شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رقصَة الموتِ
شاقه غابر الهوى فتوجدْ
واشتهى جِدة المنى فتنهدْ
هرمٌ قال من هنا طار صيتي
في حياتي ومن هنا سوف يخمد
سنّة العيش في الأناسيّ من قبل ومن بعد فطرة تتجدد
وقضاء الحياة يعمرها الأصلح فيها ومن على العبء أجلد
تزدري اليوم من بها كان بالأمس فتاها وباسمه تتمجد
بيد أني وقد سبقت بها الغير ولم يأتِ حينذاك ويولد
وطويت السنين اجتاز منها
عقديَ الخامس الطويل المسرد
لحريّ ألا أزاح ليستفرد غيري أو أن أذل ليسعد
فلأكابر قوى الحياة فما خاب لديها مكابر يتودد
ولأردد ذكراي فاسميَ قد رث وعفّت عليه أسماء من جد
ربما ينطلي الخداع على الناس فأمر الدنيا خداع معود
فلأجدد عهدي القديم ليرتد جديداً بما أقول مزود
كالحذاء الرثيث يصلحه الرتق فإن زانه الطلاء تجدد!
هكذا بيّت الخديعة بالليل وقد راقه الدليل المسدد
فبدا ضاحكاً يعربد كالقرد وقد زايل الكرى والمرقد
ومضى صائحاً ينبه في الدار رقوداً ما بين شاكٍ ومجهد
شارحاً لذة المعارك والفوز وما يعقبان مجداً وسؤدد
فأطاعوه كارهين وقّفوه خطاهم إلى الفِناء المعبّد
وامتطى الشيخ صهوة الفرس الفذ وألقى للتابعيه المقود
وغدا في الدجى ينظم أركان ميادينه لهم وتجلد
قائلاً في اليمين يقبع محمود ربيبي وفي اليسار محمد
وإلى جانبي بكر وعباس فهذا ضاوٍ وذلك مقعد
ولدى القلب حيث أبرز يقعي
تحت رجليّ ابنيَ البكر أحمد
وعلى هذه البقية أن تبقى
تجوس الأطراف تحمي المشهد
وانتضى الشيخ سيفه الخالد الذكر وقد هز في الظلام المهند
ورمى مهجة الفضاء فما زاد على أن أرغى عليه وأزبد
فتهاووا وراءه يوسعون الشيخ زجراً ألا يطيل فيجهد!
وانقضت وقعة الظلام وما كانت نجوم حتى هناك لتشهد
ومضى الشيخ بعدها ناقل الخطو بطيئاً يزجي القريض ليحمد
حاسباً ما يقول ملحمة النصر وقد زامل الشجاع بمشهد
راقصاً رقصة الحِمام إذا حم وقد دب في قوافيه وارتد!
وأوى للفراش يكربه الوهن وعطف من تابعيه مردد
هامساً في مسامع الليل والفجر ضنين ألا يريح المجهد
اعرفي يا حياة قدريَ من بعد مماتي قد عدت والعود أحمد
وأعيدي ذكري المتوج بالفخر لدى صفحة العلاء المخلد!
ولقد طال ليله البارد الروح وبرد الشيخوخة المر أنكد
فاغتدى كاللديغ ينقل جنبيه دواليك في الفراش مسهد
حالماً بالحياة تشرق والفجر عليه كما اراد وحدد
فإذا الفجر ماحق منية الشيخ بأضوائه التي لا تبدد
حين أهدى الهوى الشبابَ فأولاه فؤاداً حُر الصبابة موقد
يتسامى إلى العلاء كما اختار قوياً عن قصده ليس يرتد
عشق الفن لا ليكسب بالفن حياة رتيبة لا تجدد
بل ليوليه من هواه حياة
ذات مجد وقوة ذات سؤدد
وهوى خلة الصراحة ما كان دعيًّا فيها وليس بمرتد
وابتغى العيش لا ليقنع بالعيش وضيعاً في خفضه ومقيد
بل ليسمو به إلى سبل العز طليقاً مرفّه القصد مسعّد
مثلما يشتهي الشباب إلى المجد تعالى وللسعادة صعّد
فزكا غرسه ورقت حواشيه وطابت به الرجولة واشتد
وغدا ورده يُفيض على الظامئ نهلاً هيهات هيهات ينفد
كلما هزه إلى المثل الحي بإحساسه شعور مؤكد
أو دعاه إلى الإجابة والقول حماس ما زاغ عنه ولا ند
فسما صوته يجلجل كالرعد يدوي، وكالضياء إذا امتد
فانزوى الشيخ يائساً واجف القلب لدى ركنه القصي المحدد
قائلاً: رب ما بقت ليَ في الأمر على النصر حيلة فيه تقصد
عشت ما عشت من سني عمر القفر خيالاً فجاً ووهماً مجسد
فلتكن لي عوناً على المصرع الساعي حثيثاً يدنو إلي وأبعد
لن يكون النضال شأنيَ من بعد ولن استجيب للوهم فاشهد!
يا لها رقصة! يوقعها الموت بألحانه الطوال الخرَّد
رقصة مهدت سبيل حياتي
للسبيل البادي النهاية، للّحد!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :710  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 93 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الشعرية والنثرية الكاملة للأستاذ محمد إسماعيل جوهرجي

[الجزء الخامس - التقطيع العروضي الحرفي للمعلقات العشر: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج