شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كيف بدأ سوق عكاظ.. وكيف انتهى؟
أكثر الأقوال على أن عكاظ اتخذت سوقاً عام 540 للميلاد أي قبل ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم بسنوات اختلفوا في عددها كما اختلفوا في السنة التي ولد فيها النبي صلوات الله وسلامه عليه.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حضرها أكثر من مرة.. حضرها صبياً وحضرها فتى وحضرها شاباً ورجلاً قبل البعثة وبعدها. ومما روي عنه في قصة وفد قبيلة إياد أنه لما قدم عليه الوفد ليعلن إسلام القبيلة سألهم عن قس بن ساعدة الإيادي وكان من وعاظ سوق عكاظ. فقالوا مات يا رسول الله. فقال رسول الله: كأني أنظر إليه بسوق عكاظ على جمل له أورق وهو يتكلم بكلام عليه حلاوة ما أجدني أحفظه فقال أحدهم إني أحفظه يا رسول الله وتلا عليه بعض خطبه في سوق عكاظ.
وشهد النبي صلى الله عليه وسلم في سوق عكاظ حرب الفجار وفيه يقول صلوات الله وسلامه عليه -((لقد حضرته مع عمومتي ورميت فيه بأسهم وما أحب أني لم أكن فعلت)).
وحرب الفجار كانت بين قريش وهوازن أرادت هوازن أن تأخذ بثأر قتيل لها قتله البراض بن قيس وكانت عكاظ ميداناً لقتال القبيلتين.. كانوا يضعون أوزار الحرب إذا انتهت أيام السوق ثم يستأنفونها في عام قابل وظل أمرهم على هذا عدة سنوات.
ومن هذا نفهم أن عكاظاً كانت ميداناً للقتال كما كانت سوقاً للتجارة ومجالاً للأدب.
ولقد أثار حرب الفجار عشرات القرائح فشهد السوق إلى سنين طويلة من يتغنى بشعره مفاخراً بما أبلى قومه من صنوف الشجاعة في قصائد ظلت ذكرى لأحداث حرب الفجار إلى عهد طويل.
ومن طرائف خدمات عكاظ الشعرية ما رووه عن النابغة الذبياني وقد وفد عليه حسان بن ثابت والأعشى والخنساء يحتكمون إليه في شعرهم.
قالوا وقد أنشد حسان قصيدته التي مطلعها:
لنا حاضر فعم وباد كأنه
شماريخ رضوى عزة وتكرما
وكان منها هذا البيت:
ولدنا بني العنقاء وابن محرق
فأكرم بنا خالاً وأكرم بنا أُمّا
وأنشده الأعشى قصيدته التي مطلعها:
ما بكاء الكبير بالأطلال
وسؤالي وما مرد سؤالي
وكان منها هذا البيت:
إن يعقب يكن غراماً وإن
يعط جزلاً فإنه لا يبالي
ثم أنشدته الخنساء قصيدتها التي مطلعها:
قذى بعينيك أم بالعين عوار
أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار
وكان منها هذا البيت:
وإن صخراً لتأتم الهداة به
كأنه علم في رأسه نار
فقال لها النابغة لولا أن أبا بصير -يعني الأعشى- سبقك لقلت إنك أشعر من بالسوق فغضب لذلك حسان فقال له: ((أضعفت فخرك. إذ فخرت بمن ولدت ولم تفخر بمن ولدك)).
يبدو لنا من هذا مبلغ خدمة السوق للشعر العربي. على أن هذه الخدمة اتسع مداها إلى أكثر من هذا.. استطاعت عكاظ أن تقارب بين لهجات قبائل العرب وأن تهذب الحوشي من الألفاظ التي كانت شائعة بين بعض القبائل.
كان شعراء السوق ووعاظه يتبارون في ابتكار المعاني الراقية ويتخيرون الألفاظ السهلة المسلسلة والتراكيب الرشيقة التي تمس نياط القلب فاستقامت لأهل السوق تعابير مهذبة جزلة ربما استفادت أكثر ما استفادت منها بطون قريش حتى باتت لغتها سائدة بين أكثر قبائل العرب وحسبها فضلاً أن القرآن نزل بلغتها.
وقد استمرت عكاظ على منوالها لا تألو في خدمة اللغة والأدب إلى أواخر العهد الأموي. فقد هاجم مكة في عام 129 أبو حمزة الخارجي وهو من حضرموت وتذكر بعض الروايات أنه حضرمي من شيعة علي رضي الله عنه يدين بالمذهب العلوي.
كان يتصل بمكة في مواسم الحج عاماً بعد آخر كداعية للعلويين ضد بني أمية وفي مكة لقي عبد الله بن يحيى الكندي وكان يدعو لنفسه باسم العلوية فحسن له أن يخرج معه إلى حضرموت. وهناك استطاعا تجنيد جيش كثيف من أنصار العلوية دخلا به مكة بعد قتال مرير. وبه مالوا على أطراف مكة وهاجموا عكاظاً في إبان موسمها عام 129 -فكانت مقتلة تركت أثرها سيئاً في أهل السوق فتفرقوا بدداً وكان ذلك آخر عهد بالسوق ظلت القبائل بعده تتحاشى القرب من السوق.
في هذه الموقعة قتل أبو حمزة ويلقبونه (المختار) بسيوف الجيش الأموي فقد حوصر في وادي القرى ففر إلى مكة ببعض جيشه المهزوم فسبقته خيالة الجيش الأموي.. وبادره بعضهم من جهة المعلاة حتى طوقه آخرون من جهة المعلاة حتى أوقعوا به فأسقط في يده وكانت آخر أيامه.
بهذا عاشت عكاظ نحو 170 سنة ملتقى العرب. كان موعدهم فيها هلال ذي القعدة يقيمون بها عشرين يوماً ثم تنصرف قبائلهم إلى مجنة يقيمون فيها أسواقهم التجارية. وقلَّ أن يتبارى شعراؤهم فيها. ومجنة بأسفل مكة على بريد منها -كما يقول الأزرقي- والبريد عشرون كيلومتراً تقريباً.
وذو المجاز سوق لهذيل عن يمين الموقف في عرفة على فرسخ من الموقف والفرسخ يوازي ثلثي مساحة البريد.
وقد عفا الزمان على مجنة وذي المجاز ونسي الناس أمرهما على أثر ما حدث في عكاظ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :463  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.