شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وأصلي وأسلم على خير خلقك حبيبك وصفيِّك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السيدات الفاضلات.
الأساتذة الأكارم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
سعداء أن نحتفي الليلة بالدكتورة الشاعرة، والروائية، والكاتبة المسرحية، والفنانة والصحفية السيدة الفاضلة "هند صالح باغفار".. والتي تشغل منصبَيْ المستشار الأكاديمي لدى الأكاديمية الدولية للمعلومات، والمستشار العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة.. يأتي هذا اللقاء في إطار تكريم المبدعات اللاتي أسهمن بجهود مقدرة مع أشقائهن في دفع مسيرة الحركة الأدبية والثقافية، وخرجن من دائرة الصمت إلى فضاء المشاركة الفاعلة والجادة.
اتَّسمت ضيفة أمسيتنا بالمثابرة والصبر والعزيمة والإصرار على تحقيق النجاح الذي تدرك جيداً أنه لا يأتي على طبق من ذهب أو نحاس.. لكنه حلم يُداعب الكثيرين.. ويتحقق فقط وفق شروط ومعايير معينة.. أهمها الإيمان الكامل بالقضية التي يتم التعامل معها.. مع حيثيات اقتناص الفرص، وتبديد الأوهام وعوامل تثبيط الهمم، ووضع كل إخفاق في مكانه الصحيح كدرجة من درجات الإرتقاء نحو تحقيق الأهداف المنشودة.
إنها وليدة بيت علم وفضل هيأ لها أسباب الإطلاع والتعامل مع الكلمة منذ بواكير صباها.. شأنها في ذلك شأن كثير من الفتيات اللاتي نشأن في بيوتات جدة العريقة.. وقد وفَّر لها ذلك المناخ فرصة التواصل مع بعض الصحف ولم تزل على مقاعد الدراسة.. ومن تلك البدايات البسيطة والمترعة بالتحديات استطاعت أن توجِّه مداركها لخدمة مجتمعها.. وما زالت في الصف عطاء وبذلاً وتضحية لإنجاز مشروعها الثقافي الذي امتدت أذرعه لتشمل: الكتابة الصحفية، التأليف الروائي والمسرحي، عروض الأزياء، الفن التشكيلي والشعر الغنائي والأوبريت.
إن هذه النماذج الإبداعية ما كان لها أن ترى النور لولا سقف الحرية الذي ارتفع نسبياً عبر سنوات من المعاناة والمحاولات التي أسهمت فيها قامات ندين لها بالفضل والريادة.. وهناك أسماء أصبحت رموزاً تستحق الوفاء والتقدير، فعندما نتحدث عن المسرح لا يمكن أن نغفل أستاذنا الكبير "الشيخ أحمد السباعي"-رحمه الله- أول من أرسى دعائم مسرح حقيقي في المملكة، وعليه فإن اهتمام ضيفتنا الكريمة بالمسرح وتقديمها للعديد من المسرحيات والعروض المسرحية يسجَّل لها، آخذين في الاعتبار أن المسرح السعودي بدأ قبل أكثر من ثمانية وأربعين سنة على انطلاق أول عرض عام 1379هـ-1960م، بمسرحية "فتح مكة" للأستاذ محمد مليباري، وكان من المزمع أن تعرض على "مسرح قريش" الذي كان سيفتتحه الأديب الكبير الأستاذ أحمد السباعي "يرحمهما الله"، وبالرغم من الإنتكاسة التي مُنِي بها مشروعه إلا أنه يظل وميضاً مشرقاً في ذاكرة الوطن.. وهكذا ظل المسرح السعودي على مدى سنوات طوال عقب نشوئه يُراوح مكانه دون أن يؤسِّس حركة مسرحية فاعلة تتوازى مع ما أُنجز مسرحياً في كثير من الدول العربية.. وقد سارت أجيال على الدرب، فالباب الذي يُقرع لا بد أن يُفتح ولو بعد حين.. وتلك خطى قد تتخلَّلها لحظات تطول أو تقصر من الإحباط والمعاناة، بكل أشكالها وألوانها، غير أن قوة الشكيمة كفيلة بمدِّ أشرعة النجاح لتُبحر الروح من منفى الألم، والحزن والصقيع، إلى ملكوت الود والدفء والمحبة.. فللريادة ثمن:
لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر والإقدام قتال
ضيفة أمسيتنا أبدعت في مجال الرواية.. وهو الميدان الفسيح الذي حاولت من خلاله أن تُسقط الكثير من الأفكار والرؤى على مجتمع منغلق وفق رؤية ذكورية سادت ردحاً من الزمن.. سعت جادة وبذكاء لتطأ أرضاً غير ممهَّدة، وتسير بتؤدة تحت سقف غير مريح من الحريات التي تؤخذ نتفاً بين مخالب الرقيب.. هذا واقع ثقافي علقمي عاصرناه وشهدنا سطوته-ولا أبالغ إذا قلت وشراسته أيضاً- ما أدى إلى فرار بعض عمالقة القلم الروائي إلى عوالم أخرى يلوذون بها ويدرأون عنهم عائق (المكان) دون تسطيح النص.. والأمثلة على ذلك كثيرة مثل (شقة الحرية) لمعالي "الدكتور غازي القصيبي"، و (مدن تأكل العشب) للأستاذ "عبده خال"، و (رباط الولايا) لفارسة أمسيتنا التي جعلت (الرباط) وهو فضاء (هلامي) لتُصادِم به عنصر (الزمان)، وتعود إلى الماضي على لسان بطلاتها، وهنَّ بحكم وجودهن في (الرباط) لا ملاذ لهن غيره (خارج المكان).. وحيلتهنَّ الوحيدة تجاه الزمان النظر نحو الماضي.. وأحسب أن تقنية (الإسقاط)، هو من ذكاء الكاتبة وحذقها لتقول بعض الذي تريد.
هناك زوايا غير مطروقة في مجتمعنا ويُنظَر إليها بشيء من الحذر غير المبرر.. فمثلاً نجد (عروض الأزياء) مُتاحة في معظم دول العالم شرقاً وغرباً.. والأزياء عندنا تُعرض في المتاجر بطريقة عادية.. لكن عندما نأتي لمسألة عروض الأزياء وفق التنظيم المتَّبع عالمياً، يأخذ بعض أفراد مجتمعنا حَمِيَّة غير مفهومة، ويُعتبر الأمر نذير خطر يهدِّد الأمة وسلامتها!! وقد تمكنت ضيفتنا من المضي في هذا الطريق الشائك، ونفَّذت عدة عروض أزياء نالت استحسان المهتمات بهذا الجانب الحضاري.. فقد نظرت إلى نصف الكوب المليء فأحيت الأمل في نفسها ونفوس غيرها من أفراد المجتمع بكل فئاته للخروج من شرنقة الخوف والتوجُّس إلى آفاق الحياة الطبيعية التي لا تخشى التعامل مع العالم، وترفض في الوقت ذاته بكل حزم جلاميد الوصاية التي أوشكت أن تنسى قول الحق سبحانه وتعالى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ (الأعراف: 32).. وجعلت من المباحات مرتعاً لخصوصية ما أنزل الله بها من سلطان.
لقد انداحت دوائر عطاء الدكتورة هند باغفار لتشكل رونقاً من الألق المدهش، فبذلت جهوداً مقدَّرة في (أوبريت) "الجنادرية" الأخيرة وحققت نجاحاً ملحوظاً، وهو كما تعلمون عمل استثنائي يجمع بين الشعر والفن والمسرح.. وإذا كان الشعر يوتِّر المشاعر، والفن يستفز الأعصاب، والمسرح يُرهق البدن والذهن.. فلنا أن نتخيل مقدار الثقل الذي عانت منه على مدى أيام وليالٍ تأليفاً وتحضيراً ومشاركة في هذا العمل الذي لا يتكرر إلا مرة واحدة في العام، ولا يقوم به إلا من أوتي حظاً وفيراً من المثابرة والعناد والحب الحقيقي وصولاً إلى الأهداف والارتقاء إلى مستوى المسؤولية المناطة به.. وقد كانت ضيفتنا الكريمة كل ذلك.. وفي السياق ذاته غمرتني السعادة عندما علمت أنها بصدد إصدار "معجم اللهجة الحجازية للمفردات"، وقد وصلت حتى الآن لأكثر من اثني عشر ألف مفردة شرحاً وتوثيقاً.. ولمثل هذا فليعمل العاملون.. ويُسر "الاثنينية" تبنّي هذا العمل المبرور، مساهمة في حفظ هذا التراث للأجيال القادمة.
من ناحية أخرى استطاعت أن توظف الفن، والإدارة الحازمة، والثقافة العالية، في نسيج فريد عندما أسهمت بدور كبير في تنظيم فعاليات إحياء (سوق عكاظ) التاريخي بمحافظة الطائف.. ويأتي تنويهي بهذا العمل لأنه يشكل تحدياً حقيقياً أمام إرادة المرأة العاملة، من حيث المكان الذي يتطلب تنقلاً مستمراً بين مقر سكنها وموقع العمل، بالإضافة إلى الإشراف على عدد من المُدخَلات من ناحيتي التخطيط والتنفيذ، ما يستنزف الكثير من الوقت والجهد.. ومع ذلك فقد تمكنت من تطويع ظروفها لتقف نداً لشقيقها الرجل في ملحمة رائعة من ملاحم العطاء الثقافي والفكري الذي نعتز به.
ضيفتنا الكريمة ركضت في ساحات التألُّق الثقافي على النطاقين الإقليمي والدولي رافعة اسم بلدها بين البلدان الناهضة بقيم الخير والحق والعدل.. وكانت من خيرة النجيبات اللاتي شرَّفن بتمثيل هذا الوطن المعطاء، واستطاعت أن تُبرز الوجه الحضاري المشرق الذي لا ينبغي أن يتكلَّس خلف شعارات جوفاء.. وقد تبنَّت مشكورة فكرة نقل التراث إلى لغات أخرى.. كرَّست موهبتها وقدراتها وجهدها لبلورة هذا المشروع رغم ما يشوبه من عراقيل وصعوبات.. محاولة رصد وترجمة ما يُتاح لها من ملامح الثقافة والتراث السعودي.. والجميل أن بعض أفلامها الوثائقية التراثية قد عرضت في مهرجانات عالمية منها مهرجان (ميسا) بمدينة (سان فرانسيسكو) في الولايات المتحدة الأمريكية.. والأجمل من ذلك أن هذه الأعمال وجدت إقبالاً من قِبَل كثير من الجامعات والقنوات الأمريكية لعرضها وتدريسها.
كما كانت الأسرة بتطلعاتها واستشرافها للمستقبل في مقدمة همومها، وظل هاجس الانعتاق من العنف الأسري أحد العناوين البارزة التي عملت على منحها ما تستحق من عناية.. فالمجتمع يُصدَم بين آونة وأخرى ببعض النماذج غير السوية التي تعكس سوداوية التعامل بين الزوجين من ناحية، وبين الوالدين وأطفالهما من ناحية أخرى.. وتلك قصة شائكة تناولتها الصحف، وشارك فيها العلماء والمثقفون، لكن يبقى دور رائدات المجتمع على قدر كبير من الأهمية لبذل مزيد من الاهتمام وصولاً إلى اقتلاع شأفة هذا التردِّي الذي يقف ضد منطق الأشياء في مجتمع له مميزات خيِّرة كثيرة، غير أن بعض الثغرات تُتيح ظهور مثل هذه النماذج السيئة.. وهناك عمل كبير ينبغي القيام به على المستوى الرسمي والاجتماعي والقانوني والأمني لتجاوز هذه المرحلة التي قد تضرب صميم الأسرة، وتهدِّد استقرارها، وبالتالي استقرار الأمن العام برمَّته.
إنني متفائل بطبيعتي، إلا أن تراكم الحوادث-وإن كانت معزولة- قد يؤدي لا سمح الله إلى تعدِّيها نسق الفردية، فتتحول إلى ظاهرة يصعب التعامل معها إذا لم يتم التصدِّي لها بالعلاج الناجع في الوقت المناسب.. والأمل معقود على سيدات هذا المجتمع الكريم، وضيفتنا من بينهن، حرصاً على نهضة متوازية ترفع من شأن المجتمع، في الوقت الذي نعلي فيه صروح المدن الصناعية وغيرها من الأسس الاقتصادية التي تقود إلى مجتمع الرفاهية.. فالإنسان يأتي في المقام الأول.. والأسرة المتماسكة تظل عنوان التقدم والإزدهار الحقيقي.
أرجو لكم أمسية مُترعة بالفائدة.. تَعْشُبُ فيها أودية العطاء كما تنبثق مسارب النور بين إبداعات ضيفتنا الكريمة.. سعيداً أن تُدير هذه الأمسية الأستاذة منيرة صالح العكاس، مشرفة "الحوار الوطني" في منطقة مكة المكرمة.. وعلى أمل أن نحتفي الأسبوع القادم بسعادة الأستاذ "الدكتور محمد بن شريفة"، عضو أكاديمية المملكة المغربية، والمحافظ السابق لخزانة القرويين.. وأحد أعمدة المدرسة المغربية المعاصرة في تحقيق التراث ودرسه ونشره، خاصة تراث الغرب الإسلامي، وتراث الأندلس منه على وجه التحديد.. فقد ألَّف وحقَّق أكثر من خمسة وعشرين كتاباً في مجال تخصُّصه.. آتٍ إلينا خصيصاً من المملكة المغربية الشقيقة في إطار التعاون الثقافي المتبادل بين اثنينيتكم والنادي الجراري، بمباركة صاحب الجلالة "الملك محمد السادس"، الذي ما لبث أن أغدق علينا أسماء مرموقة أنارت الساحة الثقافية من الخليج إلى المحيط بعلمها وعطائها ورفيع أدبها.. آملاً أن نلتف حوله ونتدارس سيرته، ونُسهم في توثيق مسيرته، فأهلاً وسهلاً ومرحباً به وبكل محبي الكلمة.
والسلام عليكم ورحمة الله..
عندما كنت في زيارة المنطقة الشرقية فوجئت باكتشاف موهبة شعرية شابة، يسعدني أن يشاركنا في هذه الأمسية ضيفنا العزيز "الأستاذ محمد المهدي الحمادي"؛ وهو من الشعراء النابهين الذي يُنتظر أن يكون له مستقبل رائع في عالم الشعر..
كما أهنئ نادي الصم بمناسبة حصوله على بطولة كرة القدم للصم على مستوى المملكة، وكأس الأمير فيصل بن فهد، وتحقيقه إنجازاً آخر بحصوله على المركز الأول للبولينغ على مستوى مجلس التعاون الخليجي، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقهم وأن يكونوا دائماً على مستوى انخراطهم في هذا المجتمع لما فيه الخير والبركة؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: وردنا فاكس من صاحب المعالي الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام السابق، والمفكر الإسلامي المعروف، وقد عنون لهذه الكلمة التي بعثها بهذه المناسبة (تهنئة للدكتورة هند صالح باغفار)
 
طباعة

تعليق

 القراءات :828  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 176 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج