شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم حمداً كثيراً كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيّك، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أصحاب المعالي والسعادة
الأستاذات الفضليات
الأساتذة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
بفيض من الحب وألق المعرفة نلتقي، احتفاء متفرداً في معناه وسمو مرماه، نجثو على الركب على بساط كل قلعة من قلاع العلم والمعرفة، نمد جسومنا جسراً للتواصل مع كل أوعية الفكر، ورواد صناعة المستقبل.. نحيي بكل الود والتقدير معالي الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن العثمان، مدير جامعة الملك سعود، الذي نسعد معه بهذا اللقاء، مترسمين هدف "الاثنينية" الأعظم في أن نقول ببساطة كلمة "شكراً" لمن يؤدون رسالتهم كخير ما يؤديها الرجال الموفون بعهودهم، الصادقون في توجهاتهم، المنكرون ذواتهم من أجل الغايات الأسمى والأهداف النبيلة.. ونسهم في الوقت ذاته بتوثيق هذه المسيرة المجدولة بالخير والعطاء.
نقف في رحاب جامعة الملك سعود، فتتداعى إلى الذاكرة حلقات من العطاء المميز الذي بدأ -شأن كل البدايات الصعبة- متواضعاً يتلمس طريقه نحو الشمس.. في وقت كان الحقل شاسعاً، والبون واسعاً، وشح الإمكانات يوصد الكثير من أبواب الأمل.. ندرك أبعاد الصورة عندما نعود إلى تاريخ إنشائها في 14 ربيع الثاني 1377هـ الموافق 6 نوفمبر 1957م.. العزيمة وحدها كانت المعول الذي يتكئ عليه الرجال لمجابهة الصعاب.. فما وهنوا وما استكانوا، فقد وظفوا العلم والإيمان لتحقيق الأحلام الكبيرة، ولاذوا بالعمل في صمت ليدرك الوطن والمواطنون بعد حين أن النبتة الغضة قد استوت على ساقها، أصلها ثابت وفرعها في السماء، عملاً وقولاً.. تقهقر ظلام وانبلج فجر جديد.. وقد كان لي حظوة وشرف حضور حفل افتتاحها، ومواكبة مسيرتها حتى يومنا هذا، وإلى أن يأذن الله.
في عام 1429هـ/2008م دخلت "جامعة الملك سعود" منظومة أفضل خمسمئة جامعة في العالم حسب تصنيف "شنغهاي" المعروف، حيث تتم مراجعة أكثر من ألفي جامعة حول العالم، ويتم التصنيف الفعلي لألف جامعة منها لكن يتم نشر الخمسمائة الأوائل فقط.. وإنه لفضل لو تعلمون عظيم.. إنجاز لم يحدث صدفة بالتأكيد، فهو نتاج تخطيط وبحث وعمل تراكمي دؤوب، في ساحة تحاصرها التحديات من كل صوب، ذلك أن إدارة الجامعات ليست من طراز إدارة الشركات والمؤسسات التي ترتفع أسهمها مع زيادة المبيعات واختراق الأسواق، بل تعامل مع صفوة الصفوة من العلماء والمفكرين والطلاب.. وكل منهم عالم قائم بذاته بما لديه من مواهب، وخلفيات ثقافية، منحته موطئ قدم في هذا الصرح العملاق.. وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
الأداء الأكاديمي الرفيع، رغم أهميته، لم يكن الهم الأوحد في أجندة الجامعة، لكن معادلاتها شملت متغيرات أخرى مثل "مراكز البحث" التي أضحت البعد الحقيقي؛ لتلامس من خلاله شجون المجتمع إسهاماً مقدراً في إيجاد الحلول العلمية الناجعة لمعضلات اقتصادية واجتماعية وصناعية وغيرها.. وبهذا المفهوم صارت الجامعة حياة في حياة.
ولم يقف مدها عند شواطئ الأمل القريب، بل تعدت ذلك لتصبح مصدر إشعاع سامق، مقتطعة بعض فروعها؛ لتغرس جامعات مستقلة في مناطق أخرى من هذا الكيان الحبيب، كان قيام جامعة تضم شمل أبنائها وبناتها حلماً بعيد المنال.
وفي هذا السياق نهنئ أنفسنا بالاتجاه التصاعدي الذي ارتقى بعدد جامعاتنا إلى أكثر من عشرين جامعة بعد أن تكدس أبناؤنا زمناً طويلاً وضاقت عليهم الأرض بما رحبت في ظل سبع جامعات، فالتمسوا طلب العلم في معظم دول العالم، غنيها وما دون ذلك، متطلعاً أن يزيد عدد الجامعات بما يواكب النمو السكاني للمملكة والمقدر بـ 2.24٪ وهي من أعلى المعدلات العالمية.. فزيادة عدد الجامعات يعني الحد من هجرة أبناء وبنات القرى والمدن الصغيرة إلى المراكز الحضرية، وبالتالي توطين الكفاءات وخلق فرص عمل أوسع، وتشجيع مواصلة التعليم الجامعي والعالي للبنات، وظهور نوابغ في شتى المجالات ربما طواهم النسيان بسبب انكماش التعليم الجامعي.
إن التعليم الجامعي لم يعد ترفاً، بل أصبح الحد الأدنى الذي ينبغي أن يطمح إليه كل مواطن في بلد يتربع على أكبر الثروات النفطية في العالم.. ويشحذ من هذه الهمة العالية وجود أعداد مقدرة من الخبرات الأجنبية التي تسهم في إدارة دفة العمل ومسيرة التنمية، ولا بد من أن تتحمل الأيدي الوطنية مسؤوليتها بنهضة علمية وعملية تغطي النقص الحاد خاصة في مجالات التقنية والطب، بمختلف درجاتها وتخصصاتها.. ويحدونا الأمل في أن يستمر النهج الحالي وصولاً إلى الاكتفاء الذاتي، من دون الاستغناء بطبيعة الحال عن الابتعاث الخارجي لاكتساب مزيد من المهارات والاحتكاك بالآخر.
ولي وقفتان أود التركيز عليهما مع ضيفنا الكريم باعتباره صاحب أوليات، وآمل أن تضافا إلى منجزاته، أولاهما: مسألة المناهج العلمية، سواء في التعليم العام أو الجامعي، فهي من دون شك في حاجة ماسة إلى مراجعة شاملة تغوص في العمق وتحتاج إلى جراحات مؤلمة، تبتر وتزرع مختلف الأعضاء وفق متطلبات المرحلة، وليست مجرد معالجات تجميلية.. وأهيب بمعالي ضيفنا الكبير ورفاق دربه مديري الجامعات الأخرى العمل يداً بيد مع وزارة التعليم العالي لإنجاز مثل هذه الجراحات الكبيرة التي تتوقف عليها مسيرتنا الجامعية، لأن أي تمدد أفقي إن لم تواكبه حركة تصحيحية سيكون عوداً أعوج لا يلقي إلا ظلاً مشابهاً.
والوقفة الأخرى تتعلق بمسألة تقاعد الأكاديميين، ففي كل العالم المتقدم يظل الأكاديمي منبع عطاء علمي متجدد، فكلما تقدم في السن زاد خبرة واطلاعاً وتجارب تثري المشهد العلمي.. وأناشد من هذا المنبر وزارة التعليم العالي، وغيرها من الجهات المعنية، إعادة النظر في مسألة سن التقاعد بالنسبة للأكاديميين، حتى لا نحرم وطننا وطلاب وطالبات جامعاتنا حصاد سنوات من البذل والعطاء لعلماء يحتفي العالم المتحضر بنظرائهم، ويمنحهم كل ما يلزم، احتراماً وتقديراً للعلم والعلماء.
الحديث ذو شجون، والأمر جد شائك، وفي جعبة معالي ضيفنا الكريم الكثير مما يثري هذا المجال، وما ذكرت إلا رؤوس أقلام لها امتدادات في اتجاهات كثيرة.. ولا يفوتني أن أزجي كلمة شكر وعرفان لأصحاب المعالي الذين بذلوا الغالي والنفيس لرفعة هذا الصرح، الأساتذة الدكاترة عبد الوهاب عزام، وناصر المنقور، وعبد العزيز الخويطر، وعبد العزيز الفدا، ومنصور التركي، وأحمد الضبيب، وعبد الله بن محمد الفيصل، رحم الله من توفاه منهم، وأمد في عمر البقية ومتعهم بالصحة والعافية.. والشكر موصول لكل من أسهم في مسيرة البناء الحضاري الذي تمثله جامعة الملك سعود بعراقتها، وعبقها، ورسوخها.
يسعدني أن أترك لاقط الصوت لمعالي أخي معالي الدكتور محمد عبده يماني، المفكر الإسلامي المعروف، ووزير الإعلام الأسبق، ورئيس مجلس رعاة "الاثنينية"، ليرعى هذا اللقاء بجميل فضله.. وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم لنحتفي بصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية، الذي منح "مهرجان الجنادرية" الكثير من العناية والرعاية حتى أصبح تظاهرة ثقافية ذات صوت مسموع وجَرس يسترعي الانتباه على مستوى العالم.. فإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير.
وقبل أن أحييكم بالاختتام أرحب بوفد برنامج اللقاءات الحوارية على مستوى المملكة الذين سعدنا باستضافتهم في هذه الأمسية -وفد الطلبة الموهوبين بجدة فشكراً لوجودهم بيننا ونرحب بهم وأهلاً وسهلاً بكم جميعاً، طبتم وطابت لكم الحياة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :478  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 53 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.