شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(19) (1)
قمت في هذا اليوم بهذا البلد الغريب عني.. بجولة ثقيلة الوزن في أسواق ((المم)) كما يقول بعضنا بلدياً عن الطعام. وتعرفت بواسطة ما صرفته لدى بعض الجزارين ـ والخضرية ـ والفكهانية على نماذج ضاحكة هانئة من صنوف الناس.. وانتهى التعارف المتبادل أخيراً بسلة كبيرة.. يحملها رجل في منتصف العمر وقد رتب جميع ما اشتريته فيها بنظام.. وتنسيق.. وفن.. وحمل ذلك بسلته على ظهره لإيصاله إلى حيث تأتي السيارة التي استأجرتها لنقلي وما معي إلى الدار ولمن فيه.
وقد لاحظت على هذا الحامل أو الشيال المسن احتفاظه بتركيبه الجسماني السليم.. وبعضلاته القوية وعلى طريقتي في الولف السريع والدردشة الخاطفة فقد أخذت وأعطيت معه في الحديث لأتعرف كذلك على نمط من أنماط معيشة هذا الصنف يعيش على مثل هذا العمل.. وفوجئت بقول.. إنه راض كل الرضا عن حياته هذه.. فقد نشأ من صغره حاملاً سلته يرود بها أسواق الجزارة والخضرة والفاكهة وهي متلاصقة متقاربة.. فيتحصل من المقسوم. على ما يجعله مستوراً. ولقد أكثر من الحمد لله.. يؤكد صحة حمده.. خداه المتوردان.. وعيناه النفاذتا النظرات.. وبنيان جسده القويم.. وعضلاته المحبوكة.. وأخيراً ضحكاته التي تصل إلى حد القهقه الطويلة العميقة.. وهذا الرغيف المنعنع يقضم منه بين الفينه.. والفينة!. ولقد ذكرت.. وتذكرت ما يدور عن أمثاله.. والمثل البلدي القائل ـ مقسم الأرزاق رب العباد ـ ورغم طغيان المادة وزناً.. وحديثاً.. ومذاهب.. فقد عدت بفكري إلى قواعدي.. أو قاعدتي الشعرية.. فتذكرت إنني إزاء ما ألمحت.. كنت قد عالجت الموضوع في مقطوعتين متناقضتين.. أو متعاكستين لدى النظرة الأولى.. وتقول الأولى منهما.. وهي ديوان قالوا. وقلت:
قالوا:
من الناس من تسعى الحياة له
رخية العيش.. موفور بها الرغد
ومن يجر وراها نفسه.. لهفاً
يرجو الكفاف أو الأدنى.. فلا يجد
ومن يبيت على هم.. ويصبح في
شغل.. يعدد من فازوا بها وجدوا
فقلت:
هذي حظوظ الناس قسمها
من لا اعتراض عليه الواحد الأحد
إني لا عجب مما تعجبون.. ومن
ما لا ترون.. ويستشري بي الحرد
لكنني رغم سعيي.. والشكاة سدى
راضٍ بعيشي.. فما من طبعي الحسد
كما تقول القطعة الثانية على أساس الدرجات البشرية.. والنظرة إليها: ـ
قالوا: القناعة كنز
قد طاب في النفس.. غرسا
أغلى الحياة.. وأزجى
بها السعادة.. همسا
فقلت.. هذا عزاء
يدسّه الضعف دسّا
ما كل من كان يرضى
بأن يكون الأخسّا!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :614  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 58 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج