شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى به))
الأستاذة نازك الإمام: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أصحاب المعالي، أصحاب السعادة، السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هو هامة أدبية مصرية، قلما نراها اليوم في أدبائنا الكرام، هو شاعر وكاتب ذواق للأدب، وقلماً ثرياً بالإبداع والإنتاج الغزير، فقد أثرى المكتبة العربية بعشرات الكتب القيمة، وعرف بعشقه لحضارة الإسلام في الأندلس، وتأثر بالشعر العربي والأوروبي انطلاقاً من الشعر الإيطالي والبرتغالي، ومروراً بالشعر الفرنسي والإنجليزي والإسباني، الأدبية، طوق الحمامة في الألفة والألاف، من أجمل مراجعاته، والتي ترجم عنها أكثر من ثلاث عشرة لغة، كما أنه صاحب ترجمات لعديد من دراسات المستشرقين للفرنسيين والأسبان، منها ترجمة ملحمة السيد، وهي أول شعر إسباني، يحمله لنا هذا الشاعر الكبير مترجماً بلغة زجلية وجمالية قوية، قلما نجدها في الترجمات الأخرى، إنه سعادة الكاتب والأديب الدكتور الطاهر أحمد مكي، الحائز على جائزة التميز من جامعة القاهرة، والأستاذ الوحيد من جامعة مصر الذي تم اختياره ليسهم في تحرير مادة امرؤ القيس، فمرحباً به، ونبدأ بداية في طرح الأسئلة.
الدكتورة أفنان الريس:
هل يتفضل الدكتور طاهر ليحدثنا بإيجاز عن روايته الرائعة "طوق الحمامة في الألفة والألاف"، وعن ما نشر عنها، وهل هي أيضاً محفوظة في خزانة هولندا، ولمَ؟ شكراً.
الدكتور جميل مغربي: أرجو أن يكون لي حق المداخلة ها هنا، "طوق الحمامة" كتاب لابن حزم، وإنما تحدث عنه سعادة الدكتور، وهو من التراث العربي المعروف.
الدكتور الطاهر أحمد مكي: معها الحق في السؤال عن المخطوطة، مخطوطة هذا الكتاب لها قصة غريبة، هولندا عندما بعثت سفيراً لها إلى الخلافة العثمانية في آخر القرن التاسع عشر، بعثته أصلاً للبحث عن المخطوطة، فالرجل اشترى مئات المخطوطات من الأستانة ونقلها إلى هولندا، هولندا قدمتها لجامعة ليدن، ليدن طلبت من مستشرق إسلامي اسمه دوزي، رجل عظيم له كتاب رائع في تاريخ الأندلس وهو رجل غير متعصب، وجد فيه طوق الحمامة، نسخة وحيدة في العالم، ولكن هذه النسخة لم تنسخ في الأندلس، هذه النسخة نسخت في مدينة صفد بفلسطين، والرجل الذي نسخها اعترف، مع الأسف أيضاً، أنه اختصر منها، ولم يقل لنا ماذا اختصر، اختصر في الشعر، اختصر في الأحداث لم يقل، فهي ليست نسخة الطوق الوحيدة، هي نسخة مختصرة نسخها فلسطيني في صفد، وانتهى بها الحال في مكتبة ليدن في هولندا، لا نملك نسخة غيرها، ومن هنا كانت النسخ الأخرى مليئة بالأخطاء، التصويبات التي قمت بها أنا لم تكن على مراجعة مخطوطة أخرى كانت مراجعة كتب التاريخ، مثلاً عندما يتحدث الطوق عن واجد ابنة المنصور عامر، وأنها كانت تعجب بالموسيقى، وأنها طلبت من ابن حزم من أن يكتب لها أبياتاً تغنى، الكتب تكتبها ابنة واحد زوجة المنصور، يعني انتقلت من واحد إلى واحد، ومن ابنة المنصور إلى زوجته، ومثل هذه الأخطاء الكثيرة صوبتها على مراجعتي لكتب التاريخ، وهي النسخة الوحيدة أكاد أجزم التي صدرت مصوّبة، وكل ما جاء بعدها لحسن الحظ صوبوا كتبهم على أساسها دون أن يشير واحد منهم إلى المصدر الذي صور عنه، في الواقع المغرب الآن تكتشف فيه مخطوطات لا حد لها، فلعل القدر يسعفنا في قادم الأيام بمخطوطة لطوق الحمامة لم تختصر ولم يعبث بها أحد، شكراً.
معالي الدكتور مدني عبد القادر علاقي، وزير الدولة الأسبق: بسم الله الرحيم الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، سعادة الضيف الكريم، من الملاحظ أن كثيراً من المستشرقين الأسبان والأوروبيين، كانوا يقللون، والبعض يهاجموا الحضارة العربية في الأندلس، سياسة وأدباً وعلماً وحضارة، اللهم ما في عدد قليل منهم ربما يكون أشهرهم بروفنسال، السؤال هو:
هل تعود هذه العصبية في كتابات المستشرقين ضد الحضارة الإسلامية في الإسبانية وإسبانيا، هل تعود لأسباب دينية أو حضارية، باعتبار أن الأندلس في ذلك الوقت كانت منارة العلم في أوروبا جميعاً؟ شكراً.
الدكتور الطاهر أحمد مكي: فيما يتصل بالمستشرقين غير الإسلاميين، هؤلاء لا بد أن نضع في حسباننا أنهم لا يكتبون لنا، هم يكتبون لقومهم، لكن بعضهم يخطئ ولا يدقق، ففي قضية بسيطة، وأنا شاب قرأت في كتاب مترجم لواحد مستشرق، يقول أن الكعبة كانت في بدئها مأوى للمسيحية، وكان عليها أسقف يرأسها، لم نسمع بهذا أبداً، وأعطانا مصدر كتاب عربي، في طبعة معينة، فذهبت إلى هذا الكتاب، ووجدت، وكانت للكعبة (لأسقف) عليها، رجعت لنسخة محققة، وكانت الكعبة (لا سقف) عليها، فلما جاءت الهمزة على الألف أصابت هوى في نفسه، فبدل ما يقول أنها خطأ، استخرج منها معلومة خطأ، وكانت الكعبة لأسقف عليها، يعني كان يديرها أسقف من الأساقفة، فهناك أشياء تأتي خطأ، لكن أرجو أن يكون واضحاً أنهم يضللون قومهم، لأن هذا الكتاب لم يكتب، يشترك المستشرقون الأسبان قبل القرن السادس عشر في هذا كله، لكن بعد القرن السابع عشر اختلفت الأمور، أولاً عندنا رجل اسمه خوان أندريس، هو أصلاً كان يسوعياً، ولما اختلف الملك كارلوس الثالث، مع اليسوعيين طردهم، فراح الرجل إلى إيطاليا وأصبح أمين مكتبة في ذلك الوقت، هذا الملك كارلوس، وكان ملكاً مصلحاً، طلب من المترجم أن يترجم من العربية إلى الإسبانية، وأن يفهرس مخطوطات مكتبة الأسكوريال، وهي مخطوطات تابعة الكنيسة، لأن بعد سقوط الدولة الإسلامية كان كل شيء يؤول إلى الكنيسة، فهي موجودة، والأسكوريال دير، ليست قصراً ولا بناء، هو دير، فالرجل صنع وكان حلبياً من حلب، يسمى ميخائيل غزيري، هم طبعاً يكتبوها ميشيل غزيري، فكتب هذه المخطوطات وعلق عليها باللاتيني، الرجل اليسوعي عندما قرأ التعليقات، أصدر كتاباً من سبعة أجزاء عن تقدم الأدب، خص العرب فيه بجزء ونصف، في هذا الجزء والنصف قال إن الحضارة الأوروبية كلها، في العلم في الفلسفة في الطب، وفي كل شيء مأخوذة من العرب، وكتب هذا الكلام، وألف أيضاً كتاباً في الموسيقى العربية، وتأثيرها في الموسيقى الأوروبية، يأتي الخبث التعصبي من ناحية أن هذا الرجل أُهمل، وحينما وقعت على هذا الكتاب حاولت أن أجد له تاريخاً فلم أجد، الكتاب موجود باللغة الإيطالية، ترجم مرة واحدة إلى اللغة الإسبانية، ولم يترجم إلى أية لغة أخرى، موجود في الإيطالية والإسبانية فقط، والطبعة الإسبانية لم تعد طباعتها، أعطيت طالب في الدكتوراه يدرسها لنا، فطلبنا أن نصورها في المكتبة الوطنية، لم نستطع حتى الآن، فلا بد أن نفرق بين الأسبان ما قبل القرن التاسع عشر، وأنا أشرت إليهم، والأسبان الذين بعدهم يعتبرون أن التراث الإسلامي في الأندلس هو تراث كتبه أسبان مسلمون يتكلمون اللغة العربية، مع النظام الجديد في الدولة الأسبانية، الذي هو الحكم الذاتي للمقاطعات، محافظات الجنوب، ولذلك لم يقال إسبانيا الإسلامية لهذا السبب، الثماني محافظات في الجنوب والتي هي إشبيليا وقرطبة، وغرناطة وملقا والمارية، وقابس، ومرسيا، يسمونها أسبانيا أندلسية، هذه المحافظات تدرس التاريخ العربي بروح ود شديدة، وجردته أيضاً من كل الشتائم والسخائم التي كانت في الكتب القديمة، إلى جانب هذا فهم يعتبرون أن ابن حزم إسباني 100٪، والحقيقة الإخوة عاتب علي، قلت له لا، زميل ابن حزم في الوزارة يقول: العجيب انتماؤه في فارس، مع أن جده من عجم (لبلة)، قلت له هذا من بلد قرية صغيرة اسمها لبلة، وجده الأخ علي بن سعيد ابن حزم، أول واحد أسلم منهم حزم يا ابني، وهذا إسباني، وهم الآن يحترمونه، وفي قرطبة أقاموا له تمثالاً، كما أن قرطبة تضم تمثالاً لابن رشد، بمناسبة بروفنسال، والحقيقة كان يهودياً فرنسياً، أثناء الاستعمار الفرنسي استغل يهوديته وفرنسيته إلى أبعد حد، رأى كل المخطوطات العربية، المخطوطات التي لم يستطع أن يستعيرها أو أن يأخذها سرقها، مثل مخطوطة النباهي التي هي "المرتبة العليا في من ولي القضاء والفتيا" ستلاحظ حضرتك شيئاً، الرجل يحاول أن يكون موضوعياً، هذا صحيح، يأتي عند أبي جادر الرائع، سطرين ثلاثة كفاية، أما إذا كانت حاجة عظيمة متوسطة يكتب فيها صفحات، لما تأتي لشيء لليهود يبرزه، أنت ستقول عليه هذا رجل يتكلم في الحضارة الإسلامية لم يسبها ولا تكلم فيها، لكن هنالك أشياء اختصرها في سطرين ثلاثة، مع أنها تستحق صفحات، هنالك معلومات لليهود تستحق سطرين، كتب فيها صفحتين وثلاث، وهكذا، والكتب الإسبانية المعاصرة لا، خصوصاً الكتب الإسبانية التي صدرت بعد موت الجنرال فرانكو، في عهد الحكم الملكي المعاصر، هنالك شيء لم أكن أعرفه إلا بعد أن رجعت، كان ممنوع الكتابة عنها، كان هنالك رجل دعا أثناء الحرب الأهلية إلى استقلال الأندلس الذي هو الجنوب، وإعلان الدولة الإسلامية، واتخذ الراية التي اتخذها محمد ابن أمية، آخر بطل في آخر حصن في الأندلس، جمعه المسلمون وبايعوه بالأمارة، كان اسمه فرناندو دي بالوريس، غير اسمه فرنادوس دي فالوريس، سمى نفسه محمد ابن أمية، هذا الرجل كان له راية وكان له علم، وقاوم جيوش فيليب الثاني أعظم ملك، وقُتِل غيلة، بعد أن اشتروا أحد أصدقائه بالخيانة، وكان الرجل يأتمنه فاغتاله، سيأتي واحد من إشبيليا يؤسس جمعية لإعادة الأندلس، ويتخذ راية محمد ابن أمية، وشعاره شعاراً، ولما انتصر الجنرال فرانكو أعدم هذا الرجل، وكان محظوظاً أن يكتب عنه حرفاً واحداً، أنا قضيت في إسبانيا ثماني سنوات متصلة، لم أسمع بهذا الرجل ولا أحد يشتمه، الآن تصدر عنه كتب، والآن له جمعيات تبشر حتى بما نادى به وبعض إخوانا القادرين يمدون هذه الجمعيات، وتوجد بعض المساجد هناك، والأمير سلمان له مسجد رائع وعظيم جداً، في منطقة مالقا، في مربيا، مربيا هذه قرية عربية قديمة، وأظن الناس طلبوا من الأمير سلمان أن يبني لهم مسجداً، وبنى لهم مسجداً طيباً، أظن أنه منارة إشعاع عظيمة في هذه المنطقة.
الأستاذة فريدة فارسي:
أهلاً بك يا دكتور في جدة التي لك فيها الكثير من القراء، لقد تابعنا مقالاتك في مجلة "الهلال"، فقد كانت عبارة عن بحث لغوي عميق، إلا أنه موضوع داخل كبسولة سهلة الفهم، كنت لشدة حرصي على هذه المقالات أوزعها لمعلمات اللغة العربية في المدرسة التي أعمل بها، ولكن من فترات افتقدنا هذه المقالات، كتبت "للهلال"، ولم ألق جواباً، هل هي استراحة محارب لتعود لنا بدراسات أخرى، أم أنك تكتب الآن في مجلات ثقافية؟.
الدكتور الطاهر أحمد مكي: الإنسان أحياناً تتوزعه أشياء كثيرة، وأنا عادة لا أكتب في مجلة إلا إذا طلب إلي، وكان رئيس التحرير السابق، الأستاذ مصطفى نبيل قبل أن يترك المجلة يطلب إلي، شيء آخر أقوله، أنا لا أخجل أن أقول أنني لا أكتب مجاناً في أي مجلة، أنا حرفتي ومهنتي القراءة والكتابة، فإذا لم تكن هناك مكافأة لا تسألني، فكان مصطفى نبيل يدفع المكافأة ويرسلها إلى البيت، ويطلب المقال، ويرسل من يأخذه، الذي حدث عندما تغير مصطفى نبيل وجاء رئيس تحرير جديد، لم يرسل إلي أحداً، ولم يطلب مني، فأنا توقفت، بعد أظن مدة، احتاجوا، كانوا سيصدرون عدداً عن لبنان، واحتاجوا من يكتب لهم "لبنان اللفظ والدلالة"، فكتبت هذا الكلام "اللفظ والدلالة"، هو أعجبه، حتى جعله أول مقال في المجلة، لكن بعد ذلك ترك المجلة، وجاء رئيس تحرير جديد، هو لم يطلب إليّ، وأنا لم أرسل له، وتوقف الحال عند هذا الحد، رئيس التحرير الجديد، له سياسة جديدة، له فلسفة جديدة، وأنا طرحته، لأن هذا المقال على صغره، كان يرهقني كثيراً، المقالات المحددة بصفحتين مرهقة، وكنت أتعب فيها كثيراً، ولذلك عدم طلبه مني أراحني كثيراً، وأنا الآن أيضاً أكتب في مجلة "الدوحة"، هي تطلب مني مقالاً، شهر بعد الآخر، ولكن أنا لا أستطيع أن ألبي هذا دائماً، وأظن آخر مقال كتبته فيها، وهو من اهتماماتي الحديثة، أيضاً أنا وجدت أن صلاح الدين الأيوبي في الآداب الأوروبية له سيرة حسنة جداً، حتى أنه في آخر المطاف يريدون أن يسرقوه منا، فيقولون لا، هذا جاء إلى إيطاليا، وتزوج من إيطالية، إلى آخر هذا الكلام، فأنا بدأت سلسلة من المقالات عن صورة صلاح الدين الأيوبي في الأدب الشعبي الأوروبي، وبدأت بالأدب الإيطالي، وهو يهمني الآن أكثر من أي مقال آخر، أنا طلعت المعاش طبعاً، لكن من حقي أن أظل أستاذاً وأتناول راتبي كاملاً إلى آخر يوم أقول لهم فيه أنا تعبت غير قادر، وأنا ربي أعطاني الصحة، وأواصل دراستي، وعندي محاضرات كل يوم سبت، وأحد، وثلاثاء في الكلية، ثلاثة أيام، فما يتبقى لكتابة المقالات، زمن محدود جداً، بقيت كلمة أنا أود أن أشير إليها ربما مرت عليّ، وهي ملحمة السِّيدْ، نحن نقول السَّيِّدْ، هي تأتي طبعاً في الصورة الإسلامية، مِيُو سِيدْ، يعني سيدي، الناس فسروها أنها السيد، وأنا من دراستي لها، بدا لي أنها ليست السَّيِّدْ، هي السِّيدْ، ليست بمعنى سيدي، كلمة سيد كلمة عربية قديمة معناها الذئب أو الأسد، وعندنا في الأندلسي أسماء مثل، ابن سيد البطليوسي، رجل عالم شديد، والأسبان نقلوها إلى الإسبانية، معناها (لوبيث)، معناها ابن السيد، ابن الذئب، فأنا اخترت أنه ليس هو السَّيِّدْ، وإنما السِّيدْ، بمعنى الذئب، لأنه كان رجلاً مراوغاً، لكن الإخوان الأسبان وافقوني على التفسير، واختلفوا معي، قالوا ليس بالذئب، ولكنه الأسد، قلت لهم الأسد شجاع ويواجه، والذئب شجاع، ولكنه مراوغ، والسِّيدْ لم يكن مواجهاً، وإنما كان مراوغاً، واستعنت لهم أنه لما حاول أن يهدم بلينسيا، وصده المهاجمون عنها، حاول أن يهرب من باب خلفي، ولم يعد للهجوم مرة أخرى، مصطلح السِّيدْ وليس السَّيِّدْ، وشكراً.
الدكتور سعيد المالكي، رئيس قسم اللغة العربية، أستاذ مساعد للأدب الأندلسي بجامعة الملك عبد العزيز:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، سؤالي لأستاذي الذي تتلمذت على يده الدكتور الطاهر أحمد مكي، في كتبه، واقتفيت أثره في ابتعاثي إلى إسبانيا، تلقيت الماجستير من جامعة كومبلتنسي، وهي نقطة التقاء مع أستاذي، سؤالي أو اقتراحي لأستاذي الفاضل، وهو يرى أن الأسبان الآن بدؤوا يتجهون إلى دراسة الأدب الحديث، خاصة بعد أن فتح لهم المستشرق الإسباني بيدرو مونتابيث، الطريق واسعاً لدراسة الأدب العربي الحديث، ونقله إلى الثقافة الإسبانية، الأمر واسع في هذا المجال، خاصة أن الأسبانيين انفتحوا كثيراً على الأدب العربي، خاصة بعد نجيب محفوظ بجائزة نوبل، سؤالي: هل هناك توجه إلى نقل الأدب الحديث إلى الثقافة الإسبانية بطريقة أو أخرى؟.
الدكتور الطاهر أحمد مكي: أشكرك على السؤال الجيد، الواقع أنت تعرف طبعاً، أن أغلب جامعة الأنتونوما التي فيها بيدرو مونتابيث، هي الأنتونوما فقط، أنت تعرف الآن كل مدن الأندلس فيها جامعات، بلينسيا، وأليكانتي، وأشبيليا، ومورسيا، وقابس، وجيان، كل هذه البلاد فيها جامعات، الوحيد الذي اختط هذا الاتجاه هو بيدرو مونتابث، جاء القاهرة، وأعلم كثيراً، وكان مدير المركز الإسباني في القاهرة، وهو يرى، ومعه الحق في هذا، يرى أن إسبانيا لا يصح أن تقصر جهدها على ما بينها وبين العرب والمسلمين، من تراث الأندلس وحده، فهناك عالم عربي ناهض الآن، فيه أدب، وفيه تقدم، ولإسبانيا الدولة مصالح مع هذا العالم العربي، ولذلك يجب أن تهتم بالأدب العربي الحديث، وأن لا تقصر جهدها على التاريخ وحده، وأنا أوافقه على هذا إذا كانت جامعة واحدة، أو اتجاه في جامعة واحدة، حاجة واحدة أريد أن أقولها لحضرتك، أن إسبانيا عرفت نجيب محفوظ قبل جائزة نوبل، ولا زلت أذكر أنني كنت في مطار براخس، وحضرتك تعرفه ووجدت مجلة (أكسدنسي)، ومعناها الغرب، وهي التي أنشأها الفيلسوف الإسباني أورتيغا إي غاسيت، في العشرينيات ليخرج إسبانيا من التخلف إلى الغرب، وجدت في هذه المجلة وعليها غلاف داخلي قبل جائزة نوبل بسنوات، يقول قصتان لنجيب محفوظ، اشتريت المجلة ولا تزال عندي، لكن المترجم لم يضع اسمه، وأنا اتصلت برئيس التحرير، قلت أنا قرأت قصتين لنجيب محفوظ، قال لي نعم الرجل هذا مظلوم عندنا، ورجل قصص وجيد وجميل، ونحن لا نجد أحداً، فوجدنا بعض إخوانا الذين يعرفون اللغة العربية، ولكن ليس لهم أسماء، وما أقدر أقول ترجمة فلان، إلا تسقط الترجمة، وهذا ما يجب أن نلتفت له، ليس كل من يترجم من العربية إلى لغة أوروبية أخرى مقبولاً، إلا أن يكون معروفاً، وله أسلوب أدبي في لغته، فالرجل قال لي نحن برجل عربي، ترجمهم لنا، لكن أتينا أيضاً بأديب إسباني، أعطاهم أسلوب يتفق مع القصتين، فقلنا لو وضعنا اسم المترجم الإسباني غير صحيح، ولو وضعنا اسم المستشرق الأسباني، هو غير ظاهر، ففضلنا أن ننشر قصة كاملة لنجيب محفوظ لنجذب انتباه القارئ دون أن نضع عليهما اسم المترجم، فنجيب محفوظ كان معروفاً في إسبانيا قبل جائزة نوبل، وبدؤوا الأسبان يعرفونه، الترجمات الرسميات التي نقوم بها أو يقوم بها غيرنا، ليست لها قيمة، كتاب "قرية ظالمة" للدكتور محمد كامل حسين، أيضاً له ترجمات كثيرة جداً، ومشهور جداً، لأن أحداثه جرت في القدس، وفي مدينة الناصرة، فهذا أعجب الأسبان، فترجم ونجح، هذه هي قصة نجيب محفوظ.
الأستاذة منى مراد، من جريدة البلاد، ومجلة اقرأ:
حدثنا باختصار عن شخصية الرجل العويس الرجل الإماراتي الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب الشعر، والذي صنع أكبر جائزة لدعم الشعر العربي، وصنع لها مجلس أمناء؟ شكراً.
الدكتور جميل مغربي: عفواً يا دكتور اسمح لي، السؤال خارج الإطار كلية، خارج الإطار، شخصية الشيخ العويس معروفة في الخليج، إذن يا دكتور نغير السؤال إلى سؤال آخر، ننهي به الجلسة.
الأستاذ خالد المحاميد من جريدة الوطن:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أستاذنا الكريم، كان بودنا أن يطول الوقت لكي نستفيد كثيراً من علمك ومعرفتك، مؤخراً قرأت أن هناك بعض التدخلات، أحد الموريسكيين يكتب إلى قائد عربي، وأنا قرأت هذه المخطوطة، بأنهم أجبروا على إعادة صياغة بعض المخطوطات، أثناء اضطهاد الكنيسة، وثم بالذات مقدمة ابن خلدون، وقرأت أنهم يحبسون الآن في مكان وصفه هو، ويجبروننا على تغيير صفحات في المقدمة، وأن الشتائم التي ذكرت، والصفات السلبية التي ذكرت عن العرب في المقدمة، كانت من وضع هؤلاء الناس، كيف ترى هذه القضية؟
الدكتور الطاهر أحمد مكي: ابن خلدون لم يشتم العرب إطلاقاً وليس في مقدمة ابن خلدون ما يشير إلى الغلط، لكن ابن خلدون باحث في علم، ابن خلدون يقول: (إن أخلاق الحضر غير أخلاق البدو، وفي أخلاق البدو ما يعاب، وفي أخلاق الحضر ما يعاب)، عندما يقول هذا لا نقول أنه يشتم العرب، وعندما يتكلم عن البدو، ولا يعم بالبدو العرب، أيضاً البدو في البلاد الأوربية هم مثل البدو في البلاد العربية، لهم عاداتهم، ولهم تقاليدهم، وأنا في إسبانيا وجدت الناس في الريف يتشاءمون من الغراب، كالناس في قريتي، أول ما يأتي الغراب يحلق، الناس يدخلون بيوتهم ويقول: غور، غور، روح في داهية، فهو يتحدث عن ظواهر اجتماعية، قد يضرب المثل من البلاد أو الأوساط التي عاش فيها، ولكنه لا يعني شتيمة إطلاقاً، ولما يأتي رجل عالم يتحدث عن عيوب أو منطقة معينة، لا يقال أنه يسبهم إطلاقاً، أنا لا أرى شتماً في هذا إطلاقاً، وأرى أن مقدمة ابن خلدون مفخرة من مفاخر العقلية العربية، هناك ثلاثة كتب دخلت التاريخ من المفاخر العربية، مقدمة ابن خلدون، وكتاب طوق الحمامة، والأخلاق والسير لابن حزم، وهناك أيضاً كتاب نحن لا نتحدث عنه، ولا أحد حققه، كتاب الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم، لأنه وضع أساس علم الأديان المقارن، من ألف سنة لم يكن أحد يعترف بأحد، فابن خلدون وازن بين كل الأديان، وبين كل المذاهب، وهو لا يسب ولا يشتم مع أنه حديد اللسان، ومع ذلك وازن موازنة موضوعية، ويعتبر أول من وضع علم الأديان المقارنة، فمقدمة ابن خلدون لا، لكن هم الناس المستشرقين عادة، هذه من خطورة المستشرقين، يأتي لك عند هذه القضايا، ويبرزها، كأن ابن خلدون كتب كتابه ليقول فيه هذه الأشياء، مع أن الرجل عربي، لا تنس أن ابن خلدون يمني، من قبائل اليمن، ابن حزم أصله إسباني، ابن رشد أصله إسباني، لكن ابن خلدون رجل يمني، وقبيلته عاشت في الأندلس قبيلة يمنية رئيسة، والرجل كان في منتهى الذكاء، لدرجة أنه عندما كان في غرناطة، وأرسله ملك غرناطة ليفاوض ملك قشتالة في إشبيليا، عرض عليه أن يبقى معه في إشبيليا مستشاراً، وأن يعيد إليه كل أملاك أسرته، فرفض، فالرجل العربي الذي يسمعه عنه هذا، لا يقال عنه أنه يسب العرب، ولكن الرجل تكلم عن الظواهر الاجتماعية، ويذكر لها المثل، ألا يوجد يا أخي في بلادنا، أناس يسرقون، لو جاء واحد وقال: إن بلادنا فيها لصوص، نقول له أنت تسبنا، لا إطلاقاً، ونحن لنا من الأمجاد، ولنا من التاريخ، ولنا من الشخصية ما يجعلنا نسمع أي كلام، وأي نقد، وندرسه بموضوعية، وليس هناك مخطوطات مدسوسة لابن خلدون، ولا شيء من ذلك القبيل، لأن في مخطوطات كثيرة لهذه المخطوطة، والرجل كتب كتابه في قلعة بني حماد في الجزائر، المقدمة قلعة بني حماد في الجزائر، ولم يكتبها في بلد أوروبي، شكراً.
الدكتور جميل مغربي: لكي لا يغضب منا الشقائق، سنحيل لهن السؤال الأخير وبقية الأسئلة ستتاح الإجابة عليها للضيف الكريم من خلال التوثيق في الاثنينية.
الأستاذة منى مراد، من جريدة البلاد، ومجلة اقرأ:
ما الفرق بين الجائزة التي استحدثتها مصر للشعر بالعامية، الجزل، وبين جائزة اليماني، ولماذا أحياناً الجوائز الشعرية تفقد مصداقيتها، وتفشل؟ شكراً لكم.
الدكتور الطاهر أحمد مكي: طبعاً من حق كل إنسان يقدم جائزة أن يضع لها قواعدها، واليماني وضع قواعد هذه المسابقة، لأنها باسم شاعر عمودي، الحكومة المصرية طبعاً، لديها ضغط شعبي، لدينا أناس كثيرون يكتبون الشعر بالعامية، ويقولون لماذا تهملنا الدولة، نحن فن، ولا تنسى أن التي صنعت هذا الحكومة، والحكومة دائماً تبحث عن رضا الشعب، ورضا الجماهير، فاستجابت للإخوة الذين يقولون بالعامية، وصنعت لهم جائزة أظنها تقدم لهم كل سنتين أو ثلاث سنوات.
الدكتور جميل مغربي: وكما قيل قديماً:
جادك الغيث إذا الغيث همى
يا زمان الوصل بالأندلس
لم يكن وصلك إلا حلما
في الكرى أو خلسة المختلس
أمتعنا ضيفنا الكريم بهذه المعلومات القيمة والفياضة حول الأندلس، لديه المزيد، ولكن الوقت لم يساعد ولم يسعف، أرجو أن يكون لنا لقاء آخر بكم في مناسبة أخرى، وفي تكريم آخر، والآن زميلي يكمل معكم الحوار.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :520  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 192 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.