شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأخشيد في مكة
الأخشيد دولة أسسها في مصر أحد قوّاد العباسيين في عهد الانحلال العباسي وقد تقدم بنا أن نفوذ الأتراك في بغداد قد تفاقم وأصبحوا يولون أتباعهم عمالاً في الأمصار وكان العمال يستخدمون من يلوذ بهم. وفي هذه الأثناء التحق محمد الأخشيدي بخدمة ابن بسطام عامل بلاد الشام ثم حارب تحت قيادة تكين في مصر ضد فاطمّيي المغرب ثم ولاه تكين الإسكندرية نيابة عنه في سنة 307 فوطد لنفسه في مصر بقتال فاطمّيي المغرب مرة أخرى حتى ولته بغداد إمارة مصر في عهد أمير الأمراء ابن رائق ثم ما لبث أن ساءت العلاقات بين الأخشيد وابن رائق أمير الأمراء في بغداد فنشب القتال بينه وبين جند العباسيين ثم اصطلحوا على أن يتولى الأخشيد أمر مصر لقاء مائة وأربعين ألف دينار ذهباً يدفعها سنوياً إلى بغداد ثم ما لبث أن امتد نفوذه إلى الشام وبلاد الحرمين، وقد أقره الخليفة المتقي بالله العباسي على ذلك وعقد لولديه أبي القاسم وأبي الحسن من بعده على أن يكفلهما خادمه كافور الخصي المعروف بالأخشيد (1) . وفي هذا العهد قاست مكة كثيراً من الضيق كنتيجة لاضطراب العالم الإسلامي بأحداث الأخشيدي وبني رائق ومنع الحج سنوات طويلة فيما بين عام 332-338.
ولم يعيّن، مؤرخو مكة السنة التي تم الأمر فيها للأخشيد على الحرمين لكنه يبدو من تتبع حوادث الأخشيد أن ذلك كان حوالي سنة 331 وهي السنة التي عقد فيها لولدي الأخشيدي وذلك في غمرة الضيق الذي ذكرناه.
وما لبثت بغداد أن فكرت في استعادة حكمها على مكة فندبت رجلين من العلويين هما أبو الحسن محمد بن عبد الله وأبو عبد الله أحمد بن عمر بن يحيى ليقودا حج العراق وزودتهما بما يلزم من الجند والسلاح ليستخلصا مكة وذلك في عام 342 (2) وقد جرى بينهما وبين أصحاب الأخشيد من المصريين قتال شديد ظفر فيه الأخشيد ثم استؤنفت المحاولة في عام 343 فكان الظفر لأصحاب الأخشيد.
ويبدو من هذا أن مكة كما عانت من الضيق من انقطاع المواسم في سنوات فتن الأخشيد وهم بعيدون عنها عانت كذلك بعد اتصالهم بها من حروبهم وأهوالهم ما عانته وقد دام ذلك إلى نهاية العهد الأخشيدي.
ولم يذكر المؤرخون أسماء من تولوا مكة للأخشيد وذكر تقي الدين الفاسي أنه لا يعرفهم أما ابن ظهيرة القرشي فقد ذكر في الجامع اللطيف أن القاضي أبا جعفر محمد بن الحسن العباسي ولى مكة للأخشيد في عام 338 ولم يذكر غيره (3) .
وظل العباسيون بعد هذا يندبون بعض العلويين لإمارة الحج سنوياً ومن أشهر من ندب لذلك نقيب الطالبيين أبو أحمد الموسوي وهو والد الشريف الرضي وقد ظل يحج على رأس العلويين عدة سنوات ولعلّ العباسيين كانوا يحاولون بذلك أن يستفيدوا من شخصيته بين القبائل في مكة فلم ينجحوا إلاّ أن حكم الأخشيد ظل وطيداً في مكة إلى أن انقرضت دولتهم في عام 357.
وشعر الأخشيد أن الدعاء لهم على منابر الحرمين أكسب دولتهم من الجلال الديني ما يسمو بشأنهم فبروا رجال الحرمين بأعطياتهم وعنوا بإصلاحات كثيرة في مكة والمدينة.
ويذكر صاحب النفوذ الفاطمي (4) أن الأخشيد كتب إلى ملك الروم يقول ((إنه وإن لم يكن لي شرف إلاّ إمارة الحرمين لكفاني ذلك)). وأظهر كافور الخصي في عهد وصايته على أولاد الأخشيد ثم في عهد استخلاص الولايات لاسمه عناية كبيرة في بر مكة بالصدقات مع الأسف الشديد ودعي له على منبرها كما كان يدعى للخلفاء (5) .
وبالرغم من حكم الأخشيد الموطد فقد ثار بنو سليم (6) عليهم في عام 356 ونهبوا الحجاج المصريين الذين يلوذون بهم وقتلوا أميرهم ولعلّها كانت بدافع من تأثير العباسيين (7) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :305  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 57 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج