شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
أحمدك اللَّهمَّ كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وأصلي وأسلم على خير خلقك حبيبك وصفيك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السيدات الفضليات
الأساتذة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسعدني أن أرحب باسمكم جميعاً أجمل ترحيب بضيفنا الكبير الأستاذ الدكتور محمد صالح الشنطي، الأكاديمي والأديب والناقد المعروف.. شاكرين له تجشُّمه مشاق السفر من المملكة الأردنية الهاشمية ليمتعنا بصحبة غمرتنا أشواقاً على جناح الكلمة، وثراء النقد البنّاء الذي يجنح إليه في كل حين رغم الزوابع التي تثار اتفاقاً واختلافاً.. وتلك طبيعة الأشياء.
ضيفنا الكريم ليس طارئاً على الساحة الثقافية المحلية أو امتدادها الإقليمي.. سعدنا به مشاركاً في نهضتنا الثقافية والأدبية والفكرية المعاصرة، وواكب عن كثب مجريات أحداثها وتطوراتها وتعرِّف على كثير من رموزها.. وفي الواقع لم يكن لي سابق معرفة به على المستوى الشخصي رغم متابعتي نشاطاته المميزة، وذلك أدعى لتطويق أي خاطر مسبق بشأن تكريمه، فهو قد فرض نفسه ليقتعد مقعده في هذا المنتدى كفاء ما قدم من جهود خيرة تذكر فتشكر.
فإذا قيل إن (ألسنة الخلق أقلام الحق) فلضيفنا الكبير نصيب وافر من الثناء الذي لمسناه عبر مسيرته الطويلة في دنيا الكلمة متقلباً في مهامه المتعددة مدرساً ومحاضراً ومشاركاً في كثير من الندوات والمؤتمرات، ثم مؤلفاً لعدد كبير من الكتب التي أسهمت بدور فاعل في إلقاء الضوء على تطور الأدب السعودي خلال العقود القليلة الماضية.
لم يتمترس فارس هذه الأمسية خلف جدار المسؤوليات الأكاديمية والعملية لينصرف عن الهم الثقافي الذي شغله منذ بواكير حضوره إلى بلده الثاني، فاستطاع بما لديه من حنكة ودراية وعلم وثقافة وحضور اجتماعي أن يشق طريقه بين زملاء الحرف في كل موقع تبوأه ليقول كلمته بكثير من الاحترام لكل التيارات والمدارس النقدية والأدبية التي تشكّل في مجملها الخيوط الرئيسة أو القواسم المشتركة في سياق الإبداع الأدبي بشقيه السردي والشعري.. وهو بطبيعة اتجاهاته النقدية لا يلقي القول على هواهنه، بل يتريث حتى يتيح لنفسه فرصة قراءة الأعمال التي يتناولها من واقع دراسة الأصول التي يغوص فيها ولا يكتفي قط بالاطلاع على المقتطفات أو الأفكار المسبقة والمجتزأة عن أي عمل، الأمر الذي حفظ له صدقية مميزة بين متابعي الشأن الثقافي بصفة عامة، ومريدي نتاجه الثقافي والأدبي والنقدي بصفة خاصة.. فهو مثال يحتذي به شداة الأدب ومحبي مدارس النقد المختلفة، لأن الهدف واحد وإن اختلفت الأدوات، فالنقد البنّاء مرآة القارئ المتمكن، وكلنا يعلم أن هناك متلقياً عادياً وآخر مميزاً يطلع على ما بين السطور ويقلب الكلمات والتعابير ليخلص إلى مدلولات قد لا يقف عندها القارئ العادي أو يتجاوزها ببساطة.
لقد استطاع فارس أمسيتنا أن يحقق من خلال مؤلفاته جسراً متيناً بين المبدع والمتلقي، وأصبحت دراساته حلقة وصل لا غنى عنها لكثير من المهتمين بالشأن الثقافي، فهي تمنحهم مساحة واسعة للتفكير والتدبر ورصد التحولات التي تكتنف الساحة الثقافية، خاصة في مجال السرد.. فالمرحلة التي تناولها ضيفنا الكريم خاصة في السبعينات والثمانينات الميلادية شهدت عمقاً جديداً نتيجة تغيرات هيكلية في البناء الاجتماعي الذي واكبه تمازج اقتصادي وانفتاح على بعض الثقافات الوافدة، سواء عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، أو التمازج الحضاري على مستوى الفرد في مسرح الحياة اليومية.. وقد استوعب مجتمعنا-مثل أي كائن حي- هذه التحولات، وأثر وتأثر بها بدرجة أو أخرى، والمبدع، قد يستطيع أن ينسج منها كوامن الشجن ويثري وجدان القارئ أينما كان.. وكلما زاد سقف الإبداع تمكن الكاتب من التحليق مع شرائح مختلفة من المتلقين واستحوذ على وقتهم الذي تتنازعه أكثر من جهة إعلامية لا تبخل عليه بكل مغريات الجذب.
هذا الجانب الإبداعي لم يكن له أن يتغلغل بالشكل المطلوب إذا لم يواكبه ناقد على مستوى كبير من التمرس وخصوبة التجربة، وبحمد الله فإن ضيفنا الكريم نال نصيباً وافراً من التوفيق للنهوض بهذه المهمة التي تركت وسماً يشيع الارتياح في نفوس من تابع عن كثب قضايانا الأدبية والثقافية في تلك المرحلة.. ويشير كثير من المتابعين بعين الرضا إلى كتابه القيّم (التجربة الشعرية في المملكة العربية السعودية) الذي نشر مؤخراً في ثلاثة أجزاء باعتباره تأريخاً لمسيرة ليست قصيرة، واكب إرهاصاتها، وعاصر رموزها، الأمر الذي أتاح له الاقتراب من قاموسها والتعرف على أبعادها وسياقاتها النقدية، وعمق ذلك بمؤلفاته القيّمة (الحركة النقدية في المملكة العربية السعودية) وهي جهود سوف يذكرها له المعاصرون واللاحقون من أبناء هذه البلاد التي أحبها فبادلته المشاعر ذاتها بكثير من التقدير والوفاء.
وكما تعلمون فإن النقد مركب خشن، وليس مورداً كثير الزحام، لأنه يتطلب عمقاً وتخصصاً ومبادرات وأدوات لا تتوفر لكل من رغب ركوب الموجة، لذا يتشكل النقد حسب إمكانات من يمتشق القلم، فهناك نقد هزيل، وبعضه هادم، ومن يهرف بما لا يعرف.. وهي نماذج غير قليلة للأسف، في الوقت الذي نجد النقد البنّاء يقف شاهداً على علو الهمة، والثقة بالنفس، والعطاء المتبادل بين الناقد والمبدع، وما قول الفاروق عمر "رضي الله عنه": (رحم الله امرءاً أهدى إليّ عيوبي) إلاّ قمة الذكاء والتواضع، ووعاءً من أوعية الحكمة، إذ وضع النقد مقام الهدية، ولو اتخذ العلماء والأدباء والمثقفون هذه المشكاة هادياً لاستوعبت كل مدارس النقد في بوتقة تخدم ولا تهدم.
من ناحية أخرى نالت الصحافة جانباً من اهتمامات فارس أمسيتنا، فبادر لنشر العديد من البحوث المحكمة والمقالات والدراسات في عدد من الدوريات والصحف، إيماناً منه بأن الصحافة منبر مهم للتواصل مع الآخر بوصفه مستقبلاً يشكل نصف الدائرة التي ينطلق منها مبدع النص، وهو توجه ينم عن رغبة جادة لإتاحة الفرصة لمحبي الكلمة للنهل من عطائه وإبداعه.
سعيداً أن أترك لاقط الصوت لزميلي الأستاذ الدكتور عبد المحسن فراج القحطاني، الأكاديمي المعروف، والأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز، ورئيس النادي الأدبي بجدة، ليتفضل برعاية هذه الأمسية مشكوراً.. وأودّ تذكيركم أن ضيفة الاثنينية القادمة الدكتورة هند بنت ماجد بن خثيلة، الأستاذة بمركز الدراسات الجامعية للبنات بقسم الإدارة التربوية بجامعة الملك سعود، والأديبة والكاتبة الصحفية المعروفة، صاحبة عمود "وتاليها" في جريدة "الجزيرة"، والتي أثرت الساحة بالعديد من المؤلفات من أبرزها كتاب "منهجية القيادة وقيادة المنهج من خلال تحليل مضمون شخصية الملك عبد العزيز".. فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم.. وإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :677  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 86 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.