شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مقدمة
بقلم الدكتور محمد أحمد صبيحي
عاش العرب في الجاهلية يتفيؤون ظلال (سوق عكاظ) موئل الشعراء ومحبي الشعر وفنون العرب وآدابها، بحضور (النابغة الذبياني) الذي كان حكماً بين الشعراء المتبارين، يقدم هذا ويؤخر ذاك، ولا يجامل أي طرف على آخر، وقد حاولت قبيلة من القبائل استمالته ليقدم شاعرها وفشلت محاولتها، فانزعج وكتب ميميته المشهورة معرضاً بتلك القبيلة. حيث يقول فيها:
أفكلما وردت عكاظ قبيلة
بعثوا إليَّ رسولهم يتوسم
أما سوق عكاظ لندن، فقد كان بعيداً عن رمال الصحراء ونوقها وهجنها، في لندن حيث كان موئل نخبة من الأدباء والمثقفين العرب بحضور النابغة والشاعر الروائي (الدكتور/غازي بن عبد الرحمن القصيبي). وقد تحول المركز الإعلامي السعودي في العاصمة البريطانية لندن إلى معلَم ثقافي كبير يرده المثقفون وأبناء الجالية العربية المقيمة في بريطانيا. ومنذ وصول الدكتور القصيبي إلى لندن سفيراً لخادم الحرمين الشريفين أخذ على عاتقه مهمة الإشراف على نهضة إبداعية متجددة تطوف بالقارىء في مختلف القضايا التي تهم الإنسان العربي الذي يعيش في العاصمة البريطانية.
والسفير السابق القصيبي هو كما وصفه أحد الكتّاب العرب عندما قال: ((الشاعر غازي عبد الرحمن القصيبي، موسوعة زاوجت بين الخبرة والمعرفة وأغنت الميادين بجرأة قلما توافرت لشاعر أو مفكر عربي يزاول العمل السياسي)).
لا أجانب الحقيقة، إذا قلت: إن ميلاد (عكاظ لندن) كان رؤية عميقة ومحاولة مخلصة لإقامة الاتصالات الحية بين الإرث والواقع، والحياة وعلاقتها بالهوية وفهمها لذاتها والتعرف على أصولها وأهدافها. ومن خلال منتدى (عكاظ لندن) أصبح المركز الإعلامي السعودي في لندن عرساً ثقافياً بفضل ورعاية سعادة السفير الدكتور/غازي عبد الرحمن القصيبي الذي عمل على تجديد لقاءات الشعر والأدب في حاضرة الإنجليز.
الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ كان فرس الرهان الأبلق الذي ارتكز عليه التعاون المباشر الذي كان بين سفارة خادم الحرمين الشريفين و الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وهو ما كان له الدور الفاعل في تنظيم وإنجاح خطة البرنامج الثقافي في لندن.
والسفير القصيبي شاعر مرهف الحس، له واحة شعرية تنعم بالإبداع والجمال، ويظهر ذلك بصورة جلية في اختيار اسم المنتدى (لقاء في عكاظ لندن) وقد كان ولا يزال ذلك الرافد الذي يمدنا بالإحساس الهادىء عندما تلامس كلماته (أجنحة الفؤاد)، وعندما أتحدث عنه فإنما أتحدث عن مجموعة من المثقفين، والمفكرين والشعراء.
والجدير بالذكر أن المركز الإعلامي السعودي بلندن نجح في مخاطبة الآخرين، وإيضاح معارفنا وقيمنا لهم بصورة ناصعة. ويكفي القارىء العربي أن يتأمل نوعية المحاضرات وموسوعية المحاضرين ليدرك أنه كان هناك نشاط لتجديد الازدهار الأدبي من ناحية وإثارة النقاش حول قضايا الأدب وملفات الثقافة من ناحية أخرى، ما يؤكد رغبة واضحة لتأكيد هوية عربية مرتبطة بالتراث العربي العريق.
ضيوف المركز الإعلامي بلندن:
يسرنا أن نضع بين يدي القارىء العربي هذا الكتاب الذي يشتمل على المادة العلمية في (عكاظ لندن) والتي قدمها ضيوف المنتدى، وهم:
صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة عسير، والأمين السابق لمدينة الرياض العاصمةً معالي الأستاذ/عبد الله العلي النعيم، رئيس مجلس أمناء المعهد العربي لإنماء المدن.. وكانت محاضراته في (عكاظ لندن) بعنوان (اسكان الفقراء ومنخفضي الدخل في المملكة العربية السعودية مع التركيز على تجربة مدينة الرياض).. وقد تحدث معاليه عن تجربة مدينة الرياض في مجال الإسكان كما تحدث عن التحديات التي واجهتها مدن المملكة وبخاصة مدينة الرياض.
والدكتور منصور الحازمي، وهو من الأساتذة الأوائل الذين بدأت بهم جامعة الملك سعود ، وربما كان ثالث أو رابع مواطن سعودي يحصل على درجة الدكتوراه، حيث بدأ منتصف الستينات في الجامعة مدرساً ثم رئيساً لقسم اللغة العربية، فعميداً للكلية. وكانت محاضرة الحازمي بعنوان (حركات التجديد في الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية)، وقد طاف بنا الحازمي في تاريخ الأدب بصفة عامة وفي المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص.
وكان من ضيوفنا أيضاً معالي الأستاذ/ يوسف الشيراوي، وقد لا يجد المتابع مهما كان رأيه في أفكار وطروحات وزير التنمية والصناعة البحريني السابق الأستاذ/ يوسف الشيراوي، رحمه الله، إلا أن يتوقف عندها طويلاً ويقرأها بعناية ويقلبها على أكثر من وجه. فالرجل كان ذا علم واطلاع واسع، وذا شغف بمجالات متنوعة. كما كان يملك خبرات وتجارب حافلة جعلته يصدق في الكثير من تنبؤاته المثيرة، وهو علاوة على ذلك صاحب مفاجآت صاعقة في محاضراته حتى ليخيل لمستمعيه أن ما يقوله ليس سوى بنت اللحظة.. وكانت محاضرته بعنوان (العرب بين شرق أوسطية بيريس وشرق أوسطية الشيراوي)، تناول فيها جملة من القضايا التي تهم العالمين العربي والإسلامي.
والدكتور / محمد جابر الأنصاري، كاتب بحريني مشهور، ينتمي إلى جيل من المفكرين العرب انفتح على اتجاهات متعددة، لكنه وصل في النهاية إلى قناعات ثابتة ترى في قراءة التراث العربي الإسلامي الطريق السليم نحو معالجة الكثير من القضايا المطروحة على الساحة في الوقت الراهن. وقد استضافه المركز الإعلامي السعودي ضمن الموسم الثقافي في لندن، وكانت محاضرته بعنوان (ابن خلدون في لندن) تحدث فيها عن المفكر العربي المسلم (عبد الرحمن بن خلدون) مؤسس علم الاجتماع وواضع لبنات ثقافة العمران، وكان أول عالم مسلم اقتحم مجال الدراسات الاجتماعية بمنهج علمي متطور أنار الدرب أمام علماء الغرب وغيرهم.
واستضاف المركز الإعلامي السعودي في لندن الروائي السوداني المعروف الطيب صالح لإلقاء محاضرة بعنوان (أبو الطيب المتنبي)، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس في عصره وبعد عصره. تحدث فيها عن أحد أشهر شعراء العرب على مرّ العصور، وكانت هذه المحاضرة وصلة حوارية بين روائي ضخم وشاعر فحل لا يزال يسيطر على ديوان الشعر العربي.
انطلق الطبيب صالح يحكي تأثيرات المتنبي على ثقافته وأفكاره، والذين يتابعون رحلة الأديب السوداني مع النثر يرون تأثير الشعر الجارف عليه، خصوصاً شعر المتنبي الذي يعشقه الطيب صالح ويواصل رحلته مع عالمه الأدبي ومواقفه الشعرية.
وتعددت الاستضافات في أمسيات (عكاظ لندن) التي يديرها الدكتور/غازي القصيبي، حيث التقى أدباء لندن ومثقفوها مع الكاتب الساخر، خالد القشطيني، الذي تحدث عن الشعر والأدب والفنون التشكيلية، في محاولة لمعرفة القواسم المشتركة بينها من خلال علاقة ذاتية تعبر عنها رحلته داخل هذه العوالم والأغراض الأدبية والفكرية والفنية.
ومن القشطيني إلى الأديب، ياسين رفاعية، الذي تحدث عن ذكريات أدبية وحكايات لأدباء عاصرهم سجلوا تجاربهم الوجدانية في أعمال لها صفة التألق في سجل العرب الأدبي المعاصر.
وتحدث الدكتور/أحمد عثمان المتخصص في الدراسات القديمة عن علاقات تاريخية بين الجزيرة العربية وحضارة النيل في مصر القديمة، وكان ذلك اللقاء يسجل التأثيرات الحضارية في الحقب الزمنية في العالم القديم. وقدم المحاضر نماذج لاجتهاده البحثي في هذا المجال.
واستضاف المركز الإعلامي السعودي المفكر والدبلوماسي الراحل الأستاذ/جعفر رائد، وهو رجل فكر له في ميادين الأدب واللغة والشعر والدبلوماسية صولات وجولات؛ وقد ألقى محاضرة بعنوان (قيس وليلى في الأدب الفارسي)، تحدث فيها عن تأثر الثقافة الإيرانية بالموروث العربي وما أضافته الثقافة العربية ونقاط الاتصال وتلاقح الثقافتين خصوصاً حكاية (قيس وليلى).
والشاعر بلند الحيدري، رحمه الله، شاعر عراقي متميز طاف أجواء لندن بشعره وقصائده التي لاقت الكثير من القبول والرضا.
والأستاذ عثمان السعد، وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب في المملكة العربية السعودية ألقى محاضرة بعنوان (رعاية الشباب في السعودية). واستعرض السعد تاريخ رعاية الشباب منذ ولادتها، حتى المستوى الذي وصلت إليه حالياً، وذلك في إطار النقلة الشاملة التي شهدتها المملكة في ربع قرن.
حاضر الدكتور أحمد مصطفى عن الخط العربي. وكان من ضيوف (عكاظ لندن) السفير محمد شاكر سفير جمهورية مصر العربية، خبير وباحث في مجال الطاقة النووية. وقد استضافه المركز الإعلامي السعودي ضمن لقاءات عكاظ، وكانت محاضرته بعنوان (الكابوس النووي).
ومن الذين ألقوا محاضرات باللغة الإنجليزية، الدكتور /عبد الرحمن الأنصاري عضو مجلس الشورى وعميد كلية الآداب بالجامعة، ومستر مكلوكلين، والقاضي يوجين قطران، ود. عرفان نظامي، والصحفي البريطاني مستر براين هتشن عن الصحف الشعبية في بريطانيا.
ووفاءً للشاعر الكبير الأستاذ بلند الحيدري، رحمه الله، فقد قام معالي الدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي بعمل ندوة عن المرحوم، تحدث فيها عدد من الشعراء والكتّاب، عما كان يتمتع به المرحوم من صفات أدبية وثقافية وعلمية وأخلاقية.
وأود هنا أن أنوه بالدور الكبير والبارز الذي يقوم به سعادة الوجيه الشيخ/ عبد المقصود خوجه، من نشر العلم، وتكريم العلماء، وذلك من خلال (إثنينيته) المشهورة، وما طبع على نفقته منذ قيامها وحتى الآن من كتب نافعة ومفيدة في شتى المجالات. وقد تفضل الشيخ عبد المقصود خوجه مشكوراً بطباعة هذا الكتاب على نفقته الخاصة.
نسأل الله أن يديم هذا العطاء وأن يعم نفعه، وأن يجعل ذلك في موازين أعماله الصالحة.
الدكتور/ محمد أحمد الصبيحي
 
طباعة
 القراءات :1172  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 2 من 155
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.