شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المتنبِّي.. كونٌ في ملامحِ كائن!
سارٍ.. يُفَتِّشُ بَعْضُهُ عن كُلِّهِ
ويَلُمُّ ما تُوحي نبوءةُ لَيْلِهِ
مُتَبَتِّلاً للنَّفْسِ منطلقاً بِها
يجلو صبابةَ عاشقٍ مُتَأَلِّهِ
لاحَتْ لهُ نارٌ فقال لنَفْسِهِ
ما قالَهُ (موسى الكليمُ) لأَهْلِهِ
ومشىَ إلى النارِ/الحقيقةِ حافياً
لتَشُبَّ نارُ الانتظارِ بنَعْلِهِ
ثمَّ انثنَى جِهَةَ النبوءةِ قابساً
سرَّ الألوهةِ في فتيلةِ عَقْلِهِ
ورأى الجمالَ قصيدةَ اللَّه التي
من أَجْلِهَا بَدَأَتْ متاهةُ رُسْلِهِ
فمضَى على طُرُقِ المتاهةِ.. لا ترى
غيرَ القوافي يضطربنَ برَحْلِهِ
ساهٍ كما يسهو الخليلُ إذا صَحَتْ
إشراقةُ الذكرَى وحَنَّ لِخِلّهِ
* * *
من قلبِ محفظةِ النخيلِ تَوَهَّجَتْ
عيناهُ: عنوانُ (العراقِ) ونَخْلِهِ
وكسا مصائرَهُ السَّوادُ كأنَّما
تلك المصائرُ حفنةٌ من كُحْلِهِ
غَزَلَ الرحيلَ وخاطَ للبَرِّ الخُطَى
فسَرَتْ خُطَاهُ وما غَدَرْنَ بِغَزْلِهِ
في غربةٍ هُوَ والحصانُ.. فطالما
شَعَرَ الحصانُ بغربةٍ في تَلّهِ
صَحَتِ الرِّمالُ على انقلابٍ أسمرٍ
تتَحَدَّثُ الفصحَى حماحمُ خَيْلِهِ
لَمَحَتْ بهِ الصحراءُ هيئةَ فارسٍ
عَبَرَ الجحيمَ وجاءَها من هَوْلِهِ
ينقادُ في ظِلِّ الملوكِ.. وحينما
دَنَتِ الحقيقةُ قادَهُمْ في ظِلّهِ
جَمَحَتْ قصائدُهُ.. وكلُّ قصيدةٍ
تستنفرُ التاريخَ من إِسْطَبْلِهِ
في هيبةِ الإعصارِ.. سَلَّ على المدَى
سيفَ الهبوبِ وشَقَّ مِعْدَةَ رَمْلِهِ
ما انفكَّ يقتحمُ الزمانَ وكلَّما
مَدَّ الخُطَى رَكَلَ السنينَ بِرِجْلِهِ
شبحٌ بشريانِ الخلودِ مسافرٌ
أبداً يُقَصِّرُ من مسافةِ جَهْلِهِ
هُوَ كالمدارِ حكايةٌ لا تنتهي
والفصلُ فيها لا يعودُ لأَصْلِهِ
* * *
كَمَنَ الرُّمَاةُ لهُ وراءَ نبالِهِمْ
كلٌّ يُعَلِّقُ تُهْمَتَيْنِ بِنَبْلِهِ
كَمَنُوا لهُ في القوسِ.. قوسِ ظلامِهِمْ..
فافترَّ عن سهمٍ يضيءُ بنَصْلِهِ
ما مَدَّ حبلَ رُؤَاهُ في أُفُقِ الرُّؤَى
إلاَّ وأَلْفُ طريدةٍ في حَبْلِهِ
ضَرَبَ الترابَ براحةِ اللغةِ التي
كَشَفَتْ على الرُّؤْيَا ملامحَ فَأْلِهِ
فرَأَى من الأقدارِ كلَّ صنوفِها
وأشاحَ عن قَدَرٍ ينمُّ بقَتْلِهِ
أَيَخونُهُ الشِّعرُ الحبيبُ.. ومن رأَى
عَسَلاً تَوَرَّطَ في خيانةِ نَحْلِهِ؟!
* * *
غربالُهُ نَخَلَ الحروفَ فلم يَدَعْ
حرفاً يُكَلِّفُهُ النَّشازُ بِحَمْلِهِ
نشوانُ ما ارْتَجَفَتْ يداهُ برِيشَةِ
إلا كما ارتجفَ الصباحُ بِطَلِّهِ
يَتَأَبَّطُ الرُّؤيَا بمنتصف الأسَى
بين اعتزالِ الفيلسوفِ وعَزْلِهِ
ما غاصَ في الملكوتِ إلاّ عائداً
للذَّاتِ ينقشُ شكلَها في شَكْلِهِ
* * *
هَمَسَتْ لهُ الدنيا بصوتِ حبيبةٍ:
كُتِبَ الهوَى فَرْضاً عليكَ فَصَلِّهِ
فاختارَ ماءَ وضوئِهِ من جدولٍ
تَقِفُ الحياةُ على شواطئِ غُسْلِهِ
فإذا عروسٌ ذَيَّلَتْ فستانَهَا
بالمغرياتِ وغازَلَتْهُ بذَيْلِهِ
فدَنَا ومال على العروسِ برغبةٍ
لم ترْضَ من ذات الرداءِ بفَضْلِهِ
خطَفَ الحياةَ بكلِّ زينتِها التي
تزهو، وأكملَها بزينةِ قَوْلِهِ
* * *
ضيفٌ على العصر المُخَضَّبِ بالرَّدَى
منذ الحروب تناسَلَتْ في نَسْلِهِ
ثَقُلَتْ عباءتُهُ عليهِ كأنَّها
حَمَلَتْ من التاريخِ كاملَ ثِقْلِهِ
مال الغريبُ على عصاهُ فأَوْرَقَتْ
فيها الصبابةُ لاحتضانةِ مَيْلِهِ
ومضَى يُحَصِّنُ عصرَهُ بشمائلٍ
أضفَى عليها الشِّعرُ شيمةَ نُبْلِهِ
في تربةِ الكلماتِ عَمَّقَ حَرْثَهُ
فتَنَزَّهَتْ كلُّ العصورِ بحَقْلِهِ
هو ذاك يسكنُ في الزُّهورِ فلم يزلْ
ما بين زنبقِهِ يتيهُ، وفُلِّهِ
كونٌ تَأَلَّقَ في ملامحِ كائنٍ
وتَهَتَّكَتْ فيهِ عناصرُ وَحْلِهِ
* * *
يا حارقَ الكلماتِ في تعويذةٍ
نَشَرَتْ بَخُورَ حروفِها مِنْ حَوْلِهِ
في الشِّعرِ يحتفلُ الوجودُ بقِصَّةِ الـ
تكوينِ.. فادخلْ بي مَجَرَّةَ حَفْلِهِ
فـ (ـأنا) كـ (ـأنت).. تعبتُ من عَبَثِيَّتي
في كَشْفِ مفتاح الوجودِ وقُفْلِهِ
ورجعتُ أحصدُ عُشْبَ خيبتِكَ الذي
ما انفكَّ يُغري المبدعين بأَكْلِهِ
إنَّ الجنونَ وقد رآكَ أَباً لهُ
ما زال يمنحُني هُوِيَّةَ نَجْلِهِ
بئسَ الرجولةُ إِذْ تهادنُ وَعْيَهَا
وتضيقُ بالنَّزَقِ الشَّقِيِّ وطِفْلِهِ!!
فأنا المشرَّدُ في متاهةِ فجوةٍ
بين انفعالِ دمي وقِلَّةِ فِعْلِهِ
حيران يلدغُني التَّوَجُّسَ كلَّما
في خاطري دَبَّتْ قوافلُ نَمْلِهِ
نغمي امتدادُ صدَى جنينٍ ساقطٍ
عن عرشِهِ السِّرِّيِّ ساعةَ فَصْلِهِ
ما انفكَّ يفتنُني السؤالُ فقادَني
كـ (ـالسَّامريِّ) إلى عبادةِ (عِجْلِـ) ـهِ:
أيُّ الهواجسِ في الغيوبِ نَصبَتْهُ
فظَفِرْتَ من جَبَلِ الغيوبِ بوَعْلِهِ؟!
أيُّ الهواجسِ في الغيوبِ حَقْنْتَهُ
فوَقَاكَ من جَرَبِ الزمانِ وسُلِّهِ؟!
أيُّ الهواجسِ -منذُ ألفِ فجيعةٍ-
ما زال باسمِكَ ممعناً في شُغْلِهِ؟!
ماضِ إلى أقصَى الجَمالُ ومنتهَى
لُغَةٍ يغازلُها الجمالُ بوَصْلِهِ
يَثِبُ السؤالُ على ندائِكَ كلَّما
بَرَكَ السؤالُ على مرابضِ حَلِّهِ
ويَعِيشُكَ المعنَى خصوبةَ موسمٍ
ما بينَ ترْحَالِ الخيالِ وحِلِّهِ
والرملُ يبحثُ عن هُوِيَّتِهِ التي
قَضَمَتْ ملامحَها براثنُ مَحْلِهِ
فجَمَعْتَ حَوْلَكَ أُمَّةً من أَحْرُفِ
أَرْكَبْتَهَا في الحِبْرِ صهوةَ سَيْلِهِ
ومضيتَ تجتاحُ الخريطةَ حالماً
أنْ يستعيدَ الرملُ لَمَّةَ شَمْلِهِ
فإذا اسْتَباحَتْكَ الفلاةُ بِجَمْرِها
آوَيْتَ للمعنَى تُنِيخُ بِظِلِّهِ
خَفَّفْ عليكَ الحُلْمَ ثِقْلَ قصيدةٍ..
كم كان حُلُمُكَ مُفْرِطاً في ثِقْلِهِ
عَجِزَتْ خيولُ (الرُّومِ) عنك فلم تَطَأْ
مأواكَ في جبلِ البيانِ وسَهْلِهِ
وغَزَاكَ من كفِّ (ابنِ عَمِّكَ) خنجرٌ
سكرانُ ما طُعِنَ الوفاءُ بِمثْلِهِ
هِيَ (رِدَّةٌ) أخرَى أفاقَ سرابُها
فإذا (مسَيْلَمَةٌ) يَهِمُّ بِنَهْلِهِ
وإذا الدَّوِيُّ يصكُّ أسماعَ المدَى
من كلِّ (مُرْتَدٍّ) يَدُقُّ بطَبْلِهِ
قَتَلُوكَ كي تَلِدَ الحكايةُ نفسَها
وصدَى الهديرِ يعيدُ قِصَّةَ فَحْلِهِ!
عريف الحفل: شكراً لشاعرنا وضيفنا الأستاذ جاسم الصحيح.
وهذا سؤال من الأخ محمد محمود من كلية المعلمين بجدة: وسؤال آخر مشابه من ياسر الثقفي معلم لغة عربية وشاعر، سؤال محمد محمود يقول:
هل كانت مشاركة الأستاذ جاسم في برنامج أمير الشعراء من أجل النجومية والشهرة وسؤال ياسر الثقفي حول هذا الموضوع: ما رأيك بصراحة في برامج الشعر في الوقت الحالي، مثل برنامجي شاعر المليون، وأمير الشعراء، وغيرهما؟
الأستاذ جاسم الصحيح: شكراً للأستاذ محمد وللأستاذ ياسر، في البداية كان الهدف الحقيقي من مشاركتي عرض تجربتي على أكبر شريحة ممكنة من المهتمين بالشعر والأدب في الوطن العربي، هذا هو الهدف الأساس من المشاركة.. أما مسألة رأيي في هذه البرامج، وفي جوهرها، فإني أعتقد أنها مفيدة وتقدم لنا شعراء لا نعرفهم وهم يستحقون أن يطفوا على سطح الإعلام، ولكن ربما تكون لها عيوب أو لنقل تكون لها نقاط سلبية، كما لها نقاط إيجابية، وهذا لا يعيب تقديمها وحضورها في الساحة الأدبية، وشكراً.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأخت مروى الصباحي تقول:
ما رأيكم بالحب العذري والشعر الخاص به في زماننا الحاضر؟
الأستاذ جاسم الصحيح: شكراً على هذا السؤال. أعتقد أن الحب هو الوقود الأهم لإشعال شرارة قصيدة، لا يمكن أن تولد قصيدة دون حب، وكل الشعر الذي كتب أعتقد أن جوهره بالتأكيد هو الحب.. ولكن في الحديث عن الحب العذري، أعتقد أن هذا عائد إلى الشاعر ذاته، هناك تجارب في الحب العذري، وهناك تجارب في الغراميات، وهناك تجارب في الإيروتيكيات إن صح التعبير، أعتقد أن الأهم في الكتابة الشعرية، هو كيف نقدم تجربتنا في أي مجال من هذه المجالات، سواء في الحب العذري أو في غير الحب العذري، الأدب أو الشعر معني بكيف أكثر مما هو معني بما رأيك.
عريف الحفل: الأستاذ جاسم، حقيقة هناك مجموعة من الإخوان يطلبون في مجمل طلباتهم قصائد، وتنوعت نوعيات هذه القصائد؛ فالأستاذ هاشم أحمد شريف الرفاعي يودّ أن يسمع أجمل ما كتبته، والأخ منصور أكرم يريد جديدك قصيدة وطنية، محمد أحمد الزهراني يريد قصيدة في غزة ويذيّل بسؤال عن جديدك الذي سوف يطرح قريباً، الأخ عبد الرزاق خالد صالح الغامدي، يودّ قصيدة في الأحساء التي ذكر أنها بلد الماء والنخيل والتي لا شك أنها قد أوحت لك بكثير من الشعر الجميل، وأيضاً صادق الجنوبي يتمنى أن يسمع منك قصيدة عن الأحساء البلد الجميل ببساتين النخيل.
الأستاذ جاسم الصحيح: في البداية شكراً للإخوان.. والجديد هو أن ديوان "الأرض أجمل في الأغاني" هو قيد الإعداد الآن وإن شاء الله أوفق لطباعته. أما القصائد التي طلبت، فاسمحوا لي أن أقدم هذه القصيدة والتي ربما في جزء منها تتحدث عن الأحساء، ولكن لأتحدث في البداية عن مناسبة هذه القصيدة، وهي أبيات متواضعة جداً، أهديتها لأديبنا الشيخ عبد المقصود خوجه، والوفد المرافق له عندما زارونا في الأحساء، فاسمحوا لي أن أقدم هذه القصيدة الآن:
 
طباعة

تعليق

 القراءات :375  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 34 من 223
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.