شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ترى ماذا يريد الروس بنا؟
العرب والسوفييت:
عجلة روسيا لا تزال تدرج بالموثوقين خلفها في اندفاع ينحدر إلى النهاية ترى.. ماذا يريد الرّوس بنا؟!
كان لا بد للعرب أن يقتحموا الموقف.. لكن القيادة كانت لكوسيجين!
أجادون هم في محو إسرائيل أم هو أسلوب ماكر يخدعون به المأخوذين ببهرجهم منا؟
عهدنا بهم يعطفون على إسرائيل ويدللونها بصورة لا تقل عطفاً ولا تقل تدليلاً عما يفعل الأمريكيون والإنكليز وما تفعل فرنسا وما تفعله أكثر بلاد أوروبا؟!
- ألم تكن روسيا من أوائل من اعترف بوجود إسرائيل؟. ألم تمنح قبل اليوم جوازاً لمرور نصف مليون يهودي من أوروبا الشرقية ليبنوا حياتهم في فلسطين على أنقاضنا، ألم تساعدهم قبل اليوم مادياً ومعنوياً ولا تزال آثار ذلك واضحة بينة؟. ألم نسمع قبل أيام رئيس وزرائها يعلن في صراحة تأييده لوجود إسرائيل؟
- ألم تبث فيهم مذهبها الاشتراكي كما بثته في بعض المخدوعين منا؟
- أوليس المعروف عنها أنها عاصمة الدول الاشتراكية في سائر بلاد العالم وأنها موئلهم في كل النائبات وأنها صاحبة قيادهم في كل ما تهيئ من دسائس وما تخططه من مؤامرات؟
- أما مرّ بنا كيف كانت تتغلغل إسرائيل في دول أفريقيا المستقلة لتفتنهم في مبادئهم وتثيرها عواناً بين صفوف المواطنين في البلد الواحد خدمة لعاصمة الاشتراكية في روسيا كما فعل المخدوعون من بني عمنا يوم وضعوا أنوفهم في بعض بلاد أفريقيا وأثاروها شعواء في اليمن وأوقدوها في عدن وفي المحميات وأشعلوها دسائس ومؤامرات في بلادنا وفي كثير من أراضينا العربية خدمة للتخطيط الروسي وتنفيذاً للتكتيك المهيأ في موسكو.
نريد من هذا أن نقول: ألم يأن لنا ونحن نشهد كل ألوان الخداع التي مرت بنا في تاريخ روسيا الحديث أن نعرف روسيا على حقيقتها؟ فلا نغتر بزيفها ولا نصدق دعاواها إذا ادعت أنها تناصرنا ضد إسرائيل أو أنها تخطط لمحوها من أرضنا؟
ألم يأن لنا أن نعرف أن إنجيل الشيوعية يفرض بث الاشتراكية كخطوة أولى نحو الشيوعية كما يفرض مساندو -كل اشتراكي- في العالم دون استثناء حتى تعم الشيوعية كخطوة تالية سائر بلاد العالم.
أيقال تعليقاً على هذا.. ولكن لماذا رضيت روسيا باشتباكنا وأعلنت مساندتنا وسارعت بقطع علاقتها بإسرائيل وهي تعرف أنها عضو في اشتراكية أصحابنا؟
إن العارفين ببواطن الأمور يعلمون أنه مخطط مدروس في دقة متناهية يعد للاشتباك المسلح ليهزم أحد الطرفين فيفتح الكرملين أحضانه واسعة للمهزوم فلا يجد المهزوم مناصاً من أن يرتمي بثقله فيها فينتهي الأمر إلى غايته التي انتهت إليها سائر الأمم التي تدور في فلك روسيا وتذعن لإرادتها.
ونحن هنا في استطاعتنا بعد أن انكشفت معميات المخطط وبدت أسراره بينة واضحة أن نتابع دقائقه نقطة بعد أخرى حسب ترتيبها الزمني.
لقد دعيَ وفد إخواننا في مصر إلى عاصمة الاشتراكية في موسكو قبيل غلق المضايق وكان على رأسهم عبد الحكيم عامر وضم فيمن ضم منهم وزير الحربية وبعض كبار العسكريين والسياسيين ثم عادوا وفي حقائبهم أوامر بتنفيذ الخطوة الأولى في المضائق وقد قيل يومها فيما قيل إن عبد الحكيم عامر كان لا يرى أنه حان أوان التنفيذ وأنه تلكأ في قبول الفكرة لأنها تثير كبريات الدول فاعتبر في نظر الكرملين خائناً لا بد من إقصائه عند أول فرصة وقد كان.
وتتابعت وفود كبار الرسميين من البلاد العربية الاشتراكية لتلقي تعليمات التخطيط والإعداد لما يترتب على تنفيذه بالصورة التي أوهمتهم بها موسكو أنها ناجزة كاملة وأن أسطولها سيحمي نتائجها إلى نهاية الخط.
نودي على المضائق أنها مغلقة وأن مياه الخليج لا تبيح المرور إلاّ بالشروط التي يفرضونها فكانت شجاعة لا تقاس بمثلها لو أن تكتيكها كان من وضع القاهرة أو دمشق أو حتى من أقصى بلد في الجزائر ولو لم يكن لروسيا أي حق في الانفراد بتخطيطها.
لم يناقشوا في الفكرة أي بلد عربي خارج نطاق الاشتراكية وهم أحق بها وأهلها لأن روسيا كانت تعتبر أن المسيرة تدور في فلكها وهي طبعاً لا تعترف بغير الاشتراكيين في تنفيذ ما تخطط.
وضاق الأعداء بهذه الخطوة فأغبر الجو وتطاير الشرر فكان لا بد للعرب الذين ألفوا المبادرة وألقوا تصبيح أعدائهم في غشية الليل أن يقتحموا الموقف على غرة ولكن القيادة كانت لكوسيجين -وليس في مخطط كوسيجين ما يبيح لهم هذه الفرصة. ففي إباحتها ما يقضي على إسرائيل وفي إباحتها ما يغنيهم عن الارتماء الثقيل في أحضان موسكو في هزيمة وانكسار وفي إباحتها ما يشجب المخطط الروسي ويهدمه من أساسه.
لقد ترك الموقف لكوسيجين فشهدناه يسرع للقاء جونسون في أمريكا في بهلوانية غريبة ونقلت وكالات الأنباء إلينا تعهده لجونسون بأن لا يبدأ العرب حرباً في المنطقة، كما نقلت إلينا حركاته المسرحية في هيئة الأمم في الوقت الذي تناقلت فيه الصحف خبر السفير الروسي الذي أبلغ القيادة في مصر أن لا تبادر بأية حركة حربية فصدعت مصر للبلاغ وتركت العدو بعد ساعات من البلاغ يفاجئها بما لم يكن في حسبانها ويقضي على أهم معداتها قبل أن ينتصف النهار.
ترى هل كان للعرب رأي في اختيار الوقت الملائم لغلق المضائق؟ هل عنيت بهم قيادة إخوانهم في مصر فدعتهم للتشاور قبل غلقها.. وعندما تطاير الشرر على أثر غلقها.. هل طلبت مداولتهم فيما ينبغي لمواجهة الموقف أم سارت في طريقها لا تلوي ولا تحيد عما خطط لها بل وأعلن القائم فيها أنه سيستغني عن إخوانه من غير الدول الاشتراكية وهو محق فيما أعلن فالمخطط الروسي لا يتسع لغير الدائرين في فلك الروس.
ومع هذا أبت شهامة حكومتنا إلاّ أن تتغاضى وأن تبادر بما عليها من أجل فلسطين وحدها، وأبى عاهل الأردن إلاّ أن يخف إلى القاهرة وأن يقدم نفسه للعمل العربي المشترك كما أبى زعيم تونس إلاّ أن يعلن تطوعه من غير أن يدعى إلى التطوع وأن يبادر بإرسال فصائل من الجيش على أمل أن يدرك الموقف قبل أن ينهار ولكن الموقف كان بكل أسف معقوداً بتكتيك خاص وتدبير محكم جائر مكره على المخدوعين بكوسيجين ففوت عليهم فرصة المفاجأة وقضى على أحلامهم وهيأهم ليرتموا في أحضان موسكو بشكل ثقيل مخيف.
أليس من حقنا اليوم أن نسأل ماذا فعل الروس بنا وأن نتوجه بعدها إلى أصحابنا المخدوعين بزيف ما خطط لهم لنسألهم ماذا فعل الروس لنا؟
إن مجريات الحوادث تنطق بلغة فصيحة لتدلل على أن الروس بلغوا اليوم غايتهم من المخطط فهؤلاء إخواننا من الاشتراكيين يرتمون من جديد في أحضان موسكو بشكل نهائي وروسيا لا تني تفتح ذراعيها بكل ما وسعها ذلك لتضمهم إليها.
لقد قطعت علاقتها رسمياً بالعدو وندبت أسطولها ليتظاهر في حركات بهلوانية وجندت نفسها في حشد من الدول التي تدور في فلكها لتعطي أصواتها في هيئة الأمم لمصلحة العرب وأضافت فهزّت منبر الهيئة بالعويل والصراخ. كان هذا كل ما يكفي إذا اشتدت الأزمة.
أما العمل الجاد المنتج وأما الحركة الفعّالة الفاصلة فلا علاقة لها بهما لأنه خارج عن تكتيكها السري الخاص بها، حسبها أنها حالت دون المبادرة في صفوف الجيش العربي وتركت الفرصة للعدو يهتبلها إلى الغاية المرسومة.
وبعد فهي اليوم لا تبخل على أصدقائها من العرب بالأسلحة الماضية والعتاد الثقيل ولكن هل من ثمن؟!.
إنها كريمة النجاد لا يهمها من الثمن إلاّ ما يرمي إليه مخططها من أدق الأسرار.. حسبها من أصدقائها أن ينعموا بأحضانها وأن يحشدوا هداياها ليدكوا بها جبال اليمن ويفتحوا أمامها مضيق عدن ويسيطروا باسمها على محميات الجنوب لتهيمن على ممرات استراتيجية لا تحلم بها.. حسبها من أصدقائها أن يجندوا في سبيلها مئات الأقلام وعشرات الأصوات وألوف الكلمات الشابة التي تدير رؤوس المراهقين وتفتن الساذج والغافل وتكاد أن تنسي العابد طريق مصلاه.. حسبها من أصدقائها أن ينظموا في سبيلها دعاية إذاعية واسعة تهتف باسم النضال الشعبي والزحف العربي وآلاف الألفاظ من هذا اللون الصارخ ليمنعوا البترول عن أعداء وهميين اختارت موسكو أسماءهم لنا لتقضي على مصدر حياتنا وتجد فرصتها سائغة للاستيلاء على ما نملك من أسواق لترويج بضاعتنا.
وتهيب بإخوانك المجندين للدعوة في سبيل روسيا أن لا صحة لما أشيع عن العداوة الوهمية وأن المسئولين الذين أعلنوا في السابق أسماء المشتركين ضدنا ما لبثوا أن ثبت لهم غير ما ظنوه فأكدوا نفي ما أذيع في أسلوب صريح قاطع ينفي ما توهمه، وأن وزير الخارجية في مصر أعلن مثل هذا التصريح في شكل حاسم.. فلا تجد أذناً تسمعك.
وتهيب بهم بأن ظرفنا يستدعينا اليوم أن نبدو أشد ما نكون قوة وأعظم بأساً وإن ترك أسواقنا تمرح فيها روسيا يقضي علينا بالفاقة والضعف ويحرمنا مقوماتنا في الحياة فهل يسركم أن نمد أيدينا في مذلة وخنوع إلى أمثال روسيا من أمم الأرض؟
نقول هذا وأبلغ من هذا ولكن من إخواننا من قدت قلوبهم من صخر فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وأن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وأن منها لما يهبط من خشية الله.
ربما رضي موقفنا غيور، أو رثى لنا عاقل ولكن عجلة روسيا لا تزال تدرج بالموثوقين خلفها في اندفاع ينحدر إلى النهاية التي رسمتها.
ويؤكد الانحدار من جديد هذا الإعداد الأخير الذي عرفت روسيا كيف تهيئ له مؤتمراً في القاهرة تجمع إليه أصدقاءها من أقصى البلاد في الشمال العربي وتتغاضى فيه عن ألصق الناس بعروبة فلسطين وأحفلهم بها كما تنسى رجلاً داخت بلاده تحت وطأة الغدر الخائن كما تهمل أنجاداً على ضفاف الخليج أعلنوا استعداد خزينتهم لسائر نفقات الحرب كما تنسى بطلاً في تونس دفع بجيشه ليتخطى آلاف الأميال في سبيل فلسطين.
ألم نقل أن روسيا تعتبر أن المسيرة تدور في فلكها وأنها لا تعترف بغير الاشتراكيين في تنفيذ ما تخطط.
رحمك لك يا فلسطين.. فقد أصبحت محوراً لكل ما تدور عليه أغراض موسكو وباتت رقعتك العزيزة مرسماً لتخطيط أحدث خارطة تتسع لسياسة الكرملين المغرضة وانقلب رجالك الذين كنت تنيطين بهم آمالك أقلاماً في يد الظالمين.
ألا غضبة يا قوم.. ألا نهضة يا أحرار العرب فقد حميت الأزمة واشتد أوارها وليس لكم إلاّ أن تجمعوا أيديكم بعيداً عن الأيدي الملوثة ولا تتداعوا خلف من يستهتر بكم أو يجندكم لأغراضه وإلاّ أصبحت قضيتكم قضية روسية.
عليكم أن تعينوا الزمان والمكان والإطار بدافع من داخليتكم.
عليكم أن تكونوا حذرين بين يدي كل حدث وعند كل صرخة تدوي في آفاقكم وأن تتساءلوا عند كل حركة يغشاكم غبارها:
ترى.. ماذا يريد الروس بنا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :329  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.