شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تركت روضي..!
تَرَكْتُ رَوْضِي خَدّاً نَاعِماً ويَدَا
خَضِيبَةً، وفَماً يَفْتَرُّ مُبْتَسِمَا
تَهْوِي إليْهِ طُيُورٌ ما يُؤَلِّفُها
رَوْضٌ سِوَاهُ، وإنْ غَطَّى الثَّرَى عَمَمَا
تَظَلُّ تَصْدَحُ فيهِ كُلُّ جَارِحَةٍ
مِنْها تَمورُ، لساناً شَادِياً وفَمَا
لا أُرْجِعُ الطَّرْفَ مِنْ وَجْدٍ وَمِنْ شَغَفٍ
إلاَّ إلَيْهِ، ولا أُعْطِي الخُطَى قدَمَا
يا حُسْنَ أزْهَارِهِ ما كانَ مُنْتَثِراً
يَبْهَى، وما كانَ في الأغْصَانِ مُنْتَظِمَا
وجَدْوَلاً مِنْ جُذُوعِ الدَّوْحِ مَنْبَعُهُ
ثَرْثَار، يَرْتَجِلُ الأحْلاَمَ والنِّغَمَا
إذا أسَوْتُ لِهَمٍّ جِئْتُهُ خَبَباً
وإنْ مُنِيتُ بِبَرْحٍ ذُقْتُهُ شَبِمَا
عَهْدِي بهِ، وفَضِيضُ الطَّلِّ مُنْعَقِدَا
مِنْ فَوْقِهِ، وشُعَاعُ الشَّمْسِ مُزْدَحِمَا
يَهْذِي كَطِفْلٍ رأى شيئاً فأنْكَرَهُ
فَجَاشَ باللَّغْوِ رَمْزاً مِنْهُ أوْ كَلِما
تَرَكْتُهُ غيرَ مُهْتَمٍّ، ولا حَذِرٍ
على هَوَاهُ، ولا مُسْتَشْعِرٍ نَدَما
وَرُحْتُ أعْمَه ضَلِّيلاً، ولا أرَبٌ
أُرِيغُهُ مِنْ زَمَاني، شَحَّ أوْ كَرُمَا
أرْعَى الخَصيبَ، كما أرْعَى الجَدِيبَ سُدًى
وأَشْرَبُ الضَّحْلَ أوْ أسْتَمْطِرُ الدِّيَما
كِلاَ النَّقِيضَيْنِ مأْلُوفَانِ في قِيَمٍ
وفي قَوَامٍ، ألا ما أتْفَهَ القِيَمَا!!
قَدْ كانَ لي لَذَّةٌ، أيَّامَ لي نَفَسٌ
أسْمُو بِهِ، وأجُوسُ الغابَ مُقْتَحِمَا
والآنَ بَالَغَ دَهْري في مُشاكَسَتِي
وسامَني الهَمَّ والتَّبْريحَ، والسَّقَمَا
يا دَهْرُ مَا طَابَ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ كَدَرٌ
فيهِ، ولا لَذَّ إلاَّ أعْقَبَ الألَمَا
ولاَ أرَحْتَ فُؤاداً في شَبِيبَتِهِ
إلاَّ ابْتَعَثْتَ لَهُ الأوْصَابَ والهَرَما
يَلْهُو الغَبِيُّ، ومَا يَدْرِي! إذا امْتَلأَتْ
يَدَاهُ مالاً، وفَاضَتْ دَارُهُ نِعَمَا
أنا الأسِيرُ فَمَا يَرْجُو، وَقَدْ عُصِبَتْ
عَيْنَاهُ لَيْلاً، ومَجَّتْ راحَتَاهُ دَمَا
قَدِ انْطَوَى غَدُهُ في أمْسِهِ ومَضَى
يَجْتَرُّ آهَتَهُ المُزْجَاةَ مُحْتَدِمَا
ورُبَّ صُبْحِ غَزِيرِ النُّورِ مُرْتَقَبٍ
يُخْفِي ورَاءَ ثَنَايَا ضَوْئِهِ الظُّلمَا
والرَّوْضُ بالحُسْنِ، لا بالزَّهْرِ قِيمَتُهُ
وإنْ أفَاحَ الشَّذَى، أوْ زاوَجَ العَنَمَا
أنْ يَسْتَجِيبَ لَهُ الإحْسَاسُ مُنْطَلِقاً
ويَسْتَرِيح إلى الأحْلاَمِ مُنْسَجِمَا
كَمْ رَوْضَةٍ عُطِّلَتْ إنْ غابَ عاشِقُهَا
وأصْبَحَتْ تَتَفَانَى بَعْدَهُ عَدَمَا
كانَتْ تَعِيشُ بِحُبٍّ فانْقَضَى جَذَذاً
وتَسْتَجيشُ بِرُوحٍ فاغْتَدَتْ رِمَمَا
* * *
لِيَهْنَ بالرَّوْضِ غِرٌّ لا يُقدِّرُه
ولاَ يُمَيَّزُ مِنْهُ البَانَ والسَّلَمَا
يَرَى اخْضِرَارَا، فمَا يَدْرِي أَخُضْرَتُهُ
مِنْ لَوْنِهِ، أمْ مِنَ الطَّرْفِ الذي رأَمَا
* * *
يَا أيُّها الرَّوْضُ أغْضَتْ مُقْلَتي تَعَباً
مِمَّا أرَى، وتَنَزَّتْ مُهْجَتي سَأَمَا
وَصِرْتُ غَيْري، وَلَوْ أقْبَلْتَ تَنْفُضُني
لَعُدْتُ عِنْدَكَ في المِيثَاقِ مُتَّهَمَا
فَعِشْ لِنَفْسِكَ وامْنَحْ مَا حُيِيتَ بِهِ
لِوَاغِلٍ جَالَ أوْ مُسْتَحْوِذٍ حَكَمَا
قَدْ كُنْتُ أرْجُو، وكانَ القَوْلُ يُسْعِفُنِي
فإنْ صَمَتُّ على كُرْهٍ، فَلا جَرَمَا
 
طباعة

تعليق

 القراءات :347  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 90 من 288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج