شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مَكَّتِي قِبْلَتِي
قصيدة الأستاذ الشاعر أحمد قنديل
نشرت في جريدة عكاظ .. الخميس 11 ربيع أول 1396هـ
مَكَّتِي قِبْلَتِي
الشَّبَابُ الَّذي قَطفنَأهُ زَهْرَا
وَقطعنَاهُ .. في المَسِيرَة .. عُمْرَا ..
فِيكِ .. يا مَكَّةَُ الحَبِيبَةُ .. فِينَا
لَم يَزَلْ .. للنُّفُوسِ .. أَجمَل ذكْرَى ..
قَدْ مَشَيْنَاهُ بَيْنَ وَادِيكِ .. يَوْماً
فَاقَ عاماً .. لَدَى سَوَاكِ .. وَشَهَرا ..
مُذْ عَرَفناكِ .. في الوُجُودِ .. حَيَاةً
وَأَلِفْنَاكِ .. في حَيَاتِكِ .. كُبرَى ..
فاجتَلَيْنَاهُ .. في مَغَانِيكِ .. حُبًّا وَاجْتَبَيْنَاهُ .. في رحَابِكِ .. طُهْرَا ..
عَابِقاً بالشَّذَى النَّدِيِّ .. زَكِيًّا
مَائِجاً بِالقُلُوبِ .. تَنفَحُ عِطْرَا ..
إِنْ تَرَاءَتْ طُيُوفُهُ أيَّ حِينٍ
صَوبَ أَعيَانِنَا .. مَوَاكِبَ تَتْرَى ..
فَكَأَنَّا نَحْيَاهُ عُمْراً جَدِيداً
وَكَأنَّا نَحْيَاكِ .. في الْعُمْرِ .. دَهْرَا ..
رُبَّ يومٍ مِنْ أَمْسِنَا .. إِنْ هَتَفْنَا
بِاسْمِكِ اليَوْمَ .. جَاءَ يَضحَك بشْرَا ..
كُلَّمَا قَالَ قائِلٌ .. في حَنِينٍ هَذِهِ مَكَّةُ العَظيمَةُ .. قَدْرَا ..
جَاءَنَا .. جئتِنَا تَمِيسِينَ فِيهِ
في جَلاَلٍ .. ضَمَّ المَفاتِنَ طُرَّا ..
في شَتِيتٍ مِنَ المَحَاسِنِ لاَحَتْ
بَيْنَ مَاضِيكِ .. حَاضِراً مُستَمِرَّا ..
إِنْ عشِقَنا بِهِ الحَدِيثَ .. تَجَلَّى
مَا جَفَوْنَا بِهِ القَدِيمَ استَقَرَّا ..
فهْوَ مِنَّا حَيَاتُنَا .. كَيْفَ كَانَتْ
حَيْثُ عِشْنَا إعسَارَنَا .. فَاقَ يُسْرَا ..
في مَغَانٍ بِهَا .. لَدَيكِ .. عَرَفْنَا وَالِفْنَا التُّرَابَ شِبراً .. فَشِبرَا
كَمْ قَضَيْنَا في حَارَةٍ .. في زُقَاقٍ
خَيرَ أيَّامِنَا .. بِهَا نَتَمَرّى ..
خَيرَ أيَّامِنَا الَّتي نَتَمَنَّى
كُلَّمَا العُمْرُ .. مِنْ يَدِ العُمْرِ .. فَرَّا ..
كَمْ مَشَيْنَا .. بَل كَمْ سَهِرْنَا .. وَعِشنَا
فِيكِ .. يَا مَكَّتِي .. الأَحَاسِيسَ جَهرَا ..
بَيْنَ مَغنىً قَد طَابَ لِلنَّفْسِ مَجلىً
بَينَ مَعنىً .. قَدْ لَذَّ لِلفِكْر .. فِكرَا ..
نَتَرَجَّى مَا كَانَ بِالأمسِ حِلْماً وَغَدَا اليَومَ وَاقِعاً .. جَلَّ ذِكْرَا ..
كَمْ رغَابٍ مَجْهَولَةِ السِّرِّ كَانَتِ ..
كَأمانٍ بِهَا الزَّمَانُ أَسَرَّا؟؟
مَكَّتِي .. قِبْلَتِي .. هَوَايَ تَلِيداً
وَطَريفاً .. بالرَّوح حَلَّ .. فَقَرَّا ..
أَنتِ .. لاَ بُدَّ .. تَذكُرِينَ شَبَاباً
بَيْنَ وَادِيكِ .. لَمْ يكن فِيهِ غرَّا ..
عَاشَ فِيهِ رَهنَ الأحَاسِيسِ .. نَشوَى
وَرَعَاهُ نَهِبَ الأمانِيّ .. خَضْرَا ..
لاَعِباً بالحَيَاةِ .. أَنَّى تَبَدَّى لاَهِياً بالشَّبَابِ .. أَينَ استَقَرَّا ..
لَيلُهُ فِيكِ زَاخِرٌ بِهَوَاهُ
فِي هَوَاكِ المبْدِيهِ جَهْراً .. وَسِرَّا ..
مَاحِقاً بِالمُنَى دُجَاهُ .. مُضيئاً ..
بِالمعَاني .. تَنْثَالُ شِعْراً .. وَنَثرَا ..
وَسِعَتْهُ شَتَّى المَحَلاَّتِ زَانَتْ
بِذَويهِ .. ذَوِيهِ .. تَفتَرُّ ثغرَا ..
فَحَباهُ الأَدنَى مَكَاناً .. هَوَاهُ
وَسَقَاهُ الأَعلَى الصَّبَابَةَ بِكَرَا ..
عَرَفَتْهُ أجيَادُ يَخْطُرُ فِيهَا مِلءَ عَيْنٍ .. إليه تَنظُرُ شَزْرَا ..
رَمزَ إِنسَانِهَا الجَديدِ اصْطَفَاهَا
رائِحَاً .. غَادياً .. يُلاَحِقُ أَمْرَا ..
وَاصْطَفَتْهُ النَّقَا .. وَقَدْ حَلَّ مِنْهَا
بَيْنَ أجْبَالِهَا العَليَّةِ .. صَدْرَا ..
وَرَنا الشِّعْبُ بَاسِماً يَتَرَجّى
مِنْهُ ما يبتغي .. وقد مَدَّ نَحْرَا ..
وَاحتَوتهُ المَعْلاةُ .. يَهْجَعُ فِيهَا
بِالخَرِيقِ المُعَانِقِ السُّهدَ .. فَجرَا ..
وَدَعَتهُ سُوَيقَةٌ .. حَيثُ يَبْقَى .. حَيثُ مهوى الجَمَالِ يَقْطُرُ سِحْرَا!!
مَكَّتِي .. مَكَّتِي .. نَسِيتِ شَبَابَا؟؟
غَارَ مِنْهُ كَهْلٌ تَقَوَّس ظهْرَا ..
كَمْ مَشَى في حِمَاكِ .. يَأخُذُهُ
الشَّوْقُ بَعيداً .. فَيَسْألُ الشَّوقَ صَبْرَا
حَامِلاً حُبَّهُ .. دَلِيلاً عَلَيْهِ
أَيْنَمَا سَارَ .. في حِمَاكِ .. وَأَسْرَى ..
حالِماً بِالهَوَا الرَّطِيبِ .. وَإنْ لَمْ
يَتَلَمَّسُ مِنَ السَّمُوم مَفَرَّا ..
كَمْ أَطَالَتْ بِكِ الدُّرُوبُ خُطَاهُ في مَشَاوِيرِهِ البَعِيدَةِ .. تَتْرَى ..
لَمْ يُزَاحِمْهُ .. في مَدَاهَا .. دَخِيلٌ
أَو يُعَطِّلْ مِنْ سَيْرِهِ الحُلوِ سَيْرَا ..
قد دَعَاهُ .. مِنْ جَرْوَلٍ .. كُلُّ سَاحٍ
بَيْنَ أرجَائِهَا .. تبرَّجَ عصْرَا ..
بالشَّبَابِ الَّذي تَلاَقَى .. وَلاَقَى
مَوْجَةَ الرَأى .. صَامِدَ الرَّأي .. حُرَّا ..
وَزَهَاهُ بالمِسفَلاَ الحَقْلُ تَزْهُو
بَيْنَ "مركازِهِ" الكَوَاكِبُ زُهْرَا ..
بَيْنَ رَاوِ .. أو مُنْصِتٍ .. أو مُعِيدٍ أو مُجِيدٍ يُفتَّتُ القَوْلَ صَخْرَا ..
رَائِداً مَدَّ .. لِلمَعَابِرِ .. طَرْفاً
يَتَخَطَّى الحُدُودَ .. حَدًّا .. وَعَبْرَا ..
قَارِئاً .. كَاتِباً .. تَنَزَّهَ قَصْداً
فِي المَرَامِي .. كَمَا تَحَرَّرَ فِكْرَا ..
عَاشَ يَهوَى الجَدِيدَ .. رَهْنَ مُنَاهُ
عَالِقَاتٍ بالعَصْرِ طَوْراً .. فَطَوْرَا ..
صَاعِدَاتٍ بِجِيلِهِ .. يَتَوَخَّى
للغَدِ الفَذّ .. للنَهَايَةِ .. نَصْرَا ..
بَيْنَ أَجْيَالِهِ القَدِيمَةِ .. تَرْنُو لِلمَرَامِي .. تَعدُّهَا مِنهُ نُكْرَا ..
عَاقَبَتهْ بِالظَّنِّ .. سُوءاً تَوَالَى
وَرَمَتْهُ بالإثمِ .. نهياً .. وَزَجْرَا ..
فَاصطَفَاهَا .. لأَجْلِ عَيْنَيكِ يَرْجُو
أن يَرَاهَا تُواكِبُ الرَّكبَ .. مَرَّا ..
وَدَعَاهَا لِلفَهْمِ .. تَعلَمُ مِنْهُ
أَنَّ رُوحَ الشَّبَابِ .. هَيهَاتِ تَعَرَى ..
إِن روحَ الشَّبَابِ تُجذَبُ طَوْعاً ..
لِتَصُوغَ الأَيَامَ .. عَصْراً .. فَعَصْرَا!!
مَكَّتِي .. قِبْلَتِي .. هَوَايَ قَدِيماً وَحَدِيثاً .. مَا دُمْتُ أحيَاكِ عُمْرَا ..
أَنْتِ .. لاَ شَكَّ .. تذكُرِينَ شَبَاباً
كَانَ مِلءَ الأسمَاعِ قَولاً تَجَرَّا ..
كَغَرِيبٍ عَلَيْكِ .. عُفْتِ لُغَاهُ
إِنْ أَعَابَ الغَرِيبَ .. أَوْ هُوَ أطرَى ..
قَدْ تَغَنَّى بِمَا لَدَيْكِ .. بِمَا فِيكِ ..
كَمَا فِيكِ .. مَغرَماً .. يَتَقَرَّى ..
أَوْ حَبِيباً .. إليْكِ .. الهَمتْهِ الرَّشدَ ..
غَرَاماً حُلواً .. يَطِيبُ وَمُرَّا ..
مُذْ عَرَفتَيهِ .. في الْمِثَالِ .. جِهَاداً في مَعَانَاتِهِ .. مَضَى .. واستَمَرَّا ..
واجتِهَاداً .. لِمَا تُحبِّينَ .. أَخْطَا
أَم أصَابَ الصَّوَابَ .. حين تَحَرَّى ..
نَحْنُ كُنَّا ذَاكَ الشَّبَابَ .. ترَوَّى
بِهَواكِ الزَّاكِي .. فَأينَعَ زَهْرَا ..
أَنْتِ أبصَرْتِنَا بِوَادِيكِ نَحْيَا
كِ .. حَيَاةً مَلِيئةً بِكِ فَخْرَا ..
كَمْ سَبَانا المَطَافُ .. كَالحلم سِرْنَا ..
بَيْنَ أَكْنَافِهِ الوَضيئةِ .. فَجْرَا ..
كَمْ تَلَونَا بصَحنِ مسجدِكِ العَامِرِ بَيْنَ الآيَاتِ .. مَا شَعَّ سِحْرَا ..
وَاحتَبَيْنَا لَدَى الرواقِ .. قرأْنَا
مَا نَظَمْنَا .. مَا قَدْ نَثَرْنَاهُ .. دُرَّا ..
مَا حَفِظْنَاهُ .. ما رَوَيْنَاهُ نَقْلاً
مَا استَعَدَنَا ـ ما قَدْ كَتَبْنَا .. ليُقرَا ..
جَمَعَ الشَّعْرُ بَينَنَا .. دَامِعَ العَيْنِ ..
وَجِيباً في القَلبِ مَا ضَاقَ صَدْرَا ..
أَو نِضَالاً بَيْنَ المَواهِبِ تَغْلِي
قد تَنَاهَى ما بَيْنَهَا .. وَاسْتَحَرَّا ..
مُستَعِزِّينَ بالمشاعِرِ .. تَنْمُو حيث عِشْنَا رُوحَ المَشَاعِرِ كُبْرَى ..
قَدْ كَفَانَا .. أَنَّا بِمَكَّةَ .. كُنَّا
نَحْنُ أبنَاءَهَا .. هَوَى .. وَمَقَرَّا ..
فَزَهَانَا .. بمَكَّةٍ .. مَا زَهَاهَا
أَنَّهَا مُلتَقَى العَوَالِمِ .. طُرَّا ..
أنَّ فينَا التَّارِيخَ عِشنَاهُ حَيَّا
بِعيُونٍ مِنَ المَدَامِعِ .. شَكرَى ..
في جِوَارِ البَيْتِ العَتِيقِ لِقَانَا
بُكرَةً .. ضَحوةً .. أصِيلاً .. وَظهْرَا ..
إِنَّنَا أَهلُهَا .. وَللأَهلِ فِيهَا .. مِيزَةٌ .. لاَ تُقاسُ حَدَّا .. وَقَدْرَا!!
مَكَّتِي .. قبلَتِي .. وَحُبَّى .. حَيَاةً
ذِكْرَيَاتٍ .. تلوُحُ طَوْعاً وَقَسْرَا ..
عشن كنز الوُجُودِ رُوحاً وَرَوْحاً
بَيْنَ أَعْمَاقِنَا البعيدَةِ غَوْرَا ..
هُنَّ زَادُ الحَيَاةِ .. لَمْ يَبْقَ فِينَا
غَيرُهَا .. بالقُلُوبِ تَخْفِقُ حَرَّى ..
لاَصِقَاتٍ بأَمسِهَا .. صَائِنَاتٍ
لِهَوَاهَا .. لا تَعرِفُ الحُبَّ هَجْرَا ..
أنتِ تَدْرينَ ما لَقِينَاهُ .. إِنَّا قد سَرَدناهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخرَى ..
إن أَتَيْنَاكِ بَيْنَ حِين تَمَطَّى
بَعدَ حِينٍ قَدْ ضَاقَ بِالبُعْدِ صَبْرَا ..
فَسَمِعتِينهُ .. أَتَاكِ كَهَمْسٍ
مِنْ شِيُوخٍ تَلَفَّعُوا اليَومَ وَقْرَا ..
بَيْنَ سَمْعٍ لَهُمْ أصَاخَ .. فَأصْغَى
مُستَعِيداً مَا قَالَهُ .. مَلَّ وَقْرَا ..
أَفَتَدرينَ أَنَّنَا اليَوْمَ صِرْنَا
كَهَبَاءٍ .. بَيْنَ الرَّيَاحِ .. تَذرَّى ..
نَحنُ مَنْ وَدَّعَ الشَّبَابَ بَعِيداً عَنْ مَغَانِي الشَّبَاب فِيكِ استَمَرَّا ..
فَرَّقَتنَا السِّنُونَ .. تضحَكُ مِنَّا
إِذ حَسِبْنَا السِّنِينَ لِلنَّهْرِ مَجْرَى ..
مُذْ عَبَرْنَا بِهَا الحَيَاةَ .. نَشَاوَى
نَرْكَبُ المَوجَ للخُلُودِ مَمَرَّا ..
كَمْ ضَحِكْنَا مِنْهَا .. عَلَيهَا .. زَمَاناً
وَ عَلَونَا الزَّمَانَ بِالأَمْسِ سُخْراً ..
ثُمَّ عُدْنَا عَوْدَ الجريحِ .. قعيداً
أتعبَتْهُ الجِرَاحُ كَسراً .. وَجَبرَا ..
فَغَدَوْنَا في يَوْمِنَا .. كُلّ فرْدٍ يَتَوَارَى .. بُركْنِهِ .. مُستَقِرَّا
بَيْنَ ثَاوٍ في القَاعِ نَامَ أخيراً
مِنْ ثَرَاكِ الزَّاكِي .. تَوَسَّدَ قَبراً ..
أَو مُقيمٍ حَيَاتَنَا .. حَيثُ أَمْسَى
في مَقَامِ المَسئوُلِ نَهياً .. وَأَمرَا ..
أَو مُعيدٍ للعُبَةِ الأَمْسِ .. طَالَتْ
يَتَسَلَّى بِهَا وجُوداً .. تَعَرَّى ..
