شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
العلاقات بين غالب ونجد
وحج السعوديون في العامين 1214-1215 في جموع بالغة الكثافة وكان على رأسهم فيها سعود الكبير بن عبد العزيز وقد أهدى سعود غالباً هدايا عظيمة من الخيل والنوق وقابله غالب بمثلها ولم يدخل سعود مكة قبل الوقوف بل نزل بجنده في عرفة (1) .
وكاد يقع بعض الاصطدام في أيام منى عام 1215 بين أتباع غالب وبعض السعوديين إلاّ أن غالباً تدارك ذلك قبل استفحاله وساعده على ذلك شيوخ النجديين من ناحيتهم.
وكان غالب قد احتاط لكل ما توهمه فبنى فوق الجبال عند مداخل مكة بعض الأبراج وحصن جميع المداخل ببعض أتباعه من القبائل (2) .
ولم يدم أمر الصلح بعد ذلك طويلاً فقد اتصلت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بجنوب الحجاز فانضم إليها كثير من قبائل الحجاز على رأسهم شيخ محايل سعدي بن شار وشيخ بارق أحمد بن زاهر فغضب غالب وكلف وزيره في القنفذة أن يجهز عليهم حملة فكانت مقتلة عظيمة هزمهم فيها وزير القنفذة.
ثم علم أنهم عادوا إلى الدعوة فاستأنف قتالهم في عام 1218 ثم قاتل غيرهم من بني كنانة وغيرهم من أهل حلى في جنوب الحجاز في رمضان من السنة نفسها وقد ظفر جيشه بأغنامهم وأبقارهم وأموالهم فأخذها وسبى بعض العسكر أولادهم فباعوهم بمكة بيع الرقيق (3) لاعتقادهم الخروج على الدين.
وتتابع العصيان من القبائل على غالب في جنوب مكة وجنوبها الشرقي فظل غالب يندب سراياه من الجيش لقتالهم حتى بلغ عدد المواقع ما يزيد على ثلاثين موقعة (4) .
واتهم غالب جاره سعود بن عبد العزيز فكتب إليه في سنة 1217 بذلك فأكد له الأخير أنه لا صلة له بما يحدث من عصيان القبائل ولم يقتنع غالب فكان الاحتكاك وكان التنافر وبذلك عاد الأمر بينهما إلى ما كان عليه من التنابذ والقتال (5) .
واشتبك الفريقان على أثر هذا الخلاف في موضع يقال له العبيلاء (6) بين الطائف وتربة قبيل رمضان من عام 1217هـ فارتد النجديون بعض الشيء ثم استأنفوا الهجوم فظفروا.
وكان على رأس المقاتلة النجديين وزير الشريف غالب وصهره عثمان المضائفي فقد انضم إلى السعوديين على أثر خلاف بينه وبين غالب ثم ما لبث أن قاد جيوشهم وعسكر بها في بلدة ((العبيلاء)) (7) .
ويذكر السيد زيني دحلان أن عثمان المضائفي أرسله غالب إلى سعود مع جماعة يحملون كتبه التي يستفسر فيها عن نقض الصلح وأن عثمان عندما قابل سعوداً قدم طاعته واستعد للعمل معه لفتح مكة فأمره سعود على الطائف وتركه يعمل فلما عاد راجعاً إلى مكة مع جماعته تخلف في قرية ((العبيلاء)) وحده للعمل ضد غالب ثم أخذ يجمع القبائل المجاورة في سبيل ذلك (8) .
وفي رمضان أرسل عثمان المضائفي إلى حامية الطائف وعليها عبد المعين أخو الشريف غالب يطلب الانضمام إلى الدعوة فشعر عبد المعين بدنو الخطر فاستدعى بعض القبائل للهجوم على النجديين.
ونشط غالب في مكة فجمع جموعه من القبائل لمساعدة أخيه في الطائف ثم سار الاثنان في جيشهما شرقي الطائف إلى العبيلاء حيث حاصرا عثمان المضائفي في جنده من النجديين في حصن هناك فلم يقويا على دكه بمدافعهما فأقاما حوله إلى هلال شوال سنة 1217 ثم تركاه وعادا إليه فلم ينجحا في دكه فتركاه مرة أخرى وعادا إلى الطائف.
وشعر النجديون أن في استطاعتهم الزحف بعد ذلك إلى الطائف فساروا إليها حتى انتهوا إلى القرب منها في 25 شوال عام 1217.
وظل جيش غالب في الطائف بعد ذلك محصوراً وبدأت القبائل تتفرق عنه واضطربت أمور غالب وبلغه أن بعض النجديين يزحفون على مكة فترك الطائف ليدافع عنها جيشه بعد أن بذل للعربان أموالاً كثيرة ليغريهم بالدفاع فكان يعطي الرجل منهم عشرة مشاخص، ثم توجه إلى مكة.
وبخروجه من الطائف تداعت قوة الجيش المعنوية وترك بعض المكلفين بالحصون فوق السور أمكنتهم فهاجم السعوديون السور واقتحموه واحتلوا الطائف بعد مقتلة عظيمة قليلة النظير وذلك في ذي القعدة عام 1217 (9) .
يقول عثمان بن بشر في تاريخه ((عنوان المجد في تاريخ نجد)) (10) : ((دخل عثمان ((الطائف)) ومن معه من الجموع وفتحه الله لهم عنوة بغير قتال وقتلوا من أهله في الأسواق والبيوت نحو مائتين وأخذوا من أموال البلد أثماناً وأمتاعاً وسلاحاً وقماشاً وشيئاً من الجواهر والسلع المثمنة ما لا يحيط به الحصر ولا يدركه العد وضبط عثمان شؤون البلد وسلمت له جميع نواحيه وبواديه، وجمعوا الأخماس وبعثوها لعبد العزيز فقرر ولاية عثمان للطائف واستعمله أميراً عليها وعلى الحجاز)) ويذكر السيد زيني دحلان أن القتل في الطائف كان عاماً استوعب الكبير والصغير ولم ينج منه إلاّ القليل (11) .
ثم وافت الأخبار بحركة الأمير سعود بن عبد العزيز في جيش إلى الطائف ثم وصل الطائف فانضم إليه جيش عثمان المضائفي وساروا في جنودهم حتى عسكروا على نحو ثلاث مراحل من مكة حيث ظلوا في معسكراتهم إلى أن قضى الحجاج مناسكهم، ويقول ابن بشر أنهم عسكروا في العقيق المعروف قرب الريعان (12) وكانت مكة قد ازدحمت في موسم هذا العام بالحجاج ازدحاماً شديداً وبات الناس فيها خائفين أن يدهمهم المهاجمون في مكة أو عرفة إلاّ أن المهاجمين ظلوا في معسكراتهم لا يتقدمون حتى قضي الحج، ولما قضي الحج عرض غالب على أمراء الحج الشامي والمصري أن يساعدوه في لقاء المهاجمين فلم يقبلوا وغادروا مكة بعسكرهم كما غادر مكة صنجق جدة في عسكره وبقي غالب وحده فشعر أن لا طاقة له بالبقاء فارتحل إلى جدة وترك في مكة أخاه عبد المعين (13) .
ولما تسلم الأمر أخوه عبد المعين كتب إلى الأمير سعود يعرض طاعته على أن يستبقيه في إمارة مكة ثم أشفع ذلك بندب بعض العلماء في مكة وكان فيهم الشيخ محمد طاهر سنبل والشيخ عبد الحفيظ العجيمي والسيد محمد بن محسن العطاس والسيد محمد ميرغني فتوجه الجميع واجتمعوا بالإمام سعود في وادي (السيل) (14) بين الطائف ومكة فقبل منهم وأعطاهم كتاباً بالأمان وموافقته على بقاء عبد المعين على ولاية مكة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :468  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 173 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج