الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > النشيد الثالث عشر

النشيد الثالث عشر

أبطال النشيد:

1 ـ خديجة.

2 ـ علي.

3 ـ منصور وبدر ورشيد: رفاق علي.

4 ـ حبيب: أحد فقراء المدينة.

عادت (خديجة) بعد حج كله يمن ويسرُ

بدأت به عمرًا جديدًا ملؤه عمل وبر

فرأت (عليًّا) كيف طوَّر عقله وشعوره

ومضى يخطط في الحياةِ طريقه ومصيره

هجر الملاعبَ وهي تزخرُ بالمباهج والحياة

وازورَّ عن صبيان أسرته، وعاف المغريات

لم تنتقصْ سنواته التسع الطرية من طموحه

وكأن تيارًا من الأفكار يجري عبر روحه

نبذ التقاليدَ التي رُسمت له من أسرته

وتمردت آراؤه، وتبلورتْ في سيرته

قد كانَ رائد فكره سيرُ الرجال المصلحين

الموقدين عقولهم لتنيرَ حالكة القرون

الباذلينَ لقومهم من جهدهم ما يملكون

الفاتحينَ على الحياة منافذًا للآخرين

يقضي الصباح لدى المعلم يدرس الأدبَ القديم

والشعرَ، والتاريخَ، والميسورَ من غرر العلوم

ويظل معظم ليله بين الدفاترِ والكتبْ

يرتاد أعذبها وأخصبها لعقلٍ ذي سغب

حتى دعته أمه ورفاقه الشيخ الصغير

وتندَّر الأعمام فيه بأنه الشيخ الغرير

كانت (خديجة) سمحة الكفين وارفة السخاء

تجد الأباعدَ والأقاربَ في سماحتها سواء

ولقد ترسَّم ابنها مع صحبه خطواتها

وكأنما هوَ صورةٌ مجلوةٌ لحياتها

بدأ ادِّخارَ النصف من مصروفه الجمِّ الوفيرْ

حتى تجمَّعَ عنده من وفره مالٌ كثير

فانصاعَ ينفق منه في شتى المجالات النبيله

يصلُ الرفاقَ المعوزينَ ويشتري الكتب الجليله

كم معوزٍ من صحبه غرس السرور بقلبه

ولكم يتيمٍ منهم رشف الحنان بقربه

(منصور) مات أبوه حرقًا وهو يوقد (دوغتهْ) ⁽¹⁾

والبحر أغرقَ عم (بدرٍ) وهو ينشر (شقتهْ) ⁽²⁾

و(رشيد) لا يحظى أبوه بغير (آنات) قليلهْ ⁽³⁾

وأتان والده التي يسعى بها باتت هزيله

وحبيبٌ الأعمى تكاد برودُه لا تستره

فإذا اشتكى لأبيه زوجتَه الشحيحة ينهره

ما زال يجريْ في النفوسِ الصاديات سخاؤه

ويفيض في تلك الوجوه العابسات رواؤه

ذياك يمنحه القميصَ، وذا (الشراك) وذاك (ختمه) ⁽⁴⁾

ويقص للأعمى الدروسَ، ويمنح الباقين بسمه ⁽⁵⁾

حتى استطالَ نواله وكأنه قطر الغمام

يحبو الجميعَ الحبَّ، والعونَ المرجَّى، والسلام

***

[1]	الدوغة: هي الموقد الذي يحرق فيه الطين ليتحول إلى أوان من الخزف.
[2]	الشقة: شبكة لصيد الأسماك والربيان.
[3]	الآنات: جمع آنه، وهي قطعة رصاصية تساوي أربع بيزات، والبيزة جزء من أربعة وستين جزءاً من الروبية الهندية التي كانت شائعة الإستعمال في الخليج.
[4]	الشراك: يعني أن يجمع التلاميذ في أحد أيام الصيف مبلغًا يسيرًا من المال لشراء (الطروح) والطروح نوع من القثاء (الخيار الكبير) و(الختمة) مبلغ من المال يدفعه التلميذ للمعلم عندما ينهي تعلمه للقرآن الكريم.
[5]	يقص: يستمع أو يتابع للأعمى وهو يتلو درسه وأظنه مأخوذ من يتقصى وهو يتابع قراءته.