شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هشام حافظ ومسيرة من العينية في المدينة لشارع الصّحافة في لندن ..!
في منتصف الخمسينيات الهجريّة شهدت المدينة البلد ميلاد (المدينة) الصّحفية، وكان خلف هذا العمل رجلان قدِما من حلقات العلم في الحرم النّبوي الشّريف ومنتديات الأدب فيها آنذاك، مثل نادي المحاضرات؛ وهما السيّدان علي وعثمان حافظ. وأدّت الصحيفة دورًا وطنيًّا هامًّا، وكثير من القضايا الهامّة كانت جريدة المدينة خلفها؛ مثل توسعة المسجد النبوي الشريف الأولى في بداية التسعينيات الهجرية. وكانت المهاد الذي احتضن إنتاج كثير من روّاد الأدب في بلد الطهر والإيمان من أمثال: السيدين عبيد وأمين مدني، وضياء الدين رجب، ومحمّد حسين زيدان، وعبدالحق نقشبندي، وعبدالحميد عنبر، وعبدالرحمن رفّة، وعبدالسّلام هاشم حافظ، وحسن الصّيرفي، ومحمّد العامر الرميح، ومحمّد حميدة، ومحمّد هاشم رشيد، ومحمّد كامل خجا، وماجد الحسيني؛ بل إنّ رائدًا مثل الأستاذ محمّد عمر توفيق برز اسمه كأديب وكاتب على صفحات هذه الجريدة، وكان نقده لآراء محمّد حسن عواد والتي كان ينشرها آنذاك في الصحيفة وراء شهرته الأدبية.
في شارع العينية وعلى يمين الصّاعد من جهة الحرم النّبوي، وهو الشّارع الذي افتتحه فخري باشا قائد المدينة العسكري في أواخر العهد العثماني، نعم في منتصفه كان يقع مبنى صحيفة المدينة، والذي أصبح في ما بعد معرضًا لبيع الأدوات الكهربائيّة ويملكه آل الرميح.
على وقع كلمات الإيمان المنبعثة من منائر مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وبين عجلات المطابع التي جلبها الرائدان علي وعثمان حافظ لطباعة الجريدة التي كانت تمثّل حلمًا كبيرًا لهما، شهد الشابان هشام ومحمّد علي حافظ طلعتهما الأولى، وقد أدركا في بداية الثمانينيات أنّ الجريدة آنذاك بحاجة إلى نقلة جديدة تواكب إيقاع العصر، فانتقلا بها إلى مدينة جدة، وفي رأيي أنّهما بهذه الخطوة قد بعثا الحياة من جديد في الصحيفة التي تحمل رمز الإيمان "القبة الخضراء"، على ساكنها أفضل الصّلاة والسّلام، والمنارة الرئيسة المطلّة على دور العشرة، وباب جبريل، ودار أبي أيوب الأنصاري وربوة آل البيت في بقيع الغرقد.
يحمد للرّاحل هشام حافظ استشرافه لآفاق الصّحافة الحديثة؛ فكان ميلاد صحيفة الشرق الأوسط في أواخر السبعينيات الميلادية كصحيفة تطبع في لندن وفي عدد من عواصم العالم العربي، وبهذا فتحا الباب واسعًا أمام الصّحافة المهاجرة أو الدولية، واتّسع الميدان ليشمل مطبوعات أخرى تساهم في نشر الأدب والمعرفة والثقافة، ويحتفظ التاريخ في بلادنا بأن هشامًا كان واحدًا من الكُتّاب الذين عرفوا بالجرأة في طرح الرأي؛ سواء اتفق النّاس مع هذا الطرح أم اختلفوا معه.
اعتزل السيد هشام الحياة في السنين الأخيرة، وقد أهديته أحد مؤلفاتي المتواضعة عن المدينة فأجاب برسالة كان يبثّ فيها حنينه، ولا أبالغ إذا ما قلت إنه كان يعبّر من خلال ذلك الحنين عمّا تجيش به نفسه مع آلام يتعرّض لها كلّ الروّاد، وقد شهدت الأستاذ محمّد حسين زيدان في أخريات حياته يبكي ويتمتم بكلمات مؤثّرة يقول فيها: (كنت أعيش حياة الترف فأصبحت أعيش حياة القرف)، وربما كان شجن المرحوم "هشام"، ونحيب "الزيدان"، وحرق "شحاتة" لما يبدع شعرًا ونثرًا مرده إلى ما يعتري النّفوس الكبيرة من آلام، وربّما عبر الزيدان، الرفيق في الدرب للسيدين علي وعثمان حافظ، خير تعبير عن ذلك عندما قال: (المجتمع دفَّان)!.
رحم الله هشام حافظ، والعزاء لرفيق دربه، ومن سوف يكون الأعظم تأثرًا لفقده السيد محمّد علي حافظ، ولآل حافظ، ولأرباب الكلمة الذين عايشوا السيد هشام كاتبًا وناثرًا. ولعله بفقده تطوى صفحة هامة من تاريخ صحافتنا المحلّية والصّحافة الدوليّة على حدٍّ سواء.
وعلى الذين عايشوه أن يدوّنوا ما يعرفونه عن هذا الرّائد، وعن حقبة هامّة مليئة بالأحداث والانعطافات في دنيا الصّحافة والفكر.
 
طباعة
 القراءات :209  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 47 من 107
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج