شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ صالح عبد الله كامل))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله القائل وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم: 4)، وأصلي وأسلم على قائدنا وحبيبنا ومعلمنا وسيدنا محمد بن عبد الله القائل إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
من حسن خلق أخي الشيخ عبد المقصود خوجه ومن حسن ظنه بي ظل يدعوني إلى هذا المنتدى وإلى هذا المنبر الذي كنت ولا زلت أرى نفسي غير أهل لاعتلاه، لأنه سبقني إليه رجال عظام في الثقافة والأدب والفكر، ولكن الأخ عبد المقصود جزاه الله خيراً ظن بي ظناً حسناً، وأرجو أن لا يلوم نفسه إذا لم أجد الاستحسان في هذه الليلة منكم وكما يقول أهل مكة (ذنبه على جنبه)، ولكن أستبشر كثيراً أنه بدون ترتيب مسبق بيني وبينه، تأتي هذه الليلة في ليلة كرم الله فيها العالم وشرفه بمولد سيد الخلق، ففي نفحات هذه الليلة المباركة الطيبة، أرجو أن تشملنا بعض هذه النفحات وأن يكون حديثي مفيداً لكم وأن لا تندموا على هذه الليلة، لقد أثنى أخي الشيخ عبد المقصود عليّ كثيراً، وأقول إنني لم أمل سماع كلمات الثناء، فالنفس البشرية أمارة بالسوء، ولكنني أقول اللهم اجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون، فكلنا نواقص والله سبحانه وتعالى يستر علينا في دنيانا وفي آخرتنا، في الواقع جرت العادة أن يتحدث الضيف عن مراحل حياته ثم عن بعض إنتاجه الفكري، لا أجد في حياتي شيئاً يهم مثل هذا الجمع الفاضل إلا نقطة واحدة كانت هي مسار التحول في حياتي، وهي موضوع اجتناب الربا وكيف يسّر الله لي ثلاثة أشخاص انتقلوا إلى رحمة الله هم والدتي رحمة الله عليها، وفضيلة الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه، والأستاذ بهجت سعد خليل مدير بنك القاهرة، هذه المحطة الرئيسية التي حولت حياتي تماماً، فبعد تركي للعمل الحكومي وانتقالي للعمل الخاص بسنة أو سنتين، سألتني الوالدة وهي أمية لا تقرأ ولا تكتب ولكن صلتها بالله قوية، هل تتعامل مع البنوك؟ قلت نعم، قالت لي حرام، فقلت لها لا تخافي، أنا لا آخذ من البنوك فائدة على أموالي، فقالت لي وإذا احتجت؟ قلت لها مضطراً، كان هذا فهمي، فقالت لي هذا حرام وهذا حرام، ظننت أنها غير متعلمة، وفي أحد الأيام جاء الشيخ الشعراوي إلى بيت الدكتور محمد عبده يماني عندما كان وكيلاً للجامعة وخرجت الوالدة فاشتكتني عنده، فقال لي: كلام والدتك صحيح فهذا حرام وهذا حرام، الأخذ والعطاء، فقلت له: ماذا أفعل يا شيخ الشعراوي، ما أستطيع أن أشتغل؟، فشرح لي المضاربة الإسلامية، ذهبت إلى الأستاذ بهجت خليل مدير بنك القاهرة في ذلك الحين، هذا الكلام كان في سنة 1972م أو 1973م، فقلت له إن الشيخ الشعراوي يقول كذا وكذا وأنه شرح لي المضاربة الإسلامية، فقال لي: خذني للشيخ الشعراوي، فذهبنا إليه فشرح له المضاربة الإسلامية، فكتب يستأذن من القاهرة، فما جاءه رد، وأنا كل يوم أزعجه، وبعد شهر طلب مني أن أذهب إليه وأشتغل وعلى مسؤوليته، فاشتغلنا بالمضاربة الإسلامية، والله يا إخوان لا زلت أذكرها، في آخر ذلك العام تضاعف حجم عملي عشرة أمثال، كان 3 ملايين ريال فأصبح 30 مليون ريال، والربح الذي كان لبنك القاهرة كان يقدر بـ 24% في الوقت الذي كانت الفائدة على الريال 4%، السنة التي بعدها تضاعف حجم عملي إلى 10 مرات إلى 300 مليون ريال وهم نفس الأرباح التي جاءتهم، وفتح الله عليّ بهذا الخير وبدأت أتعمق، تسلمت ورقة من أحد الإخوان الكرام يسألني فيها هل يوجد شيء اسمه اقتصاد إسلامي واقتصاد مسيحي واقتصاد يهودي، إذا كان التوحيد هو جوهر الإسلام، فالاقتصاد الإسلامي هو أروع ما في الإسلام، والقرآن حافل بآيات لا حصر لها والأحاديث النبوية في الاقتصاد الإسلامي وفي رمضان الماضي في الأزمة المالية الحالية التي حدثت، عندما أوقفوا في أمريكا البيع بالمكشوف، وفي بريطانيا تحدثت في التلفزيون أنني كمسلم لا أشمت ولا أفرح لما أصاب العالم ولكنني أفتخر أنه عندنا حديث منذ أكثر من 1400 سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا تبع ما لا تملك والذي هو منع البيع على المكشوف، حديث من ثلاث كلمات توصلوا له في الغرب بعد مئات السنوات فنحن عندنا قواعد في الاقتصاد الإسلامي لو فهمناها ولو طبقناها لقدمنا هدية للبشرية لا يمكن أن توازيها أية هدية أخرى ولكنني أوافق الأخ الكريم الذي أعطاني الورقة في موضوع التسميات ألا يكون الإسلام يافطة وتجارة نتاجر بها، أنا في بنوكي كلها اسمها بنك البركة كذا..، بيت التمويل السعودي المصري، لا أضع اسماً إسلامياً، فإن أخطأت فصالح الذي أخطأ ولا يلصق الخطأ بالإسلام، وإن أحسنت فأنا أحاول تطبيق الشريعة، وأيضاً معه حق آخر في السؤال الذي سأله، فالربا محرم في المسيحية كما هو محرم في اليهودية، وكما هو محرم في الأديان التي نظن أنها غير سماوية مثل البوذية وغيرها، الربا ممنوع في كل الأديان، فلا يصح أن نقصر هذا الكلام على الإسلام، وأنا دائماً أقول الاقتصاد الإبراهيمي، أو الاقتصاد الأخلاقي أو الاقتصاد السماوي، هو تسمية أصح من تسمية الاقتصاد الإسلامي ولكن باعتبار أن الإسلام هو الدين الخاتم لهذه الأديان كلها والقرآن حفظه الله سبحانه وتعالى لنا من التحريف، والأحاديث خدمت خدمة كبرى ويوجد لدينا منها كم لا بأس به ثبت صحتها، ولذلك نقول اقتصاد إسلامي.
في هذه الليلة أحب أن أعرج على ثلاثة موضوعات تعريجاً خفيفاً في حدود الوقت المسموح به، فالأمور الثلاثة أحب أن نعرج عليها سوية، أولاً الآية التي بدأت بها، أولاً الخلق، فالله سبحانه وتعالى يمتن أو يصف نبيه الكريم، وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم: 4) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، لم يقل إنما بعثت لأدعو إلى التوحيد، ولكنه ركز على تثمين مكارم الأخلاق وفي القرآن الكريم دِيناً قِيَماً (من آية رقم 161: الأنعام)، يعني الدين القيم، لو نظرنا في مجتمعنا الإسلامي الآن للأسف أين نحن من القيم والأخلاق؟ للأسف وضعنا مزري ولذلك في الغرفة الإسلامية التي أشرف برئاستها، وضعنا أول هدف في الخطة موضوع إحياء القيم الأخلاقية، بدون إحياء قيم وأخلاق فاضلة لا تقوم لأي مجتمع نهضة ولا يمكن أن يقوم، نحن للأسف مسلمون بالعبادات الظاهرة، الصلاة الصوم وحتى الموضوع الثالث الذي سوف أتكلم عنه وهو الزكاة لم نفهمها، والصلاة إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ (من آية رقم 45: العنكبوت) من فينا صلاته تنهاه عن الفحشاء والمنكر، نصلي من هنا وننصب على من يتعامل معنا من هنا، فأصبحنا مسلمين فقط بالطقوس ولكن ليس بالروح ولا بالقلب، ونحن في هذه الليلة، ليلة مولد الخلق، يجب أن نميل إلى الروحانيات، والدين روح وتعاليم، ليس فقط تعاليم جافة، وإنما يجب أن يكون الروح لها دخل كبير في الدين الإسلامي، فموضوع الأخلاق إخواني موضوع يمثل هاجساً كبيراً بالنسبة إليّ في هذه الأيام لأنه كيف نحيي القيم الأخلاقية في مجتمعاتنا لأنه فعلاً بدون إحياء قيم أخلاقية لا نهضة لنا أبداً ولا نتكلم لا عن علوم ولا عن تطور ولا عن شيء، الغرب حقيقة تجد عنده الصدق أكثر من عندنا، الوفاء أكثر من عندنا، نحن لا نقول أن دينهم لا يحثهم على الأخلاق، فكل الديانات تدعو إلى الأخلاق ولكن يمكن هم يلتزمون بقوة القانون، أما نحن ليس لدينا قانون ولا يعطي لهذا الجانب أهمية وحتى عندما نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر قلصنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أشياء بعيدة عن القيم، كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ (من آية رقم 110: آل عمران) لماذا؟ لأنه ربطها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا توقف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر زالت خاصية كوننا خير أمة أخرجت للناس فلا بد أن نتنادى ونتناصح في موضوع إحياء القيم الأخلاقية ولا بد أن نعطي لأبنائنا المثل، لأنه إذا كنت أنا أقول لولدي لا تكذب، ودائماً كن صادقاً، وعندما أتلقى اتصالاً هاتفياً، ويخبرني بأنه من السيد الدكتور محمد عبده، فأقول له أن يخبره بأنني لا أريد أن أكلمه الآن، فكيف أعلم ولدي الصدق بينما أنا أكذب، فالحقيقة المسئولية هي مسئولية البيت، ومسئولية الإعلام ومسئولية المجتمع كله على أن نتناصح ونتنادى للقيم الأخلاقية التي هي الأساس في كل مجتمع، هذا الموضوع الأول، الموضوع الثاني وأعطيه أولوية عن الموضوع الثاني، الحقيقة كلنا ممكن نتساءل ما هي الزكاة؟ نحن نفهم الزكاة على أنها الركن الثالث من أركان الإسلام والذي لا يخرج الزكاة فهو ليس بمسلم، لكن هل واقعنا يقول هذا؟ هل نحن فهمنا الزكاة منذ البداية؟ ذكرت كلمة الزكاة في القرآن 32 مرة، 31 مرة على صيغة "آتوا الزكاة" "يؤتوا الزكاة" وتبعت بعقاب أو ثواب دنيوي أو أخروي مرة واحدة عندما ربطت بالفلاح، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (المؤمنون: 1-4) من فينا اليوم يخرج الزكاة؟ فاعلون يعني أخطط لعملي طبقاً للزكاة، لأنه عند الناس مفهوم خاطىء أن الزكاة هي تساوي 2.5% من كل شيء، هذا الورع يساوي 2.50% من كل شيء، لكن الزكاة تقل كلما زادت فائدة نشاطك للمجتمع، لو معك 400 ريال، 100 في خزنة، و100 في زراعة تسقى بالمطر، و100 في تجارة، و100 في زراعة بالآلة، انظر ماذا تفعل الزكاة في نهاية العام، الذي في الصندوق ينتقص فيصبح 97.50%، والذي في التجارة ربحت 10 فتخرج 2.50% من 110 ريال فيبقى معك 107.75 ريال، والذي في الزراعة بالمطر أنتجت 20 تخرج العشر، يعني سيبقى معك 118 ريال، والذي بالآلة ونقيس الصناعة عليها، أنتجت 30 تخرج منها نصف العشر من 30 يعني 1.50% فيبقى معك 128.50ريالاً، السنة المقبلة أين ستشغل أكثر فلوسك؟ فطبيعة النفس البشرية تحب الكثير وتحب إعطاء القليل، سأذهب إلى الصناعة والزراعة التي بالآلة أكثر، ثم الزراعة الخفيفة، فهذا ماذا يعني؟ يعني أنك قمت بتشغيل عمال، وإذا شغلت عمال فقد منعت الفقر قبل أن يحصل، وإذا شغّلت عمالاً فقد أعطيتهم رواتب تساعدهم على شراء حاجيات لأن ميلهم للاستهلاك عالي، فيحصل بذلك رواج في السوق، فنضطر أن نزيد من العرض وهذا بدوره سيستلزم أن نزيد من عدد العمال؟ فدارت العجلة، والعالم كله يفكر كيف يقضي على البطالة وكيف يخلق رواجاً يقضي على الكساد الذي أصاب العالم بهذه الكارثة الكبيرة التي نحن فيها، فهذا فقط فهم واحد للزكاة للزكاة فاعلون فإذا كنت قد أديت الزكاة وخططت لعملك وفق الزكاة سنقضي على البطالة ونقضي على الفقر ونحدث الرواج، فالزكاة خطة اقتصادية متكاملة، في الزكاة لم يتكلم على أنها تكون من الربح وإنما تكون إما من الأصل أو من الأصل والناتج، أو من الناتج، ليس لها دخل بالربح والخسارة، عكس النظام الوضعي في النظام الضريبي يتكلم فقط عن الربح، هذه فيها فائدة عظيمة جداً في سهولة الحساب بحيث يدفعك لحسن اختيار المشروع الذي ستشتغل فيه، لأنك ربحت أو خسرت لا بد أن تدفع قيمة الزكاة، فتكون نبيهاً باختيارك للمشروع الذي سوف يغطي تكاليفه ويغطي مصاريف عيشك ويبقي لك ما ستدفعه للزكاة، لأنها ستؤخذ منك، فإذا عملنا ما يسمونه اليوم دراسة الجدوى، وإذا أحسنا الاختيار طبقاً للزكاة فهذا يعني أننا أحسنا دراسة الجدوى جيداً، ويعلمنا أن نكون مدراء ناجحين لأن الزكاة تؤخذ عليه في المصانع مثلاً على المواد الخام في المستودع وإذا كنت مديراً ناجحاً فلا يجب أن تكون عندي مواد خام في المستودع أكثر من اللازم لأنها تؤخذ على البضاعة الجاهزة للبيع، لو كنت مديراً ناجح فيجب أن لا يكون عندي مخزوناً كبيراً قابلاً للبيع، فهي تؤخذ على الديون التي لي في السوق، فلو كنت مديراً ناجحاً أجمع الديون التي لي في الأسواق، فهي تؤخذ على السيولة، لو كنت مديراً ناجحاً المفروض أنني أستغل السيولة التي عندي ولا أتركها راكدة، فيعلمني أن أختار مشروعاً جيداً وأن أكون مديراً ناجحاً، فقط لأن الزكاة لا تؤخذ من الربح وإنما تؤخذ من الأصل أو من الأصل والناتج أو الناتج، لو أردنا الحديث عن كل فوائد الزكاة فإننا سنحتاج إلى ساعات وساعات، ولكن هناك شيئاً آخر أود إضافته وهو أننا أصبحنا أمة شحاتين ومتسولين، لأنه اقتصر صرف الزكاة عندنا على مصرف واحد ألا وهو مصرف الفقير، بينما للزكاة ثمانية مصارف، إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ (من آية رقم 60: التوبة) ثمانية مختلفة ونحن حصرناها في إعطائها للفقير الذي هو جاري أو الذي أعرفه، أو أحسب زكاتي وأعول 100 عائلة، أنا أسأت للمئة عائلة لأنني تركتهم شحاتين للأبد، لو انتقلت إلى مصرف المساكين ودرست حالة هذه العائلة هل عندهم ولد يستطيع أن يتعلم، هل عندهم ولد يستطيع أن يشتغل في مهنة، هل عندهم بنت تعرف تخيط، لو ساعدتهم من سهم أو نصيب المساكين فسينتقلون من الطبقة الآخذة إلى الطبقة العاطية ولكننا عطلنا كل المصاريف حتى السياحة نجد أن الزكاة تشجعها، ابن السبيل، من هو؟ هو المسافر الذي انقطع به السبيل، في العصر الذهبي للإسلام كان ينفق على ابن السبيل بحفر الطرق وعلى حفر الآبار وعلى كل ما يسهل للمسافر، فالله سبحانه وتعالى خلق السياحة صناعة كثيفة العمالة وترك لها سهماً في الزكاة ليشجع عليها، لأنها تخلق طلباً على منتجات البلد، فكان بإمكاننا أن نشجع السياحة بوسيلة شرعية بدلاً من بعض الدول التي تنادي بتشجيع السياحة بإباحة الخمر وبإباحة الملاهي وغيرها، لا، نحن عندنا طرق أكثر جدوى وتدفع لزيادة السياحة بشكل أكثر ولكن لو فهمنا الزكاة كخطة اقتصادية متكاملة، والحقيقة لو استمررت في موضوع الزكاة فسآخذ كل الوقت المخصص لي.
الموضوع الثالث والذي أحب أن أعرج عليه هو الأزمة العالمية التي حصلت الآن، الآن يوجد من بين عقلاء الغرب من ينادي بالاستفادة من قواعد الاقتصاد الإسلامي، لأنه توجد قواعد ولا يوجد تطبيق، فالله سبحانه وتعالى يقول الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا (من آية رقم 275: البقرة)، أروع تصوير وأدق تصوير لحالة العالم اليوم فكل العالم مثل المجانين والله سبحانه وتعالى وصفها أدق وصف، وفي آية أخرى فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (من آية رقم 279: البقرة) هذه حرب، إذا لم ننته فمن منا يستطيع الصبر على حرب الله ورسوله، هذا عنوان عريض لأسباب الأزمة، ولكن هناك أكثر من عشرين سبب للأزمة منها الديون ومنها بيع الديون، ومنها المشتقات التي طلعوا علينا بها من أوائل التسعينات أو قبلها بقليل وهي أن الدَّيْن يباع أكثر من ثلاثين مرة إلى أن انتفخت البالونة، وفرقعت على كل العالم، حيث أنهم شجعوا الاستهلاك أكثر من طاقتك إن كان ببطاقات الائتمان أو إن كان بالرهونات العقارية، إن لم يكن عندك أي شيء تأتي فقط وتشتري بيتاً، فكانت النتيجة ما نحن فيه، هل يوجد في الاقتصاد الإسلامي علاج؟، نعم، يوجد في قواعد الاقتصاد علاج لكي لا تتكرر هذه الأزمة ولكن ليس عندنا حل لحل هذه الأزمة، لأن هذه الأزمة إذا أردنا معالجتها وَإِن تُبْتُمْ فَلََكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ (من آية رقم 279: البقرة) ولكنها عملية تحتاج ليس فقط إلى ناحية فنية وأيضاً إلى ناحية عقائدية، ليس لديهم ناحية عقائدية فهم يتناقشون في الناحية الفنية، ولكي لا تكرر الأزمة هناك حلول كثيرة جداً، ولكي لا أنسى أحد هذه الحلول فقط أسرد لكم رؤوس أقلام لتسعة عشر حلاً ممكن أنها لو طبقت تحل الأزمة العالمية:
لا بد لنا من نظام مصرفي ومالي في ترشيد الإنفاق الاستهلاكي، عكس ما يجري في البنوك الآن تماماً، فهم يشجعون الإنفاق الاستهلاكي ولا يهمهم كيفية السداد، النتيجة صارت المصيبة التي نراها الآن.
مساهمة النظام المصرفي في توجيه عمليات الإنتاج، بمعنى عندما لا أشجع التموين الإستهلاكي، أقوم بالمساهمة في عمليات الإنتاج.
استحقاق العائد في المعاملات يكون لعنصر النماء وليس لعنصر الزمن وحده، وهذه ترجمة لموضوع تحريم الربا وهي ترجمة عصرية بمعنى أن النماء الذي يكون هو الذي سيكون له عائد وليس للمدة الزمنية.
ضبط العقود لتكون على مبادرات حقيقية لا وهمية أو صورية، وهو الحديث الذي سبق وأن قلته: لا تبع ما ليس عندك، الاقتصاد العالمي حجمه كله 69 تريليون دولار، المشتقات وصلت في العالم 660 تريليون دولار، هذا الاقتصاد الوهمي الذي عشناه وقد انفجر الآن، والله أعلم أين سنصل.
ربط العائد على رأس المال النقدي بمساهمته في الاستثمار ومنع أي عائد مستقل، فالفلوس لا تولد فلوساً.
ضبط دور النظام المصرفي والمالي في تنمية الاقتصاد الحقيقي وليس الاقتصاد المالي، فالاقتصاد الحقيقي هو الصناعة والتجارة والزراعة والخدمات الحقيقية، إنما الاقتصاد المالي المشتقات والبورصات فهذه كلها ليست اقتصاد حقيقي ولا يؤدي إلى شيء.
استخدام أسلوب الوساطة الاستثمارية بدلاً من أسلوب الوساطة المالية.
نظام تأمين الودائع في المصارف القائمة على المشاركة.
استخدام وسائل عادلة عند معالجة تأخرها وعجز المدينين عن السداد، (فنظرة إلى ميسرة) وليس مثل الذي صار فأحدث كركبة في الأمور، فالسهم الذي يساوي مليون يباع 50 ألف أو بـ 40 ألف، وبدأت الكرة تتدحرج وتكبر.
استخدام الرافعة الاستثمارية بدلاً من الرافعة المالية، فالرافعة المالية هي التي يسمونها (leverage) هي من أسباب النكبة العالمية لكن لو كان المشروع مدروساً وكان هناك استثمار، ما كانت هذه الأزمة لتحصل.
توريق الأصول بدلاً عن توريق الديون، الآن معظم الأوراق التي في العالم هي توريق للديون، لا توريق أصول لأن الدين لا يجوز توريقه.
تصحيح دور الأسواق المالية، طبعاً هناك سوق الأسهم هذه مشكلة كبيرة ولها ضوابط كثيرة. ولكن كل هذه قواعد متخصصة كل واحدة منها تحتاج إلى شرح وتدقيق حتى نستطيع أن نجد العلاج الشافي والوافي لهذه الأزمات لعدم تكرارها وليس لحلها، إنما في نهاية كلامي إخواني يوجد في الفكر الإسلامي قواعد اقتصادية لو فهمها المسلمون وقاموا بتطبيقها لقدمنا هدية للبشرية ولكن للأسف نحن نأخذ من الإسلام الاسم والطقوس ولكن لم نأخذ منه الفكر والتعامل والقيم، هذه أشياء لا بد أن يهتم بها مجتمع مثل مجتمعنا، مجتمع نزل فيه الوحي على نبينا صلى الله عليه وسلم في مكة والذي أرسل رحمة للعالمين، بعث من بيننا، إذاً نحن الذين ضيعنا ولو فهمنا الإسلام كما ينبغي لما كانت حالتنا على ما نحن عليه الآن.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :584  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 93 من 223
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج