شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المستعرب (بيم) ونهاية مرحلة ..!
نشكو كثيرًا من عدم تفهم الآخرين لقضايانا وخصوصًا القضية الفلسطينية وكذلك من تحيز الإعلام الغربي للكيان الصهيوني؛ ولكنّنا نغفل أيضًا، وفي كثير من الأحيان عن عدم مبالاة، عن إيلاء الاهتمام الكافي لأولئك الذين يقفون بجانبنا داخل المؤسّسات الغربية بكافّة أشكالها، وقد أشرت في هذه الزاوية قبل شهور لواحد من أبرز السّاسة البريطانيين بعد رحيله وهو إيان غيلمور Ian Gilmour، فلقد كان المتحدّث باسم وزير الخارجيّة في مجلس العموم البريطاني 1979-1981م، وكان مناصرًا للقضيّة الفلسطينيّة، وكان توجّهه مضادًا لتوجّه زعيمة حزب المحافظين ورئيسة الوزراء آنذاك مارجريت تاتشر؛ حيث كانت تمثّل الدائرة اليهودية فنشلي Finchley، وانعكس هذا التمثيل على ميولها السياسيّة والدينيّة على حدٍّ سواء، وأضحت وزارات هامّة في حقبتها السياسيّة مثل الدّاخلية والمالية والتّعليم والعمل حكرًا على شخصيّات يهوديّة معيّنة، وفقد غيلمور منصبه، خصوصًا بعد موقفه المتماهي مع وزير الخارجية اللورد بيتر كارنقتون Carrington في نقد عنيف وجّهاه لإسرائيل بعد ضربها للمفاعل النّووي العراقي، واستقال كارنقتون عام 1982م فيما عرف في أدبيات السياسة بـ"نقطة شرف"، وقد خلفه في هذا المنصب الهام شخصيّة سياسيّة مستقلّة في رؤيتها للصّراع العربي- الإسرائيلي وهو فرانسيس بيم Francis Pym، وكان بيم قد تولّى مناصب سياسيّة هامّة في حكومة إدوارد هيث Edward Heath، 1970-1974م وعندما خسر هيث انتخابات عام 1974م لعوامل عدّة منها؛ تحزّب اللّوبي اليهودي ضدّه في حزب المحافظين لموقفه الرافض للحلف الاستراتيجي بين أمريكا وإسرائيل أثناء حرب أكتوبر 1973م ورفضه -أي هيث- للطائرات الأمريكية التزوّد بالوقود في المطارات البريطانية وهي تحمل عتادًا عسكريًّا متطوّرًا لضمان تفوّق إسرائيل في حربها مع جيرانها العرب آنذاك؛إلا أن بيم ظلّ على وفائه لمبادئه بعد فوز تاتشر بانتخابات عام 1979م،حيث اختارته وزيرًا للدفاع، ثمّ وزيرًا للخارجيّة،وهي المحطة الأخيرة في حياته السياسيّة،حيث اصطدم بيم مثل سلفه غيلمور مع تاتشر أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982م، حيث رفض مبرّرات إسرائيل لذلك الغزو وما تبعه من مجازر وحشية، وعبّر بيم في مرحلة لاحقة وعندما كتب مذكراته السياسية الموسومة:(30:1984-(The Politics of Can sent. Hamish Hamilton.td. 29 عبّر بصراحة ووضوح عمّا كان يجري خلف الكواليس مع تاتشر وحليفها المحافظ الجمهوري رونالد ريجان، وتعرّض بيم لاستغلال إسرائيل فيما يسمى الحاجة إلى الأمن والوصول بهذا الشعور إلى مرحلة الغرور والصلف، مشيرًا إلى أنّ العرب لديهم الاستعداد الكافي لقبول السّلام شريطة أن تكفّ إسرائيل عن طموحاتها السياسيّة المتمثلة في توسيع رقعة حدودها على حساب جيرانها العرب، كما أشار بيم إلى إنّه من غير المعقول أن يقبل 120 مليون عربي هذا المنطق الإسرائيلي الشّاذ، ولقد استشرف فرانسيس بيم الأفق قبل أكثر من ربع قرن من الزمن، فأبدى تخوّفه على منطقة الشرق الأوسط من الصلف الإسرائيلي.
رحل بيم الذي أضحى يحمل لقب (لورد) منذ عام 1987م، ولولا مقالة كتبها المحرر السّياسي لصحيفة الويكلي تيلغراف Weekly Telegraph الأربعاء 12-18 مارس 2008م، لما عرفت برحيله، والذي يمثّل من وجهة نظري غياب واحد من أكبر السّاسة البريطانيين الذين عرفوا تاريخيًّا باسم (المستعربون)، وهو مسمّى انبثق عن انخراط هذه الشخصيّات ليس سياسيًّا فقط ولكن فكريًّا وثقافيًّا في الشّأن العربي وقضاياه، وكانوا يمثّلون أصواتًا قويّة ومعتدلة تمثّل المصلحة البريطانية المجردة، بعيدًا عن نزعة الولاء المزدوج التي وجدت عند البعض الآخر؛ فكان ولاؤهم لإسرائيل مقدّمًا على سواه.
 
 
طباعة
 القراءات :186  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 35 من 100
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج