شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جيل بلا أساتذة أم أساتذة بلا إنتاج ..؟!
طرح الزميل الكريم الأستاذ سعد الحميدين في زاويته بثقافة الرياض سؤالاً هامًا مؤداه هل نحن جيل بلا أساتذة، وكانت إجابته تميل إلى أن هناك جيلاً من الرواد أسس للثقافة المعاصرة، وهو رأي يميل إليه الكثير اعترافًا بصنيع الرواد الأوائل في جميع أرجاء الوطن، إلا أنني أستعيد مقولة للأديب والكاتب المعروف الدكتور عبدالله مناع مؤداها أن تلك الأجيال نشأت على سماع أسماء رواد كان معظمهم أو بعضهم على الأقل بلا إنتاج مطبوع بين يدي القراء، وعندما سألت الدكتور مناع عما يعنيه بذلك أجابني بأن شاعرًا كبيرًا مثل حسين سرحان لم ينشر ديوانه الأول (أجنحة بلا ريش) إلا في نهاية الثمانينيات الهجرية وبمبادرة من الشيخ حمد الجاسر، وأن كتاب الأستاذ عبدالسلام الساسي (الشعراء الثلاثة) ظل المصدر الوحيد لشعر شاعر متميز مثل حمزة شحاتة ولم يجمع ديوانه الشعري إلا بعد وفاته وبمبادرة من سمو الأمير عبدالله الفيصل -رحمهم الله جميعًا- وأزيد على ما ذكره الدكتور المناع وهو أكثر خبرة ودراية لاختلاطه بجيل الرواد بأن ديوان الشاعر والفقيه ضياء الدين رجب لم يطبع هو الآخر إلا بعد موته المفاجئ وبمبادرة من الأمير -نفسه- كما أن الشاعر حسين عرب ـ وهو من الشعراء الذين قال حمزة شحاتة في حقهم مشيدًا بمكانتهم الأدبية- عندما قدم لكتاب المرحوم الساسي (شعراء الحجاز في العصر الحديث) والذي ظهرت طبعته الأولى في سنة 1370هـ/ 1951م لقد قال شحاتة بأسلوب الساخر (وبعد.. فإن من شعراء هذه المجموعة من لا يفخر الحجاز ـ وحده ـ بهم بل ويتيه في كل بلد عربي وهم السرحان، وعواد وقنديل وحسين عرب وأشباههم في معظم السمات وفي بعضها دون جملتها)، نعم.. إن ديوان الشاعر حسين عرب لم يخرج إلا في أخريات حياته وبمقدمة كتبها الأستاذ الدكتور عبدالله الغذامي، وضاع معظم شعر محمّد عمر عرب وهو شاعر مجدد بين مجايليه وكذلك شعر الشيخ إبراهيم فطاني، كما أن ديوان الشاعر السيد عبيد مدني لم يطبع بأجزائه الثلاثة إلا بعد وفاته وبمبادرة من أبنائه البررة مع أنه كان مع رفيق دربه الشيخ المؤرخ عبدالقدوس الأنصاري ممن حملوا راية التجديد في بيئة المدينة المنورة منذ الخمسينيات الهجرية وظل ديوان الشاعر محمّد عامر الرميح (جدران الصمت) عملة نادرة، لمن يريد الاطلاع عليه وقد أسدى كل من الأستاذ الأديب عبدالله بن إدريس، والأستاذ الدكتور حسن الهويمل والدكتور بكري شيخ أمين، خدمة جُلَّى للأدب السعودي بتعريفهم بالشاعر ومساهماته المتقدمة في الحركة التجديدية في أدبنا المعاصر.
كما أن كثيرًا من إنتاج الأستاذ محمّد عمر توفيق لم يبصر النور إلا بعد وفاته وبمبادرة من جامعة أم القرى على عهد مديرها الأسبق معالي الدكتور سهيل قاضي، مع أن الأستاذ محمّد عمر توفيق ساهم في الحركة الفكرية والأدبية منذ يفاعته عندما كان يكتب تحت اسم مستعار في صحيفة المدينة إبان صدورها سنة 1356هـ، وظل كذلك كثير من إنتاج الأديب والناقد الكبير عبدالله عبدالجبار بعيدًا عن الأيدي، وقد قامت أخيرًا دار الفرقان وبرعاية من معالي المفكر أحمد زكي يماني بجمع كامل أعماله وطباعتها، ويحمد لمعالي السيد إياد مدني تشجيعه لهذه المبادرة الكريمة.
كما يحمد للأستاذين الكريمين عبدالله فراج الشريف ومحمّد سعيد طيب جهودهما المثمرة في جمع ما تفرق من تراث الأستاذ وبمؤازرة من بعض الدارسين في الأدب السعودي.
ولولا جهود الأستاذ محمّد صالح البليهشي لظل إنتاج الأديب والناقد عبدالعزيز الربيع في طي النسيان فقد أخرج مقالاته ودراساته الأدبية في عدة أجزاء صدرت عن نادي المدينة الأدبي.
إلا أن نقرأ أُخَرَا من أدبائنا وروادنا سعوا إلى نشر إنتاجهم مبكرًا، مثل الرائد محمّد حسن عواد الذي صدر عمله النقدي المتميز (خواطر مصرحة) في عام 1345هـ، وكذلك أساتذتنا الأفاضل حمد الجاسر، وعبدالقدوس الأنصاري، ومحمّد سعيد العامودي، وأحمد عبدالغفور عطار، وأمين مدني، وعبدالله بن خميس، ومحمّد العقيلي، وعبدالله بن إدريس، ومحمّد حسين زيدان، وعبدالكريم الجهيمان، وأحمد السباعي، وأحمد محمّد جمال، ويحيى المعلمي، وعاتق البلادي، وأحمد قنديل، وسعود البواردي، وعبدالعزيز الرفاعي، وعبدالفتاح أبومدين، ومحمّد عبدالقادر فقيه، ومحمّد هاشم رشيد، ومحمّد ناصر العمودي، وعبدالسالم هاشم حافظ، وأبوعبدالرحمن بن عقيل، ومحمّد علي السنوسي، وحسن القرشي، وطاهر زمخشري، وحامد دمنهوري وسواهم، ولابد ـ هنا ـ من الإشادة بدور الأستاذ الأديب عبدالمقصود خوجه الذي أخرج عددًا من الأعمال الكاملة لبعض أدباء جيل الرواد مثل: أحمد إبراهيم الغزاوي، وعزيز ضياء، ومحمّد حسين زيدان، وعبدالوهاب آشي، وأحمد العربي، وعبدالحق نقشبندي، وإبراهيم فودة، ولآخرين من الأجيال اللاحقة مثل: علي أبوالعلا، ومحمّد صالح باخطمة، وعبدالله عبدالرحمن جفري وفاروق بنجر، وسالم باعطب وسواهم.
في مقالتي السابقة بملحق الأربعاء الأغر الموسمة (أمين مدني والدور العلمي لمدرسة المدينة التاريخية) ذكرت أن الموسوعية كانت سمة بارزة في إنتاج كثير من جيل الرواد، وهو جيل سعى لتثقيف نفسه بنفسه، كما أنه الجيل الذي استسقى كثيرًا من العلوم الدينية والأدبية في حلقات العلم بالحرمين الشريفين في مكة والمدينة، أو في المساجد والجوامع المعروفة بالمناطق الأخرى من أرض الوطن وأن هذا الجيل لم يعرف ذلك الانفصام الذي برز لاحقًا بين الثقافيتين الدينية والأدبية وأشرت إلى دور حلقة أبوالطيب الأنصاري وحلقات أخرى في المسجد النبوي في بعث حركة فكرية وأدبية فاعلة، وكذلك الأمر بالنسبة لحلقات بعض علماء الحرم المكي الشريف.
من أمثال أصحاب الفضيلة المشائخ محمّد العربي التباني، وحسن المشاط، وحسن يماني، وعبدالله بن حميد، وعلوي المالكي، ومحمّد أمين كتبي، ومحمّد المانع، ومحمّد عبدالرزاق حمزة، ومحمّد الفاداني، وكان بعض من هؤلاء يدرس بمدرسة الصولتية والبعض الآخر بمدرسة الفلاح والآخر بدار العلوم أو بدار الحديث فهذه الحلقات وسواها فتحت آفاقًا معرفية هامة أمام الأجيال المتلاحقة ولعل في هذه المرجعية القوية والمتعمقة والمتعددة الرؤى أسهمت إلى حد كبير في طبع جيل الرواد بسمة الموسوعية في الثقافة والفكر؛ وهي سمة افتقدناها في الأجيال اللاحقة وربما كان لبروز عامل التخصص في فن أو علم بعينه دور في اختفاء تلك السمة التي كان فيها مفكرونا وأدباؤنا لا يقلون فيها شأوًا ومنزلة عن نظرائهم في العالمين العربي والإسلامي.
 
 
طباعة
 القراءات :262  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 85 من 107
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج