شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شيء من الوعي
صوت الحجاز وطه حسين (1)
بقلم: د. مصطفى عبد الواحد
في الأمسية الثقافية التي أقامها الشيخ عبد المقصود خوجه للحديث عن مسيرة جريدة صوت الحجاز ومؤسسة البلاد.. تطرق معالي السيد حسن محمد كتبي وزير الحج والأوقاف الأسبق إلى موقف خلاف وقع بينه وبين أحد زملائه في جريدة صوت الحجاز حين كان رئيساً لتحريرها قبل أكثر من خمسين سنة.. وكان متعلقاً بمقال كتبه يرد فيه على طه حسين الذي كان يشيد بأحد أدباء الحجاز ويجعله رائداً لهم.. بينما كان السيد حسن محمد كتبي لا يراه مثالاً صالحاً للريادة.. وأشار معاليه إلى الضجة التي أثارها طه حسين بتأليفه كتاب (في الشعر الجاهلي) الذي وقف فيه موقف الشك من حقائق القرآن بزعم التجرد للعلم والسير على منهج ديكارت. ويبدو أن هذه الإشارة الخفيفة أثارت الدكتور عبد الله مناع فانبرى في تعليق له يدافع عن طه حسين ويشيد بعبقريته وريادته وتنويره وزاد على ذلك أن قرر أن طه حسين قد خدم الإسلام أكثر مما خدمه كثير ممن يتظاهرون بالغيرة على الإسلام. وقد رد على هذا التعليق معالي الشيخ حسين عرب وزير الحج والأوقاف الأسبق وأعاد إلى الأذهان ملابسات قضية كتاب (في الشعر الجاهلي) وما احتواه مما يؤذي شعور كل مسلم. ثم رد عليه الأستاذ أمين عبد الله مدير عام مؤسسة البلاد الصحفية فأجاد وشفى الصدور.. إذ تعجب من الزعم بأن طه حسين قد خدم الإسلام بينما هو الذي فتح أبواب الشك والاجتراء على حقائق القرآن مما جعله موضع إعجاب دوائر الاستشراق والتبشير.. وهي التي صنعت له هذه الهالة وخلعت عليه هذه الألقاب! والحق أنني صدمت من هذه الإشادة بطه حسين وفكره وعلاقته بالإسلام وعجبت من خفاء الأمر واشتباهه على بعض المثقفين بتأثير الدعايات الزائفة والإعلام المخادع، فهذه كتب طه حسين أمام الجميع.. وهذه أعماله ظاهرة لا تحتاج إلى تأويل.. ففيما الخلاف والتنازع؟. ولا ننسى أن كل محاولات التشكيك في القرآن واتخاذ القراءات القرآنية وسيلة للطعن في النص القرآني وادعاء اختلافه.. إنما قامت على أساس ما زعمه طه حسين في كتابه المشؤوم: (في الشعر الجاهلي) من أن الحقيقة التاريخية منفصلة عن النص القرآني، وأن إخبار القرآن بوجود إبراهيم وإسماعيل وبنائهما الكعبة لا يكفي لإثبات وجودهما.. وأن قصة بناء الكعبة بيد إبراهيم وإسماعيل قصة ملفقة اتخذت وسيلة لإثبات علاقة بين العرب وإبراهيم عليه الصلاة والسلام وأنها أسطورة كسائر الأساطير. فهل تاب طه حسين من هذا القول الجاحد.. وهل أعلن على الملأ في أي لحظة من لحظات حياته أنه كان مخطئاً حين زعم ذلك وأن يوقن بكل ما جاء في القرآن من أخبار؟ أم أنه خاف على جاهه وشهرته في دوائر الاستشراق والتبشير، فلم يستطع الجهر بالحق والرجوع إلى الصواب بعد الوقوع في الخطأ؟! عجيب أن يظل طه حسين موضع خلاف.. ولسنا نحاسبه على أعماله فحسابه على الله سبحانه وتعالى وقد أفضى إلى ما قدّم.. لكننا في صدد الحكم على مواقفه بالخطأ أو الصواب.. والأمر أوضح من أن يقع فيه خلاف إلا إذا تلاعب المتحاورون بالألفاظ واستخدموا كلمات التنوير والجمود والرجعية في غير مواضعها. ماذا نقول للأجيال الجديدة؟. هل نعلمهم الإعجاب بطه حسين في موقفه من حقائق القرآن؟.. وموقفه من قضية الثقافة حين دعا قومه إلى الالتحاق بحضارة أوروبا بحذافيرها بخيرها وشرها وما يحمد فيها وما يذم؟. قلنا من قبل ونقولها الآن: إنه أديب موهوب ومثقف واسع الثقافة وذكي دقيق الملاحظة.. لكن هذا شيء وأخطاؤه الثقال التي لم يتب عنها حتى موته شيء آخر.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :443  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 50 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.