شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وأصلّي وأسلّم على خير خلقك حبيبك وصفيِّك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السيدات الفضليات.
الأساتذة الأكارم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
قبس من وهج الصحراء، فارس تموج نفسه بألق الفرسان وأصالة الفروسية، أمير نبل وشهامة، قبل أن يكون أمير حسب ونسب وسليل الأسرة المالكة التي تربَّى في كنف مؤسسها، وباني صرح مجدها، الملك عبد العزيز آل سعود "طيب الله ثراه".. يشرفنا الليلة سموه الكريم لنحتفي ونسعد بلقائه في أمسية أعتبرها منعطفاً مميزاً بالنسبة للقاءات المفتوحة في العالم الثالث الذي ننتمي إليه، وأحسب أنها كذلك لكثير من دول العالم.
نبتدر فارس أمسيتنا، صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز، رئيس الاستخبارات العامة، بالشكر أجزله على جميل استجابته دعوة اثنينيتكم، واقتطاع جانب من وقته الثمين لكي يسعدنا بسويعات وإن قلَّت في دقائقها إلا أنها كبيرة في أعيننا، ووعينا، ووجداننا، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بسموه الكريم وصحبه الأفاضل.
نحتفي الليلة بواحد من رجالات الوطن الذين خدموه منذ شرخ الشباب في السلك العسكري، ثم صقل خبرته العملية بدورات عليا بمستويات عالمية، أهلته ليتبوأ مهام كبيرة ومسؤوليات جسيمة كرَّس لها صادق جهوده ليحقق أهداف القيادة ويعود بالخير على الوطن والمواطنين.
وانطلق سموه الكريم ملبياً نداء الوطن في مهمة حيوية أخرى حيث تولى إمارة منطقة حائل، ولم يركن للدعة، بل اتجه كحاكم إداري يؤدي أمانته كخير ما يؤدي الرجال أماناتهم، ويصونوا عهودهم، صدى لمقولة الفاروق عمر "رضي الله عنه" (لو عثرت بغلة في العراق لخشيت أن يسألني الله عنها لِمَ لَمْ تصلح لها الطريق) فصدر عن هذه المسؤولية ليعمل في صمت على مدى عشرين عاماً فينهض بمنطقة حائل ما بين نفود وجبال إلى مستوى الزراعة الآلية.. وكان عشقه وهوايته الشخصية للزراعة مكنته من ارتياد الحقول ليستنهض همم الرجال، ويستنبط الوسائل، وحزم التقنية المناسبة، لنهضة علمية في مجال الزراعة مستنداً إلى النوعية الجيدة التي تكسب منتجات المنطقة بعداً تنافسياً.. وبذلك حقق لمواطني المنطقة عهد رخاء واستقطاب لكثير من الأيدي العاملة، الأمر الذي أسهم بدور فاعل في القضاء على بوادر البطالة وما تسببه من مشاكل أمنية وأخلاقية.. وعاشت منطقة حائل مفعمة بعبقها التاريخي، وإمكاناتها السياحية في هدوء وهي تنعم برعاية أميرها المحبوب.. إلى أن رأى ولاة الأمر تشريفه بتولي إمارة المدينة المنورة خلفاً لأخيه صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز "يرحمه الله".
وفي طيبة الطيبة-على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم- كان على موعد مع حفاوة أهلها وزوارها من ضيوف الرحمن وغيرهم.. أسهم بجهود مقدَّرة في تطويرها، وأشرف بصورة مباشرة على كثير من مشاريع التوسعة التي انتظمت الحرم النبوي الشريف، وامتد عطاؤه زهاء خمس سنوات متشرفاً بهذا المقام الرفيع خادماً لجحافل الحجاج والزوار.. وقد عرف عن سموه التواضع الجم وذلك ديدنه عبر حياته ومعاملاته كافة، فاتحاً أبوابه لكل من يلتمس عوناً أو أداء عمل يتعلق بالمواطنين، فلم يعرف قط ساعات دوام رسمي، بل كانت يده مبسوطة بالخير والسعي الدؤوب لرأب أي صدع والعمل على إصلاح ذات البين.. وعندما غادرها ترك ألسناً تلهج بالثناء عليه وعلى سيرته العطرة، وأفئدة تدعو له بالتوفيق والسداد في كل موقع يخدم من خلاله مليكه ووطنه ومواطنيه.
واليوم نرى سموه متألقاً في رئاسة الاستخبارات العامة التي تعتبر واحدة من أهم وأخطر الأجهزة الأمنية.. ولإنعاش الذاكرة أود أن أشير إلى أن العمل الاستخباراتي نشأ كوحدات متفرقة في الجيش العربي السعودي، إلى أن أنشئت إدارة الاستخبارات العامة، وتعاقب على رئاستها رجال من أهل الفضل أصحاب المعالي سعيد الكردي، وعمر شمس، وكمال أدهم.. وفي عام 1379هـ/1977م عُين صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل مديراً عاماً لها، وظل يحمل أعباء هذا العمل حتى عام 1421هـ/2001م، ثم عُين لها صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبد العزيز، وفي رمضان 1426هـ/أكتوبر 2005م تسنم فارس أمسيتنا هذا الجهاز الحساس.
وكعادة سموه في عشق التقنيات الحديثة، بدأ ثورة-إذا صح التعبير- في النهوض بصورة شاملة بأداء الجهاز الحساس، وعمل على ترسية أسس تقنية المعلومات لتسهم بدور مميز في دعم أداء الجهاز وتدريب منسوبيه ورفع كفاءتهم لتصعيد مجابهة الأعمال الإرهابية، وليكون حصناً ودرعاً للوطن والمواطن وكل من يقيم على تراب هذا الوطن المعطاء.. ثم انداحت دوائر عطاء سموه الكريم دعماً وتكريساً للجهود المشتركة، والتنسيق مع الجهات الأمنية المختلفة، لدرء المخاطر عن حياض الوطن.. وهذه نقلة نوعية كبيرة لا يمكن تقييمها إلاّ من خلال النظرة المريبة التي كانت تتقمص المواطن العادي عند الحديث عن الاستخبارات العامة، والتي كان يطلق على منسوبيها كلمة قميئة وهي (الجواسيس) من منطلق الجهل والغموض الذي كان يكتنف عمل الاستخبارات العامة.. وأحسب أن هذا التصور الخاطئ ما زال يعشش في أذهان بعض العامة، وكثير من دول العالم الثالث.. أما دول العالم المتمدن فهي أكثر حرصاً على إخفاء معالم نشاط مخابراتها العامة، وتظل أسماء رؤسائها وكبار مسؤوليها متداولة في أضيق نطاق ممكن، إن لم تكن من أسرار الدولة.
والليلة في هذا الملتقى المفتوح، يجلس بيننا، دون حاجب أو آليات مدرعة، رئيس جهاز الاستخبارات العامة لأكبر دولة منتجة للنفط في العالم.. والدولة الوحيدة التي تضم المقدسات الإسلامية ومهبط الوحي والحرمين الشريفين.. يجلس سموه الكريم بيننا متسلحاً فقط بالعدل، إنه ألق الحق الذي يرفع الهامات فوق الثريا.. ونمط التواضع الذي يعز به المولى عز وجل ويجتبي إليه من يشاء من عباده.. فهنيئاً لفارسنا هذا المرتقى الذي يتقاصر دونه رصفاؤه في معظم دول العالم.
إن هذا اللقاء، مع يقيني بثماره اليانعة وعطائه الباسق، إن لم يكن له إلا ثمرة الشفافية وتخطي الحواجز بين رئيس الاستخبارات العامة ومواطنيه، ونقل ذلك للعالم بأسره، يشكل مصدر فخر لكل مواطني هذا الكيان الحبيب.. وأهزوجة حب نترنم بها عبر مسيرتنا التنموية الشاملة.
ويمتاز فارسنا أيضاً برؤية ثاقبة لتوظيف التقنية الإلكترونية، وقد أشارت صحف يوم الخميس 19/3/1429هـ الموافق 27/3/2008م إلى حصول سموه الكريم على جائزة التميز في نشر الثقافة الرقمية في المملكة العربية السعودية، وهي الجائزة التي تمنحها منظمة الرخصة الأوربية لقيادة الحاسب الآلي وفق معايير عالمية، فقد كان سموه سبّاقاً في هذا الباب حيث اعتمد تلك الرخصة لمنسوبي إمارة المدينة المنورة، وأطلق عليها آنذاك شهادة الموظف الرقمي، ثم جرى اعتمادها معياراً لكافة منسوبي جهاز الاستخبارات العامة.. كما رعى سموه فعاليات المؤتمر السعودي لتقنية المعلومات الصحية.. الأمر الذي يشير إلى توجهه لدعم هذه المسيرة العلمية المتقدمة لتشمل في المستقبل معظم أجهزة الدولة إن شاء الله.
هذه النفس الكبيرة، لها واحة فواحة الشذا في معية الشعر العربي القديم، وليس ذلك بغريب على من كان أميراً لديار حاتم الطائيّ على مدى عشرين عاماً.. فالشعر الأصيل ملتصق بحائل وهي ملتصقة به من خلال امرئ القيس، وطرفة بن العبد البكري، وزهير بن أبي سلمى وغيرهم من أساطين الشعر الرصين.. فوجد (ابن الصحراء) ضالته ومتعته في تلك الربوع البهية، فنهل وعلَّ، وازداد ولعاً بالشعر القديم، ليقيم مجداً لأعشى منفوحة مع رفاق الأمس بين أجا وسلمى، فاهنأ بتلك السَبُحات الماجدات أيها الشهم النبيل.
ومن نفحات هذه الأمسية يسرني أن أنهي إليكم أن إصدارات "سلسلة فعاليات الاثنينية" بلغت أربعة وعشرين جزءاً في ثمانية وعشرين مجلداً، غطت جميع فعاليات من شرفت بتكريمهم وهم أكثر من أربعمائة عالم ومفكر وأديب من داخل المملكة وخارجها، عبر مسيرة ستة وعشرين عاماً.
كما دشنت موقعها على شبكة الإنترنت WWW.ALITHNAINYA.COM ويضم كل الإصدارات التي نشرت تحت مظلة "كتاب الاثنينية" وقد تم حتى الآن رصد 153 مجلداً (مائة وثلاثة وخمسون مجلداً) في 70.421 صفحة (سبعين ألفاً وأربعمائة وواحد وعشرين صفحة)، 2406 صور (ألفين وأربعمائة وست صور) فوتوغرافية.. وأخيراً سعدت بإصدار كتاب مفصلي في عشرة أجزاء بعنوان (الاثنينية بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها). والقادم أحلى إن شاء الله.
متمنياً لكم أطيب الأوقات وأمتعها في صحبة فارسنا الكريم، وعلى أمل أن نسعد الأسبوع القادم بتكريم السيدة الفاضلة الأستاذة الدكتورة سلوى بنت عبد الله فهد الهزاع، استشاري أمراض وجراحة العيون منذ عام 1413هـ/1997م بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، وأول سيدة تشغل منصب رئيس قسم جراحة العيون، كما أنها أول طبيب من الشرق الأوسط يعمل في مستشفى جونز هوبكنز في أمريكا، وتعمل كمستشار لمعالي وزير الصحة في المملكة العربية السعودية، وحائزة على عدة جوائز عالمية، ولها أربعة مؤلفات عن طب العيون أهمها الموسوعة العالمية عن الأمراض الوراثية في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى كثير من البحوث المختلفة.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بها وبكم.
والسلام عليكم ورحمة الله..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1062  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 130 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل