شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة الأستاذ الدكتور جميل مغربي))
قال فيها:
في حضرة من أهوى
عبثت بي الأشواق
حدقت بلا عين
ورقصت بلا ساق
صلتي بالسودان قديمة ولازالت تستمر إلى هذا اليوم، كنت محاطاً إبان فترة رئاستي لقسم اللغة العربية، بزمرة من إخواني السودانيين وتغلغلي في هذه العلاقة كان يمنحني فرصة التندر أحياناً معهم على بعض الجوانب حتى أنني أذكر من تلك الطرائف أنني كنت أقول لهم أن من شروط الحج لدى الإخوة السودانيين أو من شروط الاستطاعة أن يكون هناك سوداني في جدة، فصلتي بالسودان قديمة والحقيقة نمت حينما كنت في المرحلة الابتدائية، أحببت مدرساً سودانياً أنيقاً مهذباً لطيفاً.. فيه كل الحيوية وفيه كل الخلق وكان يدرسنا مادة الجغرافيا، غاب فترة ثم عاد وعلمنا أنه تزوج وكان الشعار على هذا الزواج هو ما تعارف عليه في الوطن العربي، أنه كان مخضباً بالحناء، كنا نعرف منذ المرحلة الابتدائية أن السودان هي سلة خبز العالم العربي، والواقع أنها سلة خبز طعامه وسلة خبز فكره أيضاً، لقد أمدنا السودان بزمرة من العلماء والأدباء والشعراء الذين يتوسدون ذاكرتنا ولا زلنا نعيش مع أشعارهم، عرفنا الشاعر المحجوب عرفنا التجاني يوسف بشير، الهادي آدم، وعرفنا الطيب صالح، عرفنا محمد الفيتوري وعرفنا جملة من العلماء، عشت أيضاً بين جملة من علماء السودان وكتاب الأستاذ الدكتور عبد الله عبد الماجد أغنانا في هذا الجانب عن هذه الخلاوي وعن هذه الحياة الثقافية في السودان، السودان ذو أهمية كبرى بالنسبة لنا، فهو الحلقة العربية الإسلامية، التي تربط أفريقيا العربية بأفريقيا المسلمة، ولذلك حتى شعراً حتى أدباً نجد أن شعراء السودان، كما عنوا بالجانب الإسلامي وبالجانب العربي عنوا أيضاً بالقضية الأفريقية وعنوا بالقضية الزوجية أيضاً، الشاعر الفيتوري على سبيل المثال أذكر نصاً قصيراً له، حينما يقول:
أيها السائق رفقاً بالخيول المتعبة
قف فقد أدمى حديد السرج لحم الرقبة
قف فإن الدرب في ناظرة الخيل اشتبه
هكذا كان يغني الموت حول العربة
وهي تهوي تحت أمطار الدجى مضطربة
غير أن السائق الأسود ذا الوجه النحيف
جذب المعطف في يأس على الوجه العليل
ورمى الدرب بما يشبه أنوار الأفول
ثم غنى صوته الباكي على ظهر الخيول
فتهاوت ثم سارت في ذهول
أفضي من ذلك إلى ما أردت أن أصل إليه وهو حجر الزاوية في أمسيتنا هذه، لم يستغرب أن يتفضل مفكر إسلامي عرفته كما عرفتموه من خلال القراءة ومن خلال المشاهدة وأعني به الضيف الكبير معالي الأستاذ الدكتور عصام البشير حينما يمثل ويجسد مفهوم الوسطية كمنهج حياة وكفكر وكخطوات عملية في مرحلة نحن في عوز إلى تبني مثل هذه الأفكار وحينما تنبع مثل هذه الرؤى الوسطية من السودان فإنها تنبع من معدنها الحقيقي، ومن موطنها الذي يتطلع إليه جميع الأطراف في العالم حينما يجدون في السودان مثالاً للوسطية التي يتزاوج فيها الدين بين أطياف مختلفة وبين رؤى متعددة، ولكنها عاشت في تجانس وسلام، كنت أود أن أستفيض وأن أذكر وربما ملاحقتي، أنستني حتى ما كنت أود أن أقوله في البيت الأخير.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1128  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.