شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفي وصاحب الاثنينية الشيخ عبد المقصود خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك وخاتم أنبيائك، صفيك وحبيبك، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأحبة الأفاضل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسعدنا في هذه الأمسية أن نتشرف بعلم من الأعلام البارزين في عالم المال والاقتصاد، معالي الشيخ محمد أبا الخيل وزير المالية والاقتصاد الوطني الأسبق..
ومعاليه أشهر من أن يُعرَّف.. فهو من الرجال القلائل. الذين عاصروا مختلف المراحل التي مرت بتطور وازدهار اقتصادنا الوطني، حيث بذل معاليه جهداً كبيراً، مقدراً، مع العاملين كافة في وزارة المالية والاقتصاد الوطني..
وأحسب أن خير طريقة للحديث عن معاليه: بالنسبة لي أن أتحدث بموجب وَقَفات أو لمحات عن حياته الحافلة بكثير من الانجازات الكبيرة.. وليس بالضرورة أن تكون وقفاتي بترتيب معين..
ولعلي أذكر شيئاً وتغيب عني أشياء.. غير أن الشيء الذي لا يختلف عليه اثنان أن معاليه نظيف اليد، والقلب، واللسان.. تطاول خُلقاً وعلماً وعطاءاً وخبرةً، فأصبح ثقله معروفاً على مستوى المنطقة والعالم أجمع.
والحديث عن ضيفنا الكبير، من أصعب المواضيع التي تطرقت إليها مؤخراً، فمع تقديرنا وإكبارنا لمعاليه، إلا إنه قد يكون الشخصية، الأكثر إثارةً في تاريخ العمل الوزاري في بلادنا، والأكثر استقطاباً لاختلاف الآراء حوله.. غير أنه لا يحق لي أن أتناول هذه الشخصية إلا بالخير.. أما الحكم له أو عليه فمتروك للتاريخ ووثائقه ورجالاته.
ومن الوقفات التي تحضرني، التأمل في العمل الدؤوب، الذي قاده معاليه بما لديه من كفاءة، وصبر، واقتدار، حتى تمكن من خلق روابط وعلاقات وثيقة مع كثير من الدول العربية الشقيقة، في مجال الاتفاقيات الثنائية، واتفاقيات عدم الازدواج الضريبي، مع بعض الدول الأوروبية، وقد عادت هذه الاتفاقيات الثنائية بفوائد عديدة، على مختلف الأطراف التي التزمت بها، وبالتالي على مواطني هذه الدول..
كما كان له دور مؤثر في أنشطة صندوق النقد الدولي. وغيره من المنظمات الدولية.
ومعالي ضيفنا الكبير رغم دقة جسمه إلا أنه ذلك الرجل الجسور في كل المواقف، يسيرها وعسيرها، فقد مر بالمملكة ما عُرف بفترة "الطفرة"، التي أسميها "الحلم الوردي" الذي لن يتكرر، كما مرت بها حرب الخليج وما تركته من آثار على وضعنا الاقتصادي أثناء الحرب وبعدها.. حيث انخفض الدخل إلى النصف أو أقل منه نتيجة تدني سعر البترول وكمية إنتاجه من مستوى الأرقام الفلكية إلى الوضع الطبيعي في مستويات التنمية العادية..
فقد أدى هبوط أسعار النفط بالإضافة إلى اكتمال البنية الأساسية إلى انكماش الصرف من الخزينة العامة، التي وجهت جل اهتمامها في فترة ما، لمقابلة احتياجات حرب الخليج وما جرته من آثار سيئة، والعمل على درء وتفادي ما يمكن تفاديه، مما أدى بالضرورة إلى تحول في المسيرة الكبيرة..
وبما أن رضاء الناس غاية لا تدرك، فقد انقسم البعض بين راض، ودون ذلك؛ ولكل عذره وأسبابه ومبرراته التي دفعته إلى اعتقاد ما يراه.
ورغم اختلاف وجهات النظر، فلا بد أن نذكر للتاريخ، أن معاليه قد دفع بكل الإمكانيات المتاحة، في سبيل الإسراع بإنجاز ما تتطلبه خطط التنمية الطموحة، وكأنه رأى بالأفق ما حدث فعلاً من قصر الفترة التي لاحت، لاستكمال القاعدة الأساسية مع سرعة دوران رحى التنمية.. فكانت نظرةً ثاقبةً لولي الأمر؛ نفذها ضيفنا، بحكمة، وبصيرة، وحنكة، وبراعة.
ورغم كل ما يقال عن أداء وزارة المالية وفروعها المختلفة، وبعض القصور الذي لا بد منه لأنه من سمات البشر، إلا أن معالي الضيف الكبير، قد تمكن من مكننة الوزارة إلى حد كبير، واستفاد من الحاسب الآلي لتدريب الكفاءات السعودية، حتى تتمكن من تسيير دفة العمل حسب روح العصر بقدر المستطاع..
ذلك أن المال هو عصب الحياة، وتيسير الأمور في وزارة المالية قد ينعكس دون شك إيجاباً على جميع المتعاملين معها، وأي سلبيات ستنعكس أضعافاً مضاعفةً على حجم الأعمال المرتبطة بها لأهمية دورة النقود في الإقتصاد..
كما أن هذه المرحلة يمكن أن تؤدي إلى ما نتطلع إليه من تغييرات في كثير من الأنظمة، ومنها نظام الصرف المالي. وما سيتبع ذلك بالتأكيد من إعادة نظر في بعض الاجراءات ذات العلاقة.
ومن الوقفات المشرقة في مسيرة معالي الضيف الكبير، الثقة التي استطاع أن يبنيها في الاقتصاد السعودي على نطاق العالم وبين المؤسسات المالية الدولية، مما أدخل الاطمئنان إلى السوق المحلي والمعاملات الخارجية..
كما أن ثبوت العملة السعودية كل هذه المدة الطويلة قد عزز ثقة المستثمر باقتصادنا بدرجة كبيرة على المستوى الخارجي قبل الداخلي.
وفي النهاية تبقى حول ضيفنا العزيز بعض علامات الإستفهام بالنسبة للكثيرين، غير أن المطمئن بالنسبة لمعاليه أن هذه العلامات لا تدور إطلاقاً حول أي أمر شخصي، لأنه كما أسلفت رجل لا يختلف حوله اثنان، فمصداقيته وخلقه وعمله وفكره تشهد له بأنه كان دائماً المجتهد في سبيل الخير وله..
ومعاليه لم يكن في يوم من الأيام ممن تحملهم الوظائف، بل كان طوال فترة عمله يحمل الوظيفة بكل أعبائها ومشاكلها ومسؤولياتها، ولم يعتبرها تشريفاً بقدر ما رآها تكليفاً.. فالمسؤولية لا تتجزأ..
والقرارات الصعبة لا تعترف بالوقت..
وبالتالي كان معاليه يتصدى لها بشكيمة لا تلين، واضعاً نصب عينيه المصلحة العليا، التي تعود بالخير على الوطن والمواطنين.
جميل أن نحتفي أيها الأحبة، اليوم بهذا العلم الكبير، الذي نعرف من آثاره أكثر من كلماته..
وما أقل الرجال الذين تكون أعمالهم أبلغ من كلماتهم..
فأهلاً وسهلاً ومرحباً به في هذه الاثنينية التي خرجت عن مألوف عادتها لكي تحتفي به وبمكانته المميزة وأصدقائه ومحبيه، في إطار مخصوص، نأمل أن يبقى في ذكرياتنا كأجمل اللقاءات التي نسعد بها مع ضيفنا الكريم بعد أن أدى دوره بأمانة كأفضل ما يكون الأداء.
أيها الأحبة الأفاضل: أنتهز هذه الفرصة لأهنئكم بقرب حلول شهر رمضان المبارك.. سائلاً الله العلي القدير أن يعيده عليكم وعلى الأمة الإسلامية، باليمن والخير والسعادة والمحبة والسلام..
مذكراً أن ختام هذا الفصل من نشاطنا بالإحتفاء بمعالي الشيخ محمد أبا الخيل، يمثل مسك الختام..
وعلى أمل أن نلتقي مجدداً بعد عيد الفطر المبارك بمشيئة الله لنواصل مسيرة المحبة والوفاء لرموز هذه الأمة وروادها.
وكل عام وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :742  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 130 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.