شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قراءة في كتاب ((وحي الصحراء)) صفحة من الأدب العصري في الحجاز (1)
بقلم: جلال بو شعيب فرحي (2)
قد يكون من السهل البحث في الحركة الأدبية في البلاد العربية كمصر وسوريا والمغرب لوجود عدد كبير من المراجع والمصادر والكتب والوثائق التاريخية التي تسهل الأمر على الباحث، وتتيح له فرصة الإبحار في بحثه، ولكن لا يبدو الأمر كذلك عندما يتعلق الأمر بالبحث في الحركة الأدبية في الحجاز، نظراً إلى قلة المراجع والمصادر التي وثقت لبدايات الأدب الحجازي ونقلت صورة عن بوادر نهضته.
والكتاب الذي نحن في صدد قراءته وتحليله يعد مرجعاً مهماً ومصدراً منقطع النظير لمعرفة بواكير الأدب العصري في الحجاز، فقد بذل فيه الأستاذان محمد سعيد عبد المقصود وعبد الله عمر بلخير مجهودات كبيرة، حتى تمكنا من جمع ما توافر لديهما من آثار لأدباء الحجاز المعاصرين وقاما بتأليف هذا السفر المستقل الذي شكل بحق صفحة نحسبها صادقة ودقيقة تبرز صورة نقية عن الأدب العصري في الحجاز، فقد كانت نظرتهما ثاقبة بعيدة المدى عندما دعوا بعض الأدباء لموافاتهم ببعض الآثار الأدبية في ذلك الوقت، فما كان من أولئك الأدباء إلاّ القبول بالفكرة بصدر رحب لمعرفتهم بقدرها وأهميتها فدفعهم ذلك إلى الشد من أزر المؤلفين ودعمهما، ولم يتوانوا في مساعدتهما، فكانت النتيجة ظهور هذا الكتاب الذي سمي ((وحي الصحراء))، والذي يمكن اعتباره صفحة مضيئة للأدب الحجازي، قدم مؤلفاه خدمة عظيمة من خلال ما أورداه من آثار أدبية عكست ما كان عليه الأدب الحجازي في تلك الفترة ومنحا بذلك للأجيال اللاحقة الفرصة للاطلاع عليها والاستفادة منها.
نبذة عن مؤلفي كتاب ((وحي الصحراء)):
الأديب الراحل الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود خوجه، من مواليد مكة المكرمة عام 1324هـ، تلقى تعليمه الابتدائي على يد والده في حلقات الدرس بالمسجد الحرام بمكة المكرمة ثم في مدرسة الفلاح، وقد لازم الشيخ إبراهيم حلواني الخطاط المشهور ودرس الخط والحساب وأجادهما، عيّن عام 1345هـ مديراً لجريدة أم القرى ومطبعتها. وقد أسهم في إثراء الحركة الأدبية وفي المشاركة بقسط متميز في تشجيع الأدباء ونشر إنتاجاتهم، ويعدّ أول من فكر في طباعة المصحف الشريف بمكة المكرمة، عرف بإقدامه وجرأته في الحق، وقد قام بطباعة كتاب ((تاريخ مكة للأزرقي)) في ثلاثة أجزاء بتحقيق رشدي ملحس، توفي -رحمه الله- في منتصف ربيع الآخر عام 1360هـ.
أما الأستاذ الشاعر عبد الله عمر بلخير فهو من مواليد عام 1333هـ، تلقى تعليمه في مكة المكرمة وتخرج في مدرسة الفلاح عام 1353هـ، أكمل دراسته في الجامعة الأميركية ببيروت، ثم التحق بالشعبة السياسية بديوان المغفور له بإذن الله تعالى جلالة الملك عبد العزيز آل سعود، عمل مترجماً مرافقاً للملك عبد العزيز آل سعود خلال لقاءاته السياسية بزعماء الدول، واستمر عمله مع الملك سعود، كما رافق جلالة الملك فيصل في رحلاته لحضور اجتماعات الأمم المتحدة ولقاءاته مع زعامات دولية عديدة، وأسندت إليه أعمال كثيرة منها شؤون الجامعة العربية والمؤتمرات الدولية في الديوان الملكي. كما عمل رئيساً لديوان إمارة الرياض وكان أول وزير للإعلام في المملكة العربية السعودية، بدأ نظم الشعر من حداثته بداية قوية وبروح دينية وقومية لفتت إليه الأنظار، تفرغ لعمل مجموعة من الملاحم الكبيرة الرائعة عن تاريخ الإسلام وهي ضمن ديوان مخطوط لم يطبع. توفي رحمه الله في 4/10/1423هـ.
قدم الكتاب العلم الكبير الأستاذ الدكتور محمد حسين هيكل بك قائلاً: ((هذه مجموعة من مختار الأدب الحديث في الحجاز وهي تضم من الشعر والنثر ما جادت به قرائح طائفة من شباب بلاد كانت مهد الأدب العربي ومتنزل الوحي على النبي العربي صلى الله عليه وسلم وما تزال مطمح أنظار الأمم التي تتكلم العربية وتدين بالإسلام))، وأضاف قائلاً: ((وأول ما يلفت نظر المطلع على هذه المجموعة حداثة الكتّاب والشعراء الذين اختيرت لهم، فكثيرون منهم لم يبلغوا الثلاثين ولم يتجاوز الأربعين منهم أحد، والكثرة الكبرى تقع بين الثلاثين والأربعين. هم جميعاً إذاً من أبناء هذا القرن العشرين المسيحي وإن كانت نبذ الترجمة التي قدم لكل منهم بها تذكر سنة ميلاده بالتاريخ الهجري ولا تشير إلى التاريخ الميلادي إلاّ نادراً، وإذا قلت إنهم أبناء هذا القرن العشرين الميلادي قلت إنهم أبناء النهضة الحديثة في الأدب العربي، هذه النهضة التي بدأت في مصر وفي سوريا منذ بدأت فيها الأحداث السياسية في طلب الحرية منذ أكثر من نصف قرن.
ويضيف الأستاذ الدكتور محمد حسين هيكل بك في مقدمته، ((ثم إن الأدب يتأثر دائماً بالبيئة التي تحيط به في المكان كما تتأثر بأحداث الزمان، وإذا كانت هذه الأحداث قد بعثته في الحجاز حتى جعلت أهله يتطلعون إلى غيرهم من الأمم المجاورة لهم فإن البيئة العربية الصحيحة التي لم تتغير قد بقي لها أثرها في هذا الأدب شأن كل بيئة في أي أمة من الأمم، ولعلّ أثر البيئة الطبيعية أكثر وضوحاً في شعر أدباء الحجاز منه في نثرهم، فأكثر النثر مرماه الإصلاح الاجتماعي وقلما يتصل الإصلاح بالبيئة إلاّ إذا أريد الالتجاء إلى التحليل ومعرفة آثار هذه البيئة في نفسية الشعب وترتيب الإصلاح على ما يتصل بهذه النفسية)).
استهل المؤلفان الكتاب بتحية ((وحي الصحراء)) وهي قصيدة للشاعر علي أحمد باكثير مطلعها:
أهلاً بأنفاس الحجاز
ومرحبا بصدى الحرم
هبت على الأقطار محيية
ودوى في الأمم
ثم أردف الأديب الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه بتمهيد بعنوان ((الأدب الحجازي والتاريخ)) تحدث فيه عن الأدب باعتباره ميزاناً لثقافة الأمة، ودليل حياتها فهو في نظره فن الحرية والجمال يزدهر إذا تعهدته الفطر القويمة بوسائل الإنعاش. وأردف قائلاً إن أدب كل أمة هو صورة دقيقة لحياتها ومقياس لتقدمها ورقيها. وكما أن الحياة تتقلب في أدوار مختلفة، وتحيط بها ملابسات متباينة وتسير طبقاً لسنن الكون في النمو والارتقاء، والذبول والاضمحلال فكذلك الأدب يزدهر بازدهار الحياة ويذبل بذبولها.
بعد ذلك استمر الأديب الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه في الحديث عن الأدب في العصر الجاهلي ثم في عصر صدر الإسلام، ثم في العصر الأموي ثم في العصر العباسي الأول، ثم في العصر العباسي الثاني، ثم في عصر القلاقل والفتن، ثم في عصر الدولة العثمانية، ثم في القرن الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ثم في أواخر الدولة العثمانية، ثم في عصر الملك حسين حيث نشطت حركة التعليم في المدارس الأهلية والأميرية ما سمح بتوفير الأثر الحسن في التأسيس والتكوين بمعنى أن النهضة الراهنة في الحجاز إنما هي ثمرة الجهاد السياسي والتعليمي في عصر الملك حسين. ثم انتقل -رحمه الله- إلى الحديث عن الحركة الأدبية في العصر الحاضر، وهو العصر الذي انتعشت فيه الحركة الأدبية وتقدمت عندما رفعت بعض الحواجز التي كانت مفروضة في العصر السابق.
يجد الباحث والقارئ في كتاب ((وحي الصحراء)) نافذة يطل من خلالها على الأدب الحجازي، ويتعرف على نتاج أدباء ومفكري تلك الفترة ومنهم الأساتذة أحمد إبراهيم الغزاوي، أحمد السباعي، أحمد العربي، أمين بن عقيل، أحمد قنديل، حسين خزندار، حسين سرحان، حسين سراج، عبد الوهاب آشي، عبد القدوس الأنصاري، عبد الحق النقشبندي، عبد الله عمر بلخير، علي حافظ، عمر صيرفي، عزيز ضياء، عبد السلام عمر، عمر عرب، محمد بن سرور الصبان، محمد سعيد العامودي، محمد حسن فقي، محمد حسن كتبي.
المرجع، كتاب الاثنينية رقم 36 وحي الصحراء صفحة من الأدب العصري في الحجاز، جمعه محمد سعيد عبد المقصود وعبد الله عمر بلخير، الناشر عبد المقصود محمد سعيد خوجه جدة، المملكة العربية السعودية، الطبعة الثالثة 1403هـ-1983م.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :496  التعليقات :1
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 70 من 153
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.