شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.
الأستاذات والأساتذة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يطل علينا الليلة فارس نبيل، صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية، الذي بسط كفيه للعمل العسكري والأداء الثقافي.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً به بين محبيه وعارفي فضله.
قبل أن أسترسل، نترحم جميعاً على فقيدنا الأستاذ عبد الحميد مشخص، الذي كرمته "الاثنينية" بتاريخ 30/7/1420هـ الموافق 8/11/1999م، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده برحمته، ويدخله جنان الخلد، ويلهم آ له وذويه الصبر وحسن العزاء.
إن الحديث عن الأعلام الكبار مدعاة لاستدراج مفردات اللغة إلى منحى خاص يخرج بها عن نمطية التداول رقياً إلى مصاف الطلاوة البلاغية، إلا أن العي أقرب من المتانة في مثل هذه المواقف.. ففارس أمسيتنا أرّخ لقاموسه الخاص ومسيرته في الحياة عندما أدرك بحكم ذكائه الفطري وشفافيته أن بوصلة مستقبله تشير إلى أكاديمية "سانت هيرست" العسكرية الملكية ببريطانيا.. فشد الرحال إليها مفارقاً جامعة الملك سعود.
عندما نسمع عن كلية "سانت هيرست" يتبادر إلى أذهاننا فوراً العدد الذي لا يستهان به من الملوك والرؤساء والقادة الذين تخرجوا فيها؛ ليشقوا طريقهم نحو توطين المعرفة؛ لخدمة أهدافهم السامية نهوضاً بأوطانهم وتحليقاً بها نحو آفاق التقدم والازدهار بموجب ما اكتسبوه من قيم معرفية وسلوكية لا تقتصر على الانضباط، والمسؤولية، والالتزام فقط.. وهكذا اغتنم فارس أمسيتنا هذه السانحة ليعود (جندياً) أنضجته التجربة، وغذاه العلم، واحتك بكثير من قيادات المستقبل في مختلف بلدان العالم مما يشكل أرضية خصبة للتعارف على أرقى المستويات وأهمها، ومن أكثرها عمقاً وفائدة للوطن.
محض سموه الكريم جل إخلاصه وجهده وفكره للحرس الوطني، حاملاً بين جوانحه آماله وتطلعاته وخططه التي تترجم عاماً بعد آخر إلى أعمال لا تخطئها عين، فأعباء سموه الكريم كبيرة يدركها كثير ممن يتتبعون إنجازات الحرس الوطني وقيادته ومسؤوليه.. ولن أطيل في هذا الجانب، الذي يستحق أكثر من أمسية دون أن نفيه حقه بحثاً وتحليلاً.. وعليه فإن هذه الاثنينية ستكون حصراً على مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، الذي أصبح تظاهرة ثقافية، واشتد عوده منذ عام 1405هـ/1985م عندما وضع فكرته ورعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -ولي العهد ورئيس الحرس الوطني آنذاك- وحظيت برعايته حفظه الله.. وسانده في تلك المسيرة صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبد العزيز، نائب رئيس الحرس الوطني، وشد من أزرهما فارسنا، فلبس العمل ليحقق العمل بعين ساهرة وقلب نابض، إلى أن أصبح المهرجان معلماً حضارياً يضم بين أروقته صورة مصغرة للمملكة عبر تاريخها الحافل بالإنجازات التي لم تنفصم قط عن جذورها وأصولها التراثية المرتبطة بعطاء الآباء والأجداد، أضحت كل لمسة وفعالية تلقي حزم ضوء على مسيرة أمة رأت أن تعلن مكنوناتها الثقافية والتراثية دون مواربة، وتفخر بثقافتها التراكمية التي لا تقتصر على المنجز الورقي والمنبري، بل تعدته إلى الحِرَف اليدوية والمأكولات الشعبية في عرض جميل استقطب اهتمام الزوار من داخل وخارج المملكة.
إن مهرجان الجنادرية محاولة جادة لكسر جليد السياحة الداخلية، ودعوة مباشرة للآخر للوقوف على حضارتنا، وأساليب حياتنا، وفنون معمارنا، بالإضافة إلى الندوات الثقافية والفكرية، والمحاضرات، والأمسيات الشعرية، التي يشارك فيها نخبة مميزة من المختصين.. وكل ما يتعلق بتراث أمة تركت وسماً في ذاكرة التاريخ، وينبغي أن تسهم بصورة أكثر ثباتاً ونصوعاً وتماهياً مع الحاضر والمستقبل.
ومما لا شك فيه أن "أوبريت" الجنادرية، مع ما يصاحبه من موسيقى ورقصات شعبية، قد بعث برسالة عميقة المضمون إلى كل من نصّبوا أنفسهم حماة وحراساً لقيم توهموها في مخيلاتهم، ولا مكان لها على أرض الواقع.. فانبجست بتلك الرسالة إشراقات نور أثّرت بشكل إيجابي في مسيرة العمل الثقافي بمعناه الواسع.. ونأمل أن تتواصل هذه الخطى وفق رؤى حضارية تجعلنا في مصاف دول العالم الأول، دون أن تنتقص من ثوابتنا وقيمنا ومثلنا التي لا نرضى عنها بديلاً.
يبقى المسرح "أبو الفنون" حاضراً في مهرجان الجنادرية للثقافة والتراث، فهو يحمل أعمق الدلالات التي تربط بين المبدع والمتلقي مباشرة.. وهو ما يمنح المسرح أثره الكبير وألقه الذي لا يمكن تخطيه بحال من الأحوال.. وبالرغم من بعض الملاحظات التي تثار هنا وهناك حول المسرح، فإنه يفرض نفسه تلقائياً وفق قوة الدفع الذاتية التي تميزه عن سائر الفنون، والأمل معقود في مهرجانات الجنادرية المستقبلية أن تمنح المسرح مساحة أكبر في فعالياتها؛ ليتشكل وينمو ويزهر ويلقي بظلاله على الوطن في شمولية يستحقها، وهو جدير بها.. ومما أسعدنا تنافس أربعة عشر عرضًا مسرحيًّا سعوديًّا لنيل جوائز المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته الرابعة والعشرين على مدى سبعة أيام، الأمر الذي يعزز مسيرة "المسرح" ويمهد الطريق لتمكينه من أداء رسالته الثقافية والاجتماعية.
سمو فارس أمسيتنا صاحب همة عالية، ونظرات عميقة تسبر الأمور وتزنها بميزان يليق بثقلها، باعتبار أن "الجنادرية" حاضنة لكثير من المكتسبات ذات التأثير المباشر في المجتمع، كما أنها عنوان رقي وأصالة ورسالة نابضة بالخير نضعها بكل فخر بين أيدي زوار المملكة من مثقفين، وأدباء، وشعراء، وصحفيين، وغيرهم.
ومن اللمسات الجميلة، لَفَتَاتُ الوفاء التي يفردها مهرجان الجنادرية كل عام لتكريم أحد الأساتذة الأفاضل الرواد الذين أفنوا زهرة حياتهم في خدمة الوطن من خلال أعمالهم التي تقف شاهداً على إسهاماتهم الثقافية المميزة، وهي قيمة حضارية أخرى تضاف إلى منجزات هذا المهرجان الكبير.
سعداء أن نلتقي الأسبوع القادم للاحتفاء بالسيدة الفاضلة الأستاذة الدكتورة خولة الكريع، رئيسة مركز الأبحاث بمركز الملك فهد الوطني للأورام -مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث.. الحائزة على وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى قبل أيام قلائل.. إسهاماً في توثيق مسيرتها الحافلة بالنجاح، وتقديراً لنشاطها الكبير في مجال البحث الجيني للسرطانات..
فإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير.
طبتم وطابت لكم الحياة والسلام عليكم ورحمة الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :424  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 63 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.