شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
أحمدك اللَّهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلّي وأسلِّم على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين وصحابته أجمعين.
الأستاذات الفضليات،
الأساتذة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
تغمرنا السعادة هذه الليلة في لقاء نشرف فيه بالاحتفاء بالأستاذ الدكتور سعد بن عبد العزيز الراشد، وكيل وزارة التربية والتعليم للآثار والمتاحف السابق، والأكاديمي المعروف، وصاحب المبادرات المقدّرة في دفع مسيرة الآثار والمتاحف بالمملكة.. فأهلاً وسهلاً ومرحباً به وبصحبه الأفاضل الذين قدموا من الرياض خصيصاً لإثراء هذه المناسبة التي تزدهي بحضورهم.
إن وطننا الحبيب، بتاريخه المجيد، وارتكازه على كنوز وفيرة من الآثار التي تعود إلى مختلف الحقب التاريخية، تشكّل رافداً مهماً للدراسات والبحوث وبعثات التنقيب العالمية، بالإضافة إلى كونها إرثاً حضارياً يدعم التوجه السياحي الذي تقوم به الهيئة العليا للسياحة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، مدعومة بجهوده الخيّرة ومبادراته الكريمة لتطوير هذا القطاع والنهوض به ليسهم مع غيره في إضفاء مزيد من التنوّع على صناعة السياحة.
لقد ظلت آثارنا الإسلامية وغيرها مهمشة لأسباب عديدة خلال العقود الماضية، بل ومدفوعة بانتظام بعيداً عن دوائر الاهتمام، والأدهى من ذلك النظر إليها بريبة وشك وتحفُّظ، ولست في صدد الدفاع عن الآثار أو تفنيد الهجوم عليها، فهناك مختصون كرّسوا علمهم وأوقاتهم وجهودهم لإعادة الاعتبار للآثار باعتبارها علماً قائماً بذاته، ورافداً مهماً يصب في مجرى التاريخ والاقتصاد والتقدم الحضاري والثقافي.. وانطلاقاً من هذه الجزئية، نجد أن ضيفنا الكريم قد أفسح جانباً مقدراً من وقته وجهده لتطوير عمل الآثار والمتاحف.. والجدير بالذكر أن هذا العمل في منظومته المتكاملة لم يقتصر على الآثار فقط، بل شمل فنون الخط العربي، والنقوش الزخرفية، والمنسوجات المتمثلة في نوادر السجاد وغيرها من الإبداعات القيّمة.
وقد أحسنت صنعاً وزارة التربية والتعليم بتخصيص وكالة للآثار والمتاحف، وهي التي بدأت في عهد وزارة المعارف آنذاك كإدارة صغيرة عام 1384هـ، ثم رفعت درجتها إلى إدارة عامة عام 1393هـ، ثم انتقلت إلى وضعها الراهن وكالة قائمة بذاتها عام 1398هـ، وقد شغلها سعادة الأخ الدكتور عبد الله المصري، كأول وكيل للآثار والمتاحف، واستمر العمل بين شد وجزر في هذه المهمة الجليلة إلى أن قيّض الله سبحانه وتعالى لها ضيفنا الكريم ليواصل رعاية بذور نجاحها، ويرويها بفضله وعلمه ومثابرته التي شهدها الجميع من خلال المجلس الأعلى للآثار والمتاحف الذي شرفت بعضويته، وأود أن أحيي بكثير من التقدير معالي الأخ الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد، وزير التربية والتعليم السابق، ورئيس المجلس الأعلى للآثار السابق، على رعايته هذا المولود الذي شب قوياً ليسهم بدور رائد في هذه المسيرة المحفوفة بكثير من المصاعب، وليس أقلها الاعتمادات المالية التي تشكّل عصب كل حركة تطويرية، بالإضافة إلى المعوقات الأخرى، خصوصاً فيما يتعلق بالمتاحف نظراً إلى ضخامة تكاليف صيانتها وترميم بعضها، والشاهد على ذلك ((قصر الزاهر بمكة المكرمة)) الذي عملنا جميعاً متعاضدين متآزرين متضامنين على أمل أن يرى النور كواحد من معالم نهضتنا الثقافية المعاصرة في عاصمة النور التي شعّ منها فجر ((اقرأ)).. وقد شرفت بإهداء هذا المتحف إحدى عشرة سجادة يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من أربعمائة عام، إسهاماً متواضعاً في إثرائه بما يعود بالخير على الوطن والمواطنين إن شاء الله.. وأذكر ذلك تحفيزاً لكل من لديه ما يهدى إلى متحفنا أن يتفضل مشكوراً بذلك ليثري به ويفيد الوطن والمواطنين.. والشكر موصول لكل أصحاب المعالي والسعادة الذين أسهموا في غرس هذا الصرح التنويري الحضاري المهم.. وأعتقد أن الوكالة قد بدأت مسيرتها الصحيحة رغم شحّ الإمكانات، وأدت رسالتها العملية والعلمية وفق الصلاحيات المتاحة لها على أرض الواقع للحفاظ على الآثار المكتشفة حتى الآن.. وهي تسير بمهنية عالية وتضم نخبة من كبار علماء الآثار الذين نأمل أن يتحقق على أيديهم الكثير من النجاح.
إن الجهود كبيرة، والتحديات أكبر، والأفكار البنّاءة تتوارد من هنا وهناك، وكلها تتنافس نحو الخير والبر بتراث وتاريخ وأصالة هذا الكيان الحبيب الذي شهد مهد حضارة عم ضوؤها العالم بأسره، ولم يزل يقتبس منها كل يوم المزيد من السنا والألق.
وأذكر في هذا المقام كتاب ((أحجار المعلاة الشاهدية بمكة المكرمة)) الذي شرفت بطباعته في مجلدين، وصدرت طبعته الأولى عام 1426هـ/2005م عن وكالة الآثار والمتاحف، مشتملاً على مجموعات نفيسة من النقوش والكتابات الإسلامية من مكة المكرمة، مما يعتبره المختصون وثائق أصلية يعتمد عليها الدارسون والباحثون من مختلف أنحاء المعمورة في دراساتهم الأثرية والتاريخية والاجتماعية والثقافية.. كما يشكّل الكتاب مرجعاً علمياً في دراسة تطور الكتابة العربية وفن الخط الإسلامي بما يتفرع عنه من زخارف ونقوش.
لقد خطا ضيفنا الكريم خطوات مباركات أثناء توليه مهام وكالة الآثار والمتاحف، ولم يقتصر عمله على الجوانب الإدارية والفنية المتعلقة بالوكالة، وهي كثيرة ومتشعبة، غير أنه ضاعف جهوده لتثمر مشاركات فاعلة في مؤتمرات وندوات علمية عديدة داخل المملكة وخارجها، بالإضافة إلى عدد وافر من البحوث، والدراسات، وأوراق العمل، والمحاضرات، التي نشرت في بعض الدوريات والمجلات العلمية.. والتي تشكّل في مجملها مجموعة مميزة من الأعمال التي تسهم في إثراء الجوانب العلمية ذات الصلة.
كما قام ضيفنا الكريم بوضع خطة لمدة عشرين سنة تشمل التدرج من المسوحات الأثرية إلى ترميم المواقع الأثرية وتسويرها، فقد أصبحت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى للعناية بالآثار في ظل التنافس الشريف الذي ينتظم كثيراً من الدول التي سبقتنا في هذا المضمار، ولا شك أن تضافر الجهود سوف يتيح لنا استقطاب أكبر عدد من السياح من داخل وخارج المملكة، بالإضافة إلى أهمية إعداد الأدلة التي توضح أماكن هذه الآثار ومقتنياتها وصورها ونبذة تاريخية عنها وعن اكتشافها، والتأكيد على قيام وتسهيل الرحلات السياحية إلى الأماكن المعنية، مع ضرورة صيانتها وتوعية المواطنين بأهميتها مع العمل على تأمينها ضد السرقة والعبث كونها تمثل ذاكرة الأمة وتاريخها عبر العصور.
بالإضافة إلى ذلك فقد بنى ضيفنا الكريم شبكة من العلاقات التي لا غنى عنها مع كثير من الدوائر المهتمة بشأن الآثار والمتاحف، ومد جسور إخاء لربط وكالة الآثار والمتاحف مع نظيراتها في دول الجوار الإقليمي وبعض الدول الشقيقة والصديقة.. ومما لا شك فيه أي أن عمل كهذا يحتاج إلى قاعدة بيانات واتصالات قوية لتبادل المعلومات والدراسات وتطوير بيئة العمل لتحقيق مزيد من الإنجازات، والعمال الميدانية والتوثيقية المختلفة.
وفي الوقت الذي نهنئ فيه فارس أمسيتنا على جهوده المقدرة، وما عرف عنه من جد واجتهاد وغيرة على الآثار ومصادرها، وحرصه الدائم على التطوير والتنظيم والمتابعة، وهي سمات لمسها كل من تعامل معه إبان فترة توليه وكالة الآثار والمتاحف، إلى أن تقاعد مؤخراً ليتفرغ لدراساته وأبحاثه.. آملاً أن تتيح له حرية الحركة بعيداً عن قيود الوظيفة آفاقاً جديدة للانطلاق وتحقيق طموحاته الكبيرة لخدمة الآثار والمتاحف.
ويسرُّني أن أنقل لاقط الصوت لسعادة أخي الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصاري، عضو مجلس الشورى والأكاديمي المعروف، والذي عيّن رئيساً لقسم الآثار والمتاحف في جامعة الملك سعود لخمس فترات ـ بين عامي 1397هـ/1408هـ الموافق 77/1988م ـ وصاحب الدراسات المميزة في مجال الآثار ومن أهمها اكتشافه قرية الفاو الشهيرة، ليرعى بفضله وعلمه وأدبه هذه الأمسية التي تشكّل مسك الختام لمشوارنا الذي استطالت عقود ياسمينه هذا الموسم وأظلتنا في أمسيات كنتم نجومها الزواهر بحضوركم ومشاركاتكم التي جاءت نوراً على نور.. شاكراً تلطف سعادته تشريفنا بهذه القلادة التي نضيفها بكل فخر إلى سابق قلائده التي حظيت بها ((الاثنينية)).. سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا دائماً على دروب الثقافة والعطاء.. وإلى لقاء يتجدد وأنتم على خير ما أحب لكم.
أترحم على الأستاذ الرائد والمذيع الشهير وصاحب البرامج الإذاعية الشهرية الأستاذ أحمد فراج الذي اختاره الله سبحانه وتعالى إلى جواره، نسأل الله أن يسكنه مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، كم كانت الأمسيات في الاثنينية تسعى ويسعى إليها بعلمه وفضله، وبفقده قد افتقدنا بدراً في سماء العلم والثقافة ونسأل الله له المغفرة والرحمة، وليس لنا في مقام كهذا إلا أن ندعو له بالمغفرة ولا حول ولا قوة إلا بالله..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
كما أخبرني سعادة الأستاذ الكبير والشاعر فؤاد مفتي بانتقال زميلنا صاحب المشوار الطويل الأستاذ عبد الله نور والصحفي صاحب البدايات لكثير من النواحي الصحفية في الوقت الذي آسف فيه لسماع خبر كهذا إلا أن الموت حق وليس لنا إلا أن نترحم على فقيدنا وأن يتغمده الله بواسع رحمته ولا حول ولا قوة إلا بالله..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1024  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 189 من 252
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الشعرية الكاملة وأعمال نثرية

[للشاعر والأديب الكبير أحمد بن إبراهيم الغزاوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج