شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفى به الأستاذ عبد الله القرعاوي ))
- الحقيقة نأمل من الإخوة الحضور ممن يودون سؤال ضيفهم هذه الليلة الأستاذ عبد الله القرعاوي نأمل التفضل بكتابة سؤال واحد للضيف، وليكن سؤالاً مختصراً حتى نترك الفرصة لعدد أكبر من حضراتكم.. أما الآن فلنستمع ونستمتع بحديث ضيف الاثنينية سعادة الأستاذ عبد الله بن حمد القرعاوي:
- بسم الله الرحمن الرحيم، هناك نوع من الناس أو الكتّاب مثل صديقنا العزيز د. عبد الله مناع يستطيع أن يتحدث وأن يكتب بنفس القوة والبلاغة والسلاسة، ولكنني - وأعتذر إليكم - من الناس الذين يصعب عليهم توصيل صوتهم عندما يتحدثون في بعض الأحيان وبقوة لأنني كما قال الصديق العزيز: متأثر بالجيل السابق، فأنا حريص فعلاً على لغتي، وعلى أسلوبي الأدبي حتى ولو كان المقال مقالاً بسيطاً أو يتحدث عن حادثة بسيطة، ولكنني لا أريد أن أسترسل قبل أن أبث الشكر الجزيل والعظيم لمضيفنا النبيل؛ الأستاذ الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه، فأنا في الواقع لا أستطيع أن أعبر عن شكري ولكن أستعير البيت الذي أورده صديقنا العزيز حمد القاضي:
تراه إذا ما جئته متهللاً
كأنك تعطيه الذي أنت سائله
 
وأعتقد أن هذا البيت يختصر كل ما نعتقده ونراه في شخصية المضيف العزيز، فإنني أتقدم بالشكر جزيلاً له وللإخوة الأصدقاء الذين تجشموا حضور هذه الاثنينية وأبثكم أسفي أنني لم أحضر قبل هذه الاثنينية لمشاغل وظروف خاصة، ولكنني أعد أن أكون ضمن حضور الاثنينيات القادمة لأنني سأستمتع كثيراً بالحضور إلى هذا المكان الرحب؛ إلى هذا الشخص المضياف، إلى هذه الوجوه السمحة، وأشكر أستاذي الكبير عثمان الناصر الصالح الذي تفضل بكلمات عظيمة هي أوسع مما أستطيع أن ألبسه شخصي الضعيف وجهودي القليلة التي لا تجاري كثيراً من الأدباء والشعراء الذين أنجبهم وطننا العزيز، ولكن سماحته التي عرف بها أملت عليه، وعاطفته، العاطفة الأبوية، أملت عليه كل هذا..
ولا أنسى الصديق العزيز الأستاذ مصطفى زقزوق الشاعر المبدع الذي كثيراً ما وجدت في شعره ونثره متعةً واستفادةً فله مني جزيل الشكر على أن تكرم وحضر وقال هذه الكلمات الرقيقة، أما شاعرنا الكبير الأستاذ حسن عبد الله القرشي فمثلما تفضل صديقنا العزيز الدكتور عبد الله مناع هو أستاذ من أساتذتنا وقد قرأت قصصه وشعره وأنا في المدرسة المتوسطة أو الثانوية، وليس هذا تعبيراً عن كبر سنه ولكنه تعبير عن نبوغه المبكر، فقد قرأنا (أنات الساقية)، وقرأنا (الشفاه الغليظة) ونحن فعلاً في المدرسة الثانوية..
وربما قال صديقنا الدكتور عبد الله مناع أنه لم يذكر هذه لأنه لم يكن بدأ القراءة في ذاك الوقت..
فله منّي الشكر الجزيل وقد استفدت طوال حياتي الأدبية بكثير من شعره وتغريداته سواء قبل أن تجمع حينما كانت تنشر في صحفنا المحلية وفي الصحف العربية، وكان صوتاً بارزاً في كثير من المجلات الأدبية المشهورة مثل "الرسالة"، و "الثقافة"، و "الأديب"، و "الكتاب"، و "الآداب"، فكان وجهاً سعودياً مشرقاً في تلك البقاع فله مني جزيل الشكر على ما تفضل به، ثم نأتي إلى الصديق العزيز الأستاذ حمد القاضي (رئيس كتبة) المجلة العربية على رأي الشيخ أبو عبد الرحمن الظاهري وهذه ترجمتها (رئيس التحرير)، فالأستاذ حمد القاضي شخصية محبوبة، وحبوبة وودودة، وكل ما في نفسه ينعكس على الآخرين فعلاً فقد تفضل بكلمات أشكره عليها، وأرجو أن أكون عند حسن ظنه، وقد كانت صلتي به فعلاً من الصداقات القديمة، فقد قابلته في وزارة العمل والشئون الاجتماعية فور تخرجه من الجامعة، وسارت بنا الحياة الأدبية سوياً ورأيته كاتباً ناشئاً في جريدة الجزيرة، وكنت آنذاك مديراً عاما لمؤسسة اليمامة الصحفية واستدرجته قليلاً قليلاً حتى جاء إلى الرياض وبدأ يكتب عموداً جميلاً في جريدة الرياض، ثم عاد إلى عشه الأول في جريدة الجزيرة بعد أن أصبحت جريدة يومية..
أما الدكتور المناع فحقيقة قد سهل لي مهمة التحدث إليكم لأنني أريد أن أقلد أسلوبه المرح البسيط، ولكن لي ملاحظات جميلة جمال أسلوبه أو إنعكاساً لأسلوبه الجميل، فقد قال إنه قضى شهرين في القاهرة ثم جاء إلى الإسكندرية فوجد أمامه شخصاً أصلع فحمدت الله أنني لست أصلع ولكن بعضكم ظن أن هذا الشخص هو أنا، ولذا أؤكد ولو لم يؤكد أن الدكتور الخلاني هو الذي استقبله، لأنني لم أكن تخيناً، ولم أكن أصلعاً، ولم أكن أدخن. قضى شهرين في القاهرة، أنا قضيت في تجربة القاهرة هذه سنة ونصف، وحديثه في الواقع عن الإسكندرية وأنني قضيت فيها زمناً طويلاً هذا حديث واقع، والعجيب الذي لا أعرفه وربما يستطيع أن يفسره صديقنا العزيز أنه لم يكن لي إنتاج في الإسكندرية لا شعراً ولا نثراً غير القصة الذرية التي أشار إليها، ولكنه في نفس الوقت الذي نشرت فيه القصة الذرية في صحيفة الحائط عاد إلى جدة في إحدى الصيفيات ورجع لنا بكتابة مجموعة قصص اسمها "همسات"، وكانت في الواقع مجموعة جيدة وجميلة أرجو أن نحصل على نسخة منها الآن.. في الوقت الحاضر أقصد ليس الآن..
دائماً يحلو لي أن أسمي جيلنا في كل نواحي حياته جيل "القنطرة" أو "الكوبري"، فنحن لسنا من جيل الرواد ولسنا من الجيل الثاني الذي يمثله أستاذنا الكبير حسن عبد الله القرشي والمرحوم بابا طاهر والمرحوم الرفاعي وزملاؤهم، ولكننا كما الدكتور المناع أدركنا فعلاً هذين الجيلين وتأثرنا بهما تأثراً كبيراً، فأنا لا أنسى ليالي عشناها مع أستاذنا الكبير عبد الله عبد الجبار في منزله العامر في القاهرة، وكنا نأتي من الإسكندرية في أيام الصيف ونعيش ليالي أدبية رائعة لعله قد حدثكم عنها في أمسية من أمسيات، أو لعلكم تدعونه ليحدثكم عنها، فقد كان فيها أديبنا الكبير الراحل حمزة شحاتة المعروف عنه شاعراً كبيراً، وكاتباً متدفقاً، ومحدثاً لبقاً، وكان الأستاذ عبد الله عبد الجبار ومجموعة من أصدقائه من بينهم المرحوم هاشم فيلالي وعبد الله الخطيب، ومن تلاميذهم الأستاذ عابد خزندار ومجموعة أخرى يجتمعون في قهوة صغيرة في الجيزة، هذا في الصباح، أما في المساء فيجتمعون في منزل الأستاذ عبد الله عبد الجبار، جيل القنطرة، في أحيانٍ، ينالُ من الامتيازات الكثير فهو يستفيد من الرواد ومن الجيل التالي للرواد، ويعتبرون من الأجيال الحديثة، ولكنهم تأخروا قليلاً ويعتبرون قديماً عندما تخرج أجيال التلفزيون والفيديو والدش.
أما عن ديواني "نورة الخزامي" فأعتقد أن صديقنا العزيز عبد الله مناع لم يصور الحقيقة بصور حقيقية، فهو يجب أن يقول إنني أقطع صفحة وأقول: أنشر، وأقطع الثانية وأقول: لا أنشر، وأقطع الثالثة وأقول: أنشر، إلى أن تنتهي صفحات الديوان، لكن هذه على كل حال صورة فكهة ومرحة تعودنا عليها من د. عبد الله مناع، أما الديوان فأنا الحقيقة متردد جداً لأنني في بعض الأحيان أشعر أن ما بين دفتيه لا يستحق النشر، وأحياناً تأتيني بعض الكلمات المشجعة بعد أن أنشر قصيدة بين وقت وآخر، مثل تشجيع صديقنا العزيز أبو بدر الأخ حمد القاضي حينما عمل مقدمةً قصيرة لأول قصيدة نشرتها في "المجلة العربية" سأقول بعد عودتي للشعر، ولعل صدوركم تتسع على ألا أضايقكم بالكلام الذي أشعر أنني لست قادراً على أن أعبر بطريقة نثرية عنه، وأن نشارك سوياً في سماع بعض الأبيات إذا أحببتم، هذه "نورة الخزامي" أول قصيدة عدت بها وهذا هو تعليق أستاذنا الأخ حمد القاضي، نورة الخزامي كان هناك باب اسمه قوس قزح كتبت فيه في كل الصحف التي كتبت فيها بالواقع، كتبت فيه في المجلة العربية حوالي سنتين ولما جاءت هذه القصيدة في الحقيقة هو حذف المقدمة التي كتبتها، مقدمة قصيرة، ووضع مقدمته فيقول:
"قوس قزح" انداح هذه المرة شعراً مضمخاً بالعطر والحب في زاويته المخصصة، ولعل الشاعر عبد الله القرعاوي قد انتصر هذه المرة على الكاتب عبد الله القرعاوي فكانت هذه القصيدة الجميلة "نورة الخزامي". هذه القصيدة تؤكد أن الشاعر لو كان قد هجر الشعر فإن الشعر لم يستطع أن يهجره فكانت هذه القصيدة المتألقة عاطفة وبوحاً وخيالاً زاهياً جميلاً، (فشكراً له).
على كل حال عنوان القصيدة الذي سيكون إن شاء الله عنوان الدايون فيها نوع من الرمزية، معروف عندنا طبعاً اسم نُورة وأصله نَورة فهذا ينعكس على اسم صاحبة القصيدة أو محيط القصيدة.. القصيدة:
سامرت طيفك حتى ملني السهر
يا جمرة في شغاف القلب تستعر
يا زهرة فوق غصن الورد عابقة
أرويتني برحيق الحب يعتصر
من أين جئت إلى قلبي مغردة
عبر المسرة لا رعد ولا مطر
كأن صوتك أحلام مهفهفة
تشتاقها أذن غنى لها وتر
قصيدة أنت شاقتني مقاطعها
أم قصة أشرقت في طيها الصور
شغلتني عن دُناً كانت تعذبني
يا ويح قلبي لا حب ولا سمر
أنقذتني من عذاب شب في كبدي
يا ويح قلبي بالتعذيب ينفطر
وقفت في واحة الأحلام منتظراً
حتى أتيت وقيس الحب ينتظر
فهللت في فؤادي ألف أغنية
واستبشرت في مغانيها لنا جزر
أتيتني وخيالاتي مرفرفة
من السعادة يزجيها لنا القدر
أنت المسافات أطويها على أمل
ما مل مني إذا لاقيتني السفر
أطوي الصحارى إلى نور يبهرجه
نور الربيع فلا برد ولا سقر
ويح الفؤاد إذا الأحلام بددها
صحو الشباب تهادى نحوه الكبر
 
هذه القصيدة - الحقيقة - أنا أعتز بها ولذلك إن شاء الله سيخرج الديوان ويكون اسمه "نورة الخزامى". هناك قصيدة كان كثير من الشعراء الشباب دائماً إذا كتبوا عن جيلنا وهو الجيل الثاني أو الثالث يقولون أنتم لا تحبون الشعر الحر ولا شعر التفعيلة وكذا، أنا في الحقيقة قابلت موقفاً عاطفياً من المواقف العاطفية وحاولت أن أعبر عنه بقصيدة عمودية فما استطعت، فعبرت عنه بهذه القصيدة الجديدة وأرجو أن ترضي أذواق الإخوة الذين يحبون، ولو أنها بين بين، ليست قصيدة نثر، قصيدة النثر كنت أتمنى، وبحثت عنها، عملتها سأحدثكم عنها بعد أن تنتهي هذه، ولو أنها ليست معي ولكن إن شاء الله إذا حضرت في أمسية، اثنينية قادمة سأحضرها معي، هذه القصيدة عنوانها "على سفح التوباد" تقول:
سأحطم قلبي كي ترضى هند
سأحطم قلبي كي ترضى دعد
سأمزقه أشلاءاً أشلاءاً
وأبعثره في القفر
حتى يرضى كل الناس
وأعيش بلا إحساس
سأحطم قلبي حتى ترضى امرأة لا أعرفها
تمشي وتثرثر في الأسواق
بحكايات العشاق
لتقتل لون الفرحة في كل الأحداق
سأحطم قلبي كي ترضى في الحي عجوز
بضاعتها تملأ كل الأسواق
وقلائدها من خشب أسود
يأكله السوس ويقرضه فأر منحوس
لا لا لا سأحطم قلبي يا أغلى الناس
من أجل عيون باتت تدمع
وفؤاد بات بجرح لا يهجع
وسؤال من أقصى الأعماق
لكن لا يبصر ما حولي
وجواب مثل سؤالي مشتاق
لكن لا يسمع
لا لا لا سأحطم قلبي من أجلك أنت
من أجلك وحدك
سأحطم قلبي وأبعثره في الحي شظايا
يوقد منها في الليل رماد
وتدق طبول الصمت
فوق أزيز الجمر
وشرار يعلو فوق خباء
كي يوقظ أستار الليل
سأحطم قلبي وأبعثره في الحي رماداً
وأسافر وحدي من غير رفيق
والمجهول طريق
لا راحلة أسأل أهلي لا زادا
سأسافر أبحث عن قيس
عليَّ ألقاه هناك
في سفح التوباد
نبتة شيح
أو سنبلة عرار
تذروها الريح
وأسائله ماذا فعلت ليلى
ماذا فعلت بك ليلى يا قيس
 
والسلام عليكم.
هناك قصيدة من أقدم القصائد التي قلتها في أمريكا، في أمريكا مدينة صغيرة قرب مدينة "لوس أنجلوس" وكنا ندرس هناك مع مجموعة من الزملاء، اسمها مدينة "انديو"،.. ومدينة انديو هذه في الواقع تعبر عن قوة العلم والحضارة والعزيمة التي نحسد عليها الغربيين، ونأمل في الواقع أن نقلدهم في مثل هذه الأشياء الطيبة..
مدينة أنديو إذا دخلتها كأنك دخلت البصرة أو دخلت المدينة المنورة بنخيلها الكثيرة أو إحدى مدن القصيم أو الإحساء، فتجد أنواعاً من النخيل العجيبة التي يمكن بعضنا لم يسمع عنها وبعضنا سمع عنها، وما زالت تحتفظ بنفس الاسم وبنفس الطابع إلا أنها غرست بطريقة حديثة جميلة، وعندهم مهرجان يقيمونه عند نضج التمور في الشهر الذي ينضج فيه التمر فيقيمون المهرجان والرقص والأغاني ويأتون من كل بلدان الولايات المتحدة ومن الخارج طبعاً..
الحقيقة هذه مدينة أنديو مدينة عجيبة جداً جداً أنا في الحقيقة عندما رأيت النخلة أثارت في نفسي كوامن الشجن وكنت بعيداً عن الوطن حوالي سنتين فقلت هذه القصيدة وهي قديمة فإذا كان فيها أي ضعف أو أي.. إنما هي قصيدة صادقة تبدأ:
غريب الدار لا وطناً وأهلا
نزلت بساحنا ضيفاً فأهلا
أراك تصوِّب النظرات نحوي
كأنك لم تشاهد قبلُ نخلا
أو إنك سابح في التيه روحاً
أو إنك في الفلا مجنون ليلى
تناغي طيفها صبحا وليلا
يؤمل من رؤى الأشباح وصلا
أراك بعدت عن أهل ودار
ولكن ما نسيت أخا وخلا
أتيت تسارق الخطوات نحوي
ففي ظلي الحنون ربيت طفلا
وأنفقت السنين بلا هموم
تعلقها على قنو تدلى
وتمرح والصحاب بظل فرعي
يخالط جدكم في اللهو هزلا
أنا للبيت زاد إن أردتم
وحلوى للوليد وكنت أحلى
أنافس في المحبة كل فرد
ورب يتيمة في العقد أغلى
ملأت دياركم رطباً جنيا
وجملت الربا جبلاً وسهلا
وقفت رقيقة العسبان وحدي
أصارع كالردى ريحاً ورملا
بقيت أبية لم أشك يوماً
أعيش على الضنا فرعاً وأصلا
فلا لهب السمائم مس عودي
ولا غضب السوافي هز ظلا
ولي في الحي تاريخ طويل
تردده الصبا حولاً فحولا
وترويه الصحائف من قرون
بقصة مريم تختال حبلى
وعيسى حينما حملته طفلا
تكلم في الجموع وما أطلا
 
والسلام عليكم.
في قصيدة في رثاء الأستاذ بابا طاهر الله يرحمه، كان أستاذنا الكبير الأستاذ عزيز ضياء قد أشار إليها حين نشرتها، وقال: "إنها قصيدة ذات نهج جديد في المراثي". نشرت في اليوم الثاني أو الثالث بعد وفاة المرحوم بابا طاهر، وبابا طاهر لي صلة قوية به كأستاذ، فطالما في الحقيقة أمتعنا بشعره وبمجالسه المؤنسة لا سيما بعد أن عدت من البعثة، وبدأ يأتي للرياض في زيارات متتالية كان له بنات متزوجات في الرياض وكان دائم الزيارة لهن وكان عطوفاً رقيقاً مع كل الناس في الواقع، فتأثرت فعلاً، وللأسف الشديد حتى أنني كنت تمنيت لو أنني أتيت وحضرت جنازته..
لكن لم أتمكن فجاءت هذه القصيدة بعد وفاته بحوالي ثلاثة أو أربعة أيام.. القصيدة تبدأ ولو أنها قصيدة رثاء لكنها تبدأ بالبسمة لأنها تعبر عن المرحوم الغالي بابا طاهر:
بسمة كنت في قلوب الحزانى
كيف أصبحت دمعة في القلوب
عشت للحب والوفاء شراعاً
ترتخي في ذراه كل الخطوب
وتعلمت من دموع اليتامى
كيف تأسو مشاعر المكروب
 
(بابا طاهر بعدما تخرج من مدرسة الفلاح اشتغل مدرساً في مدرسة اليتامى في المدينة المنورة، وكان في الحقيقة طرازاً فريداً من الأساتذة بالنسبة لمعاملة اليتامى، حتى إن كثيراً من الشباب والطلاب الذين كانوا في مدرسة دار الأيتام في المدينة المنورة كانوا على صلة به حتى توفي رحمه الله وكان بعضهم يعتبره فعلاً أباً له، فهذه إشارة..).
وتعلمت من دموع اليتامى
كيف تأسو مشاعر المكروب
صاغك الله رقةً وحنانا
وحنيناً على شفاه الحبيب
فتلفعت بالعذوبة شعراً
وترنمت بالنشيد الطروب
كنت فينا قيثارة النغم العذب
حجازاً وكنت عزف الجنوب
كنت فينا صبا يبل صدانا
ورياضاً تهمي بكل الطيوب
إيه يا بحة المزامير عشقاً
خففي وحشة الأسى واللغوب
رحل العاشق المتيم عنا
وبأجفانه ارتعاش الكروب
حمل الهم صابراً ليس يشكو
باسماً للأسى بلحن طروب
منذ أن فارق الأليف أليفاً
 
(هذه إشارة إلى وفاة زوجته في صباها وقد خلفت له بناتاً وخلفت ابناً وحيداً هو الدكتور فؤاد زمخشري وهو الآن بحمد الله من كبار الأطباء في المملكة في مدينة جدة الآن).
منذ أن فارق الأليف أليفاً
وهو في التيه شارد كالغريب
حضن الابن والبنات وأروى
كل حي بدمعه المسكوب
وانتقى روحه يراقص أحزاناً
تبدو بعيدة من قريب
ومضى يحمل الرؤى مشرقات
خافقات بعزمه المشبوب
يا رفيق الألحان يا شجن البوح
ويا خفقة الشجى والشحوب
يا حبيب الأطفال يا أملاً
كان وأضحى وظلَّ كالشؤبوب
ها هم الآن..
 
(هذه إشارة إلى عمله في الإذاعة.. بابا طاهر)
ها هم الآن يزرعون دروباً
بارك الله خطو تلك الدروب
نم قرير الفؤاد فالروضة الغناء
عادت إلى النماء الخصيب
 
(الروضة الغناء إشارة إلى المجلة التي أصدرها للأطفال وشكراً).
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :544  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 96 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج