شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأستاذات والأساتذة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هذه الأمسية ذات وشائج بالفعل المتعدي.. معنية بالحاضر، بقدر ما هي مؤثرة في مستقبل الأمة.. نفردها بكل الحب لأدب الطفل.. سعداء بتكريم الأستاذ عبد التواب يوسف أحمد، أحد أبرز المعاصرين الذين برزوا في هذا التخصص النادر.. فقد ظل أدب الطفل لسنوات طوال المرغوب المرهوب.. كثر الحديث عنه، وقل العطاء في بيادره.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بضيفنا الكبير، الذي ساهم ولم يتعب قط خلال مسيرته الطويلة وهو يشق عباب هذا البحر الجميل.
من التعريفات الشائعة عن أدب الطفل "أنه النتاج الفكري الذي يتلاءم مع طائفة أو فئة أو طبقة من المجتمع وهم الأطفال، الذين يتصفون بعدم القدرة على تذوق الأدب المخصص للكبار"، وهناك ارتباط وثيق بين أدب الطفل وعلم النفس التربوي.. فكلاهما يستأنس بالآخر في سبيل الوصول إلى الغاية وتحقيق الأهداف المشتركة.
تناول ضيفنا الكريم هذا التخصص بقناعة تربوية أنه طريق ينبغي السير فيه رغم الأنواء.. إذ ليس من السهل عبور سنوات الشباب والرجولة والكهولة عوداً إلى سنوات الطفولة التي تنقسم بدورها إلى عدة مراحل، ولكل مرحلة خصائصها وضوابطها التي تحكم التعامل معها وفق درجة النمو العقلي والعاطفي.. كما أن هناك تداخلاً مباشراً بين دور الأسرة، والمدرسة، والمجتمع، والأديب المختص بأدب الطفل.. فهي أدوار يكمل بعضها البعض.. وكلما قوي دور الأسرة، وهي الأرض التي تحتضن البذرة الأولى، فإن بقية العوامل ستجد مناخاً مناسباً للعطاء والأداء النافع.. فالأسرة التي تضم أبوين مثقفين يتعاملان مع الكتاب باستمرار، وتشكل المكتبة عنصراً مهماً في المنزل، تختلف بطبيعة الحال عن الأسرة التي على قوامتها أبوين لا يعرفان الكتاب، وليس في منزلهما ركن لمكتبة صغيرة.
وينشأ ناشئ الفتيان فينا
على ما كان عوده أبوه
وبحصول البيئة المناسبة داخل الأسرة، يأتي دور الكاتب المختص في أدب الطفل، ليسهم في تقديم إبداعاته، ويتوغل في عقل الطفل بما يحبب إليه القراءة والاطلاع والمعرفة في مختلف العلوم.. فأدب الطفل لا يعني الترويح عن نفوس الأطفال فحسب، بل يغرس من خلال تلك العملية الكثير من القيم، والمثل العليا، والأعراف والتقاليد الراسخة في المجتمع، والعمل في الوقت نفسه على تنفيرهم من المفاسد بكل أشكالها.. فالكاتب يقوم بعملية قولبة لَدائن بشرية ذات رهافة وحساسية مفرطة، تؤهلها للتطبع بكل ما تتلقاه، سلباً أو إيجاباً.
إنها أمانة ومسؤولية ثقيلة، انبرى لها رجال نذروا أنفسهم لخدمة هذا الجانب المؤثر في مستقبل الأمة.. ومن أبرزهم ضيفنا الكريم.. وللأسف فإن عملهم أصبح أكثر تعقيداً مع ظهور منافسة غير متكافئة بين الكتاب -سواء للأطفال أو الكبار- مع وسائط متعددة مثل الفضائيات، والإنترنت، وألعاب الفيديو، والمدن الترفيهية التي تعج بكل غريب وجاذب لاهتمام الطفل عبر جميع مراحل نموه، وحتى الكبار الذين حرموا منها في صغرهم لا يجدون غضاضة في تعويض بعض ما فاتهم!
ومما لا شك فيه أن أدب الطفل لا يقتصر على الكتاب فقط، وإن كان المؤمل أن يظل الهدف الأسمى لأنه الوعاء الأمثل للثقافة والفكر.. عموماً قد يتبلور أدب الطفل وصولاً إلى خشبة المسرح، والأناشيد، وتتسرب أفكار المؤلفين إلى أفلام الرسوم المتحركة، والمسابقات، والألعاب الإلكترونية وغيرها.
إن أدب الطفل يجابه الكثير من التحديات التي من بينها معالجة انتشار ظاهرة العنف بين الأطفال، والتي تمارس بصورة يومية في المدرسة والمنزل، والملعب والشارع، ويغذيها باستمرار شلال هادر من الألعاب الإلكترونية التي تخطف أبصار الصغار، وتنمي فيهم جرعات مدروسة من العنف، والكراهية، والعنصرية.. وهذا لا ينفي وجود تيار مختلف يسعى لتكثيف قيم الفضيلة، مع إطلالة مميزة نحو المستقبل، آخذين بزمام العلوم التطبيقية، وقصص الخيال العلمي التي تنمي ذائقة الاكتشاف لدى الطفل.
قدم ضيفنا الكريم مشكوراً 595 كتاباً للأطفال طبعت في مصر، و 125 كتاباً للأطفال طبعت في البلاد العربية، و 40 كتاباً للكبار.
ومن أهم ما ألفه للأطفال كتاب "حياة محمد في عشرين قصة".. ويثري هذه التجربة خيال الطفل الواسع، الذي يمكنه من استيعاب تلك السيرة الزاهية بحضور ذهني، وتكثيف للصور التي تنقله في مراحل لاحقة إلى فهم أعمق لمدلولات السيرة النبوية، وما تمثله من عبق في حياة الأمة الإسلامية.
سعداء أن يرعى هذه الأمسية الأستاذ التربوي المعروف فؤاد أبو الخير.. وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم لتكريم سمو الأميرة الشاعرة سلطانة بنت (1) عبد العزيز السديري، مؤسسة المنتدى الأدبي المعروف الذي يقام بمنزلها بالرياض، ويتم فيه مناقشة كثير من قضايا المرأة والمجتمع.. وتستقبل فيه زوجات السفراء بالسعودية، وكثيراً من الأديبات والشاعرات من داخل وخارج المملكة، بالإضافة إلى فنانات تشكيليات، وسيدات أعمال وأكاديميات.. كما ساهمت في العديد من الأمسيات الشعرية، ومهرجان الجنادرية، وصدر لها دواوين شعر بالفصيح والشعبي، وكتابان بعنوان "صور من المجتمع" و "بين العقل والقلب".
فإلى لقاء يتجدد، وأنتم على خير ما أحب لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله...
الشيخ عبد المقصود خوجه: الأستاذ فؤاد أبو الخير، المربي الفاضل المعروف، وهو من رجالات المملكة القلائل، الذين أفنوا حياتهم في تربية أبنائنا منذ الطفولة وإلى الآن.. هو الرجل من القلائل الذين أعرفهم وقف هذا الموقف، وأكمل المشوار، ولا يزال فيه، ولا يعرف صنعة غيره، أعطى نفسه كلها لأطفالنا، فالتحية منا له جميعاً، والشكر والتقدير، وبهذه المناسبة، وهو عملاق نتطلع أن نسمع منه وله الشكر مقدماً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :547  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 103 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج