شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الخوجه والتفكير العلمي
حين كان محمد سعيد يكتب في أي موضوع لم يكن اعتباطاً، أو كيفما اتفق الأمر، لكنه كان يكتب عن علم ومعرفة، وإلمام بأصول الفكرة التي سيعرض لها، وهذا واضح في جميع مقالاته، وهو أشد وضوحاً في هذه النقطة، ونعني بها (فلسفة التعليم) حيث يبدأ مقاله بكلمة (نَعَم) -مفتوحة النون والعين- التي تعتبر للتصديق، والتي تعتبر بمثابة جواب منك للشخص المستفهم بما لا جحود فيه، فكأن ثمة مستفهماً، قد سأله سؤالاً: أهناك سياسة أم فلسفة للتعليم؟ فكان جوابه: (نعم، للتعليم فلسفة، وأظنها غير موجودة في بعض المدارس) (1) .
ونلحظ أنه استعمل الفعل (ظن) التي تفيد رجحان وقوع الخبر، فهو لا يريد أن يقطع بأنها غير موجودة بتاتاً، لكنه الموجود المظنون فيه، ثم ينتقل إلى تقرير أربعة أسس من أسس فلسفات التربية الحديثة:
الأساس الأول: إن فلسفة التربية هي التي (تقرب المعلم إلى قلوب التلاميذ.. وأن فلسفة تقريب الأستاذ إلى قلب التلميذ أمر ضروري، وأن هذا الأساس قد أصبح من الفنون التي تدرس) ويؤخذ بها في المدارس، ومن ثم يجب على جماعة المعلمين العناية بهذا الفن.
والأساس الثاني: فلسفة العقاب والإرهاب التي يجب تركها بالنسبة إلى التلاميذ وأخذهم بالحسنى والإرشاد والترغيب (كما يجب أن يترك المعلمون خطة الإرهاب، لأن التجارب قد أيدت أنها (فلسفة) غير حسنة) وأنها غير رشيدة.
والأساس الثالث: فلسفة التجربة والخطأ، ما دام القصد هو المصلحة والانعتاق من ربقة التقاليد، ليخرج التلميذ من وراء ذلك بخبرة ومنهج يفيده في كثير من أموره، ويسدد خطاه.
ومن هنا نرى أن وظيفة الفلسفة والفكر الفلسفي الذي قصد إليه الخوجه هو تحليل الأوضاع التربوية والتعليمية والاجتماعية، ونقدها لإقامة فلسفة على أسس علمية سليمة تواجه به التناقض أو النقص الشائع بين العوامل المختلفة والاتجاهات المتضاربة، ولا بد حينئذٍ أن تكون التربية وثيقة الصلة بوظيفة الفلسفة وأساليبها.
وفلسفة التربية هي ذلك المجهود العملي الذي يهدف إلى ترجمة قيم هذه الفلسفة إلى اتجاهات ومهارات وسلوك، وأنماط تطبيقية كفلسفة الثواب والعقاب، وفلسفة كسب قلوب التلاميذ، وفلسفة التجربة: صواباً وخطأ، ويجب أن نفهم أن جميع المذاهب الفلسفية تتضمن اتجاهات تربوية، حيث إن الفلسفة بدون نظام تربوي أو مضمون تربوي تفقد ركناً أساسياً من أركانها.
ومن ثم نستطيع القول: بأن التربية تستند إلى أصول فلسفية حيث إنها تعالج أفراد النشء في إطار المجتمع الذي ينتمي إليه، ولا بد لها من أن تبني عملها على مفاهيم واضحة بشأن طبيعة الناشئة، وماهية المجتمع الذي سيعيشون بين أكنافه، ونوع القيم التي يسعى المربون إلى غرسها، ونوع النظام السياسي والاقتصادي الذي يحقق هذا النوع من القيم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :259  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 37 من 153
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء العاشر - شهادات الضيوف والمحبين: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج