شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ عبد العزيز السريّع))
بسم الله الرحمن الرحيم، أجد نفسي في حالة ارتباك، على الرغم من أنني تعوّدت في مواقع العمل أن أكون شجاعاً وغير هياب، اعتلي المنصة وأتحدث وأتكلم. ولكن أجدني اليوم عاجزاً أمام هذه الكلمات الطيبة، وأمام هذا التكريم، وأمام هذا الجمع الطيب. لقد عرفنا أستاذنا وشيخنا الجليل عبد المقصود خوجه أفضالكم من فترة طويلة، وما هذه ((الاثنينية)) سوى محفل ثقافي عربي صميم لا يتحيز إلا للجيدين والمتميزين. وأنا فخور بأن أنضم إلى سلسلة من أصحاب الشأن في موضوع الثقافة والفن والعلم. فقد كرّمت ((الاثنينية)) عدداً كبيراً من هؤلاء الرجالات والسيدات الفضلاء الذين كان لهم دور، أو أدوار. ويبدو أني انضممت إلى هذه المجموعة، وهذا موضع اعتزاز بالنسبة إليّ. لذا أحيّي ((الاثنينية))، وأقدر اهتمامها بتكريمي. وأعد بأن يكون هذا التكريم تاجاً على رأسي، وأرجو أن أكون جديراً به. وأبدأ حديثي، وأرجو ألا أطيل فيه عليكم.. ولكن بناء على طلب من الإخوان سأتحدث عن تجربتي عن طريق القص، لذا سأقص على مسامعكم بعض القصص والطرائف التي مرت بي في الفترة التي عملت فيها في قطاع المسرح، خصوصاً منذ 13 مايو 1963م. فهذا التاريخ مهم بالنسبة إلي، وهي مصادفة جميلة أن يتم تكريمي اليوم. فعندما أُبلغت بأن تكريمي سيجري يوم 13/5، أحسست بأن هذا شيء طريف وجميل ومثير أن مضت خمسون عاماً على تجربتي. ولعل هذا من فضل ((الاثنينية)) وفضل الشيخ عبد المقصود خوجه، وأرجو أن أكون جديراً بذلك.
لا شك في أن عام 1963م سبقته أعوام كنت أرتاد فيها دور العرض المسرحي في الكويت. فكنت أشاهد محمد النجمي في مسرحياته الاجتماعية الانتقادية، وكنت أتابعها باهتمام.. وبحكم التقاليد التي كانت سائدة في المسرح، في ذلك الزمان (الأعوام) 56/57/58/59/1960م، فكانت عروض المسرح الشعبي التي يتصدى لها الأستاذ محمد نجم -رحمة الله عليه- مع مجموعة زملائه ورفاقه، تمثل الطابع الانتقادي للحياة العامة في البلد. وكان المسرح على بساطته يقام في مسارح المدارس، ومثل مسرح صلاح الدين ومسرح أبي بكر الصديق. وكانت الدقات التقليدية تسبق رفع الستارة قبل بدء العرض المسرحي. وكنت أحس وهي تُرفع وأنا أراقب الدقات، بأنها تضرب في قلبي، وعندما تنفرج الستارة أكون مأخوذاً شأني شأن باقي المتفرجين المولعين بالمسرح.
كنت أتفرج وأستمتع، ولكن لم أكن أكتفي بمشاهدة عرض واحد، بل كنت أحضر العروض كلها. وفي عام 1959م تعرّفت إلى زميلي صقر الرشود، فتزاملنا في العمل في دائرة المعارف. وفي أثناء تعارفي به علمت بأن لديه اهتمامات بالمسرح، وأنه قدّم للمسرح الشعبي مسرحية، فذهبت لمشاهدتها، وتوثّقت علاقتي به. وفي عام 1963م شارك مع مجموعة من رفاقه في تأسيس فرقة مسرح الخليج العربي، ودعاني إلى الانضمام، فانضممت إليها على الفور. وهكذا بدأت مسيرتي المسرحية.
لاحظت من الأعمال التي قُدّمت في البداية، أنّ النقص ليس في المؤلف، وليس في المخرج، ولا في الممثل، بل كان النقص في الكاتب وعدم وجود نصوص جاهزة. فعكفت على كتابة نص، وأنا لا أعلم إن كان سيكون صحيحاً، يعني بحسب الأصول المطلوبة... المهم أنني كتبت لنفسي، وبمعزل عن أي تأثير مباشر من الزملاء. وعندما أنجزت العمل سلّمته لزميلي صقر الرشود الذي قدّر بعد قراءته بأنه عمل جيد وصالح. وأخذه بالفعل إلى لجنة الرقابة، فأجازته. والطريف أن لجنة الرقابة سألوا عن كاتب النص، وطلبوا مقابلته. وأذكر أن الأديب الكبير أستاذنا عبد الرزاق البصير -رحمة الله عليه- كان من أعضاء لجنة الإجازة. فذهبت وتعرف إليّ، وشجعني بكلمات طيبة، غير أن هذه المسرحية لم تُقدّم في النهاية لأنها كانت قاصرة عن ما هو مطلوب في تلك الفترة، فاستعدتها وكتبت مسرحية غيرها. وأعدت كتابة المسرحية الأولى وقدمتها لأول مسابقة في تاريخ الكويت للتأليف المسرحي، وهي المسابقة التي نظمتها وزارة الشؤون الاجتماعية، بإشراف الأستاذ زكي طليمات عام 64م. وكانت المفاجأة السارة أنها فازت بالجائزة. صحيح أنني في حينها لم أكن راضياً عنها جداً، ولكن إذا قُدّر لهذه المسرحية الفوز، بجائزة الكتابة، فهذا يعني أنه لا يوجد من يكتب في الكويت. وكتبت هذا الرأي في الصحيفة التي كنا نصدرها في الفرقة، حتى أنني اعترضت على مبدأ طباعتها لما طلبت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن تطبعها، فرفضت ولم أطبعها إلا بعد ذلك بسنوات طويلة. ففي البداية قدّرت أنها عمل بسيط لا يستحق كل ذلك. ولكن هذه الجائزة حفّزتني طبعاً على الاستمرار بالكتابة. وأما مبلغ الجائزة، فكان بالنسبة إلي مبلغاً كبيراً، وأنا شاب صغير في مقتبل العمر ومتزوج حديثاً، وكان لدي ابني منقذ وأخته، فاستفدت منه فأخذت عائلتي في رحلة بالسيارة إلى العراق وسوريا والأردن وفلسطين، قبل احتلالها، وزرنا القدس والخليل، وصلينا في الحرم الإبراهيمي، كما زرنا نابلس ورام الله، ومكثنا في رام الله ثمانية عشر يوماً، لا أزال أذكرها بكثير من الود. وانتقلنا بعد ذلك إلى سوريا، وإلى لبنان، ولم تكلفني هذه الرحلة حتى نصف المبلغ الذي حصلت عليه من الجائزة.
بعد ذلك استمررت في الكتابة للمسرح، وانشغلت أيضاً بإدارة الأمر المسرحي.. لكن أسمحوا لي أن أعود بكم إلى بداية المسرح في الكويت. فالمسرح نشأ من الناس، فقد كان لديهم إحساس بأن المسرح قد يؤدي وظيفة اجتماعية مهمة جداً، فأقبلوا عليه. وكان الشيخ العلامة الجليل عبد العزيز الرشيد -رحمة الله عليه- وهو رجل دين بارز، أول رائد لبدايات المسرح في الكويت. فقد فكر بالمسرح، وألّف حوارية مسرحية، وطبعها في مكتبة الأديب في بغداد عام 1922م، أي قبل حوالى تسعين سنة، وقدّمها في المدرسة الأحمدية، وشارك في عرضها نخبة من الذين أصبحوا بعد ذلك من رجالات الكويت البارزين الذين سيّروا أمورها، وكانوا طلاباً بالمدرسة الأحمدية. وفي عام 1936م لما جاءت البعثة التعليمية الأولى من فلسطين، وكان فيها الأستاذ محمد محمود نجم، وعبد اللطيف صالح، ومجموعة من الأساتذة الأفاضل، كان لدى أعضائها اهتمام بموضوع النشاط الطلابي غير التعليمي، أي النشاط الإضافي الذي يوسّع مدارك الأولاد وينبههم إلى أشياء أخرى غير التحصيل الدراسي الطبيعي، فكان لديهم اهتمام بالفنون والموسيقى ومسرح الغناء،والرسم، وغيرها من الفنون، ومن هنا بدأوا بالتفكير والعمل، فعمل الأستاذ محمد محمود نجم مسرحية إسلام عمر، أو عمر بين الجاهلية والإسلام، وقد قُدمت جميع المشاهد التي قرأناها في السيرة في هذه المسرحية. بدأ العمل عليها، وكان أحد الممثلين فيها صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد -رحمة الله عليه- حاكم الكويت السابق، فقد كان من طلاب المباركية، كما شارك فيها عدد كبير من وجوه الحركة السياسية والثقافية والأدبية بالكويت الذين كانوا طلاباً، منهم حمد الرجيب رائد المسرح الأول في الكويت. وكانت المسرحية تتضمن حواراً فيه عبارات تشير إلى أن أحد الحضور أيام خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه كان يستمع إلى خطاب يتحدث فيه سيدنا عمر لرعيته، ويقول فيه ما معناه - طبعاً أنا لا أحفظ النص بدقة- أنه إذا أنا أحسنت ساعدوني، وإذا أنا أخطأت قوموني، فنهض أحدهم وقال له لو أخطأت قومناك بسيوفنا. طبعاً لما شاهد أعضاء مجلس المعارف هذا الحوار في العرض، قبل أن يدعوا الحاكم لحضوره، وقبل أن يدعوا الناس، شعر أفراده بالحرج، فانقسموا إلى قسمين قسم رافض وقسم موافق. وكانوا خمسين لخمسين، يعني نصف/ نصف، فوقف رئيس المعارف آنذاك، الشيخ عبد الله الجابر وقع في حرج واقترح أن يذهب هو إلى لحاكم ويبين له الموقف. والسبب في ذلك أن سنة 38/39 كانت سنة المجلس، وكان ثمة صراع سياسي قوي جداً، على إثره حُلّ المجلس (النيابي) على إثر ذلك. وطُرد الناس، بعضهم قُتل، وبعضهم سُجن، وبعضهم نُفي، وبعضهم هرب. فكانت الحادثة قريبة عهد، واعتبر أنه قد يُساء فهم الكلام، ويكون فيه نوع من الإسقاط أو الإيحاء بأن المقصود به هو الحاكم. أو شيء من هذا القبيل. فذهب الشيخ عبدالله الجابر إلى الحاكم الشيخ أحمد الجابر -الله يرحمه– وشرح له الوضع، فسأله الأمير إن كان هذا الكلام فعلاً من السيرة، وأن عمر بن الخطاب قاله، أم أن الكلام من واضعي المسرحية، فرد عليه الشيخ عبد الله الجابر بأن هذا من السيرة، وأنه لا يجرؤ على تغيير السيرة.. وفعلاً عُرضت المسرحية، ولاقت صدىً، حتى من الأمير الشيخ أحمد الجابر -رحمة الله عليه- الذي أمر بأن يشاهدها الناس، وطلب من المقتدرين أن يشتروا التذاكر للناس، حتى يتمكنوا من مشاهدتها. وبالفعل أقبل الناس على مشاهدتها بكثافة.
لقد كانت لهذه المسرحية فوائد عديدة، منها أنها أسست لذهنية متفرج.. المتفرج الذي يتفرج على العرض المسرحي، فقد أحس بعض الذين شاركوا فيها بأهمية المسرح، وبدأوا يولونه عناية، وواصلوا تقديم العروض. وصادف أن كان من بين هؤلاء حمد الرجيب الذي تولى منصب وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أو أنه أصبح مدير دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، وقد عمل من خلال هذا الموقع الكثير جداً للمسرح، وكان هو من استقدم الأستاذ زكي طليمات، وأعطاه فرصة كتابة تقريره الشهير الذي دعاه لتنفيذه بعد ذلك بسنوات.
حتى مجيء الأستاذ زكي طليمات لم يكن ثمة إمكانية أن تعتلي امرأة خشبة المسرح، فكان الرجال يؤدون أدوار النساء، منهم محمد النجمي وعبد الرزاق النفيسي وآخرون. ولكن لما جاء الأستاذ زكي طليمات بدأ يؤكد ضرورة وجود امرأة على خشبة المسرح. ولم يكن من الممكن في ذلك الزمان أن تعتلي خشبة المسرح امرأة أو فتاة كويتية. ولذا استقدم الأستاذ زكي طليمات مجموعة من الممثلات من مصر، منهن نعيمة وصفي، وزوزو حمدي الحكيم، وجيهان رمزي، ونعس الجندي، وغيرهن. فهيأ البيئة، فتقدمت فتيات كويتيات منهن مريم صالح ومريم الغضبان للفرقة، فقابلهم. طبعاً كانت الفرقة من الشبان، وتقدم لها أكثر من مئتي شخص، قُبل منهم أربعون شخصاً.. ولكن البنتين مريم ومريم قُبلتا من دون أي امتحان. ومن الطريف أنهما كانتا متناقضتين في الشكل، وفي لون البشرة، فهذه سمراء وهذه بيضاء، وهذه نحيفة وهذه سمينة..
هذه هي البداية، ثم في ذات السنة، أو بعد ذلك بقليل دخلت المجال حياة الفهد، ومن بعدها ظهرت سعاد عبد الله، وإلى جوارهن عائشة إبراهيم، ومجموعة أخرى من الممثلات الزميلات اللواتي لا يزال بعضهن يمثل حتى الآن، وبعضهن انتقل إلى رحمة الله.
انطلقت الحركة المسرحية بمعرفة الأستاذ زكي طليمات، وبدعم من الدولة، ممثّلة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وحمد الرجيب على وجه الخصوص، فضلاً عن الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كان حينذاك وزير الشؤون، وكان هو الداعم الحقيقي باستقدامه زكي طليمات، وهو الذي وافق على كثير من الأمور المتصلة بقطاع المسرح، ومن أهمها بناء دور العرض. فقد كان من أهم ما فعله زكي طليمات أنه أسس ثلاثة دور عرض للمسرح، ولم يُضَفْ إليها إلا لاحقاً مسرحٌ واحدٌ، فيه الآن مسرح خاص. جدير بالذكر أن زكي طليمات أشار في تقريره إلى كثير من الأمور. نعم قبل أن يفوتني، وكان من أهم ما قام به هو أنه سعى إلى استصدار قانون، والقانون مهم جداً.. ففي بلد تحكمها القوانين تحتاج المسألة إلى قانون، فأشار لصدور القانون رقم 24 لسنة 1962م الذي تأسست بموجبه فرقتنا التي كانت في الأساس مجموعة من الهواة، ولم يكن يُسمح لهم بالعمل من دون ترخيص. فهذا القانون أتاح لهم فرصة، ففي 13 أيار/ مايو 1963م، صدر قرار وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بالجريدة الرسمية، بمنح فرقتنا رخصة العمل، بعدها تبعتها فرقة المسرح الكويتي ثم تأسست فرقة المسرح العربي والشعبي، وهكذا اكتملت الفرق الأربع التي قامت عليها الحركة المسرحية بالكويت، والتي أعطت ما يعرفه بعضكم مثل عبد الحسين عبد الرضا، وسعد الفرج، وسعاد عبدالله، وحياة الفهد، وعائشة إبراهيم، ومريم صالح، ومحمد المنصور، ومحمد السريّع، وخالد العبيد، وغانم الصالح، وعشرات الممثلين والممثلات الذين قدّموا العديد من الأعمال الكبيرة والمهمة، ربما شاهدتم بعضها عبر شاشات التلفزيون وشاهدتوه، وربما شاهد بعضكم بعضها على المسرح، وشارك في الحركة المسرحية الكويتية، والحركة المسرحية العربية وأخذت حضورها مثلها مثل سائر الحركات المسرحية في الوطن العربي. وسعينا إلى الاتصال بإخواننا وبزملائنا في الحركة المسرحية العربية، وكنا أول فرقة في تاريخ المسرح في الكويت، وربما في منطقة الخليج تغادر البلاد للتمثيل وتقديم عرض مسرحي في بغداد، ثم في القاهرة، وذلك في عام 1966م. فقدّمنا مسرحية اسمها "الحاجز" من تأليف وإخراج صقر الرشود في بغداد، ثم في القاهرة. وكان الاستقبال في البداية فاتراً حتى عُرضت المسرحية، وتناولتها صحيفة، كان اسمها الجمهورية، بالمانشيت العريض: الكويت تصدر الفن بعد النفط والفلوس، فتغيّرت وجهة نظر السفير فاحتفى بنا احتفاء كبيراً. بعد ذلك انتقلنا للقاهرة حيث عرضنا ذات العرض على مسرح الجمهورية، فاستُقبلنا استقبالاً لم نتوقعه. وكُتب عنّا الكثير من الأمور التي لم تخطر على بالنا أن ربعها عنا. فقد كتب عنا علي الراعي الناقد المشهور، ودكتور عبد القادر القط، كما كتب عنا عبد الفتاح السباعي، ومحمد بركات. باختصار كتبت عنا مجموعة من خيرة نقاد المسرح في القاهرة وعن المسرحية حتى أثير جدال ونقاش حول موضوع العامية والفصحى، لأننا قدمنا عرضنا باللهجة الكويتية المسرحية، وأذكر أنه في ربع الساعة الأولى، كان المشاهدون ساكتين، ولم يُسمع صوت همهمة، وهم لا يدركون معنى الكلام الذي كان يُقال، ولكن بعد مرور ربع ساعة من العرض ابتدأت غمغماتهم وهمهماتهم، وبدأوا يتجاوبون، ويفهمون فيضحكون، ويتعايشون مع العرض المسرحي. وفي النهاية صفقوا لنا تصفيقاً لم نحلم به، لدرجة أننا وجدنا بعض الزملاء، بعد التحاقنا بهم خلف الستارة، وهم يبكون من الفرح.
بعد ذلك عدنا إلى الكويت نفكر بأن نحسّن أيضاً من عملنا ومن أدائنا، كما استقدمنا أيضاً فرقاً زميلة من الوطن العربي لتقديم عروضها في الكويت.. كما شاهدنا المسرح القومي، وشاهدنا مسرح تحية كاريوكا، وشاهدنا عروض عدةِ فرق مسرحية عربية من سوريا، ومن الفرقة القومية السورية، والفرقة القومية المصرية. كلها شاهدنا عروضها في الكويت، هذا أيضاً زادنا خبرة وزادنا إمكانية وعندما تأسس مهرجان دمشق للفنون المسرحية عام 1969م كانت الكويت مدعوة للمشاركة ضمن الفرق العربية المسرحية الأخرى. وشاركنا أيضاً منذ العام 1969م، منذ الدورة الأولى لمهرجان دمشق حتى آخر دوراته. فكنا نشارك في كل سنة. وحين قدمنا عام 1975م، مسرحية "علي جناح التبريزي وتابعه قفة"، من إخراج صقر الرشود، وهي للكاتب الكبير الفريد فرج، ومن تمثيل سعاد عبدالله وحمد المنصور وأحمد الصالح، ومجموعة من الزملاء، ولقيت صدى واسعاً وترحيباً حارّاً، وتُوّجت كأفضل عرض في تلك السنة من بين العروض التي قُدمت من 18 بلداً عربيّاً. وما زالت حتى الآن تلقى التقدير أثناء عروضها التلفزيونية.. لقد كانت تجربة فريدة ورائدة، وقد عملت فيها بصفة مدير الإنتاج، وكنت المشرف عليها من الناحية الإدارية. بعد ذلك ابتدأت الدولة تهتم بالمسرح، وساعدتنا وساندتنا، ولكن يبدو أنها انشغلت في الآونة الأخيرة، بأمور كثيرة أخرى، فصرفت اهتمامها عن المسرح.
في الحقيقة المسرح في الوطن العربي كله يعيش أزمات منذ عام 1990م، أزمات تمويل، وعدم اهتمام رسمي حكومي، فالمسرح بطبيعته مشاغب، ولا ترضى عنه جميع الحكومات، لأنه قطعاً لا توجد مسرحية بريئة.. مستحيل! لا بد من أن تمسّ جرحاً أو تنكأه، فالحكومات لا تحب ولا ترغب إلا في سماع المديح، والمسرح عاجز عن أن يقدم هذا المديح.
لا أريد أن أطيل عليكم، فبوسعي أن أتحدث إليكم حتى الصباح، ولكن أدرك بأن ما قلته يكفي للدلالة على الجهود المسرحية التي بُذلت في الكويت. ولا أعتقد أن الجهود المسرحية الموجودة في المنطقة كلها، بما فيها المملكة العربية السعودية، هي جهود طيبة، هناك مواهب كبيرة جداً تحتاج إلى دعم وإلى مساندة. فعندكم محمد العثيم كاتب مهم جداً ، وكذلك ملحة عبدالله، وراشد الشمراني ممثل ومخرج ومؤلف رائع، وعامر حمود، وعبدالعزيز إسماعيل، وفهد الحارثي، مجموعة كبيرة من الزملاء من المملكة العربية السعودية نعتز جداً بزمالتهم وبثقافتهم العالية جداً. كما أن عندكم في الشرقية مجموعة من الشبان الممتازين في جميع الأوجه، وآمل إن شاء الله أن تتاح الفرصة لنا جميعاً في هذه المنطقة الحبيبة والعزيزة علينا، أن نساند الحراك الثقافي، والمسرح، والأدب، والشعر، والمقالة الأدبية، والقصة القصيرة، والرواية، وجميع الفنون والموسيقى والغناء.. وأتمنى لكم ليلة سعيدة.. وأعتذر منكم أن أطلت عليكم.. وشكراً.
عريف الحفل: شكراً جزيلاً لسعادة ضيفنا الكريم على ما أتحفنا به من ذكريات، ووقفات موفقة، ولمسات جميلة تحدث عنها، وعن المسرح في دولة الكويت. نتمنى له إن شاء الله مزيداً من التوفيق، وطول العمر. والآن أيها الإخوة حان دور الأسئلة والحوار مع ضيفنا الكريم، ونتيح الفرصة بداية لقسم السيدات للترحيب بضيفنا الكريم، ثم بداية السؤال الأول من قسم السيدات.. فتفضلي الزميلة نازك.
 
طباعة
 القراءات :305  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 161 من 163
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.