شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يا ابنتي (1)
"رزق الشاعر طفلة كانت بهجة حياته الزوجية. وهو في هذه القصيدة يدللها ويصور لنا الحب الأبوي، وما يضفيه على القلب الوالد من آمال وعواطف، في صور معنوية أخاذة بأشكالها السحرية وقالبها الشعري، في يوم أفاض على قلبه الحنان الأبوي، وأثار شاعريته الممتازة، قبل أن تفجعه في وحيدته الأقدار".
يا ابنَتي! ما شربتُ خَمْراً من
الراووقِ أحْلَى من خمرٍ فيكِ وأسْكَرْ (2)
لا ولا قد جَنَتْ يَدَايَ من البستانِ
ورداً، من وَرْدِ خَدَّيْكِ أنْضَرْ
ومُدَامُ الثُّغُورِ يَبقى طويلاً
ومُدَامُ الكؤوسِ في الحالِ يَفْنَى
وَوُرُودُ الرّياضِ تُبْهِجُ لكنّ
وُرُودَ الخدودِ ألْطَفُ مَعْنَى...
* * *
يا ابْنتي! إنْ رَأَيْتِنِي أتَمَنَّى
عُمُراً خالداً، ومالاً وفيرا
فَهْوَ من أجلِ أنْ أراكِ على حالٍ
جميلٍ فَأَغْتَدِي مسرورا
فأماني أبيكِ أنتِ: أتَدْرينَ
بما في فؤادِهِ من أماني؟
أنتِ لا تعرفينَ شيئاً سوى الثَّدْيِ
فَمُصِّيهِ في رضىً وأمانِ
* * *
يا ابْنتي! أيُّما أحَبُّ إليكِ
قُبْلةُ الأمِّ أو عِنَاقُ أبيكِ؟
لستُ أدري، لكنّني أَتَمنَّى
قُبْلةً أستمدُّها مِنْ فِيكِ
أتَسامَى بها إلى الفلكِ العالي
فأحْيا بها وتَنْعَشُ روحي
هِيَ رَمْزُ الحياةِ لكنَّها في
كِبَرِ العُمْرِ رَقْصَةُ المذبوحِ
* * *
يا ابْنتي! إنْ مَضى أبوكِ إلى
القبرِ فَحيِّيهِ وارْجِعي بِسَلامِ
فلقد كنتُ أرْقُبُ الموتَ من قبلُ
فها قد شربْتُ كأسَ الحِمَامِ
واسْترَاحَ الفؤادُ حتّى مِنَ الذّكرى
فلا حُبُّهُ ولا خَفَقَانُهْ
وسما الرّوحُ في فضاءٍ رحيب
مُوقناً أنّهُ تَقَضَّى زمانُهْ
* * *
فسلامٌ على خُدَيْدٍ بمـ
ـاءِ الحُسْنِ والبِشْرِ والصَّفَاءِ يَرِفُّ
وسلامٌ على ثُغَيرٍ لذيذٍ
فيه راحٌ وفيه روحٌ ولُطْفُ
وسلامٌ على حياتِكِ إنْ طالتْ
وإنْ لَمْ تَطُلْ فَسُقْياً وَرَعْيا
أنا ذاك الأبُ الذي ماتَ عن
بِنْتٍ وخَلَّى لها الحياةَ لِتَحْيَا
 
طباعة

تعليق

 القراءات :580  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 209 من 288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.