ـ يؤكد عمر أبو ريشة في رده على المحتفين به في الاثنينية أنه يكره العمل الارتجالي ومع هذا يطلب منهم أن يسمحوا له بأن يقدم نفسه بنفسه شعراً فينشد:
رب ضاقت ملاعبي
في الدروب المقيده
أنا عمر مخضّب
وآمال مشرده
ونشيد خنقت في كبريائي تنهده
رب ما زلت ضارباً
من زماني تمرده
بسماتي سخية
وجراحي مضمده
ـ ثم ينشد قطعة أخرى تمثله إلى حد بعيد يقول فيها:
تتساءلين علام يحيا
هؤلاء الأشقياء
المتعبون ودربهم
قفر ومرماهم هباء
الواهمون الذاهلون
أمام نعش الكبرياء
الصابرون على الجراح
المطرقون على الحياء
أنستهم الأيام ما
ضحك الحياة وما البكاء
أزرت بدنياهم ولم
تترك لهم فيها رجاء
تتساءلين وكيف أدري
وما يرون على البقاء
أمضي لشأنك اسكتي
أنا واحد من هؤلاء
ويجيب عن سؤال حول ما إذا كان بدوياً بقوله: تساءل أحد أدبائنا الكبار في ما إذا كنت ذلك البدوي، نعم أنا بدوي وأعتز ببداوتي، ولعلّي الوحيد الذي يلبس اللباس الأجنبي خارج القرية. كانت لي قرى أيام العز طبعاً مالي وللماضي وأنا من عشيرة الموالي التي من أجنحتها عشيرة الطوقان والمهنا. ولا أريد أن أتعرض للسياسة فقد عشتها بمرارة.
أما عن انتمائه العربي، فقد كان عمر أبو ريشة عاشقاً لوطنه سورية لكنه يقول: بعد عودتي كتبت. كانت غربتي طويلة وأنا من عشاق بلادي العربية، أنا ما اعترفت بسورية كوطن لي بل اعترفت بجميع البلاد العربية وطناً لي كلها حصرتها في بيت واحد. ويقول شعراً:
ألفيت منزلها بوجهي موصداً
ما كان أقربه إليّ وأبعدا
كلتا يداي على الرتاج وعربدت
في سمعي المشدوه قهقهة الصدى
ما كنت أحسب أن أطوف به على
غصص النوى وأعود منه مجهدا
وكم اختزلت حدود دنيانا على
عتباته وكم اختصرت به المدى
ورغم اهتمام عمر بالسياسة والوطنيات التي قدم لها أجمل قصائد عمره، فإنه كان مبدعاً في الغزليات والقصائد العاطفية التي ألهبت حماس الجمهور كباراً وصغاراً. وهذا ما سأختم به حلقة الغد، فإلى غزليات عمر.