شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حذارِ أيُّها الأدباء..
لا أدري لِمَ أميل دائماً إلى تصديق مَن ينقل إليَّ خبر أديب اختلط عليه عقله أو مسّه لون من الجنون رغم أني كثير الشك في أكثر ما ينقل إليَّ من أخبار الناس وأحوالهم وقد تعودت أن لا أقبلها إلاّ بعد تفحص وتدقيق ما يلابسها من قرائن..
أمّا قصة جنون الأديب -أي أديب- فتغزو عقلي دون استئذان وأحسبني لو تنبأ لي قارئ كف بأني سأختلط في أحد الأيام اختلاطاً يسلمني إلى الجنون لما تبادر لذهني أن أشك في نبوءته رغم أني تعوّدت أن أسخر في حياتي بكل محترفي قراءة الكف وحساب الطوالع.
لستُ أعني بهذا أني شعرت أو أشعر بأدنى خلل في عقلي.. لا.. فأنا واثق بأني أتمتع إلى اليوم بعقلية إن لم تكن ممتازة فهي موزونة إلى حد معقول..
ولكن يثير إشفاقي لا على نفسي بل على أكثر الأدباء، ومعذرة إلى أصحاب الرجاحة منهم.. أقول يثير إشفاقي على أكثرهم رهافة أحاسيسهم وسيولة عواطفهم وليس كالرهافة والسيولة ما يخل بالتوازن العقلي ويعبث بملكاته.
ولا يقتصر الأمر على هذا، فالملكات التي يتطرق إليها العبث لا تنفك قابلة للانطلاق وقد تمعن في انطلاقها حتى تعيش ويعيش صاحبها في ملكوت بعيد.. بعيد لا صلة له بملكوت الناس..
فإذا عثرت بأديب ساهم.. يعيش على هامش الناس.. يختلط بمجالسهم وهو في الوقت نفسه شارد عنها.. هائم في البعيد.. البعيد الذي لا يحده نطاق فاحمد الله على نعمة عقلك وأساله العافية لمن ترى..!!
وبعد.. أغريب بعد هذا أن نقرأ في جريدة (الجزيرة) أن شاعرنا الرقيق المرهف (حمد الحجى) اختل توازنه، وعبثت سيولة عواطفه بملكاته العاقلة فانطلق يهيم في الملكوت البعيد.. عن ملكوت الناس.. ورأى صبية الشوارع في هيامه فرصة للعبث فانطلقوا يجرون خلفه ليطفئوا آخر ذبالة من شعلة كانت تتوقد في تلافيف رأسه.
ترى هل أنعي على الأطفال فعلهم فأحرمهم لذة العبث وأنا أعرف أنه لا يلذ للطفل شيء ما يلذ له أن يعبث في مثل هذه الفرص لينتقم وهو لا يشعر لطفولته من الأجسام الكبيرة التي عودته الخضوع لما تفرض؟؟
أم أنعي على الكبار الذين تركوا أخاهم إلى اليوم لعبة يتقاذفها أطفال الشوارع دون أن يبادروا إلى انتشاله؟؟
لقد قرأت آخر ما قرأت أن سمو أمير الرياض أعلن استعداده لقبول التبرعات توطئة للإنفاق على علاجه.. وأنا مع تقديري لهذه الأريحية أرى أن يساهم الأدباء وأنا منهم في قائمة التبرعات لعلّهم يجدون في أحد الأيام من تسخو نفسه لمساعدتهم إذ قدر لأحدهم أن يختلط بتأثير هذا الشرود الذي لا ينفك يقصيهم عن دنيا الناس ويتركهم يهيمون في البعيد.. البعيد!!
وإذا كان لي من تعليق بعد هذا فهو أن أسأل وزارة الصحة ما يمنعها أن تتفضل فتتبنى الأمر.. ما يمنعها أن تحيل شاعرنا إلى إحدى المصحات العالمية ليعالج فيها على نفقتها؟!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :333  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 41 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الشعرية الكاملة وأعمال نثرية

[للشاعر والأديب الكبير أحمد بن إبراهيم الغزاوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج