيفنا الكبير لحفظ وصيانة تلك الدرر النفيسة، التي تعبر عن ضمير وكيان الأمة المؤمنة بتاريخها وتراثها، وتقف شواهد عصر على المؤثرات الإيجابية للحضارة الإسلامية على الحضارة الغربية، وتطور البشرية بصورة عامة. فمشروعه الكبير "تاريخ الشعوب الإسلامية"، يؤسس فكراً أخلاقياً مبدعاً لمنازلة ذوي الحجى، وتثبيت الدلائل التي من شأنها إزهاق التهم التي تُلصق بالإسلام والمسلمين.
كان رائده الإصلاح منذ أن خطبت ودّه الأمانة العامة للتضامن الإسلامي، كأول أمين منتخب عام 1426هـ/2005م، أي قبل ثماني سنوات، فاتخذه شعاراً استراتيجياً، ونقطة ارتكاز جوهرية، تتدثر به هيئاتها، ومكوناتها، ومنظماتها، وتفاصيل تكويناتها، بوسطية متوازنة متزنة لا تحيد، واعتدال قويم، في غير اضطراب، أو ابتسار لمرحلة أو موقف أو طارئ، تحديثاً لكل مفاصل أجهزتها، وشعابها، وحواشيها. فمن خلال هذين المفهومين الجميلين اللذين تتسق معهما القيم الراقية، والممارسات الدولية الراسخة كحرية التعبير، واحتـرام حقـوق الإنسان، وتمكين شقائق الرجال من المشاركة العملية في كافة الصعد التي تحفظ لها كينونتها وكرامتها، والعمل على كفالة حماية حقوق الأقليات، ترك بصماته الواضحة في مسيرة المنظمة الدولية، وفق ما يراه وفريق أركان منظمته من تدابير تعين ولا تعيق، تنمو ولا تتثاءب، في إطار من الحيوية الديناميكية. اتخذ إجراءات علمية وعملية، ومارثونات دؤوبة، أدت في مجملها إلى إحداث نقلة نوعية مهمة في خارطة عمل المنظمة، فانتقلت عملياً وشكلياً من فكرة "التضامن" التصوري إلى "التضامن العملي"، وفق مخطط عشري نهض به من خلال برنامج عمل مؤطر وجاد، بدءاً من اعتماد ميثاقها الجديد الذي لقي ترحيباً كبيراً من المهتمين بشأنها، فضلاً عن إنشاء لجنة تنفيذية من ذوي الكفاءات الثقات، تتحمل المسؤولية بكل كياسة وسياسة. كما عمل على ضخ الدماء في إدارات جديدة في جسد المنظمة: إدارة الشؤون الإنسانية، وإدارة شؤون الأسرة، وإنشاء مؤسسات جديدة كالهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان، ومنظمة العلوم والتكنولوجيا والابتكار، والجهاز الخاص بالنهوض بالمرأة، مما أضفى على المنظمة حيوية دافقة، وأهمية متعاظمة، انعكست إيجاباً على مناخها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والقانوني، والسياسي.
إن ما حظي به معالي ضيفنا الكريم من اعتراف دولي بدوره الكبير في تجسير الهوة بين الثقافات في العالم الإسلامي من جهة، والغرب من جهة أخرى، وإسهامه في دراسة تاريخ العلوم بوصفه مؤرخاً للعلوم ذا شهرة عالمية، وتشجيعه وتعزيزه الوعي بالثقافة، والفنون، والتاريخ الإسلامي عبر العالم، والتراث العمراني والمكتوب للحضارة الإسلامية في شتى الأقطار، وما أثرى به المكتبة التراثية الثقافية الإسلامية بمؤلفات وثائقية حيادية حول تأريخ الشعوب الإسلامية قاطبة، آملاً أن تترك بصماتها الواضحة، ومؤثراتها الإيجابية في عقل ووعي الآخر الذي يعرف أن القيم المنطقية، والأساليب العلمية، والجدلية البحثية، مفاتيح المعارف، والقناعات، والتوافقات بعيداً عن الشعارات البراقة، والعبارات الرنانة، والتنميقات الجدباء.. كل هذا وذاك جعله يحظى بأعلى الجوائز، والميداليات المدنية، وشهادات الدكتوراه الفخرية من مختلف أنحاء العالم.
عرفناه حاملاً لهموم السلم العالمي في حقيبة جابت كثيراً من البلدان، التي يأنس فيها ترويجاً لفهم صحيح لماهية وكنه وأهمية الحضارة الإسلامية لدى الآخر؛ درءاً لمفاهيم مغلوطة، وفتن موضوعة، وأحابيل مكشوفة، فسلكت في سبيل ذلك قوافل جهده، وصبره، مسارات، وشعاباً، وطرقاً لاقى ما يلاقيه من نتوءات، وبثورات، استطاع أن يتجاوز جلها بتناغم وتناسق الذين آزروه وعاضدوه، فكان له ما أراد من انفتاح على الآخر، واحتكاك بأوساط في أعلى مستوياتها، من علماء، وسياسيين، وأكاديميين، لأنه يؤمن أن دوره المفصلي يتطلب مرونة، وسعة، واندياحاً، وتعاطفاً، وتواضعاً، وصولاً إلى ما يصبو إليه، تعزيزاً ودعماً لأواصر الأخوة.
ونظراً للشهرة التي اكتسبها في المؤسسات الأكاديمية الغربية والشرقية، والدوائر العلمية، باعتباره رجل آداب، فقد ظل منذ أربعة عقود يشارك في المؤسسات الرائدة في البلدان الإسلامية والغربية، مفتخراً بمواطن قوة العالم الإسلامي، يطرح بموضوعية الحاجة الماسة إلى إصلاحات اجتماعية واقتصادية، وصولاً للتقدم، ولتوزيع ثمار التنمية على عموم الناس، كما لم يتردد قط في التحمس لدعم الأقليات المسلمة، واحترام حقوق الإنسان على المستوى العالمي، وهي قضايا دافع عنها بقوة في كتاباته وخطاباته.
وقد ظل يسعى لتحقيق معرفة وفهم أفضل للإسلام وثقافته وحضارته في الغرب وفي جميع أنحاء العالم. فجادل من خلال دراسات موضوعية كيف يمكن للقواسم المشتركة بين الحضارات، أن تكون سبباً لبناء تفاهم عالمي بين أتباع الأديان والثقافات، عوضاً عن عرض الاختلاف.
مرةً أخرى نرحب بمعالي ضيفنا الكريم، آملاً أن نلتقي الأسبوع القادم لتكريم الأستاذ الدكتور أبو بكر أحمد باقادر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز، وكيل وزارة الثقافة والإعلام سابقاً، وله أكثر من 30 مؤلفاً في علم الاجتماع. وإلى الملتقى أتمنى لكم أطيب الأوقات وأسعدها..
طبتم وطابت لكم الحياة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه مؤسس "الاثنينية"، وقد تفضل مشكوراً بإلقاء كلمته الترحيبية.
أود أيها السادة والسيدات أن أشير إلى أنه بعد أن تعطى الكلمة لفارس أمسيتنا هذه الليلة ستتم محاورته عن طريق الأسئلة، والتي كما تعودنا في "الاثنينية" أن تقوموا بإلقائها مباشرة على أن يكون سؤالاً واحداً لكل متسائل أو متسائلة، يعرِّف السائل أو السائلة باسميهما ثم مهنتهما أيضاً ويطرح السؤال مباشرة حتى تتاح الفرصة لأكبر عدد ممكن من الإخوة والأخوات. كلمات تتحدث عن ضيفنا هذه الليلة نبدؤها بكلمة لمعالي الأستاذ إياد أمين مدني، الأمين العام الجديد لمنظمة التعاون الإسلامي فليتفضل.
 
طباعة
 القراءات :608  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 216
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج