شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( فتح باب الحوار والأسئلة بين الضيف والحضور ))
- الآن نفتتح الحوار ونرجو من الإخوة الكرام إذا كانت لديهم أسئلة أن تكون مختصرة، هنا عدة أسئلة يربطها محور واحد، الأستاذ أحمد العدل شاهين، محمد بدوي، عجلان الشهري، عبد الله القرني، تدور حول تعريب الطب، وهذه المناداة الحثيثة من قبلكم ومن قبل الكثيرين من المعنيين بالعلوم الطبية، وبعض المقولات التي تشير إلى أن تعريب الطب قد يكون مؤثراً على مصداقية هذا العلم بصفته علماً مشتركاً له مصطلحاته العالمية الموحدة، وأيضاً هناك إشارة أخرى وهي كيف للأستاذ الدكتور زهير السباعي أن يشير إلى مسألة تعريب الطب وهناك بعض المقولات التربوية في بعض الأسئلة تشير إلى أن يتعلم الطالب منذ المرحلة الابتدائية اللغات الأجنبية.. تفضل يا دكتور.
- بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا الموضوع متشعب وأرجو الله أن يوفقني أن أختصر فيه بقدر الإمكان.. بدايةً أقول أنني لو كنت مسؤولاً عن التعليم الطبي لما أجزت لطالب الطب أن يتخرج من كلية الطب إلا إذا اجتاز امتحاناً صعباً جداً وعالياً جداً في لغة من اللغات، المؤسف أن الطب يدرس في بلادنا العربية بلغة أستطيع أن أصفها ضعيفة وركيكة لا نتقنها، ولا ينتظر من إنسان أن يتعلم علماً بلغة لا يتقنها ويجيد فيها ويبدع، فإذا كان المسلمون في العصر العباسي مثلاً استوعبوا الكثير من علوم الرومان والهند وفارس وعربوها وتفاعلوا معها، ثم درسوا ودرَّسوا وعلّموا وتعلموا وكتبوا ونشروا باللغة العربية وسادوا العالم في تلك الفترة، وكان أداتهم للعلم هي اللغة الأم، لا ينتظر في رأيي أنا أن ينبغ في بلادنا أو يبرع كثيرون في الطب أو الهندسة أو أي علم من العلوم إلا إذا كنّا نتعلمها ونعلمها ونتحدث بها بلغتنا، من يعارض تعليم الطب باللغة العربية ينسى قضيةً صغيرةً جداً وهي أن إسرائيل البلد المغتصب طوعت اللغة العبرية وأحيتها من ممات، وأصبحت تعلم كل العلوم بلغتها لم يقل أحد أبداً أن الطب متخلف في إسرائيل، احترموا أنفسهم واحترموا لغتهم ودرسوا بها ولهم شأن كبير في المحافل وهذا واقع، بلدان أخرى مثل السويد، النرويج، الدانمارك، هولندا، كلها بلدان صغيرة كلها تعلم الطب بلغاتها مع شرط أساسي لا يمكن التنازل عنه وهو أن يجيد الطالب لغةً أجنبيةً إلى حد البراعة وهذا لا يحدث الآن..
طالب الطب في بلادنا - وقد لا يعرف هذا الكثيرون - أداته في التعليم لغته الانجليزية لا تساعده على القراءة الجيدة أو الكتابة الجيدة أو التعبير الجيد، أنّه يؤسفني أن أقول هذا الكلام ولكن هذا حقيقة واقعة، كلمة أخيرة بالنسبة للمصطلحات سألت نفسي في يوم من الأيام ما هي نسبة المصطلحات العلمية في كتب الطب؟ وسألت غيري..
وكانت الإجابات تتراوح ربما عشرة في المئة وربما خمسة عشر في المئة، إلى أن حسبناها وعددناها في عشرة كتب طبية اخترنا منها صفحات معينة واهتم بهذا الموضوع مجموعة من الباحثين وجدنا أن الكلمات العلمية في كتب الطب لا تزيد عن ثلاثة في المئة فقط..
وأما الباقي فهي كلمات عادية، درسنا سرعة القراءة وقدرة استيعاب الطالب والطبيب ووجدنا أنها تتحسن أكثر من ستين في المئة لو قرأ ودرس بلغة الأم.. هذه إجابتي ولا أريد أطيل وعلها تقنع بعض الذين لم يقتنعوا بعد.
- سؤال من د. محمد محسن يقول: هل هناك تعارض بين الطب والأدب أم أنّ العلاقة هي علاقة تآزر وتوافق خاصة أن كثيراً من الأطباء أدباء أمثال الدكتور إبراهيم ناجي ويوسف إدريس والدكتور زهير السباعي فما هي حدود العلاقة بين الطب والأدب من وجهة نظركم؟
 
- من الناس المشهورين الذين امتدت بهم مسيرة الطب إلى الأدب سومرست موم وسئل هذا السؤال وكانت إجابته أن دراسة الطب هيأتني بشكل أو بآخر إلى معرفةٍ أفضلَ بالنفس البشرية، أنا لا أتصور بالضرورة أن هناك فوارق وحدود بين الطب والفنون بأجمعها، لأن الطب قبل أي شيء آخر يسهم في وصل دارس الطب بالإنسان ككل وبالنفس البشرية، ومن هنا في تصوري يأتي اللقاء الذي نجد له نماذج كثيرة جداً بين الطب والأدب والشعر وبقية الفنون في أشكالها المختلفة.
 
- سؤال من الأستاذ عبد السميع محمد رضي: سمعنا أن كارنيجي مؤلف كتاب (دع القلق وأبدأ الحياة) مات منتحراً فما مدى صحة هذا الخبر وما مدلوله إن كان صحيحاً؟ ثم ألا ترى أن أفكارك القيمة في كتابك الفريد القلق وكيف تتخلص منه صعبة التحقيق في خضم حياتنا المعاصرة المليئة بدواعي القلق مع إيماني الشخصي بكل ما ورد فيه؟
- حقيقة لا أعرف ما مصير كارنيجي، ولكن لو كان هذا هو الأمر فليس دائماً بالمستغرب لأنه باب النجار مكسور.. ولا أستبعد ذلك وقد يتحدث الإنسان الشيء الكثير ولكن حياته الخاصة تعكس جانب آخر، قضية القلق وعلاجه بالإيمان والقرآن، الذي عنيته في هذا الكتاب وكان يشاركني في تأليفه أستاذ فاضل من أساتذة طب النفس هو الدكتور شيخ إدريس، القضية كلها أن الإيمان بالله سبحانه وتعالى يبعث في النفس الطمأنينية ومحاولة الإنسان الجادة لتقوى الله سبحانه وتعالى تحميه من كثير من الأخطاء التي يتولد عنها القلق والتوتر، فالذي أعنيه ولا زلت في كتابي أن صلة الإنسان بالله سبحانه وتعالى ومحاولته المستمرة لتحسين هذه الصلة ستجعله بعون من الله أكثر تقوى، وأكثر محبة للناس والحياة، هذا إذا فُهم الدين فهم صحيح، ليس فقط قراءة القرآن وهي في حد ذاتها تضفي على النفس الطمأنينية ولكن محاولة التطبيق لم يصل أحد منا إلى الكمال، ولكن محاولة التطبيق العملي لمفهوم الدين في حياة الإنسان الخاصة بما يجعله أكثر محبة للناس وأكثر محبة للحياة وفي تقواه لله سبحانه وتعالى يجد نفسه يكبر عن كثير من الصغائر، كل هذه تلتقي في ملتقى واحد، طمأنينية النفس، يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي.
- سؤال من الأستاذ علي المنقري: لوحظ في السنوات الأخيرة أن بعض أطبائنا المتمكنين هجروا مهنة الطب وتفرغوا لأعمال ومجالات أخرى كالأدب والصحافة والفن والأعمال التجارية والرغبة في تولي أعمال ومراكز قيادية إدارية متوسطة، فما تعليق سعادتكم على ذلك، وهل هناك أسباب تكمن وراء هذا الانصراف؟
 
- هذا يذكرني بصديق طبيب جراح لا داعي لأن أذكر اسمه قابلني في ذات يوم فترة الطفرة في السبعينات الميلادية وهو حزين مكتئب، مالك يا أخي الكريم؟ قال: أنا حزين وتعيس، قال: أنا أمس أجَّرت فِلّتي بمائة وخمسين ألف ريال.. إنني اشتغل طوال العام - وفي تلك الفترة كانت الرواتب محدودة - ولا أحصل على نصف هذا المبلغ وأنا أشتغل جراح ثمان ساعات في اليوم وأداوي وأعالج، وأجىء في صفقة واحدة أحصل على مائة وخمسين ألف.. أين العدل؟ أين المنطق؟ أين العقل؟ أنا حزين لهذا التناقض في حياتنا.
 
الشيء الحقيقة الذي ذكرته أن البعض يترك مهنة الطب وهي مهنة جليلة إنسانية ويذهب إلى تيارات في الحياة مختلفة، أنا أعتقد لا نستطيع أن نفصله من حياتنا وواقعنا، لسوء الحظ أنه في عصرنا هذا وقد يكون في عصور أخرى سبقت ولكن بالذات في عصرنا هذا في محيطنا هذا في منطقتنا هذه لا يُعطى تقدير اجتماعي وإنساني كاف للعلماء والأدباء والشعراء والمفكرين والأساتذة قدر ما يعطى لمن يملك المال..
ولا شك أن البعض لا يستطيع أن يقاوم هذا التيار الذي تصطخب به حياتنا ويجد نفسه في موضع تساؤل هل أعطي وأعطي؟ ولا شك أن الطب بما فيه من إنسانية مردوده المالي يجعل الإنسان في حياة كريمة لا شك في ذلك ولكن لا يعطيه من المنزلة والمقدار الذي تعطيه جوانب أخرى في الحياة، ولا أستطيع إلا أن أجد بعض العذر لمن لم يستطع أن يقاوم هذا التيار الصاخب وينحو منحى آخر، وكل ميسر لما خلق له.
- الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يوجه لسعادة الدكتور زهير الدعوة بشن حملة إعلامية مكثفة في إطار برنامج بعنوان (درهم وقاية بيد الأسرة) لتوجيه الآباء والأمهات لتوفير الإنتباه الكافي على سلوكيات الأطفال والشباب الصغار وللتحدث مع أبنائهم ولو لنصف ساعة يومياً في أحوالهم الهامة وكذلك لإسداء النصيحة للشباب الصغار والكبار لعدم الوقوع في التقليد والمحاكاة للسلوكيات الضارة والسلبية.
- شكراً، ولا شك أن الاتجاه الآن الحديث القديم في الطب والصحة هي أن يتحمل الإنسان أكبر قدر من المسؤولية حيال صحته، ولكي يتحمل الإنسان هذه المسؤولية لا بد أن يعرف مقومات الصحة، ولو أنّ أي واحد فينا في هذه الليلة جلس بينه وبين نفسه وأمسك ورقةً وقلماً ووضع حوالي عشرين مرض من الأمراض التي تخطر على باله كائناً ما كانت لوجد أن القاسم المشترك بينها هو أسلوب حياة الإنسان، ولا أغالي إذا قلت إنه هو السبب وراء الغالبية العظمى مما يصيبنا من أدواء ومن مشاكل، هذا الحديث الحقيقة يجرني إلى اتجاه تَبنّاه مجموعة من الزملاء الآن وتحتضنه منظمة الصحة العالمية وهو تخريج الطبيب المتوازن الذي يجمع ما بين العلاج والوقاية في علمه وفي طبه وفي عمله، الآن الأطباء خريجي المدارس الطبية في عالمنا وفي منطقتنا وفي أكثر دول العالم اهتمامهم الأساسي بالمريض بعد أن يمرض وليس بالصحيح لكي نحميه بإذن الله من المرض، إذا استطعنا أن نخرج أجيال من الأطباء وهذا ما نسعى إليه الآن، مع منظمة الصحة العالمية، أجيال من الأطباء تعنى بالوقاية كما تعنى بالعلاج فسيكون إن شاء الله إسهام في هذا الدور الذي نتحدث عنه.
- للمهندس صبحي بترجي سؤال يقول: هل لك أن تلقي لنا بعض الضوء عن دوركم في مجلس الشورى؟
- مجلس الشورى تجربة قديمة جديدة في حياتنا لا شك أن لها جذوراً تمتد إلى عشرات السنوات ولا شك أنها الآن تجربة حية لا أستطيع أن أقول إلا أننا نعتز بالإخوة الكرام في مجلس الشورى لاختيارنا في هذا المجلس، ونقدر أكبر التقدير لولاة الأمر عنايتهم بهذه القضية، جميعنا على محبة بشيخنا الشيخ محمد بن جبير، وأقولها وأنا أعنيها، رجل إن شاء الله فاضل لا نزكيه على الله، ولكنه يتميز بالحكمة، كثير من الأمور التي نناقشها الآن في المجلس قضايا لها من الأهمية قدر كبير ولكن شيخنا جزاه الله خير الجزاء لا يرغب كثيراً في الإعلام ولا في الدعاية يعمل بصمت، ومن هنا لا يعرف الكثيرون ماذا يدور في ردهات مجلس الشورى وهذا من حق شيخنا أن يقرر ما يراه، ولكن هناك عمل يؤدى بصمت قد لا يعرف الكثيرون عنه شيئاً ونسأل الله أن تظهر نتائجه عاجلاً أم آجلاً في خير هذه الأمة وشكراً.
- الأستاذ مصطفى عطار له رجاء من الدكتور زهير السباعي بألا يبخل على حضور هذا اللقاء الكريم بالتحدث عن الدكتور ديفيد مورفي الذي حاز جائزة الملك فيصل العالمية وعن أسباب هذه الصلة العلمية.
- ديفيد مورفي أول من حصل على جائزة الملك فيصل وهو أستاذ وصديق، اتصلت به في الصيف الماضي وأنا في لندن وهو خارج لندن، تقاعد الرجل وبلغ الخامسة والستين، ديفيد ما هي أخبارك؟ قال أنا عندي مشكلة..
وتواعدنا على اللقاء أن أزوره في بيته وذهبت وأنا قلق على الرجل وهو نعم مسيحي يدين بدين غير ديننا ولكن سبحان الله يتمتع وهذا فضل من الله يعطيه من يشاء، يتمتع بنظرة عالمية وإنسانية ورجل حقيقة له فضل كبير جداً في كثير من دول العالم النامي خاصة في إفريقيا، ذهبت إلى الرجل وأنا قلق عليه حقيقة عنده مشكلة.. فذهبت إليه، وجدت مشكلته الآتي.. وهو في سن تجاوز الخامسة والستين..
عمل لسنوات طويلة جداً في إفريقيا وكان يركز في عمله على أن تتحمل الأم مسؤوليتها ومسؤولية طفلها قبل الطبيب، وأنا بالمناسبة أكاد أنسى أنه أحد ألصق أصدقاء ديفيد مورفي وحوارييه وتلاميذه أخي وصديقي وحبيبي الدكتور حسن بله لأنه تتلمذ عليه..
فذهبت إلى الرجل وهو منذ سنوات طويلة جداً يعمل في إفريقيا ومحاولته أن يجعل الأم هي مسؤولة عن طفلها في وزنه في متابعته، في إعطائه تطعيماته، وحاول أن ينشر هذه المعرفة وأخترع مورفي موازين ومقاييس للأطفال وأسهم حقيقةً بهذا في تقدم الصحة في إفريقيا ولكن لا زالت مشكلته في هذه السن، لقد ظننتها مشكلة مَرَضيّة، فإذا مشكلته هل فعلاً الأم الأفريقية الأمية الجاهلة قادرة على أن تعرف قضية الموازين وقضية المقاييس التي استحدثناها عندها؟ هذا كان ما يحيره، وجلست معه أكثر من ساعة وهو يحدثني عن برامجه وماذا ينوي أن يعمل..
ثم أخذني إلى كراج سيارته وإذا بي أجده قد علق ميزاناً استحدثه مؤخراً محاولةً منه في تطوير الموازين التي قد تستعملها الأم في قياس وزن وطول طفلها. أعتقد مثل هذه الإتجاهات النفسية عند بعض الناس الذين أنعم الله عليهم بالنظرة الشمولية بالاهتمامات وليس الهموم هذه هي في النهاية التي تؤدي إلى أن يحوز هذا الإنسان قصب السبق ولو أهمل في وقت ما ولكن في النهاية.. وأما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
- الأستاذ منصور عطار يقول: أعرف أنكم عملتم عدة أسابيع في الصومال فما هي ثمار تلك الأسابيع؟
- ثمارها لا أعرفها الحقيقة، ولكن ذهبت من ضمن الإخوة الذين ذهبوا إلى الصومال وغير الصومال مع هيئة الاغاثة الإسلامية وكانت الحقيقة مفاجأة لنا قرأنا عنها، ولكن ما يُرى غير ما يقرأ أو يسمع عنه كانت مفاجأة أن نجد العائلة بأكملها عشرة أفراد يعيشون في خيمة لا تزيد مساحتها عن بضعة أمتار مربعة وأكلهم في اليوم لا يزيد عن بضعة جرامات من الكاربوهيدرات لا تغني ولا تسمن من جوع، نصيبهم من الماء لا يزيد عن ربما لتر واحد من الماء للشرب وقد يكون ملوث، وقد يمضوا الساعات الطويلة في طابور للحصول على هذا الماء، كلها أيقظت في نفسي تساؤلات..
ماذا نعمل نحن وهؤلاء كثير منهم يدينون بديننا الإسلامي ما الذي نفعله من أجل هؤلاء، ما الذي نفعله في حياتنا نحن وبعضنا وكثير منا ولا أزكي نفسي، نأكل أكثر مما نحتاج ونلبس أكثر مما نحتاج ونعيش..
وعلينا واجب يجب أن نؤديه، في نفس الوقت وجدت أن الكثير من الهبات العالمية التي تعطى لهؤلاء لا تهدف إلى هدف سامي بقدر ما فيها شيء من الدعاية، وجدت رجالهم طول اليوم في الشمس ليس لهم أي عمل وليس لهم أي إنتاج بحثت هذا الأمر مع المسؤول عن الإغاثة في هيئة الأمم المتحدة بدلاً من أن يعطوا بعض كسرات من الخبز وقليل من الماء، لم لا تُهيَّأ لهم الفرصة لأن يعملوا وينتجوا ويقوموا بأودِ أنفسهم فكانت الإجابة فيها غياب عن الوعي، أنا أنصح من تتاح له الفرصة أن يشارك في برامج هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية أو في برامج أخرى مماثلة ألا يتردد لحظةً لأن فيها شيء من تربية النفس والتعلم والمدارسة وإيقاظ الضمير ومراجعة النفس.
- المهندس هانئ إبراهيم زهران يقول: لا شك أن روح الوالد الحبيب أحمد السباعي ومحبة الجميع له تسود ليلة الاحتفاء بكم، فأرجو ذكر الموقف المؤثر مع والدكم رحمة الله عليه وأدخله فسيح جناته والذي كان نقطة تحول في حياتكم المديدة إن شاء الله.
- الحديث يطول وهناك مواقف كثيرة لا أستطيع أن أستطرد فيها لكن أستطيع أن أتحدث عن موقف أو موقفين.. أحدهما أنه - كنت أنا وأخي أسامة - يحرص الوالد إذا أخطأ أحدنا في أمر ما يتجاوز ويغض النظر وينتهز فرصة أن نقع الاثنين في خطأ ليعاقبنا معاً..
وكانت نظريته في هذه أن يربط بيننا برباط من المحبة والولاء والإحساس بالمشاركة وهذا في الحقيقة جانب لم ندركه إلا فيما بعد..
الشيء الثاني الذي أذكره أن أحدنا أحيانا كان يرغب في شيء ما ويستطيع أن يشريه بنقوده البسيطة بقروش ولكن كان الوالد أحياناً يعارض ويحول بدون أن نعرف السبب إلى أن كبرنا وسألناه فقال يا ابني: الحياة لن تعطيكم كل ما تريدونه، وقد يكون إنسان في مقتبل حياته يستطيع أن يفعل ما يريد ولكن يجد العقبات أمامه ولا يستطيع أن يحقق مع وجود المال أو.. أو.. الخ.. فأنا أردت أن أعطيكم درس مبكر إنه قد لا يستطيع الإنسان أن يحصل على ما يريد حتى لو تصور أن لديه الأدوات لذلك، وهذا كان درس لا ينسى للوالد رحمه الله.
- يبدو أن هناك الكثير من المتشوقين عن الحديث عن ذكريات والدكم الأديب الرائد الأستاذ أحمد السباعي فهنا سؤال من الأستاذ أحمد الغامدي يريد مزيداً من الدكتور.
- الوالد - الله يرحمه - كما قلت له مواقف كثيرة، لكن أحد المواقف أنه كان في يوم من الأيام مطوّف، وكان يكاد يكون مصدر الرزق الرئيسي له إلى جانب الوظيفة في وزارة المالية ولكن كان يعتز بكرامته، كثير جداً وكان هذا مظهر نذكر الوالد به في كثير من مواقف حياته، وجاءت في سنة من السنوات بعثة حج من علماء الدين من بلد شقيق ويبدو أنهم أكثروا على الوالد في كثير من القضايا الخلافية، ويصرون على وجهة نظرهم فوصل به الحد أن يعيد النظر في وضعه كمطوّف، وفيما يقتضيه ممارسة هذه المهنة فيما يعتقد أنه جزء من كرامته، فجمعنا أسامة وأنا ونحن في سن صغيرة لا أذكر على وجه التحديد أسامة بطبيعة الحال أكبر مني وطبعاً لا يريد أن يقول إنه أكبر مني إنما في سن مبكرة جداً ولا نعرف الكثير لكن كان حرصه على أن يمارس معنا ديموقراطية طيبة، جمعنا ذات أمسية في الحج قبل أن يعطي قراره، قال: يا أبنائي أنا قررت أترك الطوافة ولا أريدكم أن تقولوا في يوم من الأيام والدنا حرمنا من مصدر دخل فماذا تقولون؟ طبعاً نحن في سن لا نستطيع أن ندرك حقيقة الموقف، ولكن انعكس علينا إحساسه بكرامته وأنه يجب أن يحافظ على هذه الكرامة، وبطبيعة الحال قلنا له تفعل ما تراه وجمع الحجاج في تلك الأمسية وقال الحاضر يعلم الغائب أنني أعلمكم يا علماء الدين أنني أوقفت الطوافة ولا أريد أن يسأل عني حاج فيما بعد ولكم الفضل في ذلك، فكان هذا موقف من المواقف التي أثرت في حياتنا.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :486  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 64 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج