شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رحلة في كتاب
عبد الله بلخير: شاعر الأصالة والملاحم العربية والإسلامية (1)
جعفر محمد السقاف
أسعدني الحظّ أن أهديَ إليَّ هذا الكتاب الأدبي النفيس: من تأليف الأستاذ (محمود رداوي) تقديم الدكتور (يوسف عز الدين) طباعة دار القلم دمشق الطبعة الثانية عام 1411هـ ـ 1991م. ولا أكتم القراء سراً أن أقول أنه لشدّة فرحي بهذا الكتاب فإنني أشبعته لثماً وتقبيلاً، استجابة للجوع الكامن في أعماق نفسي لأدب بلخير وطول البعد. فقد تجوّلت ما بين فصول هذا الكتاب الشيّق من إسلامية وأندلسية وملاحم ألخ ما بين روضة وغدير.
وأكاد خلال قراءتي للكتاب التهم ما بين صفحاته التهاماً. وذلك لمعرفتي بشخصية عبد الله بلخير التي بدأت عام 1370هـ حينما نزلت ضيفاً مع حجيج ذلك العام في ضيافة الملك سعود بصفتي سكرتيراً ومرافقاً للأمير (أحمد بن جعفر الكثيري) الفار من حضرموت نتيجة خلاف نشب بينه وبين ابن عمّه (حسين) على السلطة. وكان أستاذنا عبد الله بلخير رئيساً بالنيابة لديوان جلالة الملك سعود في تلك الفترة. هذا من جهة ومن جهة أخرى لكون شاعرنا بلخير من ذوي النبوغ الذي عرفته حضرموت.
ولكونه أيضاً قد اكتسب هذه المواهب الفكرية والأدبية والسياسية ورضع لبان العلم والمعرفة من بيئة وعائلة (آل بلخير الحضرمية) المعروفة بالفضل والعلم حيث توجد لديهم في قريتهم (غيل بلخير) بوادي دوعن م/ حضرموت: الجمهورية اليمنية: توجد مكتبتان عامرتان بالكتب المخطوطة والمطبوعة زرتهما مرات عديدة إحداهما تقع في بيت آل بلخير العامر بهذه القرية والثانية بزاوية المسجد القريب من بيتهم أيضاً وقد توارثها آباؤه عن أجداده.
وهكذا وبجدِ واجتهاد (بلخير) بعد انتقاله من حضرموت إلى المملكة العربية السعودية صار الشاعر الكبير والأديب القدير ورجل الدولة وكما وصفه زملاؤه في خاتمة هذا الكتاب الذي كان ختامه مسك هذه التزكيات الصادقة من زملائه الأفذاذ: هذه التزكية الصادقة لشخصيته الفذّة وعبقريته تركت أجمل الأثر في نفوس كل المهتمين بأدبنا العربي ومنه أعمال (بلخير) حيث إنني برأيي أعتبر أدب بلخير أدباً عربياً لأنني مع القائلين أنه لا يوجد (أدب مصري أو سعودي أو سوري أو يمني أو عراقي) ولكن يوجد أدب عربي واحد موحّد يعبّر عن آمال وآلام العرب في هذه المناطقية المتعددة: وكما أشار لذلك شاعرنا بلخير في قصيدته الشهيرة:
شبه الجزيرة موطني وبلادي
من حضرموت إلى ذرى بغداد
وهكذا نلمس في شعر (بلخير) التوحيد والتوحّد لا الفرقة والتعدد: وكما قال المؤلّف (وبذلك حقق وحدة العرب في هذا العمل من حضرموت إلى المملكة العربية السعودية فالعراق والشام في الشاعر والمقدم والدارس).
وهكذا طبع الملك عبد العزيز صفته بوحدة الجزيرة العربية وإن عاهل الجزيرة وكان على حق حيث العالم الآن يسير إلى التوحّد والتقارب أكثر من التعدد والتباعد.
هذا وإذا كان لكل عمل ثقافي إيجابياته وسلبياته. وإذا كان كل عمل ابن آدم يعتريه النقص وفيه ما يعجب وما لا يعجب: فإن إيجابيات هذا الكتاب بنظري كثيرة كما أن ما أعجبني فيه أكثر وأكثر. ولذا فمآخذي عليه قليلة جداً أو أقل من القليلة: وأوجزها كما يلي:
1 ـ شاعرنا بلخير معتزّ بمسقط رأسه (حضرموت) و(الأحقاف) التي ذكرها في أشعاره ولكن الكاتب في أول صفحات الكتاب الكبير ومدخله (عبد الله بلخير في سطور) كان عليه أن يقول أنه من مواليد حضرموت عام 1333هـ بدلاً من ولد عام 1333هـ وقد حاول إصلاح هذا الخطأ الذي وقع فيه بالإحالة بالهامش إلى ص29 والتي ذكر أيضاً وبالهامش فقط أنه ولد بحضرموت.
2 ـ تجاهل الكاتب ذكر القرية مسقط رأس شاعرنا بلخير التي ولد بها والمنسوبة إلى اسم عائلة الشاعر هكذا (غار بلخير) وكلمة غار لها جرس جميل ووقع في أذن السامع.
3 ـ شاعرنا بلخير فقد أباه في هذا الكتاب كما فقد المتنبي أباه وفرق بين الشاعرين كون المتنبي متستراً على والده ومختلف فيه بينما والد بلخير وعائلته أشهر من نار على علم مترجم لها في بطون الكتب. وليس من الخير أن يهمل اسم والدنا وأجداده فيتساءل الناس من هو أبوه وما فصله وأصله، وهنا أنشر ومن مكتبة شاعرنا واسم أبيه وأسرته وبيئته من كتاب (أدام القوت في بلدان حضرموت): تأليف العلامة عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف: والذي اقترح شاعرنا بلخير على مؤلّفه جمع وتصنيف هذا الكتاب مع كتاب آخر في التاريخ هو (بضائع التابوت) للمؤلّف نفسه وكلاهما مخطوطان ونسخ منها بمكتبة شاعرنا بلخير.
والآن هيا لنقدم إلى أسماعكم بل وإلى قلوبكم ما قاله بن عبيد الله من تعريف بالقرية التي ولد بها شاعرنا واسم والده وشيئاً عن أسرة بلخير قال:
(غيل بلخير): قرية صغيرة فيها عين قليلة الماء وفيها المشايخ آل بلخير المنسوبة إليهم تلك القرية ومنهم الفاضل الشيخ محمد أحمد بلخير وصل سيوون وهو في الـ 10 من عمره وعنه تعلمت والدتي نور بنت محمد بن سقاف مولى خيله المتوفية عام 1340هـ القرآن العظيم وكان كثير الإقبال عليه والتوجّه إلى العلم وكان الشيخ محمد بلخير هذا يتناوب السفر مع إخوانه إلى (سنغافورا).
4 ـ جزم الأستاذ علي فدعق في صفحة 248 من الكتاب أن شاعرنا بلخير يقرض الشعر وعمره 8 سنوات عندما كان طالباً بمدرسة الفلاح بمكة المكرّمة وجاء في الصفحة 29 من الكتاب نفسه أنه ولد بحضرموت عام 1333هـ وسافر إلى الحجاز عام 1345هـ والتحق بمدرسة الفلاح بمكّة المكرّمة عام 1348هـ فعلى هذا يكون عمره في أول سنة التحق بها في مدرسة الفلاح هو 15 سنة. ولذا وجب التنبيه.
5 ـ في الصفحة 245 يقول (الزيدان) عن صديقه بلخير ما يلي: (وعرفناه في حاشية الملك يستطيع أن يضر ولا ينفع ولكنه قد نفع وما أضر) هكذا: وتمنيت أن هذه العبارة لم تأتِ لأن ممارسة أي شخص للنفع وعدم إضراره بالآخرين لا يستحق هذا الشأن المستطاب فهو واجب ديني يمليه عليه دينه الحنيف.
6 ـ القصائد السينية على غرار سينيتيّ (البحتري وشوقي) والتي تهز قوافيها الشعر نرى الكاتب يمسها مساً خفيفاً ولم يذكر دور أول من سلط الأضواء عليها وهو الدكتور زكي مبارك في كتابه المشهور (الموازنة بيان الشعراء) ويورد لنا نموذجين فقط لشاعرين سعوديين هما (بلخير وإبراهيم قطان) وكم كان بودِّي لو أنه استطرد لعشرات القصائد السينية التي تهزّ بجرس قافيتها (حرف السين) المشاعر مثل سينية الشاعر الحوماني التي يقول فيها:
أحرقوني بين النجوم إذا لم
أبنِ من هالة الكواكب رمسي
وسينية صالح الحامد مطلعها (خلني ها هنا وحيداً ونفسي).
وسينية بن عبيد الله والتي ضمنها (تاريخ حضرموت) بشرح في (3) مجلدات:
وبمعرفة شاعرنا بلخير:
وفي الختام نقف في إعجاب متزايد مع هذا البيت الخطير في مبناه ومعناه:
هذا البيت الخطير القائل:
ليس في الأرض للضعيف حقوق
إنما الحق للقوي استداما
إن الحكم الذي حكم به الشاعر ليس حكماً قطعياً وإن كل قوة معها الحق ويستديم؟ هذه القضية فيها نظر.
فكم رأينا من قوة اجتاحت أراضي شعب مسالم وشرّدته من بلاده.
وبعد فإن هذه المآخذ القليلة لا تقلل من أهمية الكتاب.
ولكن كما قلت إن كل عمل ابن آدم يعتريه النقصان وسبحانه تعالى من له الكمال.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :507  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 17 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل