شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مبعوثو الجمعيات العربية عند الحسين
واشتعلت نار الحرب العالمية في هذه الأثناء عام 1332هـ (1914) وانضم رجال الاتحاد من الأتراك إلى ألمانيا فرأى بعض الاتحاديين أن الوقت لا يتسع لمهادنة الجمعيات العربية أو بحث مطالبها فصدر الأمر بإلغاء ما تألف منها في بلاد العرب وتأسيس فرع لجمعية الاتحاد والترقي التركية في العواصم العربية لتعمل على خدمة مبادئهم ونشطت الصحف للدعوة ضد العرب واشتط بعضهم فألف أحد شيوخهم كتاباً سماه (قوم جديد) قال فيه: ((ما هذا الجهل وما هذه الغفلة التي استولت عليكم تعلقون أسماء خلفاء العرب في مساجدكم ولا تذكرون بالاحترام أسماء خلفاء الترك الذين قدستهم الأحاديث النبوية الكثيرة)) (1) .
وتألف في مكة كما تألف في سائر بلاد العرب فرع الاتحاد والترقي وأنشئت لتتريك العرب فيها مدارس كانت تدرس العلوم العربية باللغة التركية.
وحملت إليهم عيونهم أن شريف مكة لا يخلص الود للاتحاديين وأن حركاته باتت مريبة وأنه يجتمع في قصره بكبار المعروفين في الحجاز إعداداً لأشياء تثير الشكوك وأنه بات يضع أنفه في الأعمال الإدارية الخاصة بالوالي التركي في الحجاز وأن بعض مندوبي الهيئات والجماعات العربية يتوافدون إلى مكة باسم الحج في مواسمه ليجتمعوا به.
وبذلك قرر الاتحاديون عمل شيء حاسم فندبوا أحمد جمال باشا وزير البحرية العثمانية إلى سوريا ليتولى إدارتها العسكرية ومنحوه صلاحية واسعة تشمل سوريا ولبنان والقدس وفلسطين وتمتد إلى الحجاز واليمن إذا اقتضى الحال كما ندبوا أحد الألبانيين إلى مكة (وهيب بك) ليحصد شوكة الحسين ويحدد صلاحياته الإدارية أو يغتاله إذا لزم الأمر ولكن الحسين فوت عليه الفرصة وأصرّ على طلب نقله من مكة بعد أن رفض بعناد جميع الإجراءات التي بلغه إياها كما رفض الأوامر العالية التي تقضي بأن يفقد الحجاز أسلوب الحكم الشريفي المستقل بإدارته ليصبح كغيره من المقاطعات التي يحكمها العثمانيون مباشرة (2) .
أما جمال باشا فقد استطاع أن يفرض سلطته العاتية في سوريا ولبنان وأن يتعقب أحرار العرب فيقضي عليهم بالموت وقد نصبت لذلك المشانق في دمشق وبيروت وعلّق على أعوادها العشرات بعد العشرات من رجالات العرب البارزين (3) .
ورأت بعض الجمعيات العربية السرية في دمشق أن تتصل بالحسين في مكة فأوفدت إليه بعض مبعوثيها في ثياب حجاج لينفضوا أمامه ما يعانيه العرب ويؤكدوا له أن القوميين العرب في سوريا والعراق يؤيدون ثورة عربية ويودون أن يعرفوا ما إذا كان الحسين على استعداد لتزعمها فلم يقطع الحسين بشيء. ولكنه ما لبث أن ندب ابنه فيصل (ملك العراق فيما بعد) في زيارة إلى سوريا.
واجتمع في سوريا بجمال باشا في أكثر من جلسة ودية حاول عبثاً خلالها باسم والده أن يعالج غلو جمال في الفتك بأحرار العرب واستطاع في أثنائها أن يتصل ببعض المتكلمين باسم الجمعيات التحررية وأن ينقل بعودته إلى مكة موافقتهم على تفويض الحسين ليكون الناطق باسم العرب في أية مفاوضات تقوم بها مع بريطانيا بالنيابة عنهم للحصول على الشروط التي طلبوها (4) .
ويبدو أن الحسين أراد أن يرمي من كنانته بآخر سهم يحدد علاقته بالاتحاديين فأبرق إليهم في الآستانة يعرض استعداده لتجنيد أولاده على رأس القبائل العربية لمؤازرة الدولة إذا قبلت الدولة إعطاء سوريا نظاماً لا مركزياً وإعلان العفو عن المتهمين السياسيين فيها وموافقتهم على بقاء إمارة مكة في أولاده وقد تلقى جوابهم بأن المتهمين في سوريا لا بد أن ينالوا عقوباتهم ولا بد للحجاز أن يظل شأنه شأن الممالك الشاهانية (5) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :459  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 219 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.