بَيْنَ رُوح الكَلاَمِ قَولاً مُعَاداً
رَدَّدَتهُ الأَيَّامُ شِعْراً وَنَثرَا ..
أو عَزُوفٍ عَنِ الحَيَاةِ .. كَفَاهُ أنْ يَرَاهَا كَالبَرْقِ لَمعاً .. وَمَرَّا ..
لاَئِكاً أمْسَهُ بشِدقَيهِ .. يَجتَرُّ ..
طَوِيلاً .. مَا مِنْهُ طَابَ .. وَأَمرَى ..
كَبَعِيرٍ ثاوٍ .. أَطَاحَ بِهِ العَجزُ
فَأَشقَى الأَسْمَاعَ لَوْكاً .. وَهَدْرَا!!
مَكَّتِي .. قِبْلَتِي .. أَتَنسِينَنَا الْيَوْمَ ..
بِيَومٍ قدْ جَلَّ فخراً .. وَذِكْرَا؟؟
أَوْ بِجِيلٍ .. قَد لاَحَ فِيكِ شِهَاباً
مُسْتَطَاراً .. بِالعِلمِ سَار .. وأسرى ..
قَادَ رَكْبَ المُنَى إِلَيْكِ .. تَوَالَتْ حَيثُ عَانَى مُنَاهُ .. فَرَّا .. وَكَرَّا ..
لاَ .. فَإنَّا بِالحُبِّ مِنْكِ كَبِيراً
نَحنُ .. في يَوْمِنَا .. بِحُبِّكِ أحرى ..
نَحْنُ كُنَّا بِكِ البِدَايَةَ .. حَرْفاً
جَمَّعتْهُ الأَيَامُ سَطراً .. فَسَطْرَا ..
فَنَمَا زَاكِي المَنابِتِ .. غَرْساً
قَدْ رَوَاهُ بِالدَّفعِ .. جهداً .. وَعُسرَا ..
وَمَشَى دَرْبَهُ البَعِيدَ .. جَهِيداً
بَيْنَ شَوْكٍ بالدَّرْبِ قد طَالَ وَعْرَا ..
أَفَتَنْسِيننا؟؟ وَحَاشَاكِ تَنسَيْنَ .. فَإنَّا نَقْتَاتُ بِالذِّكْرِ .. بَرَّا ..
إنْ عَدوْنَا .. نُغَالِبُ الجَهْدَ سَيْراً
فَلاَنَّا نُغَالِطُ النَّفْسَ .. مَكْرَا ..
قَدْ غَدَوْنَا في ذِمَّةِ الأَمْسِ .. ذِكْرَى ..
وَلأجْيَالِنَا الحَدِيثَةِ .. جِسْرَا ..
مَكَّتِي .. مَكَّتِي الصَّبُورَةُ باليَوْمِ ..
إِذَا اليَومُ قَدْ تَلَمَّسَ صَبْرَا ..
أَنتِ فِينَا كَمَا تَكُونِينَ في القُربِ مَداراً..
في البُعْدِ حُبَّا وَذِكْرَا ..
لاَ تَزَالِينَ في الجَوَانِحِ منَّا حُبَّنَا الأكْبَرَ الَّذِي تَاهَ كِبْرَا ..
حُبَّنَا الأَوَّل .. الأَخِيرَ لَدَيْنَا
رَغْمَ أَنَّا سُمْنَاكِ .. سُمنَاهُ .. هَجْرَا ..
فَهْوَ مِنَّا حَيَاتُنَا .. ذِكْرَياتٍ
لاَحَ مِنْهَا مَاضِيكِ فِينَا استَقَرَّا ..
مَشهدًا تِلْوَ مَشْهَدٍ .. يَتَنَادَى
يَتَوَالَى .. كَالْحُلْمِ .. كَالطَّيفِ مَرَّا ..
قَدْ تَوَارَى خَلْفَ النُّفُوسِ تَوَارَتْ
خَلْفَ رَكْبِ الحَيَاةِ قد طَارَ فَوْرَا ..
بَيْنَ عَصرٍ جَمِّ المَفَاتِنِ زَاهٍ بِوُجُودٍ ضَمَّ الوُجُودَ .. فَأغْرَى ..
لَمْ يُماثِلْهُ .. فِي خوالِيكِ .. مَاضٍ
ظَلَّ يَشْكُو .. رَغمَ القَنَاعَةِ .. فَقْرَا ..
نَحْنُ عِشْنَا بِهِ وَفِيكِ .. كَفَانَا
أَنَّ فِيكِ الذُّخْرَ الَّذِي عَزَّ ذُخْرَا ..
مِثْلَ سِرْبٍ مِنَ الطّيُورِ .. غَدَوْنَا
أَو عَدَوْنَا صَوْبَ المَنَاهِلِ .. نَهْرَا ..
أَفَنَنْسَاكِ؟؟ لاَ .. فَهَلْ مَلَّ طيرٌ
مِنْ طُيُورِ الوادي .. حَوَالَيكِ .. وَكْرَا؟؟
لاَ تَضِيقِينَ بِالمُفَارِقِ سَاحاً بَيْنَ عَيْنَيهِ .. لَمْ يَزَلْ مُسْتَقَرَّا ..
كُلَّمَا قَال نَازِحٌ عَنْكِ يَوْماً
أَنْتِ عَنِّي .. بِمَا أُعَانِيهِ .. أَدْرَي ..
إنَّنِي لَمْ أَزَلْ بِدَوْحِكِ غُصْنًا
وَمَعَ السِّربِ بالمَنَاهِلِ طَيْرَا ..
بَيْدَ أَنِّي عَبْد الوُجُودِ .. وُجُوداً
أَوسعَتْهُ الرُّوحُ الخَفِيَّةُ زجْرَا ..
فَاغفِرِي جَفْوَتي .. فَمَا كُنْتُ يَوْمًا
لَكِ بِالنَّازِحِ المُخَالِفِ أَمرَا ..
قُلْتِ فِي عِزَّةِ العَظِيمِ تَنَاهىَ وَتَعَالَى .. فَوْقَ التَّسَامُحِ .. قَدْرَا ..
أُمَّهَاتُ القُرَى لدَيكُمْ .. وَإنِّي
أَنَا أُمُّ القرَى .. عَلَى الدَّهْرِ .. كُبْرَى ..
أَنَا أُمُّ القُرَى .. بَعُدْتُم وغِبتُمْ
أَم أَتيْتُمْ قَصد الزِّيَارَةِ أَجْرَا ..
كُلُّكمْ هُنَا .. هُنَاكَ .. عِيَالِى
أَيْنَ كُنْتُمْ وَقيتُمَوا الدَّهِرَ شَرَّا ..
أَيْنَ كُنْتمْ .. أَبنَايَ .. فَالكُلُّ يَلْقَي
بِاسمِيَ الخالِدِ المُبَارَكِ .. خَيْرَا ..
كُلَّكُم فِي الكِيَانِ هَذَا سَيَحْيَا بَيْنَ قَلْبِي شَفعْاً .. بسَاحِي .. وَوِتْرَا
إِنَّ سَاحِي يُمْتَدُّ شَرْقاً .. وَغَرْباً
وَجَنُوباً .. وَشَمْأَلاً .. أَينَ قرَّا ..
فِي الْكَيَانِ الكَبِيرِ .. بَارَكَهُ اللَّهُ ..
كيَاناً .. بِمَنْ تَقَلَّدَ أَمْرَا ..
فِي بِلاَدِي .. وَكُلَّ سَاح بِلاَدِي
حَيْثُ رُوحُ الإسْلاَمِ عَزَّتْ مَقَرَّا
تِلْكَ .. يَا مَكَّتِي .. مَقَالَةُ أُمٍّ
فَازَ فِيهَا البَنُونَ بِالحُبِّ .. طُرَّا ..
بِالحَنَانِ الْكَبِيرِ فَاضَ بدَفْقٍ غَمَرَ القَلْبَ بِالحَنَان .. فَأَثْرَى!!
مَكَّتِي .. قِبْلَتِي .. هَوَاي تَليداً ..
وَطَرِيفاً .. حُبِّي الَّذِي عَاشَ بِكْرَا ..
مَبعَثُ النُّورِ فِي دُجَايَ .. طَوِيلاً ..
وَشَبَابِي الَّذِي مَعَ الْعُمْرِ .. فَرَّا ..
عِشْتِ مِنِّي .. مُنىً تَطُولُ .. وَتَبْقَى ..
مِلءَ قَلبٍ .. يَحْيَاكِ حُبًّا .. وَذِكْرَى!!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :945  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 96 من 173
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج