شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المقابل الآن لمنع الانتشار الأفقي
الدول غير النووية تقول: ما دمنا قد التزمنا بالمعاهدة وبعدم الانتشار، إذن لا بد من أن تكون هناك مزايا لنا فما هي هذه المزايا؟ فالمزايا عبارة عن التزام بالمعاهدة بتوفير كل ما يمكن لهذه الدول من الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، لأن بعض الدول كانت قد استثمرت في مجال الطاقة النووية وخشيت من أن المعاهدة قد تعطل برامجها السلمية النووية فتعهدت الدول النووية بألا تعطل هذا النشاط. مع أننا اليوم نرى تعقيدات عديدة، مثل نادي لندن Supply Group وهو نادٍ ليس له مركز أو اجتماعات منتظمة، إنما هي مجموعات من الدول المصدرة للطاقة النووية بدأت تضع قيوداً صارمة في تصدير المعدات والمواد النووية للدول. وأصبح من غير السهل على الدول أن تحصل على هذه المعدات والمواد إلا بإلزامات شديدة جداً وأن تخضع الأنشطة النووية كافة للضمانات وتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا لم تكن عضواً في معاهدة عدم الانتشار. بل بدأ هذا النادي (نادي لندن) يتشدد فيما يسمى بالدول Used Equipment. هناك بعض المعدات قد تصلح للمجال السلمي وقد تصلح للمجال العسكري فبدأت هذه الدول أيضاً تحكم الرقابة على هذه المنتجات التي لها استخدام سلمي وعسكري.
وبدأت كثير من الدول التي تستثمر في الطاقة النووية تعرب عن ضيقها من هذا الموضوع، ولكن نادي لندن نادٍ قوي وهناك محاولات لإيجاد نوع من الحوار ما بين الدول المستثمرة في الطاقة النووية لأغراض سلمية وبين هذا النادي حتى لا تفاجأ هذه الدول بحرمانها من معدات هي في أشد الحاجة إليها لبرامجها النووية.
وهناك ميزة أخرى هي أن الدول النووية تعهدت أن تسمح بالتفجيرات النووية للأغراض السلمية ولو أن هذا الموضوع قد انتهى الآن وأصبح ميتاً تماماً، فهذه كانت ميزة قد طالبت بها البرازيل بشدة بحيث يكون لها الحق في استخدام تفجيرات لأغراض سلمية، ولكن تحت رقابة وإحكام الدولة المتتبعة لهذا المفجر وليس البرازيل أو ليس دولة غير نووية، ولكن الموضوع انتهى.
ميزة أخرى هي أن هذه الدول طالبت بأن تبدأ الدول النووية في نزع سلاحها النووي بقولهم: ما دمتم قد طالبتمونا بعدم الدخول في مجال الأسلحة النووية، لا بد من أن تعطي هذه الدول المثل وتبدأ في نزع أسلحتها النووية وبالذات الدول غير النووية التي تركز على ضرورة وقف التجارب الذرية وضرورة منح ضمانات للدول في صيغة التعهد بعدم الاعتداء على هذه الدول غير النووية بالسلاح النووي.
والضمانات إما تسمى ضمانات سلبية، وهو التعهد بعدم الاعتداء أو التهديد بالاعتداء بالأسلحة النووية، تسمى ضمانات ايجابية حيث هناك قرار في مجلس الأمن تتعهد الدول النووية بمقتضاه في الوقت نفسه مع المعاهدة يضمن للدول غير النووية أنه في حالة الاعتداء عليها أن تسارع الدول الأعضاء الدائمة بمجلس الأمن بمساعدة هذه الدول في حالة تعرضها للاعتداء أو التهديد بالاعتداء.
أخيراً إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية، وقد نجحت أمريكا اللاتينية في إنشاء منطقة قبل توقيع معاهدة منع الانتشار وما زلنا في الشرق الأوسط نصارع لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية بل إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، لأن المعاهدة لا تحقق كل المزايا الممكنة، ولكن في منطقة خالية من الأسلحة النووية تضمن الدولة خلو الإقليم من الأسلحة النووية، ثانياً الحصول على ضمانات من الدول النووية بعدم استخدام هذا السلاح ضد الدول المنضمة لهذا الإقليم.
في عام 1995 هناك مؤتمر للمعاهدة لمدِّ أجلها حيث إن مدتها الأصلية 25 سنة ولكنها لا تنتهي عام 1995م إنما المطلوب أن يجتمع أطراف المعاهدة ويقرروا مَدَّ من أجل المعاهدة لفترة أو فترات أو إلى ما لا نهاية. طبعاً الدول الغربية والدول النووية تناشد الجميع أن ينضم وأن تتجدد هذه المعاهدة إلى ما لا نهاية وينتهي الأمر عند هذا الحد.
وأنا لا أعتقد أن أمنيتهم سوف تتحقق لأن المعاهدة ما زال بها نقائص، وما زلنا نحن الدول العربية نجد أن إسرائيل خارج المعاهدة. فهل الدول العربية ستقبل مد أجل المعاهدة إلى أجل غير مسمى دون انضمام إسرائيل للمعاهدة؟ هذا موضوع. وهل الدول غير النووية ستقبل أن تدخل في المعاهدة لأجل غير مسمى ولن تتوقف التجارب الذرية ولا تحصل على الضمانات اللازمة لحمايتها من الكوارث النووية؟
المهم أن المعاهدة في عام 1995م سوف تتجدد لمدة أخرى أو لمدة متقاربة. ولكن لن توافق الأغلبية على مدِّها إلى أجل غير مسمى كما تشتهي الدول النووية.
المعاهدة ليست كل شيء، فكما رأيتم إن منع الانتشار قائم على المعاهدة وعلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقائم على إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية، وقائم على نزع السلاح النووي، وكل هذه عناصر تنشئ ما يسمى بنظام منع الانتشار. ولا بد من أن تنجح في إحكام التفتيش الدولي على المفاعلات، وإدخال الدول التي خارج المعاهدة إلى المعاهدة، وانتشار مناطق خالية من الأسلحة النووية، نزع السلاح النووي، وتهيئة مناخ يمكن في ظله أن تأمن الدول غير النووية وتأمن نووياً وتأمن ألا تتعرض لهجوم أو للابتزاز النووي.
هذا باختصار ما نعيشه اليوم وما نسميه بكابوس الانتشار النووي وهو كابوس بالمعنى الحقيقي وكل ما نتمناه هو ألا يتحول هذا الكابوس إلى كوارث أخرى مثل هيروشيما وناغازاكي وشكراً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :560  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 52 من 155
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.