هتف الشعر صادحاً بالحداءِ |
في هوى مكة .. هوى البطحاء |
وازدهى الكون بالبشير وغشا |
ه .. ضياء أكرم به من ضياء |
مكة موطن الرسول تناهت |
بالمسمى .. لأرفع الأسماء |
في جبين السماء منه سناء |
مستفيض بنوره الوضاء |
المرابي عبر الوجود مسار |
لانبثاق المحجّة البيضاء |
فكان الأحياء فيه انعكاسا |
ت .. أمان .. مزهوة الأفياء |
ضمّخت بالعبير فهي معان |
للرسول الفريد في العظماء |
يا كريم الميلاد مكة زانت |
وانتشت فرحة بيوم اللقاء |
وقريش على طموح بنيها |
نسيت مجدها من الكبرياء |
وبنو هاشم .. حماة وليد |
عزّ جذراً في الدوحة العصماء |
وأبو طالب .. رعاه صغيراً |
وكبيراً .. في الساعة العسراء |
جاء جبريل .. وهو خير أمين |
فاستجاب النبي .. للإيحاء |
حين ناداه .. يا محمد اقرأ |
فتلا واستراح للاحتواء |
من هنا .. كانت النبوة تنثا |
ل .. على الناس من رحاب حراء |
هو دين الإسلام قد شعّ صبحاً |
بعد ليل محلولك الظلماء |
إن هذا محمداً .. ظل يدعو |
قومه في صلابة ومضاء |
واستجابت طلائع ذات صدق |
آمنوا بالرسول في الابتداء |
فالرفيق "الصدِّيق" كان معيناً |
وأميناً من أصدق الأمناء |
وحماه "الفاروق" من ظلم باغ |
وتلاه "عثمان" في الاحتذاء |
و"علي" ربيبه لم يفارقه |
وكان الصنديد في الهيجاء |
وقريش قد أعلنت في عناد |
ما تعاني من لوثة وعداء؟ |
ومشوا في بطاح مكة يلقو |
ن .. زمام التحريش للجهلاء |
رشقوا بالحجارة الصم مأوا |
ه .. ومالوا عليه بالسفهاء |
إنما وصمة العقيدة فيهم |
أن يسيروا على صوى الآباء |
هبل بعده يغوث ونسر |
عبدوها شركاً وزلفى ابتغاء |
عبدوها بدون عقل فكانوا |
مثلها كالجماد .. كالحصباء |
آمن الناس بالحقيقة آيا |
ت .. من الحق والهدى والسناء |
سور فصلت فكانت نعيماً |
لقلوب قد اثخنت بالشقاء |
ومناراً للعالمين جميعاً |
ساطعاً في الثرى وعبر الفضاء |
يلتقي في إطاره كل واعٍ |
مؤمن بالحقيقة العذراء |
لم يعد في بطاح مكة شك |
غير زعم العقيدة العجفاء |
كل زعم قريش تعرف عقبا |
ه .. محاه الإسلام محو فناء |
زعموا أنهم على دين إبرا |
هيم .. أكرم بدينه المعطاء |
عرف الله وحده مستنيراً |
بهداه في القبلة الشماء |
قد بنى البيت مستعيناً بنجل |
هوجد السلالة الحنفاء |
قد بناه بأمر رب عظيم |
نفذ الأمر طائعاً باعتناء |
واستقرّت فيه العقيدة نوراً |
بعد إيمانه برب السماء |
أغفل الشمس والهلال اقتناعاً |
وحمى قلبه من الإلتواء |
عرف الله في حقيقة معنا |
ه .. فكان المعبود دون افتراء |
يا تراب البطحاء عطرك نستا |
ف .. شذاه في "طيبة" الفيحاء |
المغاوير من بني عبد شمس |
وصلوا بالزحوف للشهباء |
ملأوا الأرض والسماء زئيراً |
فوق أرض الجولان .. وفي سيناء |
في رحاب "القدس" الشريف تعالت |
صرخات لنجدة الأبرياء |
وعلى أرضه المذابح تجري |
كل يوم من طغمة الجبناء |
فالبساتين أقفرت بعد خصب |
والصبايا تئن خلف النساء |
والثكالى يمشين خلف الأيامى |
ذاهلات في النكبة الشنعاء |
كيف نرضى .. والقدس غاروا عليه |
واستحلوا به "صلاة" اجتراء؟؟ |
كل هذا يحتاج منا لحرب |
وصمود .. قدحان يوم اللقاء |
وانتصار الشعوب في كل وقت |
مستمد من وحدة الزعماء |
إن أردتم على العدو انتصاراً |
فأعدوا له سلاح الفناء |
أيها اللائمون كفوا ملاماً |
أزف الوقت للوغى والفداء |
قد ملأنا الأيام لهواً لماذا |
نتوارى .. في الأزمة النكراء |
حسبنا ما نراه في القدس جهراً |
وفلسطين في يد الأعداء |
كل يوم نرى فظائع أسرا |
ئيل تمحو جحافل الأبرياء |
أجمعوا أمركم وهبوا خفافاً |
وثقالاً .. في عزمة البسلاء |
وأعيدوا كرامة العرب بالحر |
ب .. فنعم القربان بذل الدماء |
لا يفل الحديد إلا حديد |
وعقاب العدو .. في الإفناء |
من حمى "مكة" شعار سلام |
نحتذيه بحكمة ووفاء |
هو هذا شعار "أحمد" يمتد |
تعاليم في إطار إخاء |
ليس منا من كان فينا ذليلاً |
إنما الذل شيمة الضعفاء |
الحياة .. الكفاح لا يبلغ الأو |
ج سوى الطامحين للعلياء |
والمخاذيل .. ليس فيهم شجاع |
رب نذل كميت الأحياء |
نحن في ساحة الحياة كفاء |
في قوام يرى بحد سواء |
غير أن الحظوظ في الناس تأتي |
بمقادير دونما استثناء |
ووجود الإنسان مثل شريط |
يتراءى في الشاشة الخرساء |
واقع العيش قد يكون خيالاً |
في رؤوس ممنوة بالخواء |
وزمام الإحساس عقل حصيف |
وهما في الحياة سر البناء |
وبناء بلا أساس .. كيان |
ساقط .. والصعود للأقوياء |
من يعش في الحياة يلق أعاجيـ |
ـب .. لهذا الزمان .. للأحياء |
والذي يجلب الغرابة غر |
عنجهي من عصبة الأشقياء |
هو صهيون والأذى ملء برد |
يه .. فلا ينتهي من الإيذاء |
فاقطعوا شأفة العدو بحرب |
وهجوم مركز وفداء |
يا حماة الذمار "لبنان" أودى |
بين حرب ونعرة جوفاء |
فلماذا هذا التناحر يبقى |
عبر عام .. برغبة استصفاء؟ |
أنقذوه، من الضياع الذي حلّ |
بأهليه .. يا لهول البلاء |
أصل هذا البلاء يأتي من الفر |
قة بين الرعاع والرؤساء |
لا سلام بغير وحدة صف |
واجتواء الوصاية العمياء |
دور لبنان في الوجود كبير |
فهو عضو مكمل الأعضاء |
ليس من صالح العروبة أن يبقى |
بعيداً عن ساحة الارتقاء |
إنه ملتقى الطبيعة فالبد |
ر .. به ساهر مع الشعراء |
والليالي فوق الروابي الزواهي |
حفلت بالسراة والانضاء |
نحن نبغي له الهدوء ليحيا |
في سلام وعزّة وإخاء |
مكتي كعبتي .. وقبلة إبرا |
هيم أعظم بسيد الأنبياء |
لست أنسى في أرضها أمسيات |
بين قوم من خيرة الكرماء |
في الصفا منسك الحجيج المرتجى |
في الحطيم المكتظِّ بالأتقياء |
في الخريف الفسيح في الحوض نلقى |
فيه رهط الأحباب والأصفياء |
في ذرى المنحى على سفح ريع |
عبر حي النقا .. مجال صفاء |
وليالي الصفاء تحلو بأنس |
بالغرام العذري في البطحاء |
فاسألوا عن حديثهما "عمر" الشا |
عر .. تلقاه في هوى الشعراء |
فالغواني الحسان كن رفيقا |
ت .. صباه .. بالصبوة الرعناء |
وهواه لهن نبض من الحب |
يعيد الصفاء .. للندماء |
صاغه في القصيد عقداً جميلاً |
رب عقد يليق بالحسناء |
فإذا شعره يردده النا |
س .. نشيداً مجلجل الأصداء |
وإذا المنشدون في كل حي |
سبقوا التائهين في الصحراء |
فغريض ومعبد كيف كانا |
يملآن الدجى بحلو الغناء؟ |
فإذا الليل هزه اللحن أرخى |
أذنيه .. وجد في الإصغاء |
وتأنّى وقال يا صبح مهلاً |
رب ليل يطول في النعماء |
هل درى الناس سحر هذي الليالي |
حين كانت تموج بالطلحاء؟ |
والخليون هم ضحايا فراغ |
لا يساوي الفراغ غير هباء |
وهيولا الأيام من غير حب |
كالسمادير في خيال الرائي |
أي قلب هذا الذي عاش خلواً |
من غرام يلظ بالبرحاء؟ |
الهوى منحة الطبيعة .. كالوردة |
تحيا .. بالديمة الوطفاء |
الهوى نفحة الربيع .. كعطر |
مستقر في الزهرة الخضراء |
رب رحماك لا تكلني لذنبي |
أنت ربي .. وسيد الرحماء |
فاعف عني وأنت أقرب من يقـ |
ـبل مني المتاب .. بعد الدعاء |