شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني))
بسم الله الرحمن الرحيم، نحمد الله تعالى ونصلي ونسلم على صفوة خلقه سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد بن عبد الله الذي شرفنا الله به بعد أن أكرمنا بالإسلام فجعلنا من أمة هذا النبي خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام.. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد.
أيها الأخوة الأفاضل.
نلتقي في هذه الأمسية الكريمة لتكريم أخ عزيز كريم هو الدكتور بكري شيخ أمين، ولقد تقلدت الاثنينية وسام العز والفخار بمرور خمس وعشرين سنة على تأسيسها والقيام بهذه الندوات العلمية وازدهرت بتكريم ثلة من العلماء والأدباء والشعراء وذوي الرأي والفكر واليوم يزداد بهاؤها ورواؤه بالاحتفاء بهذا الأخ الكريم الدكتور بكري شيخ أمين صاحب الفضل والأدب وصاحب المقام الرفيع.. الدكتور بكري حفظه الله رفيق العمر وزميل الدراسة عشنا سوية على مقاعد الدراسة في فصل واحد ست سنوات كنت وإياه كفرسي رهان مرة أسبقه لنيل الدرجة الأولى ومرة يخطفها مني ولكن بحق وجدارة، هذه المدرسة الشرعية كانت تسمى الكلية الشرعية ـ لا كلية الشريعةـ، خرجت علماء أكابر أفاضل كانوا يخطبون على المنابر يدرسون ويفتون، ثانوية لكنها أعلى من الجامعة هذه الثانوية كان فيها اختيار للطلاب الذين يدخلون إليها يدخل إلى الامتحان قبل قبوله في الثانوية ما يقرب من مائة أو مائة وعشرين شاباً للدراسة فيها الإعدادية والثانوية، فمن ينجح يأخذوه، ثلاثون أو خمسة وثلاثون يأخذونهم والباقي يرفضونهم وقد نال الدرجة الأولى في أول مرة، كنت أنا الثاني، نال الدرجة الأولى والحقيقة لا أكتمكم سراً إذا قلنا لماذا كان هذا الإقبال على الثانوية الشرعية التي أسسها ذلك الفاضل الكريم، خصر باشا من الأئمة العثمانيين من الكبراء والزعماء أسسها على حسابه فكان فيها مساعدة مالية قدرها ثلاثون ليرة سورية لكنها تزيد على خمسمائة ريال في زماننا، هذا المبلغ أغرى كثيراً من الناس أن يدخلوا فيها وأنا واحد ممن أغري وكما يقول بعض سلفنا الصالح، طلبنا العلم لغير لله فأبى أن يكون إلا لله، قد يرغب الإنسان في المادي ويدخل من أجل أن يزيد ماله وأن يكون عنده ثروة ولكن لما يذوق الإنسان حلاوة العلم وطعمه، وروعته تصبح الدنيا وما فيها سهلة عليه هينة.
ففز بعلم تعش حياً به أبداً
الناس موتى وأهل العلم أحياء
لقد فرقت الأيام بيننا أيها الأخوة فلم نلتق منذ أكثر من أربعين سنة، لم أره مع أنني درست معه ست سنوات متتالية، بجواري هو يدرس معي وأدرس معه، وكان من ذكائه وشطارته أنه يهتم برموز عصرية، وكنا مخضرمين ندرس العلوم الشرعية، الفقه والحديث والتفسير والمواريث كل العلوم الشرعية وندرس بجوارها الكيمياء والفيزياء والجغرافيا والتاريخ، وسائر علوم العصر والإنجليزي، وكان هو بارعاً في اللغة الإنجليزية، يأخذ درجات عالية فيها لأنه يجتهد، وكنت أنا في العلوم العصرية فناناً ما عنديش رصيد، ما عندي هذا الرصيد، لكني كنت أتفوق عليه في درجات العلوم الشرعية، فآخذ تقريباً درجة امتياز الكمال في الحديث في الفقه في التوحيد، وهو يسبقني في نيل الدرجات من العلوم العصرية، درسنا اللغة الإنجليزية ست سنوات وهو الآن بارع فيها وأما أنا فأقول لكم I am very sorry because نسيت اللغة الإنجليزية، نسيت، زيادة على أنني انقطعت عنها خمسين سنة لم أتكلمها.
الدكتور بكري شيخ أمين حفظه الله ورعاه أحمل له في نفسي كل حب وتقدير أشهد له بالذكاء والنبوغ، شخص عصامي عاش واعتمد على جهده ومهارته، فوالده لم يكن من الغنى والثراء، إنه ماهر ولا أقول ((شاطراً))، لأننا نستعمل هذه الكلمة في المديح لأبنائنا وطلابنا وهي كلمة مسبة، خذوا اللغة العربية، الشاطر هو الذي أعيا أهله ومؤدبه خبثاً، يعني ملعون خبيث من حزب الشيطان الرجيم أعوذ بالله، ونحن نمتدح هذا ((شاطر)) ما شاء الله بارك الله فيه ((شاطر))، فهو ماهر وليس بشاطر لكنه ذو مقالب مع زملائه له مقالب عديدة، أذكر لكم اختصاراً منها مقلبين، كان لنا زميل أخ طيب اسمه محمد الرناش، لا أدري أهو حي أم ميت، أنا أسأل الدكتور أن يبين لنا فيما بعد إذا كان حيًّا وإذا مات انتقل إلى رحمة الله أطلب الله له المغفرة، فقال له كان عندنا في الفصل خزانة تخصص لوضع الحطب في الشتاء، فقال له ادخل هناك، دخل هذا الشاب هناك وأقفل عليه الباب، ودخل الأستاذ وإذا بالطلاب يضحكون ويبتسمون، اسمه الأستاذ محمد بن حاوي الله يرحمه، كان طبيباً وأستاذاً ويدرس الفيزياء والكيمياء، فوجد الابتسامة احمرَّ وجهه وغضب كأنه ظن... فقال له الأخ بكري حفظه الله، يا أستاذ يمكن أن يكون داخل هذه الخزانة فئران هل تسمح لي أن أفتح الخزانة، فتح الخزانة وإذا بذاك جالس فيها، فأخرجه الأستاذ بعد أن غضب منه، وشكاه إلى المدير وكان قد جاء مدير جديد إلينا طيب عالم فاضل لكنه ليس فيه شدة، فشكاه إليه فسأله المدير أين كنت؟ قال في الفصل، قال في أي مكان في الفصل، قال كنت في الفصل الدراسي، قال في الداخل أم في داخل الداخل، قال بل في داخل الداخل، قال يا ابني أنت إنسان طيب لا تعد إلى هذا، كاد الأستاذ ينخدع من هذا.. ومقلب آخر إلى آخره لكنه في الحقيقة له علي يد لا أنساها له أبد الدهر، فقد خلصني من الغرق، غرقت وهو الذي كان سبب نجاتي، قذف بنفسه، كنا نذهب إلى بستان فيه بركة مملوءة بالماء، لكنه يصل إلى العنق، يوم من الأيام جئنا وإذا بها مملوءة وتطفح المياه منها، فأنا كنت متمرناً عدة مرات قلت هذه المرة أريد أدخل في البركة وأخرج من الطرف الثاني وأطلت المكث فيها وأنا أعمل كدا، يمكن دقيقتين أو أكثر وخرجت وكأني وصلت إليها وإذا بي في منتصف البركة، تعبت ما عدت أستطيع أن أتابع، وقفت على رجلي غطس رأسي، امتلأ بطني وأنا أبلع الماء، في آخر رمق ألقى الدكتور أمين بكري جزاه الله خيراً نفسه، وحاول أن يخلصني لكنني لم أستطع، أردت أن أتمسك به فصرخ، فخرج هو وصرخ للبستاني من ذكائه ونبوغه قال لي يا فلان يا ضال ما تعرف السباحة لماذا تنزل، لك أخرجني الآن ثم أعطني النصائح من الدرر الثمينة، فأخرجني وأخرجوا من بطني الماء، وكدت في الرمق الأخير أموت، ما عدت منذ ذلك الوقت متابعاً، نسأل الله جل وعلا أن يكرمه وينقذه من مصائب الدنيا كما أنقذني من الموت وأن يبارك له وأهديه بعض كتبي، هو أستاذ في البلاغة والبيان والبديع، وقد أخرجت كتاباً اسمه الإبداع البياني في القرآن الكريم، ومن عجائب هذا الكتاب أني وجدت في القرآن الكريم أن معظمه قائم على الاستعارة والمجاز والتمثيل والتشبيه، الذي يعتبره بعض الناس منكراً أو بدعة أو..
لدي كتب أخرى سأهديه إياها وجزى الله أخانا الشيخ عبد المقصود خير جزاء ما ترك كتاباً قدمته له إلا طبعه ابتغاء وجه الله هذا في صحائف أعماله إن شاء الله، وأكرر احتفائي وتكريمي لأخي الدكتور بكري الشيخ أمين، وأسأل الله الحفظ والسلامة وأن لا يقطع عنا صلته أربعين سنة لم أره والحمد لله رب العالمين.
عريف الحفل: تبقَّى متحدثان وكما تعلمون الوقت يداهمنا وهناك أناس يسكنون في مكة، الرجاء الاختصار حتى نترك فرصة للضيف للحديث عن نفسه وحياته وأيضاً ليفتح باب الحوار مع سعادته.
الكلمة الآن لسعادة الدكتور محمد نديم خشبة مدير الدراسات في مركز الشرق الأوسط.. وأرجو أن يتفضل علينا بالوقت المتاح وهو خمس دقائق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :876  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 130 من 242
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.