شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ أحمد عائل فقيهي))
مساء الخير جميعاً وعودة مضيئة وجميلة للاثنينية برعاية صاحبها ومؤسسها الشيخ عبد المقصود خوجه. سأتحدث هنا عن سعيد السريحي الزميل في "عكاظ" والصديق أيضاً، والحديث عن الدكتور سعيد السريحي حديث يذهب بعيداً في علاقة شخصية تمتد لأكثر من عشرين عاماً في الحياة وزمالة عملية ومهنية وصحفية في "عكاظ"، تشابكت وتداخلت في هذه العلاقة قضايا الثقافة والإبداع والأدب والكتابة حيث كان يشرف آنذاك على الصفحات الثقافية وملحق أصداء الكلمة في عكاظ بوصفه ناقداً ومثقفاً بارزاً في المشهد الثقافي السعودي. اللحظة الأولى التي تعرفت فيها على الدكتور سعيد السريحي هي لحظة مجيئه إلى مدينة جيزان التي جاء إليها زائراً ومحاضراً في النادي الأدبي في فترة رئاسة الشاعر الكبير محمد علي السنوسي رحمه الله، في تلك اللحظة وجدت نفسي أمام شخص مختلف.. كان ذلك في منتصف الثمانينيات الميلادية وتزامن مع تقديمي مسودة كتابه الموسوم "بالكتابة خارج الأقواس" لنادي جيزان الأدبي والذي قدم فيه رؤية نقدية لنصوص شعرية وقصصية للشاعر الراحل محمد الثبيتي وللقاص عبد الله باخشوين، إضافة إلى رؤى فكرية وقراءات نقدية ترتهن إلى ما هو جمالي وما هو وجودي أيضاً في الإبداع والحياة. وأثناء عملي في القسم الثقافي في "عكاظ" بعد قدومي من جيزان إلى جدة تعرفت على الدكتور سعيد السريحي بشكل أكبر وأعمق بصفته رئيساً للقسم الثقافي ومشرفاً على ملحق أصداء الكلمة في هذا القسم. كانت هناك أسماء جميلة ورائعة أذكر منهم الزملاء عبده خال وعبد المحسن يوسف ومحمد طيب رحمه الله.. كانت رموز الحداثة العربية حاضرة في الصحافة الثقافية المحلية وبقوة في ذلك الزمن الثقافي والأدبي والصحفي، أمثال بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وأدونيس وصلاح عبد الصبور وعبد المعطي حجازي وأمل دنقل وآخرين شعرياً، فيما كانت رموز الفكر العربي حاضرة وبقوة أيضاً مثل حسين مروة ومحمد عابد الجابري وعبد الله العربي والطيب تيزيني وآخرين. كان الدكتور سعيد السريحي في القسم الثقافي ومن خلال زمالتنا معاً هو المحرك والمحرض على صناعة فعل ثقافي مختلف؛ فعل صحفي تمتزج فيه القيمة المعرفية والإبداعية مع لغة صحفية تختلف عن السائد في الصحافة الثقافية آنذاك. كانت هذه اللغة منحازة على المستوى الإبداعي والفكري إلى الحداثة والدعوة إلى إعادة النظر في فهم الشعر والأدب.. كانت تلك السنوات هي سنوات الدخول في معركة القديم والجديد في الصحافة الثقافية السعودية بعامة، وقد كان سعيد السريحي حاضراً بصفته ناقداً يملك مخزوناً ثقافياً ويمتلك موهبة كتابة الشعر وعشقه وحفظه أيضاً -وهذا ما كان يحيرني فيه- وحضوره أيضاً كناقد ضمن كوكبة مضيئة قادت حركة النقد الجديد المتصلة بالمناهج النقدية الحديثة من ألسنية وبنيوية وتفكيكية. وكانت هناك أسماء فاعلة ولا تزال حاضرة في المشهد الثقافي السعودي نقدياً أذكر منها الدكتور عبد الله الغذامي والدكتور سعد البازعي والدكتور علي القرشي وآخرين، إضافة إلى المثقف الكبير أحمد الشيباني الذي أعتبره وأعدّه أول من أدخل الفلسفة في الفضاء الثقافي السعودي مجادلاً ومساجلاً، وقد تجادل وتساجل مع الدكتور سعيد السريحي وكذلك الدكتور عبد الله الغذامي حول الحداثة وجذورها الفلسفية. كان سعيد السريحي المختلف في فكره وثقافته وفي رؤيته النقدية ونظرته لمعنى الجديد والمختلف يتلقى السهام من هنا ومن هناك من أولئك الذين حاولوا وما زالوا يحاولون إغلاق النوافذ المشرعة على الثقافة الجديدة والمناهج الحديثة، وكان منافحاً ومدافعاً عن هذه القضية المفصلية وهي قضية الثقافة الجديدة وتحديداً الحداثة بكل تجلياتها الفكرية والإبداعية مع ما يملكه من خلفية تراثية عميقة مع فهم جديد للتراث في تلك السنوات الزاهرة والزاهية. على المستوى المعرفي والصحفي كنت أرى فيه ولا أزال نموذجاً للمثقف الذي يتميز بذاكرة ثقافية حاضرة على الدوام وبذائقة شعرية إبداعية وأدين له على المستوى الشخصي كثيراً في أهمية فهم الشعر والإعلاء من قيمته، ذلك أن سعيد السريحي يملك وعياً حاداً باللغة على مستوى العامي والفصيح وفي قديم الشعر وحديثه. إن الدكتور سعيد السريحي يجعلك تشم رائحة اللغة وعبقها، وثمة فرق بين أن تقرأ اللغة وأن تتذوقها ذلك أن اللغة تضيء بالإبداع. أخيراً لقد امتدت زمالتي له ومعه في "عكاظ" لسنوات طويلة تساجلنا فيها كثيراً وتحاورنا كثيراً وتناقشنا كثيراً واختلفنا كثيراً واتفقنا كثيراً أيضاً لكننا كنا نرتهن إلي المعرفي والإبداعي في الاختلاف لا إلى الشخصي، وثمة فرق بين الخلاف والاختلاف.. لقد ارتفعت علاقتنا إلى مستويات عالية وعميقة ذلك أن الحوار هو ضوء المعرفة وبوصلة المستقبل، والعلاقة الشخصية قيمتها الحقيقية في أن تسمو وتنمو في اتجاه العلاقة الإنسانية الرفيعة والعالية لا في سوء الفهم وفي سوء النوايا. أحييه في ليلة تكريمه مثقفاً وصديقاً.
عريف الحفل: شكراً لسعادة الأستاذ أحمد عائل فقيهي وقد أشعل المتحدثون فينا شعلة الاشتياق إلى سماع ضيفنا المحتفى به هذه الليلة والكلمة الآن للدكتور سعيد السريحي متحدثاً عن أهم مراحل حياته العلمية والعملية فتفضل دكتور سعيد.
 
طباعة
 القراءات :236  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 17 من 163
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج