شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(6) (1)
الأفراح كالتثاؤب.. تجر إلى الأفراح.. فلقد عشت هذا اليوم مع أهل بيتنا الكبير كله.. عاش الفرحة كلها.. الفرحة بنجاح أطفال البيت في سنة دراستهم الحاضرة. لينتقلوا بموجبه إلى سنة دراسية جديدة..
فحين تأهبي لمغادرة الدار فاجأتني الغطاريف افتقدها سمعي من زمن بعيد جداً.. والغطاريف أسلوب شعبي لساني ممطوط مترجرج يرتفع إعراباً عن تحقيق أمل.. أو بشرى سارة.. أو إعلاناً عن مسرة وابتهاج بفرحة سعيدة.. وترددت بأرجاء البيت أسماء ملك.. نوال. عماد.. فؤاد.. فالقسمة كما ترى عادلة بين الجنسين.. وقد كان كل منهم قد جاء يزف البشرى ويحمل الجرائد بيده.. كأنها أعلام النصر في أكبر معركة في حياته.
وقد استقبلت الأولاد مع الآخرين ببسمة كبيرة، وبرفع يدي لهم بالتحية والتهنئة فإنني لا أحسن تحريك اللسان ورفع الصوت بالغطرفة.. فضلاً عن أنها آلة طرب نسائية لا يحسن تحريك أوتارها الرجال..
وبعد قليل من الزمن.. اجتمعنا لشرب الشربات من أيدي الأبناء أنفسهم شاعرين أن لكل منهم ذاتية مقررة.. وحيثية محترمة.. ووجوداً كاملاً يختلف في هذا اليوم.. عما عداه من أيام.
ولقد كان حسن الختام في المساء لطيفاً محموداً.. حيث جاء تقليداً إبداعياً وددت لو ساد في بيوتنا تركيزاً لمصادر البهجة فيها.. وجمعاً لشمل العائلة الكبيرة تضمها دار واحدة تتعدد فيها الشقق الخاصة يتفرق بها البعض نسبياً.
لقد أقام كبير العائلة من أكلتنا الشعبية السليق أو العربي، فكلا المسميين مقبول ومألوف.. حفلة عشاء مبكر جمعت الصغار والكبار كياناً عائلياً أحس الصغار فيه بقيمتهم وبقيمة النجاح رمزاً للكد يدفعهم للحرص على نجاح متواصل.
واستعاد الكبار ماضيهم.. مستعيرين من فرحة صغارهم.. ومن التقاليد الجديدة لتدشينه ما عوّضهم عن الأمس الذي لم يتمتعوا فيه بنجاحهم تمتع أبناء هذا الجيل، جيل نعميات الحضارة ولذائذها الكثيرة المتنوعة من تلفزيون.. وراديو.. وسيارة.. وثلاجة.. و.. و.. إلى آخر تلك النعميات.. بالإضافة إلى إبراز نجاحهم إبرازاً لم يعرفه الكبار إلا في الغطروفة.. وحدها.. وكانت لهم البداية.. والنهاية!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :628  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.