شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه ))
- الكلمة الآن لصاحب الاثنينية سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه:
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك وخاتم أنبيائك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أيها الأحبة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم أطيب تحية، وأرحب باسمكم جميعاً بضيف هذه الاثنينية، الأستاذ المُربي الفاضل عبد المحسن بن محمد التويجري، وصحبه الكرام، وعلى رأسهم فضيلة أستاذنا الشيخ عثمان بن ناصر الصالح، الذين قدموا من الرياض متكبدين مشاقَّ السفر؛ ليسعدونا بهذه الأمسية الطيبة بمشيئة الله.
إن الحديث عن ضيفنا الكريم، لا ينفك أو ينفصم عن الحديث عن البدايات، شأنه في ذلك شأن كل الرواد الأفاضل، الذين شقوا طريقهم وسط معادلات كلها مجهولة، واستطاعوا رغم ذلك إيجاد الحلول الملائمة، مما مكنهم من تطوير إمكانياتهم المتواضعة لتقديم ما لديهم من رؤىً وأفكار؛ منسجمة مع طبيعة تلك المرحلة.
والذي حدث أنهم تفوقوا على أنفسهم، وتحملوا الكثير من الضغوط والتعب والسهر، وأبتعدوا عن أسرهم وعائلاتهم الساعات والليالي الطوال، في وقت لم يكن المجتمع من حولهم يكاد يعي تماماً ماهية الغرس الذي يتم على أيدي هؤلاء الرواد الكبار.
كان همهم هو الوقوف بصلابة على مهد (اقرأ).. والارتواء من معين الحضارة الإسلامية العريقة.. فكان عطاؤهم على قدر همتهم العالية، وأفكارهم السامية، وتطلعاتهم الكبيرة.. لذا نجد أن ما قدموه قد نضج على نار هادئة، أكسبها طول الصبر والمران حرارة الماضي وعبقه، فجاءت ثمار عطائهم أكبر وأينع، وأنضر مما تصور الكثيرون.. ويسعدنا الليلة أن نتناول شيئاً من مائدة فكرهم المتجدد، وفاكهة ربيعهم الدائم.
إن تكريم (الاثنينية) لضيف هذه الأمسية، إنما يشمل تكريم جيل بكامله من خلال شخصه الكريم، ومن حسن الطالع، أن يكون بيننا الأستاذ الكبير عثمان الصالح ليلقي الضوء على تجربة ضيفنا، ويتحدث بشيء من التفصيل والحميمية، حول أصالة أفكار ضيفنا، وموقفه من التعليم.. والمناهج.. وهي من أهم القضايا التي أحسب أنها تشغل معظم المشتغلين بحقل التعليم.. ولعلي لا أذهب بعيداً حين أذكر كلمة نابليون حين قال: "عجبت لأصحاب محمد كيف فتحوا نصف الدنيا في نصف قرن!!" وحق له أن يعجب.. لأنه لم يعرف كنه التعليم الذي ناله الصحابة في مدرسة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت لهم الريادة في إخضاع أوقاتهم لخدمة الدين الحنيف، منطلقين من تحرير أنفسهم من الخوف والجوع، إلى تحرير الشعوب التي تحيط بهم من نيران الاستعباد الفكري والعقائدي والعرقي.. فدخل الناس في دين الله أفواجاً.
وزاد الزخم الذي استفادت به حضارة الإسلام، واللغة العربية، نتيجة اعتناق عقليات متفتحة للمنهج الرباني الجديد، فدانت لهم الدنيا من "الصين" شرقاً إلى "جبال البرنيس" غرباً وما زالت حضارتهم تحكي قصة نجاح خلده التاريخ.
لم تكن في ذلك الوقت مدارس نظامية كالتي نقلناها عن الغرب، ولم تكن مناهجهم محشوةً كمناهج اليوم، ومع ذلك حققوا ما أدهش العالم، وكبار مفكريه، ووقف علماء تلك الحقبة، والحقب التي تلتها، شاهداً على عظمة الإسلام وقوته وانفتاحه على ثقافات العالم، وهدم معظم الحدود الجغرافية البليدة للإفادة والاستفادة من التراث العالمي الذي يعتبر ملكاً للبشرية كلها.. فكانت تلك الطفرة العلمية الرائعة.. التي من شواهدها على سبيل المثال لا الحصر؛ جابر بن حيان، والخوارزمي، والحسن بن الهيثم، وابن سينا، وابن رشد، والفارابي.. وغيرهم.
وبعد أن توالت علينا الفتن والكوارث.. وخضعت رقابنا مذعنةً مطيعةً للحضارة الغربية، أخذنا عنها كل ما يجب - وما لا يجب - أن يؤخذ.
ومن ضمن ما أخذنا النظام التعليمي بكامل هيكله ومناهجه.. فكانت النتيجة أن ظللنا في دائرة الدول النامية منذ قرن من الزمان، لم تتطور من بيننا دولة واحدة إلى مصاف دول العالم الأول، ثم جاء النظام العالمي الجديد لتكريس هذا الوضع، والحفاظ عليه قرناً أو قروناً أخرى من الزمن.. فإذا لم يتغير توجهنا نحو التعليم بكل قواعده وقنواته، فلن نغير ما بنا، لأن الله جل جلاله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
وكما ترون أيها الأحبة.. أن الضعف العام الذي اعترى التعليم في جميع الدول العربية، قد أنعكس سلباً على الآداب والفنون والعلوم التطبيقية.. فتقوقعت، ثم انزوت في ركن قصي.
وزدنا عزلتها عن طريق الحد من التواصل بين المثقفين، والعلماء في الدول العربية والإسلامية، بينما سعت أوروبا لتوحيد حدودها؛ ويمكن لأي مواطن أوروبي أن يعبر الحدود بين دول الإتحاد الأوروبي بواسطة البطاقة الشخصية!! ولنا الحق أن نندهش في هذا السياق؛ لأن بيننا عقليات، ما زالت تسعى لإيجاد المزيد من التعقيد في حركة البشر، والثقافة، والفكر.. ولن يتم كسر هذه القيود التي طوقت الرقاب والأيدي، إلا عن طريق منهج تعليمي يعود بنا إلى حظيرة الإسلام، ومدرسة النبوة التي أشعل فتيلها الهادي البشير عليه أفضل الصلاة والسلام.
نبحر أيها الأحبة من هذه النهيرات التي عبرت عنها في كلمتي إلى بحور العلم والتعليم ونحن نحتفي بجيل من كبار المربين، الذين لهم مقالهم ومقامهم في هذا المضمار الهام، ونرجو أن نسمع منهم ما يفيدنا في المسيرة التعليمية، التي قد توافقونني على أنها في قائمة المهام التي يجب أن نتصدى لها ونكرس أوقاتنا لتقييمها وتقويمها.
أطيب أمنياتي لكم بأمسية ماتعة.. وعلى أمل أن نلتقي الاثنينية القادمة، مع ضيفنا الأستاذ الأديب عبد الله القرعاوي، عضو مجلس الشورى والكاتب الصحفي المعروف.. فإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :731  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 79 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .