شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((خارج الوقت))
أنا أعرف بالطبع أن زماني هذا غريمي
وأن الذي لي فيه قليل
لي فيه الذي فاتني أن أحصله
والذي فر من قبضتي
والذي أتذكره وأحن له
والذي هو حلم جميل
أكتفي بزياراته المتقطعة الآن
فالوقت ما عاد يسعفنا
والذي لم يكن لم يكن
والذي قيل من قبل قيل
وأنا لم أعد أعرف الوقت
فالشمس تفلت من بين كفي
والأرض تحت دائرة كالرحى
والليالي شكول
وأنا راحل أبداً
لا أفكر في أن أعود إلى حيث كنت
ولا أتمنى الوصول
لا أريد من الحلم أن يتحقق
كي لا يشاركني الوقت فيه
وتلفحه الشمس مني
وتطفئه المتعة العابرة
لا أريد من الحلم شيئا
سوى أن يظل كما هو حلما
يرفرف فوق الزمان
ويعبر لجته الفائرة
ليحط على جبهتي فجأة ويباغتني بالهديل
ثم يرحل في سره خارج الوقت
مستغرقاً في الرحيل
وأنا الآن حر
لأن الزمان غرمي
وأن الذي لي فيه قليل
ولهذا أسير على حافة منه
أقرأ أوجه أهليه
مستغرباً أن أكون هنا
أتذكر وجهي الذي كان لي
في المرايا التي تنطفي في طريقي
واحدة بعد واحدة
وأميل مع الدمع حيث يميل!
وأنا لم أعد أطلب المستحيل
لم أعد أتحدث عن مدن حرة
أتسقط أخبارها
وأسائل عنها المسافر
والقارئ الغيب
وابن السبيل
ويخيل لي وأنا أتحدث إليها كأني أراها
وأسمع أصداءها
مترددة في اخضرار السهول
لم أعد أطلب المستحيل
ولم يبق لي أن أفكر في بشر سعداء
يعيشون في زمن كالطفولة
لا يهرمون به أبداً
فهم يولدون مع الصبح
حتى إذا أقبل الليل ناموا
لكي يولدوا في غد من جديد
كما يتفتح ورد ندي على عتبات الفصول
وأنا لم أعد أتوقع زائرة
تطرق الباب في آخر الليل
نافضة عطرها في دمي
لم أعد أتوقع أن يرجع الأصدقاء الحميمون من ليلهم
لندير الشمولا ونبكي الطلولا.
وقصيدة أخيرة هي قصيدة طردية، وهي من القصائد التي نظمتها وأنا في باريس، وأنتم تعرفون أن الطرديات كانت تنظم غالباً على بحر الرجز، وكانت إما أن تكون على قافية واحدة تتعدد فيها القوافي طردية على قافية واحدة:
هو الربيع كان
واليوم أحد
وليس في المدينة التي خلت
وفاح عطرها سواي
قلت أصطاد القطا
كان القطا يتبعني من بلد إلى بلد
يحط في حلمي ويشدو
فإذا قمت شرد
حملت قوسي
وتوغلت بعيداً في النهار المبتعد
أبحث عن طير القطا
حتى تشممت احتراق الوقت في العشب
ولاح لي بريق يرتعد
كان القطا يدخل كاللؤلؤ في السماء
ثم ينعقد مقترباً مسترجعاً صورته من البدد
كأنما على يدي مساقطاً
مرفرفاً على مسارب المياه كالزبد
وصاعداً بلا كسد
صوبت نحوه نهاري كله
ولم أصد عدوت بين الماء والغيمة
بين الحلم واليقظة
مسلوب الرشد
ومذ خرجت من بلادي لم أعد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :457  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 160 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج