شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ عثمان العمير))
أولاً أشكر الأساتذة والزملاء على العبارات الرائعة التي سمعتها، لكني تذكرت عبارة قالها كاتب أمريكي، أعتقد أنه توماس هاردي، قال الإشاعات حول موتي مبهرة.
السيد الكريم ابن الكريم الشيخ عبد المقصود خوجه، السيدات والسادة الأفاضل، يصعب على المرء أن يتلقى اعترافاً من أفاضل دون شعور عميق بالمعنى الأصيل واللمسة الدافئة والعطاء المميز النابع من تلك النفوس التي جادت بتلك. كما لا يسهل عليه الحديث عن نفسه وعن عقود قضاها على ظاهر هذه الأرض. لأن الحديث عن النفس غير محمود. بل إنه ممكن استعارة، مقولة عبد الملك الزيات، المثقف، والدكتاتور، والوزير، في أن العدل خور في الطبيعة. لنقل أن الحديث عن النفس، خور في الطبيعة. وأذى يجب إماطته عن الطريق. خاصة أننا في عصر، هاتك للأسرار، مقتحم لكل الخصوصيات، وقاتل لدهشة المعلومة من الوريد إلى الوريد. إذاً دعوني، أستلهم من هذا المكان المقدس بالنسبة لنا، فكرياً، وثقافياً، وأدبياً، لأعبر إلى ماض حضر كله. كزغرودة فجر، وعنفوان طير محلق في أعماق الذاكرة. إنه لزام علي، وأنا أتلقى أول تكريم، داخل بلادي، أن أعرج، إلى هناك، إلى الأمس، حيث الشمال من هنا، إلى (يثرب) لأستشرف، من تلك الروابي، والبقع، وتلك السفوح، والجبال، (الحرات)، وذلك العقيق، الذي يفوح تاريخاً ويتموج مشية عمرية مسكاً وعنبر. من تلك البقعة حيث ثراؤنا الروحي، وخزاننا العابق، تراثاً، وحكمة، وأصالة. بدأت البواكير، وبدا تعلم ما يمكن للذهن المتواضع القدرة على تعلمه. إن ابتهالات المتصوفين، وأصوات الزائرين، ونداءات المقرئين الجماعية، وحناجر الصبايا، وزعيق البائعين، تتلاطم في أدغال هذا الدماغ، تتجمع ذرات وذرات، في حملة تحريضية، على استشفاف الماضي البعيد والدخول إلى نوافذه، والاحتكام إلى غرفه، ومواضعه. ولكن أينها؟، كيف يمكن أن تعود إلى أماكن زالت، وأسواق معتقة، بخمرة التاريخ، ورائحة الإنسان ذهبت؟!. للأسف لقد ذهبت كل بصيرة وذاكرة للمكان لدينا. الإيطالي عندما يذهب إلى البندقية، يجدها كما تركها أهلها، قبل خمسة قرون، تتزين للزائر، منذ خمسة قرون، فهذا مايكل أنجلو، وهناك رافيال، وهذا دافنتشي، وذلك فيفالدي. أما لندن فأنت تستطيع العيش فقط على الخبز والزيتون، وتاريخ لا تمل لمسه، ومشاهدته، أو قراءته وتمثله. هنا تعشى شكسبير. هنا عانق أوسكار وإيلد وهنا قضى فولتير أيامه في لندن. وكذلك يفعل الشامي، والهندي، والمغربي، كل يريد أن يستظهر تاريخه. كل يتوق للذهاب إلى مدرسته الأولى، وزقاقه الأول، وبيت مربيته، وخالته، وعمته، وجدته. لنبتعد عن فتح الجروح، والجراح، ونتحدث عن ما يمكن تقديمه للمستقبل، للمهنة التي أمضيت، فيها ما يقارب من نصف قرن، فلم أحسب نفسي، دائماً وأبداً، إلا خادماً مطيعاً، لهذه المهنة مخلصاً لها. لقد دخلت مغامرة الإنترنت، وكنت حريصاً كل الحرص، على أن تكون هذه المغامرة، تتمتع بلفتة بارزة تضيف لجيلي، والأجيال المقبلة، شيئاً ما. لا شك في أن التغير، في العالم، خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، في مجال هجمة المعلومات، يفوق ما حدث للعالم كله في عشرين قرناً. لم تعد الكنائس، والمعابد، والقصور، والطغاة، والقواد، والأباطرة، يتحكمون في المعلومة، وإيصالها، كماً وكيفاً، أصبحت في متناول الجميع بلا استثناء للرياح، للطيور، وللبلابل، وللإنسان. لقد عمل الفنانون، من أعمال، نحت، ورسم، وشعر، ومن ثم المصلحون الأوائل، على زحزحة المقدس الكاثوليكي، من مكانه ونجحوا بالدموع، والمذابح، والجبابرة، والمأزومين، من أباطرة، وملوك، وزعماء، وخلال قرون كان للنبوغ البشري الفضل الأول فيها من مطبعة، وصحيفة، ومسرح، وموسيقى. والآن نستطيع في هذه الفترة القصيرة، والحق أننا نتفرج، ونستهلك، النجاح في تعميم المعلومة على وجه الأرض. ومنها ننطلق أو الجيل الذي بعدنا، إلى عوالم، مغلقة، سنستبيح أسرارها فيما بعد. هذه الحقيقة الهائلة تتطلب منا جهداً، غير سهل في العمل حثيثاً، من أجل التقاط كرة النار، الملتهبة هذا الفيروس، الجميل، وتعميم لهيبه بأيدينا نحن، وبقرارنا نحن. المسألة لم تعد ترفاً ولا نزهة ولا رحلة سياحية. إنه اختبار جديد لنا. فهل سننجح في الامتحان؟، ذلكم هو السؤال.
سيدي الفاضل، أيها السادة والسيدات، قبل خمسة وعشرين عاماً أو ثلاثين عاماً، لا أتذكر قابلت في جدة المفكر الكبير، والشاعر العظيم، محمد حسن عواد، فطرت فرحاً لأنني رأيت العواد. هذا اليوم سأغادر هذه الليلة إلى نيويورك، لأنني قابلتكم. شكراً.
عريف الحفل: شكراً للأستاذ عثمان العمير، وسنبدأ الآن الحوار والأسئلة، ولكن دعونا الآن ننتقل إلى الزميلة نازك الإمام، للترحيب بالضيف من قسم السيدات، وليكن السؤال الأول من هناك.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :359  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 181 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.