شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لعلّهم يعلنون عن أوقات الهدم!
يسألني وفي محيّاه يلوح معنى القلق: "هل تراهم سيهدمون الدكاكين التي نسكنها؟".
قلت: وأيّ دكاكين تعني؟
قال: أعني الدكاكين القائمة على حافة الميدان الكبير.
واستطرد: كان المعروف أن الهدميات في العام الماضي استوفت مساحتها المطلوبة للميدان. وكنت شخصياً أسكن من سنوات دكاناً في الشامية أدركه الهدم فآليت أن لا أنتقل إلى دكان جديد إلاّ إذا استقر عندي أنه بعيد عن الهدم.. ولهذا انتظرت حتى تم هدم المساحة المطلوبة للميدان أمام باب أجياد، فاستخرت الله وسكنت أحد الدكاكين القائمة على حافته وأنا مطمئن لما انتهى إليه استقراري.
ولكن ما كدتُ أقضي بضعة شهور حتى شاهدت بعض المهندسين يقيسون عرض الأرض التي تقوم عليها الدكاكين بجواري فرحت أسألهم: هل تقرر هنا هدم جديد؟ فما زاد كبيرهم على أن ضحك ثم ولاني ظهره.
وسألت بعده أكثر من واحد كانوا يترددون على استئناف ما يقيسون فلم أجد عند أحدهم إلاّ كلمة: لا أدري.
وتفضل واحد منهم فقال: يا صاحبي نحن مأمورون بضبط مقاسات مطلوبة ولكننا لا نعرف ماذا يراد بها.
وما إن انتهى الحائر في أمر دكانه عند هذا حتى تجلّت أمارات الارتباك والقلق في محياه بصورة أوضح وهو يقول: والآن وقد أهلت السنة الجديدة فإن مالك الدكان يطالبني أن أدفع إليه أجرة الدكان أو أتخلى عنه ليوجهه إلى غيري.
وقد حاولته لينتظر أياماً عسى أن يتكشف الأمر بإعلان في جريدة أو خبر موثوق يذاع ولكنه يأبى إلاّ أن أدفع أو أتحول عن ملكه.
قلت: وما يمنعك أن تدفع.. حتى إذا صح موضوع الهدم باتت حقوقك مضمونة تستطيع أن تستوفيها بطريق مشروع؟
قال: يمنعني من هذا أمران: أولهما موضوع بضاعتي فهي موسمية لا رواج لها إلاّ مدة الموسم، فلو أشغلت الدكان لشهرين قبل الهدم تعين عليَّ دفع أجرة الشهرين دون أية فائدة أنالها من الدكان في غضون الشهرين.. فما بالك إذا طالت المدة إلى أكثر من هذا!؟
الأمر الثاني وهو الأهم أنني استطعت بعد جهد بالغ أن أوفر ما يكفي لأجرة الدكان، فإذا دفعته اليوم وأنا أعرف أن صاحب الملك لا يملك من الدكان إلاّ ما يوازي سدسه، وأنه سيوزع الباقي على ورثة مستحقين فمن أين لي أن أسترد ما دفعت.. إنني سأفقد حصيلتي وسأعجز عن استردادها إلاّ بعد لأي طويل أعيش أثناءها طريداً بلا دكان.
استمعتُ إليه وأنا أحس بأثر مأساته في جوانب نفسي أليمة ممضة.. ورأيتني أتساءل: لماذا لا ينظم المسؤولون عن التوسعة برامجهم في وقت سابق عن إهلال العام حتى إذا أهل أعلنوها واضحة كما فعلوا في هدميات القبان.
إنهم دون شك يعرفون أن أكثر دكاكين وسط البلدة لا يستفيد أصحابها إلاّ من رواج الموسم فإذا دفعوا أجرتها وأشغلوها بعض شهور العام ثم أخلوها خسروا قيمة ما دفعوه لشهور لا يستفيدون منها.
إني أتمنى إليهم وهم على أبواب عام جديد أن يعلنوا عن سائر الجهات التي ينوون هدمها قبل أن تعقد أجورها فيتعرض المستأجرون والملاك لمشاكل لا يحتملون وطأتها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :367  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.